بازگشت

دعاوه في حال قنوته


اللهم اني و فلان بن فلان عبدان من عبيدك، نواصينا بيدك، تعلم مستقرنا و مستودعنا، و منقلبنا و مثوانا، و سرنا و علانيتنا، تطلع علي نياتنا و تحيط بضمائرنا، علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه، و معرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره.

و لا ينطوي عندك شي ء من امورنا، و لا يستتر دونك حال من احوالنا، و لا منك معقل يحصننا، و لا حرز يحرزنا، و لا مهرب لنا نفوتك به، و لا يمنع الظالم منك حصونه، و لا يجاهدك عنه جنوده، و لا يغالبك مغالب بمنعة، و لا يعازك معاز بكثرة، انت مدركه اينما سلك، و قادر عليه اينما لجأ.

فمعاذ المظلوم منا بك، و توكل المقهور منا عليك و رجوعه اليك، يستغيث بك اذا خذله المغيث،

و يستصرخك اذا قعد عنه النصير، و يلوذ بك اذا نفته الافنية، و يطرق بابك اذا اغلقت عنه الابواب المرتجة، و يصل اليك اذا احتجبت عنه الملوك الغافلة، تعلم ما حل به قبل ان يشكوه اليك، و تعلم ما يصلحه قبل ان يدعوك له، فلك الحمد سميعا بصيرا لطيفا عليما خبيرا قديرا.

و انه قد كان في سابق علمك، و محكم قضاءك، و جاري قدرك، و نافذ أمرك، و ماضي مشيتك في خلقك اجمعين، شقيهم و سعيدهم، و برهم و فاجرهم، ان جعلت لفلان بن فلان علي قدرة.

فظلمني بها و بغي علي بمكانها، و استطال و تعزز بسلطانه الذي خولته اياه، و تجبر و افتخر بعلو حاله الذي نولته، و غره املاؤك له، و اطغاه حلمك عنه، فقصدني بمكروه عجزت عن الصبر عليه، و تعمدني بشر ضعفت عن احتماله، و لم اقدر علي الاستنصاف [1] منه لظعفي، و لا علي الانتصار لقلتي، فوكلت امره اليك، و توكلت في شانه عليك، و توعدته بعقوبتك، و حذرته ببطشك، و خوفته نقمتك، فظن ان حلمك عنه من ضعف، و حسب ان املاءك له من عجز، و لم تنهه واحدة عن اخري، و لا انزجر عن ثانية باولي.

لكنه تمادي في غيه، و تتابع في ظلمه، و لج في عدوانه، و استشري في طغيانه، جراة عليك يا سيدي و مولاي، و تعرضا لسخطك الذي لا ترده عن الظالمين، و قلة اكتراث ببأسك الذي لا تحبسه عن الباغين.

فها انا ذا يا سيدي مستضعف في يده، مستضام تحت سلطانه، مستذل بفنائه، مغلوب مبغي علي، مرعوب و جل خائف، مروع مقهور، قد قل صبري و ضاقت حيلتي، و انغلقت علي المذاهب الا اليك، و انسدت عني الجهات الا جهتك، و التبست علي اموري في دفع مكروهه عني، و اشتبهت علي الاراء في ازالة ظلمه، و خذلني من استنصرته من خلقك، و اسلمني من تعلقت به من عبادك، فاستشرت نصيحي فاشار علي بالرغبة اليك، و استرشدت دليلي فلم يدلني الا اليك.

فرجعت اليك يا مولاي صاغرا راغما مستكينا، عالما انه لا فرج لي الا عندك، و لا خلاص لي الا بك، انتجز وعدك في نصرتي و اجابة دعائي، لان قولك الحق الذي لا يرد و لا يبدل، و قد قلت تبارك و تعاليت: «و من بغي عليه لينصرنه الله» [2] ، و قلت جل ثناؤك و تقدست اسماؤك: «ادعوني استجب لكم» [3] .

فانا فاعل ما امرتني به، لا منا عليك، و كيف امن به و انت عليه دللتني، و استجب لي كما وعدتني، يا من لا يخلف الميعاد، و اني لأعلم يا سيدي ان لك يوما تنتقم فيه من الظالم للمظلوم، و اتيقن ان لك وقتا تأخذ فيه من الغاصب للمغصوب، لانه لا يسبقك معاند، و لا يخرج من قبضتك منابذ، و لا تخاف فوت فائت، و لكن جزعي و هلعي لا يبلغان الصبر علي اناتك و انتظار حلمك.

