بازگشت

ما جري بينه و بين الرشيد


1 - قال الكليني رضوان الله عليه: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي ابن حسان، عن بعض أصحابنا قال: حضرت أباالحسن الأول عليه السلام و هارون الخليفة و عيسي بن جعفر و جعفر بن يحيي بالمدينة قد جاؤوا الي قبر النبي صلي الله عليه و آله فقال هارون لأبي بن الحسن عليه السلام: تقدم فأبي فتقدم هارون فسلم و قام ناحية و قال عيسي بن جعفر لأبي الحسن عليه السلام: تقدم فأبي فتقدم عيسي فسلم و وقف مع هارون.

فقال جعفر لأبي الحسن عليه السلام: تقدم فأبي فتقدم جعفر فسلم و وقف مع هارون و تقدم أبوالحسن عليه السلام فقال: السلام عليك يا أبة أسأل الله الذي اصطفاك و اجتباك و هداك و هدي بك أن يصلي عليك، فقال: هارون لعيسي: سمعت ما قال؟ قال: نعم، فقال هارون: أشهد أنه أبوه حقا [1] .

2 - قال أبوالعباس الحميري: محمد بن عيسي عن بعض من ذكره انه كتب ابوالحسن موسي عليه السلام الي الخيزران ام اميرالمؤمنين هارون يعزيها بموسي ابنها و يهنيها بهارون ابنها الرشيد.

بسم الله الرحمن الرحيم للخيزران من موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين اما بعد اصلحك الله و امتع بك و اكرمك و حفظك و اتم النعمة و العافية في الدنيا و الآخرة لك برحمته ثم ان الامور اطال الله بقاك كلها بيد الله عزوجل يمضيها و يقدرها بقدرته فيها و السلطان عليها توكل بحفظ ماضيها و تمام باقيها.



[ صفحه 64]



فلا مقدم لما اخر منها و لا مؤخر لما قدم استاثر بالقاء و خلق خلقه للفناء اسكنهم دنيا سريع زوالها قليل بقائها و جعل لهم مرجعا الي دار لا زوال لها و لا فناء و كتب الموت علي جميع خلقه و جعلهم اسوة فيه عدلا منه عليهم عزيزا و قدرة منه عليهم لا مدفع لاحد منه و لا محيص له عنه حتي يجمع الله تبارك و تعالي بذلك الي دار البقاء خلقه و يرث به ارضه و من عليها و اليه يرجعون.

بلغنا اطال الله بقاك ما كان من قضاء الله الغالب في وفاة اميرالمؤمنين انا لله و انا اليه راجعون اعظاما لمصيبته و اجلالا لرزئه و فقده ثم انا لله و انا اليه راجعون صبرا لامر الله عزوجل و تسليما لقضائه ثم انا لله و انا اليه راجعون لشدة مصيبتك علينا خاصة و بلوغها من حر قلوبنا و نشوز انفسنا.

نسئل الله ان يصلي علي اميرالمؤمنين و ان يرحمه و يلحقه بنبيه صلي الله عليه و آله و سلم و بصالح سلفه و ان يجعل ما نقله اليه خيرا مما اخرجه منه و نسئل الله ان يعظم اجرك امتع الله ب و ان يحسن عقباك و ان يعوضك من المصيبة باميرالمؤمنين أفضل ما وعد الصابرين من صلواته و رحمته و هداه فسئل الله ان يربط علي قلبك و يحسن عزاك و سلوتك و الخلف عليك و لا يريك بعده مكروها في نفسك و لا في شي ء من نعمته عليك.

و اسئل الله ان يهنيك خلاقه اميرالمؤمنين امتع الله به و اطال بقاه و مد في عمره و انسي في اجله و ان يسوغكها باتمام النعمة و افضل الكرامة و اطول العمر و احسن الكفاية و ان يمتعك و ايانا خاصة و المسلمين عامة باميرالمؤمنين حتي يبلغ به افضل الامل فيه لنفسه منك اطال الله بقاه و مناله لم يكن اطال الله بقاك احد من اهلي من قومك و خاصتك و حرمتك كان اشد لمصيبتك اعظاما و بها حزنا و لك بالاجر عليها أطال الله بقاء دعاة بتمامها و دوامها و بقائها و دفع المكروه فيها مني.

و الحمد لله لما جعل الله عليه لمعرفتي بفضلك و النعمة عليك و شكري بلاءك و عظيم رجائي لك امتع الله بك و احسن جزاك ان رأيت اطال الله بقاك ان تكتبني الي بخبرك في خاصة نفسك و حال جزيل هذه المصيبة و سلوتك عنها فعلت فاني بذلك مهم الي ما جائني من خبرك و حالك فيه متطلع اتم الله لك افضل ما عودك من نعمته و اصطنع



[ صفحه 65]



عندك من كرامته و السلام عليك و رحمة الله و بركاته و كتب بيوم الخميس لتسع ليال خلون من شهر بيع الاول لسنة سبعين و مائة [2] .

3 - قال الشيخ أبوجعفر الصدوق رضوان الله عليه: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن يحيي الصولي، قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن عبدالله، عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي، عن صالح بن علي ابن عطية، قال: كان السبب في وقوع موسي بن جعفر عليهماالسلام الي بغداد: ان هارون الرشيد أراد أن يقعد الامر لابنه محمد بن زبيدة، و كان له من البنين أربعة عشر ابنا، فاختار منهم ثلثة محمد بن زبيده و جعله ولي عهده و عبدالله المأمون و جعل الامر له بعد ابن زبيدة و القاسم المؤتمن و جعل له الامر من بعد المأمون.

فاراد أن يحكم الامر في ذلك و يشهره شهرة يقف عليها الخاص و العام، فحج في سنة تسع و سبعين و مأة و كتب الي جميع الآفاق يامر الفقهاء و العلماء و القراء و الأمراء أن يحضروا مكة أيام الموسم، فأخذ هو طريق المدينة، قال علي بن محمد النوفلي: فحدثني أبي انه كان سبب سعاية يحيي بن خالد بموسي بن جعفر عليهماالسلام وضع الرشيد ابنه محمد بن زبيدة في حجر جعفر بن محمد بن الاشعث.

فساء ذلك يحيي و قال: اذا مات الرشيد، و افضي الامر الي محمد انقضت دولتي و دولة ولدي و تحول الامر الي جعفر بن محمد بن الاشعث و ولده و كان قد عرف مذهب جعفر في التشيع، فاظهر له انه علي مذهبه فسر به جعفر و أفضي اليه بجميع أموره و ذكر له ما هو عليه في موسي بن جعفر عليه السلام، فلما وقف علي مذهبه سعي به الي الرشيد، و كان الرشيد يرعي له موضعه و موضع أبيه من نصرة الخلافة، فكان يقدم في أمره و يؤخر و يحيي لا يالون يخطب عليه الي أن دخل يوما الي الرشيد، فاظهر له اكراما و جري بينهما كلام مزية جعفر لحرمة و حرمة أبيه.

فامر له الرشيد في ذلك اليوم بعشرين الف دينار، فامسك يحيي عن أن يقول فيه



[ صفحه 66]



شيئا حتي أمسي، ثم قال للرشيد: يا اميرالمؤمنين قد كنت أخبرتك عن جعفر و مذهبه، فتكذب عنه و هيهنا أمر فيه الفيصل، قال: و ما هو؟ قال: انه لا يصل اليه مال من جهة من الجهات الا أخرج خمسه فوجه به الي موسي بن جعفر، و لست أشك أنه قد فعل ذلك في العشرين الالف دينار التي أمرت بها له.

فقال هارون: ان في هذا لفيصلا، فارسل الي جعفر ليلا، و قد كان عرف سعاية يحيي به فتباينا و أظهر كل واحد منهما لصاحبه العداوة، فلما طرق جعفر رسول الرشيد بالليل خشي أن يكون قد سمع فيه قول يحيي و انه انما دعاه ليقتله، فأفاض عليه ماء و دعا بمسك و كافور فتحنط بهما و لبس بردة فوق ثيابه و أقبل الي الرشيد، فلما وقعت عليه عينه و شم رائحة الكافور و رأي البردة عليه.

قال: يا جعفر ما هذا؟ فقال: يا اميرالمؤمنين: قد علمت انه سعي بي عندك،فلما جاءني رسولك في هذه الساعة لم امن ان يكون قد قرح في قلبك ما يقول علي، فارسلت الي لتقتلني ، قال: كلا، و لكن قد خبرت انك تبعث الي موسي بن جعفر من كل ما يصير اليك بخمسه و انك قد فعلت بذلك في العشرين الالف دينار، فاحببت أن أعلم ذلك.

فقال جعفر: الله اكبر يا اميرالمؤمنين تامر بعض خدمك يذهب فيأتيك بها بخوايتمها، فقال الرشيد لخادم له: خذ خاتم جعفر و انطلق به حتي تأتيني بهذا المال و سمي له جعفر جاريته التي عندها المال، فدفعت اليه البدر بخواتيمها، فأتي بها الرشيد.

فقال له جعفر: هذا أول ما تعرف به كذب من سعي بي اليك، قال: صدقت يا جعفر، انصرف آمنا، فاني لا أقبل فيك قول أحد، قال و جعل يحيي يحتال في اسقاط جعفر.

قال النوفلي: فحدثني علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي، عن بعض مشايخه، و ذلك في حجة الرشيد قبل هذه الحجة، قال: لقيني علي بن اسماعيل بن جعفر بن محمد فقال لي: مالك قد اخملت نفسك؟! مالك لا تدبر امور الوزير؟ فقد ارسل الي فعادلته



[ صفحه 67]



وطلبت الحوائج اليه، و كان سبب ذلك أن يحيي بن خالد قال ليحيي بن أبي مريم: الا تدلني علي رجل من آل ابي طالب له رغبة في الدنيا فاوسع له منها.

قال: بلي، أدلك علي رجل بهذه الصفة و هو علي بن اسماعيل بن جعفر فارسل اليه يحيي، فقال: أخبرني عن عمك و عن شيعته و المال الذي يحمل اليه، فقال له: عندي الخبر و سعي بعمه فكان من سعايته أن قال: من كثرة المال عنده انه اشتري ضيغة تسمي البشرية بثلثين ألف دينار، فلما أحضر المال، قال البايع: لا أريد هذا النقد، أريد نقدا كذا و كذا، فامر بها فصبت في بيت ماله و أخرج منه ثلثين ألف دينار من لذك النقد و وزنه في ثمن الضيعة.

قال النوفلي: قال أبي: و كان موسي بن جعفر عليهماالسلام يأمر لعلي بن اسماعيل و يثق به حتي ربما خرج الكتاب منه الي بعض شيعته بخط علي بن اسماعيل، ثم استوحش منه، فلما أراد الرشيد الرحلة الي العراق بلغ موسي بن جعفر: ان عليا ابن اخيه يريد الخروج مع السلطان الي العراق، فأرسل اليه مالك و الخروج مع السلطان؟ قال: لان علي دينا، فقال: دينك علي، قال: فتدبير عيالي؟! قال: أنا أكفيهم فابي الا الخروج فارسل اليه مع أخيه محمد بن اسماعيل بن جعفر بثلثمأة دينار و أربعة آلاف درهم، فقال له: اجعل هذا في جهازك و لا تؤتم ولدي [3] .

4 - عنه قال: حدثنا الحسين بن ابراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن محمد بن عيسي بن عبيد، عن موسي بن القاسم البجلي عن علي بن جعفر، قال: جاءني محمد بن اسماعيل بن جعفر بن محمد و ذكر لي: أن محمد بن جعفر دخل علي هارون الرشيد فسلم عليه بالخلافة، ثم قال له: ما ظننت ان في الارض خليفتين حتي رأيت أخي موسي بن جعفر عليهماالسلام يسلم عليه بالخلافة، و كان من سعي بموسي بن جعفر عليهماالسلام، يعقوب بن داود و كان يري رأي الزيدية [4] .



[ صفحه 68]



5 - قال: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني رضي الهل عنه، قال: حدثنا محمد بن يحيي الصولي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن عبدالله، عن علي بن محمد ابن سليمان النوفلي، قال: حدثنا ابراهيم بن أبي البلاد، قال: كان يعقوب بن داود يخبرني انه قد قال بالامامة، فدخلت عليه بالمدينة في الليلة التي أخذ فيها موسي بن جعفر عليهماالسلام في صبيحتها فقال لي: كنت عند الوزيرالساعة يعني يحيي بن خالد.

فحدثني انه سمع الرشيد يقول عند قبر رسول الله صلي الله عليه و آله كالمخاطب له: بابي أنت و أمي يا رسول الله اني أعتذر اليك من أمر قد عزمت عليه، فاني أريد أن آخذ موسي بن جعفر فاحبسه، لاني قد خشيت ان يلقي بين أمتك حربا تسفك فيها دماؤهم و انا احسب انه سيأخذه غدا، فلما كان من الغد أرسل اليه الفضل بن الربيع، و هو قائم يصلي في مقام رسول الله صلي الله عليه و آله فامر بالقبض عليه و حبسه [5] .

6 - عنه قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه عن عبدالله بن صالح، قال: حدثني صاحب الفضل بن الربيع عن الفضل بن الربيع، قال: كنت ذات ليلة في فراشي مع بعض جواري، فلما كان في نصف الليل سمعت حركة باب المقصورة فراعني ذلك، فقالت الجارية: لعل هذا من الريح، فلم يمض الا يسير حتي رأيت باب البيت الذي كنت فيه قد فتح و اذا مسرور الكبير قد دخل علي.

فقال لي: أجب الامير و لم يسلم علي، فآيست في نفسي، و قلت: هذا مسرور دخل الي بلا اذن و لم يسلم، ما هو الا القتل، و كنت جنبا فلم أجسر ان اسأله انظاري حتي أغتسل، فقالت الجارية لما رأت تحيري و تبلدي: ثق بالله عزوجل و انهض، فنهضت و لبست ثيابي و خرجت معه حتي اتيت الدار، فسلمت علي أميرالمؤمنين و هو في مرقده فرد علي السلام فسقطت فقال: تداخلك رعب؟ قلت: نعم يا أميرالمؤمنين، فتركني ساعة حتي سكنت.



[ صفحه 69]



ثم قال لي: سر الي حبسنا فاخرج موسي بن جعفر بن محمد و ادفع اليه ثلاثين ألف درهم فاخلع عليه خمس خلع و احمله علي ثلث مراكب و خيره بين المقام معنا أو الرحيل عنا الي أي بلد أراد و أحب، فقلت: يا أميرالمؤمنين تأمر باطلاق موسي بن جعفر؟ قال لي: نعم فكررت ذلك عليه ثلاث مرات، فقال لي: نعم ويلك أتريد أن أنكث العهد؟! فقلت: يا اميرالمؤمنين و ما العهد؟

قال: بينا أنا في مرقدي هذا اذ ساورني أسود ما رأيت من السودان أعظم منه، فقعد علي صدري و قبض علي حلقي، و قال لي: حبست موسي بن جعفر ظالما له؟! فقلت: فأنا أطلقه و أهب له و أخلع عليه، فأخذ علي عهد الله عزوجل و ميثاقه و قام عن صدري و قد كادت نفسي تخرج، فخرجت من عنده و وافيت موسي بن جعفر عليهماالسلام و هو حبسه، فرأيته قائما يصلي فجلست حتي سلم ثم أبلغته سلام أميرالمؤمنين و أعلمته بالذي أمرني به في أمره و اني قد احضرت ما أوصله به.

فقال: ان كنت أمرت بشي ء غير هذا فافعله، فقلت: لا و حق جدك رسول الله صلي الله عليه و آله ما أمرت الا بهذا، قال: لا حاجة لي في الخلع و الحملان و المال اذا كانت فيه حقوق الامة، فقلت: ناشدتك بالله ان لاترده فيغتاظ فقال: اعمل به ما أحببت، فاخذت بيد عليه السلام و أخرجته من السجن، ثم قلت له: يابن رسول الله أخبرني السبب الذي نلت به هذه الكرامة من هذا الرجل؟ فقد وجب حقي عليك لبشارتي اياك، و لما اجراه الله علي يدي من هذا الامر.

فقال عليه السلام: رأيت النبي النبي صلي الله عليه و آله ليلة الاربعاء في النوم، فقال لي: يا موسي أنت محبوس مظلوم؟! نعم يا رسول الله صلي الله عليه و آله محبوس مظلوم فكرر علي ذلك ثلاثا، ثم قال: «و ان ادري لعله فتنة لكم و متاع الي حين» أصبح غدا صائما و أتبعه بصيام الخميس و الجمعة، فاذا كانت وقت الافطار فصل اثنا عشر ركعة تقرأ في كل ركعة الحمد مرة و اثنا عشر مرة قل هو الله أحد.

فاذا صليت منها أربع ركعات فاسجد، ثم قل: يا سابق الفوت و يا سامع كل صوت يا محيي العظام و هي رميم بعد الموت أسألك باسمك العظيم الاعظم أن تصلي علي



[ صفحه 70]



محمد عبدك و رسولك و علي اهل بيته الطيبين و أن تعجل لي لفرج مما انا فيه، ففعلت، فكان الذي رأيت [6] .

7 - عنه قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، قال: حدثني محمد بن الحسن المدني، عن ابي عبدالله بن الفضل، عن أبيه الفضل قال: كنت أحجب الرشيد، فاقبل علي يوما غضبانا و بيده سيف يقلبه، فقال لي: يا فضل بقرابتي من رسول الله صلي الله عليه و آله لئن لم تأتني بابن عمي الآن لأخذن الي فيه عيناك فقلت: بمن أجيئك؟ فقال: بهذا الحجازي، فقلت: و أي الحجازي؟

قال: موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام قال الفضل: فخفت من الله عزوجل ان اجي ء به اليه، ثم فكرت في النقمة فقلت له: افعل فقال: أتيني بسوطين و هسارين و جلادين، قال: فأتيته بذلك و مضيت الي منزل أبي ابراهيم موسي بن جعفر عليهماالسلام فأتيت الي خربة فيها كوخ من جرايد النخل.

فاذا أنا بغلام أسود فقلت له: استاذن لي علي مولاك يرحمك الله فقال لي: لج فليس له حاجب و لا بواب، فولجت اليه، فاذا أنا بغلام أسود بيده مقص يأخذ اللحم من جبينه و عرنين انفه من كثرة سجوده فقلت له: السلام عليك يا بن رسول الله اجب الرشيد، فقال: ما للرشيد و ما لي؟ أما تشغله نقمته عني؟ ثم وثب مسرعا و هو يقول: لولا اني سمعت في خبر عن جدي رسول الله صلي الله عليه و آله ان طاعة السلطان للتقية واجبة اذا ما جئت.

فقلت له: استعد للعقوبة يا أباابراهيم رحمك الله، فقال عليه السلام: أليس معي من يملك الدنيا و الآخرة؟! و لن يقدر اليوم علي سوء بي انشاء الله تعالي، قال فضل بن الربيع: فرأيته و قد أدار يده عليه السلام يلوح بها علي رأسه عليه السلام ثلاث مرات،



[ صفحه 71]



فدخلت علي الرشيد فاذا هو كانه امرأة ثكلي قائم حيران، فلما رأني قال لي: يا فضل، فقلت: لبيك، فقال: جئتني بابن عمي؟ قلت: نعم قال: لا تكون ازعجته؟

فقلت: لا قال: لا، تكون أعلمته اني عليه غضبان، فاني قد هيجت علي نفسي ما لم أرده، ائذن له بالدخول، فاذنت له، فلما رآه وثب اليه قائما و عانقه و قال له: مرحبا بابن عمي و أخي و وارث نعمتي ثم أجلسه علي فخذيه، فقال له: ما الذي قطعك عن زيارتنا؟ فقال: سعة مملكتك و حبك للدنيا، فقال: ايتوني بحقة الغالية فأتي بها فغلفه بيده ثم امر أن يحمل بين يديه خلع و بدرتان دنانير.

فقال موسي بن جعفر عليهماالسلام: و الله لولا اني اري ان ازوج بها من عزاب بني ابي طالب لئلا ينقطع نسله أبدا ما قبلتها، ثم تولي عليه السلام و هو يقول: الحمد لله رب العالمين، فقال الفضل: يا اميرالمؤمنين أردت ان تعاقبه فخلعت عليه و اكرمته فقال لي: يا فضل انك لما مضيت لتجيئني به رأيت اقواما قد احدقوا بداري بايديهم حراب قد غرسوها في اصل الدار يقولون: ان اذي ابن رسول الله خسفنا به و ان احسن اليه انصرفنا عنه و تركناه.

فتبعته عليه السلام فقلت له: ما الذي قلت حتي كفيت أمر الرشيد؟ فقال: دعاء جدي علي بن ابي طالب كان اذا دعا به ما برز الي عسكر الا هزمه و لا الي فارس الا قهره و هو دعاء كفاية البلاء، قلت: و ما هو؟ قال قلت: «اللهم بك أسارو و بك أحاول و بك أجاور و بك أصول و بك أنتصر و بك أموت و بك أحيا.

أسلمت نفسي اليك و فوضت أمري اليك، و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم اللهم انك خلقتني و رزقتني و سترتني عن العباد بلطف ما خولتني و أغنيتني اذا هويت رددتني، و اذا عثرت قومتني، و اذا مرضت شفيتني و اذا دعوت اجبتني يا سيدي ارض عني فقد ارضيتني» [7] .

8 - عنه قال: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني رضي الله عنه، قال: حدثنا



[ صفحه 72]



محمد بن يحيي الصولي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن عبدالله، عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي قال: سمعت أبي يقول: لما قبض الرشيد علي موسي بن جعفر عليهماالسلام قبض عليه و هو عند رأس صلي الله عليه و آله قائما يصلي، فقطع عليه صلوته و حمل و هو يبكي و يقول: أشكو اليك يا رسول الله ما ألقي و أقبل الناس من كل جانب يبكون و يصيحون فلما حمل الي بين يدي الرشيد شتمه و جفاه، فلما جن عليه الليل أمر ببيتين فهيأ له.

فحمل موسي بن جعفر عليهماالسلام الي أحدهما في خفاء و دفعه الي حسان السروي و امره بأن يصير به في قبة الي البصرة فيسلم الي عيسي بن جعفر بن أبي جعفر و هو أميرها، و وجه قبة أخري علانية نهارا الي الكوفة معها جماعة ليعمي علي الناس أمر موسي بن جعفر عليهماالسلام، فقدم حسان البصرة قبل التروية بيوم، فدفعه الي عيسي بن جعفر ابن أبي جعفر نهارا علانية حتي عرف ذلك و شاع خبره.

فحبسه عيسي في بيت من بيوت المجلس الذي كان يجلس فيه و أقفل عليه، و شغله العبد عنه، فكان لا يفتح عنه الباب الا في حالتين، حالة يخرج فيها الي الطهور و حالة يدخل فيها الطعام، قال أبي: فقال لي الفيض بن أبي صالح و كان نصرانيا ثم أظهر الاسلام و كان زنديقا و كان يكتب لعيسي بن جعفر و كان بي خاصا، فقال: يا أباعبدالله لقد سمع هذا الرجل الصالح في أيامه هذه في هذه الدار التي هو فيها من ضروب الفواحش و المناكير ما أعلم و لا أشك أنه لم يخطر بباله.

قال أبي: وسعي بي في تلك الايام الي عيسي بن جعفر بن أبي جعفر علي بن يعقوب ابن عون بن العباس بن ربيعة في رقعة دفعها اليه أحمد بن اسيد حاجب عيسي قال: و كان علي بن يعقوب من مشائخ بني هاشم و كان أكبرهم سنا و كان مع كبر سنه يشرب الشراب و يدعوا أحمد بن أسيد الي منزله فيحتفل له و يأتيه بالمغنين و المغنيات يطمع في ان يذكره لعيسي.