فقدرتك يا سيدي فوق كل قدرة، و سلطانك غالب كل سلطان، و معاد كل احد اليك و ان امهلته،

و رجوع كل ظالم اليك و ان انظرته، و قد اضرني يا سيدي حلمك عن فلان، و طول اناتك له و امهالك اياه، فكاد القنوط يستولي علي لولا الثقة بك و اليقين بوعدك.

فان كان في قضائك النافذ و قدرتك الماضية انه ينيب او يتوب او يرجع عن ظلمي و يكف عن مكروهي و ينتقل عن عظيم ما ركب مني، فصل اللهم علي محمد و ال محمد و اوقع ذلك في قلبه، قبل ازالة نعمتك التي انعمت بها علي، و تكدير معروفك الذي صنعته عندي.

و ان كان علمك به غير ذلك من مقامه علي ظلمي، فاني اسألك يا ناصر المظلومين المبغي عليهم اجابة دعوتي، فصل علي محمد و ال محمد و خذه من مأمنه اخذ عزيز مقتدر، و افجأه في غفلته مفاجاة مليك منتصر، و اسلبه نعمته و سلطانه، و افضض عنه جموعه و اعوانه، و مزق ملكه كل ممزق، و فرق انصاره كل مفرق، و اعره من نعمتك التي لا يقابلها بالشكر، و انزع عنه سربال عزك الذي لم يجازه باحسان. و اقصمه يا قاصم الجبابرة، و اهلكه يا مهلك القرون الخالية، و ابره يا مبير الامم الظالمة، و اخذله يا خاذل الفرق الباغية، و ابتر عمره، و ابتز ملكه، و عف اثره و اقطع خبره، و اطف ناره، و اظلم نهاره، و كور شمسه، و ازهق نفسه، و اهشم سوقه، و جب سنامه، و ارغم انفه، و عجل حتفه.

و لا تدع له جنة الا هتكتها، و لا دعامة الا قصمتها، و لا كلمة مجتمعة الا فرقتها، و لا قائمة علو الا وضعتها، و لا ركنا الا وهنته، و لا سببا الا قطعته، و ارنا انصاره عباديد بعد الالفة، و شتي بعد اجتماع الكلمة، و مقنعي الرؤوس بعد الظهور علي الامة، و اشف بزوال امره القلوب الوجلة، و الافئدة اللهفة، و الامة المتحيرة، و البرية الضائعة.

و ادل ببواره الحدود المعطلة، و السنن الداثرة، و الأحكام المهملة، و المعالم المغيرة، و الايات المحرفة، و المدارس المهجورة، و المحاريب المجفوة، و المشاهد المهدومة، و اشبع به الخماص الساغبة، و اروبه اللهوات اللاغبة، و الأكباد الظامية، و ارح به الأقدام المتعبة، و اطرقه بليلة لا اخت لها، و بساعة لا مثوي فيها، و بنكبة لا انتعاش معها، و بعثرة لا اقالة منها، و ابح حريمه، و نغص نعيمه، و اره بطشتك الكبري، و نقمتك المثلي، و قدرتك التي فوق قدرته، و سلطانك الذي هو اعز من سلطانه.

و اغلبه لي بقوتك القوية، و محالك الشديد، و امنعني منه بمنعك الذي كل خلق فيها ذليل، و ابتله بفقر لا تجبره، و بسوء لا تستره، و كله الي نفسه فيما يريد انك فعال لما تريد، و ابرأه من حولك و قوتك، و كله الي حوله و قوته، و ازل مكره بمكرك، و ادفع مشيته بمشيتك، و اسقم جسده، و ايتم ولده، و انقص اجله، و خيب امله، و ادل دولته، و اطل عولته، و اجعل شغله في بدنه، و لا تفكه من حزنه.

و صير كيده في ضلال، و امره الي زوال، و نعمته الي انتقال، و جده في سفال، و سلطانه في اضمحلال، و عاقبته الي شر مال، و امته بغيظه ان امته، و ابقه بحسرته ان ابقيته، و قني شره و همزه و لمزه، و سطوته و عداوته، و المحه لمحة تدمر بها عليه، فانك اشد بأسا و اشد تنكيلا.


پاورقي

[1] الانتصاف (خ ل).

[2] الحج: 60.

[3] غافر: 60.