فكان في رقعة التي رفعها اليه: انك تقدم علينا محمد بن سليمان في اذنك و اكرامك و تخصه بالمسك و فينا من هو أسن منه و هو يدين بطاعة موسي بن جعفر المحبوس عندك،



[ صفحه 73]



قال أبي: فاني لقائل في يوم قايظ اذ حركت حلقة الباب علي، فقلت: ما هذا؟ قال لي الغلام: قعنب بن يحيي علي الباب، يقول: لا بد من لقائك الساعة، فقلت: ما جاء الا لامر، ائذنوا له، فدخل، فخبرني عن الفيض بن أبي صالح بهذه القصة و الرقعة.

قال: و قد كان قال لي الفيض بعد ما أخبرني لا تخبر أباعبدالله فتحزنه، فان الرافع عند الامير لم يجد فيه مساعا و قد قلت للامير، افي نفسك من هذا شي ء حتي أخبر أباعبدالله، فيأتيك و يحلف علي كذبه؟ فقال: لا تخبره فتغمه، فان ابن عمه انما حمله علي هذا الحسد له، فقلت له: يا أيها الامير انت تعلم انك لا تخلو باحد خلوتك به، فهل حملك علي احد قط.

قال: معاذ الله، قلت: فلو كان له مذهب يخالف فيه الناس لأحب أن يحملك عليه، قال: أجل و معرفتي به أكثر، قال أبي: بدابتي و ركبت الي الفيض من ساعتي فصرت اليه و معي قعنب في الظهيرة، فاستأذنت اليه، فارسل الي و قال: جعلت فداك قد جلست مجلسا أرفع قدرك عنه، و اذا هو جالس علي شرابه، فارسلت اليه و الله لابد من لقائك، فخرج الي في قميص رقيق و ازار مورد فاخبرته بما بلغني.

فقال لقعنب: لأجزيت خيرا، ألم أتقدم اليك أن لا تخبر أباعبدالله فتغمه؟ ثم قال لي: لا بأس، فليس في قلب الامير من ذلك شي ء، قال: فما مضت بعد ذلك الا أيام يسيرة حتي حمل موسي بن جعفر عليهماالسلام سرا الي بغداد و حبس، ثم أطلق، ثم حبس، ثم سلم الي السندي بن شاهك فحبسه و ضيق عليه، ثم بعث اليه الرشيد بسم في رطب و أمره أن يقدمه الي و يحتم عليه في تناوله منه ففعل، فمات صلوات الله عليه [8] .

9 - عنه قال: حدثنا علي بن عبدالله الوراق و الحسين بن ابراهيم بن أحمد بن هشام بن المكتب و أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني و الحسين بن ابراهيم بن تاتانة و أحمد بن علي بن ابراهيم بن هاشم و محمد بن علي ما جيلويه و محمد بن موسي المتوكل رضي الله عنهم، قالوا: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم عن أبيه، عن عثمان بن عيسي، عن سفيان بن



[ صفحه 74]



نزار قال: كنت يوما علي رأس المأمون، فقال: أتدرون من علمني التشيع؟ فقال القوم جميعا: لا و الله ما نعلم.

قال: علمنيه الرشيد، قيل له: و كيف ذلك و الرشيد كان يقتل أهل هذا البيت؟ قال: كان يقتلهم علي الملك، لان الملك عقيم و لقد حججت معه سنة، فلما صار الي المدينة تقدم الي حجابه و قال: لا يدخلن علي رجل من أهل المدينة و مكة من أهل المهاجرين و الانصار و بني هاشم و ساير بطون قريش الا نسب نفسه، و كان الرجل اذا دخل عليه قال: أنا فلان بن فلان حتي ينتهي الي جده من هاشمي أو قرشي أو مهاجري أو أنصاري فيصله من المال بخمسة آلاف دينار و ما دونها الي مأتي دينار عل قدر شرفه و هجرة آبائه.

فانا ذات يوم واقف اذ دخل الفضل بن الربيع فقال: يا أميرالمؤمنين علي الباب رجل يزعم انه موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، فأقبل علينا و نحن قيام علي رأسه و الامين و المؤتمن و ساير القواد، فقال: احفظوا علي أنفسكم ثم قال لآذنه: ائذن له، و لا ينزل الا علي بساطي فانا كذلك اذ دخل شيخ مسخد قد انهكته العبادة كانه شن بال قد كلم من السجود وجهه وانفه.

فلما رأي الرشيد رمي بنفسه عن حمار كان راكبه،فصاح الرشيد: لا و الله الا علي بساطي، فمنعه الحجاب من الترجل و نظرنا اليه بأجمعنا بالاجلال و الاعظام فما زال يسير علي حماره حتي صار الي البساط و الحجاب و القواد محدقون به فنزل فقام اليه الرشيد و استقبله الي آخر البساط و قبل وجهه و عينيه و أخذ بيده حتي صيره في صدر المجلس و أجلسه معه فيه و جعل يحدثه و يقبل بوجهه عليه و يسأله عن أحواله.

ثم قال له: يا أباالحسن ما عليك من العيال؟ فقال: يزيدون عن الخمسأة قال: أولاد كلهم؟ قال: لا، أكثرهم موالي و حشم، اما الولد فلي نيف و ثلثون و الذكران منهم كذا و النسوان منهم كذا، قال: فلم لا تزوج النسوان من بني عمومتهن و أكفائهن؟ قال: اليد تقصر عن ذلك، قال فما حال الضيعة؟ قال: تعطي في وقت و تمنع في آخر، قال: فهل عليك دين؟ قال: نعم، قال: كم؟ قال: نحو عشرة الف دينار.



[ صفحه 75]



فقال له الرشيد: يابن عم أنا أعطيك من المال ما تزوج الذكران و النسوان و تقضي الدين و تعمر الضياع، فقال له: وصلتك رحم يا بن عم و شكر الله لك هذه النية الجميلة و الرحم ماسة و القرابة و اشجة و النسب و احد و العباس عن النبي صلي الله عليه و آله و صنو أبيه و عم علي بن أبي طالب عليه السلام و صنو أبيه، و ما أبعدك الله من أن تفعل ذلك و قد بسط يدك و أكرم عنصرك و أعلي محتدك فقال: أفعل ذلك يا أباالحسن و كرامة.

فقال: يا أميرالمؤمنين ان الله عزوجل قد فرض علي ولاة عهده ان ينعشوا فقراء الامة و يقضوا عن الغارمين و يؤدوا عن المثقل و يكسوا العاري و يحسنوا الي العاني فانت اولي من يفعل ذلك، فقال: أفعل يا أباالحسن، ثم قام، فقام الرشيد لقيامه و قبل عينيه و وجهه ثم أقبل علي و علي الامين و المؤتمن، فقال: يا عبدالله و يا محمد و يا ابراهيم امشوا بين يدي عمكم و سيدكم خذوا بركابه و سووا عليه ثيابه و شيعوه الي منزله.

فاقبل علي أبوالحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام سرا بيني و بينه فبشرني بالخلافة، فقال لي: اذا ملكت هذا الامر فاحسن الي ولدي، ثم انصرفنا و كنت أجري ولد أبي عليه، فلما خلا المجلس قلت: يا أميرالمؤمنين من هذا الرجل الذي قد أعظمته و أجللته و قمت من مجلسك اليه فاستقبلته و أقعدته في صدر المجلس و جلست دونه ثم أمرتنا بأخذ الركاب له؟! قال: هذا امام الناس و حجة الله علي خلقه و خليفته علي عباده، فقلت: يا أميرالمؤمنين أو ليست هذه الصفات كلها لك و فيك؟

فقال: انا امام الجماعة في الظاهر و الغلبة و القهر و موسي بن جعفر امام حق، و الله يابني انه لاحق بمقام رسول الله صلي الله عليه و آله مني و من الخلق جميعا، و الله لو نازعتني هذا الامر لاخذت الذي فيه عيناك فان الملك عقيم، فلما أراد الرحيل من المدينة الي مكة أمر بصرة سوداء فيها مائتا دينار، ثم أقبل علي الفضل بن الربيع، فقال له: اذهب بهذه الي موسي بن جعفر و قل له: يقول لك أميرالمؤمنين: نحن في ضيقة و سيأتيك برنا بعد الوقت.

فقمت في صدره فقلت: يا أميرالمؤمنين تعطي أبناء المهاجرين و الأنصار و ساير قريش و بني هاشم و من لا تعرف حسبه و نسبه خمسة آلاف دينار الي ما دونها، و تعطي موسي بن



[ صفحه 76]



جعفر و قد أعظمته و أجللته مأتي دينار اخس عطية أعطيتها أحدا من الناس؟! فقال: أسكت لا أم لك، فاني لو اعطيت هذا ما ضمنته له ما كنت امنته ان يضرب وجهي غدا بمائة ألف سيف من شيعته و مواليه، و فقر هذا و أهل بيته أسلم لي ولكم من بسط أيديهم و اعينهم.

فلما نظر الي ذلك مخارق المغني دخله في ذلك غيظ، فقام الي الرشيد فقال: يا أميرالمؤمنين قد دخلت المدينة و أكثر أهلها يطلبون مني شيئا، و ان خرجت و لم أقسم فيهم شيئا لم يتبين لهم تفضل أميرالمؤمنين علي و منزلتي عنده، فأمر له بعشرة آلاف دينار، فقال: يا أميرالمؤمنين هذا لاهل المدينة و علي دين أحتاج أن أقضيه، فامر له بعشرة آلاف دينار أخري.

فقال له: يا أميرالمؤمنين بناتي أريد أن أزوجهن و أنا محتاج الي جهازهن فأمر له بعشرة آلاف دينار أخري فقال له: يا أميرالمؤمنين لابد من غلة تعطينيها ترد علي و علي عيالي و بناتي و أزواجهن القوت، فأمر له باقطاع با تبلغ غلته في السنة عشرة آلاف دينار و أمر ان يعجل ذلك عليه من ساعته ثم قام مخارق من فوره و قصد موسي بن جعفر عليهماالسلام و قال له:

قد وقفت علي ما عاملك به هذا الملعون و ما أمر لك به و قد احتلت عليه لك و اخذت منه صلات ثلثين ألف دينار و اقطاعا يغل في السنة عشرة آلاف دينار، و لا و الله يا سيدي ما احتاج الي شي ء من ذلك ما أخذته الا لك و انا اشهد لك بهذه الاقطاع و قد حملت المال اليك، فقال: بارك الله في مالك و احسن جزاك ما كنت لآخذ منه درهما واحدا و لا من هذه الاقطاع شيئا و قد قبلت صلتك و برك فانصرف راشدا و لا تراجعني في ذلك، فقبل يده و انصرف [9] .

10 - عنه قال: حدثنا ابي رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن ابيه، عن الريان بن شبيب، قال: سمعت المأمون يقول: ما زلت احب اهل البيت



[ صفحه 77]



عليهم السلام و اظهر للرشيد بغضهم تقربا اليه فلما حج الرشيد كنت و محمد و القاسم معه، فلما كان بالمدينة استاذن عليه الناس و كان آخر من أذن له موسي بن جعفر عليهماالسلام، فدخل.

فلما نظر اليه الرشيد تحرك و مد بصره و عنقه اليه حتي دخل البيت الذي كان فيه فلما قرب جثي الرشيد علي ركبتيه و عانقه ثم أقبل عليه، فقال له: كيف أنت يا أباالحسن و كيف عيالك و عيال أبيك؟ كيف أنتم ما حالكم، فما زال يسأله هذا و أبوالحسن يقول: خير خير فلما قام أراد الرشيد ان ينهض فاقسم عليه أبوالحسن فاقعده و عانقه و سلم عليه و ودعه.

قال المأمون: و كنت أجري ولد أبي عليه، فلما خرج ابوالحسن موسي بن جعفر، قلت لأبي: يا أميرالمؤمنين لقد رأيتك عملت بهذا الرجل شيئا ما رأيتك فعلته باحد من أبناء المهاجرين و الانصار و لا ببني هاشم! فمن هذا الرجل؟ فقال: يا بني هذا وارث علم النبيين، هذا موسي بن جعفر بن محمد عليهم السلام أن اردت العلم الصحيح فعند هذا، قال المأمون: فحينئذ انغرس في قلبي محبتهم.

11 - عنه قال: حدثنا محمد بن علي ما جيلويه رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم عن ابيه، قال: سمعت رجلا من أصحابنا يقول: لما حبس الرشيد موسي بن جعفر عليهماالسلام جن عليه الليل فخاف ناحية هارون أن يقتله فجدد موسي بن جعفر عليهماالسلام طهوره فاستقبل بوجهه القبلة و صلي الله عزوجل أربع ركات ثم دعا بهذه الدعوات.

فقال: «يا سيدي نجني من حبس هارون و خلصني من يده يا مخلص الشجر من بين رمل و طين و يا مخلص اللبن من بين فرث و دم و يا مخلص الولد من بين مشيمة و رحم و يا مخلص النار من الحديد و الحجر و يا مخلص الروح من بين الاحشاء و الامعاء خلصني من يد هارون» قال: فلما دعا موسي عليه السلام بهذه الدعوات أتي هارون رجل أسود في منامه و بيده سيف قد سله فوقف علي رأس هارون و هو يقول:

يا هارون اطلق موسي بن جعفر و الا ضربت علاوتك بسيفي هذا فخاف هارون من



[ صفحه 78]



هيبة، ثم دعا الحاجب فجاء الحاجب فقال له: اذهب الي السجن فأطلق عن موسي بن جعفر عليهماالسلام قال فخرج الحاجب فقرع باب السجن فاجابه صاحب السجن، فقال من ذا؟ قال: ان الخليفة يدعو موسي بن جعفر عليهماالسلام فاخرجه من سجنك و اطلق عنه.

فصاح السجان: يا موسي ان الخليفة يدعوك فقام موسي عليه السلام مذعورا فزعا و هو يقول: لا يدعوني في جوف الليل الا لشر يريده بي، فقام باكيا حزينا مغمولا آيسا من حيوته فجاء الي هارون و هو يرتعد فرائصه فقال: سلام علي هارون فرد عليه السلام، ثم قال له هارون: ناشدتك بالله هل دعوت في جوف هذا الليل بدعوات.

فقال: نعم، قال: و ما هن؟ قال: جددت طهورا و صليت لله عزوجل أربع ركعات و رفعت طرفي الي السماء و قلت: «يا سيدي خلصني من يد هارون و شره» و ذكر له ما كان من دعائه، فقال هارون: قد استجاب الله دعوتك يا حاجب أطلق عن هذا، ثم دعا بخلع عليه ثلاثا و حمله علي فرسه و اكرمه و صيره نديما لنفسه، ثم قال: هات الكلمات، فعلمه، قال: فاطلق عنه و سلمه الي الحاجب ليسلمه الي الدار و يكون معه.

فصار موسي بن جعفر عليهماالسلام كريما شريفا عند هارون، و كان يدخل عليه في كل خميس الي أن حبسه الثانية، فلم يطلق عنه حتي سلمه الي السندي بن شاهك و قتله بالسم [10] .

12 - عنه قال: حدثنا أبوبكر محمد بن علي بن محمد بن حاتم، قال: حدثنا عبدالله بن بحر الشيباني، قال: حدثني الخرزي ابوالعباس بالكوفة، قال: حدثنا الثوباني، قال: كانت لابي الحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام بضع عشرة سنة كل يوم سجدة بعد انقضاض الشمس الي وقت الزوال، فكان هارون ربما صعد سطحا يشرف منه علي الحبس الذي حبس فيه أبوالحسن عليه السلام فكان يري أباالحسن عليه السلام ساجدا.



[ صفحه 79]



فقال للربيع: يا ربيع ما ذاك الثوب الذي أراه كل يوم في ذلك الموضع؟! فقال: يا أميرالمؤمنين ما ذاك بثوب و انما هو موسي بن جعفر عليهماالسلام له كل يوم سجدة بعد طلوع الشمس الي وقت الزوال قال الربيع: فقال لي هارون: أما ان هذا من رهبان بني هاشم، قلت: فما لك قد ضيقت عليه في الحبس؟! قال: هيهات لا بد من ذلك [11] .

13 - عنه قال: حدثنا محمد بن موسي بن المتوكل رضي الله عنه، قال: حدثنا علي ابن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسني، عن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، عن أبيه الرضا عليه السلام، قال: دخل موسي بن جعفر عليهماالسلام علي هارون الرشيد و قد استحفه الغضب علي رجل، فقال: انما تغضب لله عزوجل فلا تغضب له باكثر مما غضب علي نفسه [12] .

14 - عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد (ره) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار و حدثنا سعد بن عبدالله جميعا قال: حدثنا احمد بن محمد بن عيسي عن الحسن بن علي بن يقطين عن اخيه الحسين بن ابيه علي بن يقطين قال: استدعي الرشيد رجلا يبطل به امر ابي الحسن موسي بن جعفر و يقطعه و يخجله في المجلس فانتدب له رجل معزم فلما احضرت المائدة عمل ناموسا علي الخبز فكان كلما رام خادم ابي الحسن تناول رغيف من الخبز طار من بين يديه و استفز هارون الفرح و الضحك لذلك فلم يلبث ابوالحسن ان رفع رأسه الي اسد مصور علي بعض الستور.

فقال له: يا اسدالله خذ عدو الله قال: فوثبت تلك الصورة كاعظم ما يكون من السباع فافترست ذلك المعزم فخر هارون و ندماؤه علي وجوههم مغشيا عليهم و طارت عقولهم خوفا من هول ما رأوه فلما افاقوا من ذلك بعد حين قال هارون لابي الحسن: اسئلك بحقي عليك لما سئلت الصورة ان ترد الرجل فقال: ان كانت عصي موسي ردت ما ابتلعته من حبال القوم و عصيهم فان هذه الصورة ترد ما ابتلعته من هذا الرجل فكان



[ صفحه 80]



ذلك اعمل الاشياء في افاقه نفسه [13] .

15 - عنه قال: حدثنا محمد بن علي ما جيلويه رحمه الله قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم قال: سمعت رجلا من اصحابنا يقول لما حبس هارون الرشيد موسي بن جعفر جن عليه الليل فخاف ناحية هارون ان يقتله فجدد موسي طهوره و استقبل بوجهه القبلة و صلي لله عزوجل اربع ركعات ثم دعي بهذه الدعوات فقال: يا سيدي نجني من حبس هارون و خلصني من يده يا مخلص الشجر من بين رمل و طين و ماء و يا مخلص اللبن من بين فرث و دم و يا مخلص الولد من بين مشيمة و رحم و يا مخلص النار من بين الحديد و الحجر و يا مخلص الروح من بين الاحشاء و الامعاء خلصني من يدي هارون قال:

فلما دعا موسي بهذه الدعوات رآي هارون رجلا اسود في منامه و بيده سيف قد سله واقفا علي رأس هارون و هو يقول يا هارون اطلق عن موسي بن جعفر و الا ضربت علاوتك بسيفي هذا فخاف هارون من هيبته ثم دعا لحاجبه فجاء الحاجب فقال له: اذهب الي السجن و اطلق عن موسي بن جعفر قال: فخرج الحاجب فقرع باب السجن فاجابه صاحب السجن فقال: من ذا قال: ان الخليفة يدعو موسي بن جعفر فاخرجه من سجنك و اطلق عنه فصاح السجان يا موسي ان الخليفة يدعوك فقام موسي مذعورا فزعا و هو يقول لا يدعوني في جوف هذه الليلة الا لشر يريد بي فقام باكيا حزينا مغموما آيسا من حيوته فجاء الي عند هارون و هو يرتعد فرائصه فقال: سلام علي هارون فرد عليه السلام ثم قال له هارون: ناشدتك بالله هل دعوت في جوف هذه الليلة بدعوات فقال: نعم قال: و ما هن؟ قال: جددت طهورا و صليت لله عزوجل أربع ركعات و رفعت طرفي الي السماء و قلت: يا سيدي خلصني من يدي هارون و شره و ذكر له ما كان من دعائه.

فقال هارون: قد استجاب الله دعوتك يا حاجب اطلق عن هذا ثم دعا بخلع فخلع عليه ثلاثا و حمله علي فرسه و اكرمه و صيره نديما لنفسه ثم قال: هات الكلمات حتي اثبتها ثم دعا بدوات و قرطاس و كتب هذه الكلمات قال: فاطلق عنه و سلمه الي حاجبه



[ صفحه 81]



ليسلمه الي الدار فصار موسي بن جعفر كريما شريفا عند هارون و كان يدخل عليه في كل خميس [14] .

16 - عنه قال: حدثنا ابي رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن يحيي العطار قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي عن سعيد بن عمرو عن اسماعيل بن بشر بن عمار قال: كتب هارون الرشيد الي أبي الحسن موسي بن جعفر عظني و اوجز قال: فكتب اليه: ما من شي ء تراه عينك الا و فيه موعظة [15] .

17 - قال الشيخ ابوعبدالله المفيد رضوان الله عليه: حمدان بن الحسين النهاوندي قال: حدثنا ابراهيم بن اسحاق النهاوندي قال: حدثني أحمد بن اسماعيل أبوعمر قال: حدثني عبدالله بن صالح قال: حدثني الفضل بن الربيع قال: كنت في فراشي و قد خلوت في بعض المقاصير مع جاريتي فسمعت وقعا فقلت: من هذا؟ قالت الريح فتحركت له اذا دخل مسرور الكبير و قال: أجب أميرالمؤمنين فبرزت اليه مرعوبا.

فقال لي: يا فضل أطلق موسي بن جعفر الساعة وهب له ثمانون ألف درهم و اخلع عليه خمسة خلع و أحمله علي خمسة من الظهر، فقلت يا أميرالمؤمنين موسي بن جعفر ؟ قال: نعم و يلك تريد أن أنقض العهد، فقلت: يا أميرالمؤمنين و ما العهد؟ قال: بينا أنا في مرقدي اذ ساورني أسود ما رأيت في السودان أعظم منه فقعد علي صدري و قبض علي حلقي و قال: أحبست موسي بن جعفر عليهماالسلام ظالما له؟ قلت: أنا أطلقه الساعة.

فأخذ علي عهد الله عزوجل أن أطلقه ثم قام من صدري و كادت نفسي أن تخرج، قال الفضل: فخرجت من عنده و وافيت موسي بن جعفر عليهماالسالم في مصلاه فأبلغته سلام أميرالمؤمنين و أعلمته ما أمرني به فقال: لا حاجة في المال و الخلع و الحملان اذا كان فيه حقوق الأمة فقلت: أنشدك الله أن ترده فيغتاظ عليك، فقال: افعل ما شئت فأخذت بيده فأخرجته من الحبس و قلت له: يابن رسول الله قد وجب حقي عليك لمشاركتي اياك و لما أجراه الله عزوجل علي يدي.



[ صفحه 82]



فقال: رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله في النوم ليلة الأربعاء فقال لي: يا موسي محبوس مظلوم، قلت: نعم يا رسول الله صلي الله عليه و آله محبوس مظلوم فكرر علي ثلاث مرات ثم قال: لعله فتنة لهم و متاع الي حين، و أصبح غدا صائما و أتبعه بصيام الخميس و الجمعة فاذا كان وقت افطارك فصل اثني عشر ركعة تقول في كل ركعة: «الحمد» و «قل هو الله أحد» اثني عشر مرة و كذلك في الركعة الثانية فاذا انصرفت من صلاتك فقل: «اللهم يا ساتر العيوب و سامع كل صوت» [16] .

18 - عنه قال: حدثنا أبوأحمد هاني بن محمد بن محمود العبدي - رضي الله عنه - قال: حدثني أبي باسناده رفعه أن موسي بن جعفر عليهماالسلام دخل علي الرشيد فقال له الرشيد: يابن رسول الله أخبرني عن الطبائع الأربع، فقال موسي عليه السلام: أما الريح فانه ملك يداري؛ و أما الدم فانه عبد عارم و ربما قتل العبد مولاه؛ و أما البلغم فانه خصم جدل ان سدد من جانب انفتح من آخر؛ و أما المرة فانها أرض اذا اهتزت رجعت بما فوقها فقال له هارون: يابن رسول الله تنفق علي الناس من كنوز الله تعالي و رسوله صلي الله عليه و آله [17] .

19 - عنه قال: عبدالله بن محمد السائي، عن الحسن بن موسي، عن عبدالله بن محمد النهيكي، عن محمد بن سابق بن طلحة الأنصاري قال: كان مما قال هارون لأبي الحسن عليه السلام حين أدخل عليه: ما هذه الدار؟ فقال: هذه دار الفاسقين، قال: «سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق و ان يرو كل آية لا يؤمنوا بها و ان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا و ان يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا» - الآية -.

فقال له هارون: فدار من هي؟ قال: هي لشيعتنا فترة و لغيرهم فتنة قال: فما بال صاحب الدار لا يأخذها؟ فقال: أخذت منه عامرة و لا يأخذها الا معمورة، قال: فأين شيعتك فقرأ أبوالحسن عليه السلام: «لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب و المشركين



[ صفحه 83]



منفكين حتي تأتيهم البينة» قال: فقال له: فنحن كفار؟ قال: لا ولكن كما قال الله: «الذين بدلوا نعمة الله كفرا و أحلوا قومهم دار البوار» فغضب عند ذلك و غلظ عليه.

فقد لقيه أبوالحسن عليه السلام بمثل هذه المقالة و ما رهبه و هذا خلاف قول من زعم أنه هرب منه من الخوف [18] .

20 - العياشي: عن محمد بن سابق طلحة الانصاري قال: كان مما قال هارون لأبي الحسن موسي عليه السلام حين ادخل عليه: ما هذه الدار و دار من هي؟ قال: لشيعتنا فترة و لغيرهم فتنة، قال: فما بال صاحب الدار لا يأخذها؟ قال: أخذت منه عامرة و لا يأخذها الا معمورة، فقال: اين شيعتك؟

فقرأ ابوالحسن: «لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب و المشركين منفكين حتي تأتيهم البينة» قال له: فنحن كفار؟ قال: لا ولكن كما قال الله: «الم تر الي الذين بدلوا نعمة الله كفرا و أحلوا قومهم دار البوار» فغضب عند ذلك و غلظ عليه [19] .

21 - قال الشيخ المفيد رحمة الله عليه: روي عبدالله بن ادريس عن ابن سنان قال: حمل الرشيد في بعض الايام الي علي بن يقطين ثيابا اكرمه بها و كان في جملتها دراعة خز سوداء من لباس الملوك مثقلة بالذهب فانفذ علي بن يقطين جل تلك الثياب الي موسي بن جعفر عليهماالسلام و انفذ في جملتها تلك الدراعة و اضاف اليها مالا كان اعده علي رسم له فيما يحمله اليه من خمس ماله.

فلا و صل ذلك الي ابي الحسن عليه السلام قبل ذلك المال و الثياب و رد الدراعة علي يد الرسول الي علي بن يقطين و كتب اليه احتفظ بها و لا تخرجها عن يدك فسيكون لك بها شأن تحتاج اليها معه فارتاب علي بن يقطين بردها عليه و لم يدر ما سبب ذلك و احتفظ بالدراعة.

فلما كان بعد ايام تغير علي بن يقطين علي غلام كان يختص به فصرفه عن خدمته



[ صفحه 84]



و كان الغلام يعرف ميل علي بن يقطين الي ابي الحسن موسي عليه السلام و يقف علي ما يحمله اليه في كل وقت من مال و ثياب و الطاف و غير ذلك فسعي به الي الرشيد فقال: انه يقول بامامة موسي بن جعفر و يحمل اليه خمس ماله في كل سنة و قد حمل اليه الدراعة التي اكرمه بها أميرالمؤمنين في وقت كذا و كذا.

فاستشاط الرشيد لذلك و غضب غضبا شديدا و قال: لاكشفن عن هذا الحال فان كان الأمر كما تقول ازهقت نفسه و انفذ في الوقت باحضار علي بن يقطين فلما مثل بين يديه قال له: ما فعلت الدراعة التي كسوتك بها قال هي يا أميرالمؤمنين عندي في سفط مختوم و فيه طيب قد احتفظت بها.

فلما اصبحت و فتحت السفط و نظرت اليا تبركا بها و قبلتها و رددتها الي موضعها و كلما امسيت صنعت مثل ذلك فقال: احضرها الساعة قال نعم يا أميرالمؤمنين فاستدعي بعض خدمه فقال له: امض الي البيت الفلاني من داري فخذ مفتاحه من خازني و افتحه ثم افتح الصندوق الفالني فجئني بالسفط الذي فيه بختمه فلم يلبث الغلام ان جاء، بالسفط مختوما.

فوضع بين يدي الرشيد فامر بكسر ختمه و فتحه فلما فتح نظر الي الدراعة فيه بحالها مطوية مدفوفة في الطيب فسكن الرشيد من غضبه ثم قال لعلي بن يقطين: أرددها الي مكانها و انصرف راشدا فلن اصدق عليك بعدها ساعيا و أمر ان يتبع بجايزة سنية و تقدم بضرب الساعي به الف سوط فضرب نحو خمس مأة سوط فمات في ذلك [20] .

22 - عنه قال: وروي محمد بن اسماعيل عن محمد بن الفضل قال: اختلفت الرواية بين اصحابنا في مسح الرجلين في الوضوء أهوء من الأصابع الي الكعبين ام من الكعبين الي الأصابع فكتب علي بن يقطين الي ابي الحسن موسي عليه السلام: جعلت فداك ان اصحابنا قد اختلفوا في مسح الرجلين فان رأيت ان تكتب الي بخطك ما يكون عملي عليه فعلت انشاء الله تعالي.



[ صفحه 85]



فكتب اليه ابوالحسن عليه السلام فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء و الذي أمرك به في ذلك ان تتمضمض ثلثا و تستنشق ثلثا و تغسل وجهك ثلثا و تخلل شعر لحيتك و تغسل يدك من اصابعك الي المرفقين و تمسح رأسك كله و تسمح ظاهر اذنيك و باطنهما و تغسل رجليك الي الكعبين ثلثا و لا تخالف ذلك الي غيره فلما وصل الكتاب الي علي بن يقطين تعجب مما رسم له فيه مما اجمع العصابة علي خلافه.

ثم قال: مولاي اعلم بما قال و انا ممتثل امره فكان يعمل في وضوئه علي هذا الحد و يخالف ما عليه جميع الشيعة امتثالا لأمر ابي الحسن عليه السلام و سعي بعلي بن يقطين الي الرشيد و قيل له انه رافضي مخالف لك.

فقال: الرشيد لبعض خاصته قد كثر عندي القول في علي بن يقطين و القرف له بخلافنا و ميله الي الرفض و لست اري في خدمته لي تقصيرا و قد امتحنته مرادا فما ظهرت منه علي ما يقرف به واحب ان استبري ء امره من حيث لا يشعر بذلك فيحترز مني فقيل له: ان الرافضة يا أميرالمؤمنين تخالف الجماعة في الوضوء فتخففه و لا تري غسل الرجلين فامتحنه من حيث لا يعلم بالوقوف علي وضوئه.

فقال: اجل ان هذا الوجه يظهر به امره ثم تركه مدة و ناطه بشي ء من الشغل في الدار حتي دخل وقت الصلوة و كان علي بن يقطين يخلوا الي حجرة في الدار لوضوئه و صلوته فلما دخل وقت الصلوة وقف الرشيد من وراء الحائط بحيث يري علي بن يقطين و لا يراه هو فدعي بالماء للوضوء فتمضمض ثلثا و استنشق ثلثا و غسل وجهه ثلثا و خلل شعر لحيته و غسل يديه الي المرفقين ثلثا و مسح رأسه و اذنيه وغسل رجليه ثلثا و الرشيد ينظر اليه.

فلما رآه قد فعل ذلك لم يملك نفسه حتي اشرف عليه من حيث يراه ثم ناداه كذب يا علي بن يقطين من زغم انك من الرافضة و صلحت حاله عنده و ورد عليه كتاب أبي الحسن عليه السلام ابتداء من الآن يا علي بن يقطين توضأ كما أمر الله اغسل وجهك مرة فريضة و اخري اسباغا و اغسل يديك من المرفقين كذلك و امسح مقدم رأسك و ظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك فقد زال ما كان يخاف عليك والسلام [21] .



[ صفحه 86]



23 - عنه قال: خرج علي بن اسماعيل حتي الي يحيي بن خالد فتعرف منه خبر موسي بن جعفر عليهماالسلام فرفعه الي الرشيد و زاد فيه ثم اوصله الي الرشيد فسئله عن عمه فسعي به اليه و قال له ان الأموال تحمل اليه من المشرق و المغرب و انه اشتري ضيعته سماها اليسير بثلثين الف دينار فقال له صاحبها و قد احضره المال لا اخذ هذا النقد و لا اخذ الا نقد كذا و كذا فامر بذلك المال فرد و اعطاه ثلثين الف دينار من النقد الذي سئل بعينه.

فسمع ذلك منه الرشيد و امر له بمأتي الف درهم يسبب بها علي بعض النواحي فاختار بعض كور المشرق و مضت رسله لقبض المال و اقام وصوله فدخل في بعض تلك الأيام الي الخلا فزحر زجرة خرجت منها حشوته كلها فسقط و جهدوا في ردها فلم يقدروا فرفع لما به و جائه المال و هو ينزع فقال: ما اصنع به و انا في الموت.

و خرج الرشيد في تلك السنة الي الحج و بدأ بالمدينة فقبض فيها علي ابي الحسن موسي عليه السلام و يقال انه لما ورد المدينة استقبله موسي عليه السلام في جماعة من الأشراف و انصرفوا من استقباله فمضي ابوالحسن عليه السلام الي المسجد علي رسمه فقام الرشيد الي الليل فصار الي قبر رسول الله صلي الله عليه و آله فقال: يا رسول الله اني اعتذر اليك من شي ء اريد ان افعله اريد ان احبس موسي بن جعفر فانه يريد التشتيت بين امتك و سفك دمائها.

ثم امر به فأخذ من المسجد فأدخل عليه فقيده و استدعلي قبتين فجعله في احديهما علي بغل و جعل القبة الأخري علي بغل آخر و خرج البغلان من داره عليها القبتان، مستورتان و مع كل واحدة منهما خيل فافترقت الخيل فمضي بعضها مع احدي القبتين علي طريق البصرة و الأخري علي طريق الكوفة.

و كان ابوالحسن عليه السلام في القبة التي مضي بها علي طريق البصرة و انما فعل ذلك الرشيد ليعمي علي الناس الامر في باب ابي الحسن عليه السلام و امر القوم الذين كانوا مع قبة ابي الحسن عليه السلام ان يسلموه الي عيسي بن جعفر بن المنصور و كان علي البصرة حينئذ فسلم اليه فحبسه عنده سنة و كتب اليه الرشيد في دمه فاستدعي عيسي بن جعفر



[ صفحه 87]



بعض خاصته و ثقاته فاستشارهم فيما كتب اليه الرشيد.

فاشاروا اليه بالتوقف عن ذلك و الأستعفاء منه فكتب عيسي بن جعفر الي الرشيد يقول له: لقد طال امر موسي بن جعفر و مقامه في حبسي و قد اختبرت حاله ووضعت عليه العيون طول هذه المدة فما وجدته يفتر علي العبادة و وضعت من يسمع منه ما يقول في دعائه فما دعي عليك و لا علي و لا ذكرنا بسوء و ما يدعو لنفسه الا بالمغفرة و الرحمة فان انت انفدت الي من يتسلمه مني والا خليت سبيله فاني متحرج من حبسه [22] .

24 - قال أبومنصور الطبرسي: و روي ان المأمون قال لقومه: أتدرون من علمني التشيع؟

فقال القوم: لا و الله ما نعلم ذلك. قال: علمنيه الرشيد! قيل له: و كيف ذلك، و الرشيد يقتل أهل البيت؟

قال: كان الرشيد يقتلهم علي الملك، لأن الملك عقيم، ثم قال: انه دخل موسي بن جعفر عليهماالسلام علي الرشيد يوما فقام اليه، و استقبله و اجلسه في الصدر و قعد بين يديه، و جري بينهما اشياء. ثم قال موسي بن جعفر عليه السلام لأبي: أميرالمؤمنين ان الله عزوجل قد فرض علي الولاة عهده: ان ينعثوا فقراء هذه الامة، و يقضوا عن الغارمين، و يؤدوا عن المثقل، و يكسوا العاري، و يحسنوا الي العاني، و انت أولي من يفعل ذلك.

فقال: افعل يا أباالحسن. ثم قام فقام الرشيد لقيامه، و قبل بين عينيه و وجهه ثم أقبل علي و علي الأمين و المؤتمن فقال:

يا عبدالله! و يا محمد! و يا ابراهيم! امشوا بين يدي ابن عمكم و سيدكم، خذوا بركابه، و سووا عليه ثيابه، و شيعوه الي منزله، فاقبل الي أبوالحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام سرا بيني و بينه فبشرني بالخلافة، و قال لي: «اذا ملكت هذا الأمر فاحسن الي ولدي».



[ صفحه 88]



ثم انصرفنا و كنت أجرأ ولد أبي عليه، فانما خلال المجلس قلت:

يا أميرالمؤمنين و من هذا الرجل الذي اعظمته و اجللته، و قمت من مجلسك اليه فاستقبلته، و اقعدته في صدر المجلس، و جلست دونه، ثم امرتنا بأخذ الركاب له؟

قال: هذا امام الناس، و حجة الله علي خلقه، و خليفته علي عباده.

فقلت: يا أميرالمؤمنين أو ليست هذه الصفات كلها لك و فيك؟

فقال: انا امام الجماعة في الظاهر بالغلبة و القهر، و موسي بن جعفر أمام حق، و الله يا بني انه لأحق بمقام رسول الله مني و من الخلق جميعا، و والله لو نازعتني في هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك، لان الملك عقيم.

فلما أراد الرحيل من المدينة الي مكة أمر بصرة سوداء فيها مائتا دينار ثم أقبل علي الفضل فقال له:

اذهب الي موسي بن جعفر و قل له: يقول لك أميرالمؤمنين: نحن في ضيقة و سيأتيك برنا بعد هذا الوقت.

فقمت في وجهه فقلت: يا أميرالمؤمنين! تعطي ابناء المهاجرين و الأنصار و سائر قريش و بني هاشم و من لا تعرف حسبه و نسبه: خمسة آلاف دينار الي ما دونها. و تعطي موسي بن جعفر و قد عظمته و اجللته مائتي دينار، و اخس عطية اعطيتها احدا من الناس؟

فقال: اسكت لا ام لك! فاني لو أعطيته هذا ما ضمنته له، ما كنت امنه ان يضرب وجهي غدا بمائة الف سيف من شيعته و مواليه، و فقر هذا و اهل بيته اسلم لي و لكم من بسط أيديهم و اغنائهم.

و قيل: و لما دخل هارون الرشيد المدينة، توجه لزيارة النبي صلي الله عليه و آله و معه الناس، فقدم الي قبر النبي صلي الله عليه و آله فقال:

السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يابن العم، مفتخرا بذلك علي غيره.

فتقدم أبوالحسن موسي بن جعفر الي القبر فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبة. فتغير وجه الرشيد و تبين الغيظ فيه [23] .



[ صفحه 89]



25 - قال وروي: عن ابي الحسن موسي بن جعفر الكاظم عليه السلام انه قال: لما سمعت هذا البيت - و هو المروان ابن ابي حفصة -:



اني يكون و لا يكون و لم يكن

لبني البنات وراثة الأعمام



دار في ذلك ليلتي، فنمت تلك الليلة فسمعت هاتفا في منامي يقول:



اني يكون و لا يكون و لم يكن

للمشركين دعائم الاسلام



لبني البنات نصيبهم من جدهم

و العم متروك بغير سهام



ما للطليق و للتراث و انما

سجد الطليق مخافة الصمصام



و بقي ابن نثلة واقفا متلددا

فيه و يمنعه ذوو الارحام



ان ابن فاطمة المنوه باسمه

حاز التراث سوي بني الاعمام [24] .



26 - قال الشيخ ابوجعفر محمد المشهدي: لقد وجدت في كتب بعض اصحابنا رضي الله عنهم انه كان للرشيد باز ابيض يحبه حبا شديدا و طار في بعض مصيداته حتي غاب عن اعينهم فامر الرشيد فضرب له قبة تركية فنزل تحتها و حلف انه لا يبرح من موضعه أو يجيئوا اليه البازي و اقام بالموضع و انفذ وجوه العسكر و سرح الامراء و القواد في طلبه علي مسيرة يوم و يومين و ثلاثة.

فلما كان في اليوم الثاني آخر النهار نزل البازي عليه و في يده شخص حيوان يتحرك و يلمع كما يلمع السيف في الشمس و اخذه من يده بالرفق و رجع الي داره و طرحه في طشت ذهب و دعا بالاشراف و الاطباء و الحكماء و الفقهاء و القضاة، و قال: هل فيكم من رأي هذه الصورة قط؟ قالوا: ما رأيناها و لا ندري ما هي. قال: كيف لنا بعلمها؟

قال: له ابن أكثم القاضي و ابويوسف يعقوب القاضي ما لك غير امام الروافض موسي بن جعفر تبعث اليه و تحضر جماعة من الروافض و تسأله عنها فان علم كانت فائدة معرفتنا لها و ان لم يعلم افتضح عند اصحابه الذين عندهم أنه يعلم الغيب و ينظر في السماء الملائكة فقال: هذا و تر به المهدي، هو الرأي، فأمر و أخلف ابوالحسن و سألوه أن



[ صفحه 90]



يحضر المجلس الساعة و من عنده من اصحابه و ابعثوا خلف فلان و فلان من اصحاب الروافض.

فحضر ابوالحسن و جماعة من الشيعة معه و قال يا أباالحسن انما احضرتك شوقا اليك فقال: دعني من شوقك الا ان الله تبارك و تعالي خلق بين السماء و الارض بحرا مكفوفا عذبا زلالا كف الموج بعضه علي بعض في حواشيه لئلا يعطي علي حريته فينزل به ميكائيل فيهلك من تحته طول أربعة فراسخ من فراسخ الملائكة، الفرسخ مسير مائتي عام للبازي المجد بخفايه، الصافون المسبحون من الملائكة الذين قال الله تعالي:

«و انا لنحن الصافون و انا لنحن المسبحون» و خلق له سكانا اشخاصا علي عمل السمك صغارا و كبارا فاكبر ما فيه من هذه السورة شبرا رأس كرأس الآدمي له انف و اذنان و عينان و الذكور من ماله سواد في وجهها مثل اللحي و الاناث لها شعور علي رأسها مثل النساء أجساد مثل أجساد السمك و فلوس مثل فلوسها و بطون من مثل بطونها و مواضع الأجنحة منها أكف و أرجل مثل أيدي الناس و أرجلهم تلمع لمعانا عظيما لأنها متبرجة للأنوار تغشي الناظر اليها حتي ترد طرفه حسيرا غذاؤها التقديس و التهليل و التكبير.

فاذا قصر أحدها في التسبيح سلط الله عليهما البزاء البيض فأكلته و جعلت رزقها، و ما يحل لك ذلك، و احتفظ بالدراعة بأن تأخذ من يد الباز برقه الذي بعثه الله اليه لياكله. فقال الرشيد: اخرجوا الطشت فاخرجوه فنظر اليها فما اخطأت مما قال أبوالحسن شيئا ثم انصرف و طرحها الرشيد للبازي فقطعها و اكلها فما نقط لها دم و لا اسقط منها شيئا فقال الرشيد لجماعة الهاشميين: و من حضر أترانا لو حدثنا بهذا كنا نصدق [25] .

27 - قال الفتال النيسابوري: لما دخل هارون الرشيد المدينة توجه لزيارة النبي صلي الله عليه و آله و سلم و معه الناس، فتقدم الي قبر رسول الله عليه السلام، فقال: السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يابن عم مفتخرا بذلك علي غيره، فتقدم



[ صفحه 91]



أبوالحسن عليه السلام فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبة، فتغير الرشيد و تبين له الغيظ [26] .

28 - روي جعفر بن محمد بن قولويه: باسناده عن سهل بن علي بن حسان عن بعض اصحابنا قال: حضرت اباالحسن الاول عليه السلام و هارون الخليفة و عيسي بن جعفر و جعفر بن يحيي بالمدينة و قد جاؤا الي قبر النبي صلي الله عليه و آله فقال هارون لابي الحسن عليه السلام: تقدم فابي فتقدم هارون فسلم و قام ناحية فقال: عيسي بن جعفر لابي الحسن عليه السلام تقدم فابي فتقدم عيسي بن جعفر فسلم و وقف مع هارون.

فقال جعفر لابي الحسن عليه السلام: تقدم فابي فتقدم جعفر فسلم و وقف مع هارون و تقدم ابوالحسن عليه السلام فقال: السلام عليك يا ابة اسئل الله الذي اصطفاك و اجتباك و هداك و هدي بك ان يصلي عليك فقال هارون لعيسي: سمعت ما قال قال: نعم فقال هارون الشهد انه ابوه حقا [27] .

29 - روي ابن طاووس رحمة الله عليه باسناد الصحيح عن عبدالله بن مالك الخزاعي، قال دعاني هارون الرشيد فقال عبدالله كيف انت و موضع السر منك فقلت: يا أميرالمؤمنين ما انا الا عبد من عبيدك فقال: امض الي تلك الحجرة و خذ من فيها و احتفظ به الي ان اسئلك عنه فقال: دخلت فوجدت موسي بن جعفر عليه السلام فلما رآني سلمت عليه و حملته علي دابتي الي منزلي فادخلته داري و جعلته مع حرمي و اقفلت عليه و المفتاح معي و كنت اتولي خدمته و مضت الايام فلم اشعر الا برسول الرشيد يقول اجب أميرالمؤمنين.

فنهضت و دخلت عليه و هو جالس و عن يمينه فراش و عن يساره فراش فسلمت عليه فلم يرد غير انه قال: ما فعلت بالوديعة فكاني لم افهم ما قال فقال: ما فعل صاحبك فقلت: صالح فقال: امض اليه و ادفع اليه ثلث آلاف درهم و اصرفه الي منزله و اهله



[ صفحه 92]



فقمت و هممت بالانصراف فقال: اتدري ما السبب في ذلك و ما هو؟ قلت لا يا أميرالمؤمنين قال: نمت علي الفراش الذي عن يميني في منامي قائلا يقول لي يا هارون اطلق موسي بن جعفر.

فانتبهت فقلت: لعلها لما في نفسي منه فقمت الي هذا الفراش الآخر فرأيت ذلك الشخص بعنيه و هو يقول: يا هارون أمرتك ان تطلق موسي بن جعفر فلم تفعل فانتبهت و تعوذت من الشيطان ثم قمت الي هذا الفراش الذي انا عليه و اذا بذلك الشخص بعنيه و بيده حربة كان اولها بالمشرق وآخرها بالمغرب و قد أوما الي و هو يقول.

و الله يا هارون لئن لم تطلق موسي بن جعفر لاضعن هذه الحربة في صدرك و اطلعها من ظهرك فارسلت اليك فامض فيما أمرتك به و لا تظهره الي أحد فاقتلك فانظر لنفسك قال: فرجعت الي منزل وفتحت الحجرة و دخلت علي موسي بن جعفر فوجدته قد نام في سجوده فجلست حتي استيقظ و رفع رأسه و قال: يا عبدالله افعلت ما أمرت به.

فقلت له: يا مولاي سألتك بالله و بحق جدك رسول الله هل دعوت الله عزوجل في يومك هذا بالفرج فقال: اجل اني صليت المفروضة و سجدت و عفوت في سجودي فرأيت رسول الله صلي الله عليه و آله فقال: يا موسي اتحب ان تطلق فقلت: نعم يا رسول الله صلي الله عليه و آله فقال ادع بهذا الدعاء:

«يا سابغ النعم يا دافع النقم يا باري ء النسم يا مجلي الهمم يا مغشي الظلم يا كاشف الضر و الالم يا ذا الجود و الكرم و يا سامع كل صوت يا مدرك كل فوت يا محيي العظام و هي رميم و منشئها بعد الموت صلي علي محمد و آل محمد و اجعل لي من امري فرجا و مخرجا يا ذا الجلال و الأكرام».

فلقد دعوت به و رسول الله يلقنيه حتي سمعته تقول قد استجاب الله فيك ثم قلت له: ما امرني به الرشيد و اعطيته ذلك [28] .

30- روي ابن شهرآشوب المحدث الواعظ رضوان الله عليه، عن علي بن يقطين



[ صفحه 93]



قال: استدعي الرشيد رجلا يبطل به امر ابي الحسن عليه السلام و يخجله في المجلس فانتدب له رجل معزم فلما احضرت المائدة عمل ناموسا علي الخبز فكان كلما رام خادم ابي الحسن تناول رغيف من الخبز طار من بين يديه و استقر هارون الفرح و الضحك لذلك فلم يلبث ابوالحسن ان رفع رأسه الي اسد مصور علي بعض الستور فقال له: يا اسد الله خذ عدو الله.

قال: فوثب تلك الصورة كاعظم ما يكون من السباع فافترس ذلك المعزم فخر هارون و ندماؤه علي وجوههم مغشيا عليهم و طارت عقولهم خوفا من هول ما رواه فلما افاقوا من ذلك بعد حين قال هارون لابي الحسن عليه السلام اسألك بحقي عليك لما سئلت الصورة ان ترد الرجل فقال: ان كان عصا موسي رد ما ابتلعه من حبال القوم و عصيهم فان هذه الصورة ترد ما ابتلعته من هذا الرجل [29] .

13 - و قال أيضا: في رواية ان الرشيد أمر حميد بن مهران الحاجب بالاستخفاف به عليه السلام فقال له: ان القوم افتتنوا بك بلا حجة فاريد ان يأكلني هذان الاسدان المصوران علي هذا المسند فاشار عليه السلام اليهما و قال: خذا عدو الله فاخذاه و اكلاه ثم قالا: و ما الامر أناخذ الرشيد قال: لا عودا الي مكانكما.



و له المغجر الذي بهر الخلق

باهلاكها لذي كان يسحر



حين قال افترسه يا اسدالله

و اومي الي هزبر مصور



فسعي نحوه و مد اليه

باع ليث عند الفريسة قسور



ثم غابا عن العيون جميعا

بعد اكل اللعين و الخلق حضر [30] .

32 - روي ايضا عن علي بن ابي حمزة قال: كان يتقدم الرشيد الي خدمه اذا خرج موسي بن جعفر من عنده ان يقتلوه فكانوا يهمون به فيتداخلهم من الهيبة و الزمع فلما طال ذلك امر بتمثال من خشب و جعل له وجها مثل موسي بن جعفر و كانوا اذا سكروا امرهم ان يذبحوه بالسكاكين فكانوا يفعلون ذلك أبدا فلما كان في بعض الايام جمعهم في



[ صفحه 94]



الموضع و هم سكاري و اخرج سيدي اليهم.

فلما بصروا به هموا به علي رسم الصورة فلما علم منهم ما يريدون كلمهم بالخزرية و التركية فرموا من أيديهم السكاكين و وثبوا الي قدميه فقبلوها و تضرعوا اليه و تبعوه الي ان شيعوه الي المنزل الذي كان ينزل فيه فسئلهم الترجمان عن حالهم فقالوا: ان هذا الرجل يصير الينا في كل عام فيقضي احكامنا و يرضي بعضنا من بعض و نستسقي به اذا قحط بلدنا و اذا نزلت بنا نازلة فزعنا اليه فعاهدهم انه لا يأمرهم بذلك فرجعوا [31] .

33 - روي أيضا عن خالد السمان في خبر انه دعا الرشيد رجلا يقال له علي بن صالح الطالقاني و قال له: انت الذي تقول ان السحاب حملتك من بلد الصين الي طالقان فقال: نعم قال: فحدثنا كيف كان قال: كسر مركبي في لجج البحر فبقيت ثلاثة أيام علي لوح تضربني الامواج فالقتني الامواج الي البر فاذا انا بانهار و اشجار فنمت تحت ظل شجرة.

فبينا انا نائم اذ سمعت صوتا هائلا فانتبهت فزعا مذعورا فاذا انا بدابتين يقتتلان علي هيئة الفرس لا احسن ان اصفهما فلما بصرا بي دخلتا في البحر فبينما انا كذلك اذا رأيت طائرا عظيم الخلق فوقع قريبا مني يقرب كهف في جبل فقمت مستترا بالشجر حتي دنوت منه لا تامله فلما رأني طار و جعلت اقفو اثره.

فلما قمت بقرب الكهف سمعت تسبيحا و تهليلا و تكبيرا و تلاوة قرآن فدنوت من الكهف فناداني مناد من الكهف ادخل يا علي بن صالح الطالقاني رحمك الله فدخلت و سلمت فاذا رجل فخم ضخم غليظ الكراديس عظيم الجثة انزع اغين، فرد علي السلام و قال:

يا علي بن صالح الطالقاني انت من معدن الكنوز لقد اقمت ممتحنا بالجوع و العطش و الخوف لولا ان الله رحمك في هذا اليوم فانجاك و سقاك شرابا طيبا و لقد علمت الساعة التي ركبت فيها و كم اقمت في البحر و حين كسر بك المركب و كم لبثت تضربك



[ صفحه 95]



الامواج و ما هممت به من طرح نفسك في البحر لتموت اختيارا للموت لعظيم ما نزل بك و الساعة التي نجوت فيها و رؤيتك لما رأيت من الصورتين الحسنتين و اتباعك للطائر الذي رأيته واقعا.

فلما راك صعد طائر الي السماء فهلم فاقعد رحمك الله. فلما سمعت كلامه قلت: سئلتك بالله من اعلمك بحالي؟ فقال: عالم الغيب و الشهادة و الذي يراك حين تقوم و تقلبك في الساجدين ثم قال: انت جائع فتكلم بكلام تململت به شفتاه فاذا بمائدة عليها منديل فكشفه و قال: هلم الي ما رزقك الله فكل.

فاكلت طعاما ما رأيت اطيب منه ثم سقاني ماء ما رأيت ألذ منه و لا اعذب ثم صلي ركعتين ثم قال: يا علي اتحب الرجوع الي بلدك فقلت: و من لي بذلك فقال: و كرامة لاوليائنا ان نفعل بهم ذلك ثم دعا بدعوات و رفع يده الي السماء و قال: الساعة الساعة فاذا سحاب قد اظلت باب الكهف قطعا قطعا و كلما وافت سحابة قالت سلام عليك يا ولي الله و حجته.

فيقول: و عليك السلام و رحمة الله و بركاته ايتها السحابة السامعة المطيعة ثم يقول لها: اين تريدين فتقول: ارض كذا فيقول: لرحمة او سخط فتقول: لرحمة أو سخط و تمضي حتي جائت سحابة حسنة مضيئة فقالت: السلام عليك يا ولي الله و حجته قال: و عليك السلام ايتها السحابة السامعة المطيعة اين تريدين فقالت: ارض طالقان فقال: لرحمة أو سخط فقالت: لرحمة.

فقال لها: احملي ما حملت مودعا في الله فقال: سمعا و طاعة قال لها: فاستقري باذن الله علي وجه الارض فاستقرت فاخذ بعض عضدي فاجلسني عليها فعند ذلك قلت له: سئلتك بالله العظيم و بحق محمد خاتم النبيين و علي سيد الوصيين و الائمة الطاهرين من انت فقد أعطيت و الله أمر عظيما.

فقال: ويحك يا علي بن صالح ان الله لا يخلي ارضه من حجته طرفة عين اما باطن و اما ظاهر، انا حجة الله الظاهرة و حجته الباطنة انا حجة الله يوم الوقت المعلوم و انا المودي الناطق عن الرسول، انا في وقتي هذا موسي بن جعفر. فذكرت امامته و امامة ابائه و أمر



[ صفحه 96]



السحاب بالطيران فطارت و الله ما وجدت ألما ولا فزعت فما كان باسرع من طرفة العين حتي القتني بالطالقان في شارعي الذي فيه اهلي و عقاري سالما في عافية فقتله الرشيد و قال: لا يسمع بهذا أحدا [32] .

34 - روي ايضا عن عمرو بن وافد: ان الرشيد وضع في صينية عشرين رطبة و اخذ سلكا ففركه في السم و ادخله في سم الخياط و اخذ رطبة منها فاقبل يرود عليها اليها في ذلك السم حتي حصل فيها و قال الخادم احمل هذه الصينية الي موسي بن جعفر و قل له اني اذخرتها لك بيدي بحقي لا تبق منها شيئا و لا تطعم منها أحدا فاتاه بها الخادم فكان يأكل بالخلال و كان للرشيد كلبة تغر عليه فجذبت نفسها و خرجت تجر سلاسلها من ذهب وجوهرتي حاذت موسي بن جعفر.

فبادر باخللال الي الرطبة المسمومة و رمي بها الي الكلبة فاكلتها و لم تلبث ان ضربت نفسها الارض و عوت و تهرث قطعة قطعة و استوفي عليه السلام باقي الرطب فاخبر الخادم الرشيد بذلك فقال ما ربحنا من موسي الا ان اطعمناه الرطب و ضيعنا سمنا و قتل كلبنا منا في موسي حيلة [33] .

35 - قال رحمه الله: و حكي أنه مغص بعض الخلفاء فعجز نجتشوع النصراني عن دوائه و اخذ جليدا فاذا به بدواء ثم اخذ ماء و عقده بدواء و قال: هذا الطب الا ان يكون مستجاب دعاء ذا منزلة عند الله يدعو لك فقال الخليفة: علي بموسي بن جعفر فأتي به فسمع في الطريق انينه فدعا الله سبحانه و زال مغص الخليفة فقال له: بحق جدك المصطفي ان تقول بم دعوت لي فقال عليه السلام قلت: اللهم كما أريته ذل معصيته فاره عز طاعتي فشفاه الله من ساعته [34] .

36 - قال رضوان الله عليه: و لما امر هارون موسي بن جعفر عليه السلام ان يحمل اليه ادخل عليه و علي بن يقطين علي رأسه متوكي ء علي سيفه فجعل يلاحظ موسي عليه السلام ليأمره فيضرب به هارون ففطن له هارون فقال: قد رأيت ذلك فقال:



[ صفحه 97]



يا أميرالمؤمنين سللت من سيفي شبرا رجاء ان تأمرني فيه بامرك فنجا منه بهذه المقالة [35] .

37 - عنه يقال ان بعض الاسباب في اخذه عليه السلام ان الرشيد جعل ابنه في حجر جعفر بن محمد الاشعث و كان يقول بالامامة فحسده يحيي البرمكي حتي داخله فآنس به و كان يكثر غشيانه في منزله و يقف علي أمره و يرفعه الي الرشيد ثم قال يوما لبعض ثقاته تعرفون طالبيا معدما يعرفني ما يحتاج اليه فدل علي علي بن اسماعيل بن جعفر بن محمد عليهم السلام فحمل اليه يحيي مالا و كان موسي عليه السلام يبر علي بن اسماعيل و يصله.

ثم انفذ اليه يحيي يرغبه في قصد الرشيد فدعاه موسي عليه السلام فقال له: الي اين يا ابن الاخ فقال: الي بغداد فقال: و ما تصنع قال: علي دين و انا مملق منه قال: انا اقضي دينك و اصنع فلم يلتفت الي ذلك فاستدعاه ابوالحسن فقال له: انت خارج انظر يابن اخي و اتق الله و لا تؤتم اولادي و أمر له بثلثماة دينار و اربعة آلاف درهم فلما قام من بين يديه قال: و الله ليسعين في دمي و يؤتمن أولادي.

فقالوا: فتعطيه و تصله قال: نعم حدثني ابي عن آبائه عن رسول الله صلي الله عليه و آله ان الرحم اذا قطعت فوصلت قطعها الله قالوا فلما أتي علي الي يحيي رفعه الي الرشيد فسئله عن عمه فسعي به فقال: ان الاموال تحمل اليه من الافاق و انه اشتري ضيعة سماها اليسيرة بثلاثين الف دينار فقال له: صاحبها و قد احضر المال اني اريد نقد كذا فاعطاه ذلك فسمع ذلك منه الرشيد فأمر له بمأتي الف درهم تسبيبا علي النواحي.

فاختار بعض كورا لمشرق فلما أتي بها زحر زحرة خرجت عنه حشاشته كلها فسقط فقال: ما اصنع بالمال و انا في الموت ثم انه زوال ملك البرامكة و اجتث أصلهم [36] .

38 - عنه عن عبدالله بن المغيرة قال: مر العبد الصالح عليه السلام بامرأته يمنية تبكي و صبيانها حولها يبكون و قد ماتت بقرة لها فدنا منها فقال: ما يبكيك يا امة الله فقالت:



[ صفحه 98]



يا عبدالله ان لي صبية ايتاما و كان لي بقرة و كانت معيشتي و معيشة صبياني منها فقد ماتت و بقيت و منقطعة بي و بولدي لا حيلة لها فتنحي عليه السلام فصلي ركعتين.

ثم رفع يده و قلب يمينه و حرك شفيته ثم قام فمر بالبقرة فنخسها نخسا أو صدمها برجله فاستوت علي الارض قائمة فلما نظرت المرأة الي البقرة قد قامت قالت عيسي بن مريم و رب الكعبة فخالط الناس و مضي صلي الله عليه [37] .

39 - قال الاربلي: حدث احمد بن اسماعيل: قال: بعث موسي بن جعفر عليهماالسلام الي الرشيد من الحبس برسالة كانت أنه لن ينقضي عني يوم من البلاء الا انقضي عنك معه يوم من الرخا حتي نقضي جميعا الي يوم ليس له انقضاء، يخسر فيه المبطلون [38] .

40 - قال ابوالفرج الاصفهاني: حدثني احمد بن عبيدالله بن عمار، قال: حدثنا علي بن محمد النوفلي عن أبيه و حدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثني يحيي بن الحسن العلوي، و حدثني غيرهما ببعض قصته، فجمعت ذلك بعضه الي بعض.

قالوا: كان السبب في اخذ موسي بن جعفر ان الرشيد جعل ابنه محمدا في حجر جعفر بن محمد بن الأشعث، فحسده يحيي بن خالد بن برمك علي ذلك و قال: ان افضت الخلافة اليه زالت دولتي و دولة ولدي. فاحتال علي جعفر بن محمد، و كان يقول بالامامة، حتي داخله و آنس به، و اسر اليه، و كان يكثر غشيانه في منزله فيقف علي امره و يرفعه الي الرشيد و يزيد عليه في ذلك بما يقدح في قلبه.

ثم قال يوما لبعض ثقاته: اتعرفون لي رجلا من آل أبي طالب ليس بواسع الحال يعرفني ما احتاج اليه من اخبار موسي بن جعفر؟ فدل علي علي بن اسماعيل بن جعفر بن محمد، فحمل اليه يحيي بن خالد البرمكي مالا، و كان موسي يأنس اليه و يصله و ربما افضي اليه بأسراره، فما طلب ليشخص به احس موسي بذلك، فدعاه! الي اين يابن أخي؟ قال: الي بغداد قال: علي دين و انا مملق.

قال: فأنا اقضي دينك و افعل بك و اصنع، فلم يلتفت الي ذلك، فعمل علي



[ صفحه 99]



الخروج، فاستدعاه ابوالحسن موسي فقال له: انت خارج؟ فقال له: نعم لابد لي من ذلك فقال له: انظر يابن اخي واتق الله لا تؤتم اولادي! و أمر له بثلاثمائة دينار، و اربعة آلاف درهم.

قالوا: فخرج علي بن اسماعيل حتي أتي يحيي بن خالد البرمكي، فتعرف منه خبر موسي بن جعفر، فعرفه الي الرشيد و زاد فيه، ثم اوصله الي الرشيد فسأله عن عمه فسعي به اليه، فعرف يحيي جميع خبره و زاد عليه و قال له: ان الأموال تحمل اليه من المشرق و المغرب، و ان له بيوت أموال، و انه اشتري ضيعة بثلاثين الف دينار فسماها اليسيرة، و قال له صاحبها و قد احضره المال: لا آخذ هذا النقد و لا آخذ الا نقدا كذا و كذا.

فأمر بذلك المال فرد و اعطاه ثلاثين الف دينار من النقد الذي سأل بعينه، فسمع ذلك منه الرشيد و أمر له بمائتي الف درهم نسبت له علي بعض النواحي، فاختار كور المشرق، و مضت رسله لقبض المال. و دخل هو في بعض الأيام الي الخلاء فزحر زحرة فخرجت حشوته كلها فسقطت، و جهدوا في ردها فلم يقدروا، فوقع لما به، و جاءه المال و هو ينزع فقال: و ما اصنع به و انا أموت؟! [39] .

41 - عنه قال: حج الرشيد في تلك السنة فبدأ بقبر النبي صلي الله عليه و آله فقال: يا رسول الله اني اعتذر اليك من شي ء اريد أن افعله أريد أن احبس موسي بن جعفر، فانه يريد التشتت بين امتك و سفك دمائها. ثم أمر به فأخذ من المسجد فأدخل اليه فقيده، و اخرج من داره بغلان عليهما قبتان مغطاتان هو في احديهما، و وجه مع كل واحد منهما خيلا، فأخذوا بواحدة علي طريق البصرة، و الأخري علي طريق الكوفة، ليعمي علي الناس امره.

و كان موسي في التي مضت الي البصرة، فأمر الرسول أن يسلمه الي عيسي بن جعفر بن المنصور، و كان علي البصرة حينئذ فمضي به، فحبسه عنده سنة ثم كتب الي الرشيد: ان خذه مني و سلمه لي من شئت، و لا خليت سبيله فقد اجتهدت ان آخذ عليه حجة



[ صفحه 100]



فما أقدر علي ذلك، حتي اني لأ تسمع عليه اذا دعا لعله يدعو علي أو عليك فما اسمعه يدعو الا لنفسه، يسأل الله الرحمة و المغفرة.

فوجه من تسلمه منه، و حبسه عند الفضل بن الربيع ببغداد، فبقي عنده مدة طويلة، و اراده الرشيد علي شي ء من امره فأبي، فكتب اليه ليسلمه الي الفضل بن يحيي، فتسلمه منه، و أراد ذلك منه فلم يفعله، و بلغه انه عنده في رفاهية وسعة ودعة، و هو حينئذ بالرقة، فأنفذ مسرورا الخادم الي بغداد علي البريد، و أمره أن يدخل من فوره الي موسي فيعرف خبره.

فان كان الأمر علي ما بلغه اوصل كتابا منه الي العباس بن محمد و امره بامتثاله، و اوصل كتابا منه الي السندي بن شاهك يأمره بطاعة العباس بن محمد. فقدم مسرور فنزل دار الفضل بن يحيي لا يدري احد ما يريد، ثم دخل علي موسي فوجده علي ما بلغ الرشيد، فمضي من فوره الي العباس بن محمد و السندي بن شاهك.

فأوصل الكتابين اليهما، فلم يلبث الناس ان خرج الرسول يركض ركضا الي الفضل بن يحيي، فركب معه و خرج مشدوها دهشا حتي دخل علي العباس فدعا العباس بالسياط و عقابين، فوجه بذلك اليه السندي، فأمر بالفضل فجرد ثم ضربه مائة سوط، و خرج متغير اللون بخلاف ما دخل، فذهبت قوته فجعل يسلم علي الناس يمينا و شمالا [40] .

42 - قال المسعودي: ذكر عبدالله بن مالك الخزاعي - و كان علي دار الرشيد و شرطته - قال: أتاني رسول الرشيد في وقت ما جاءني فيه قط، فانتزعني من موضعي، و منعني من تغيير ثيابي، فراعني ذلك [منه] فلما صرت الي الدار سبقني الخادم، فعرف الرشيد خبري، فأذن لي في الدخول [عليه]، فدخلت، فوجدته قاعدا علي فراشه؛ فسلمت فسكت ساعة، فطار عقلي و تضاعف الجزع [علي].

ثم قال لي: يا عبدالله ، أتدري لم طلبتك في هذا الوقت؟ قلت: لا و الله يا أمير



[ صفحه 101]



المؤمنين، قال: اني رأيت الساعة في منامي كأن جيشا قد أتاني و معه حربة فقال [لي]: ان لم تخل عن موسي بن جعفر الساعة و الا نحرتك بهذه الحربة، فاذهب فخل عنه، فقلت: يا أميرالمؤمنين، أطلق موسي بن جعفر؟ ثلاثا، قال: نعم امض الساعة حتي تطلق موسي بن جعفر و اعطه ثلاثين ألف درهم، و قل له: ان أحببت المقام قبلنا فلك عندي ما تحب و ان أحببت المضي الي المدينة فالاذن في ذلك اليك.

قال: فمضيت الي الحبس لأخرجه، فلما رآني موسي وثب الي قائما و ظن أني قد أمرت فيه بمكروه. فقلت: لا تخف، و قد أمرني أميرالمؤمنين باطلاقك، و أن أدفع اليك ثلاثين ألف درهم و هو يقول لك: ان أحببت المقام فلك ما تحب، و ان أحببت الانصراف [الي المدينة] فالأمر في ذلك مطلق اليك. و أعطيته الثلاثين ألف درهم، و خليت سبيله، و قلت: لقد رأيت من أمرك عجبا.

قال: فاني أخبرك: بينما أنا نائم اذ أتاني النبي صلي الله عليه و آله و سلم فقال: يا موسي، حبست مظلوما فقل هذه الكلمات فانك لا تبيت هذه الليلة في الحبس، فقلت: بأبي و أمي ما أقول؟ فقال: قل يا سامع كل صوت، و يا سابق الفوت، و يا كاسي العظام لحما و منشرها بعد الموت، أسألك بأسمائك الحسني و باسمك الأعظم الأكبر المخزون المكنون الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين، يا حليما ذا أناة لا يقوي علي أناته، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا، و لا يحصي عددا، فرج عني، فكان ما تري [41] .

43 - قال الخطيب البغدادي: أخبرنا الجوهري، حدثنا محمد بن عمران المرزباني، حدثنا عبد الواحد بن محمد الخصيبي، حدثني محمد بن اسماعيل، قال: بعث موسي بن جعفر الي الرشيد من الحبس رسالة كانت: انه لن ينقضي عني يوم من البلاء الا انقضي عنك معه يوم من الرخاء حتي نقضي جميعا الي يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون [42] .

44 - قال ابن خلكان: أقام بالمدينة الي ايام هارون الرشيد فقدم هارون من عمرة



[ صفحه 102]



شهر رمضان سنة تسع و سبعين و مائة فحمل موسي معه الي بغداد و حبسه بها الي ان توفي في محبسه [43] .

45 - قال ابن الاثير: و كان سبب حبسه أن الرشيد اعتمر في شهر رمضان من سنة تسع و سبعين و مائة، فلما عاد الي المدينة، علي ساكنها السلام، دخل الي قبر النبي صلي الله عليه و آله، يزوره، و معه الناس، فلما انتهي الي القبر وقف فقال: السلام عليك يا رسول الله، يا ابن عم، افتخارا علي من حوله.

فدنا موسي بن جعفر فقال: السلام عليك يا أبة، فتغير وجه الرشيد و قال: هذا الفخريا أباالحسن جدا؛ ثم أخذه معه الي العراق، فحبسه عند السندي بن شاهك، و تولت حبسه أخت السندي بن شاهك، و كانت تتدين.

فحكت عنه أنه كان اذا صلي العتمة حمد الله و مجده و دعاه الي أن يزول الليل، ثم يقوم فيصلي، حتي يصلي الصبح، ثم يذكر الله تعالي حتي تطلع الشمس، ثم يقعد الي ارتفاع الضحي، ثم يرقد، و يستيقظ قبل الزوال، ثم يتوضأ و يصلي، حتي يصلي العصر، ثم يذكر الله، حتي يصلي المغرب، ثم يصلي ما بين المغرب و العتمة، فكان هذا دأبه الي أن مات.

و كانت اذا رأته قالت: خاب قوم تعرضوا لهذا الرجل الصالح! و كان يلقب الكاظم لأنه كان يحسن الي من يسي ء اليه، كان هذا عادته أبدا، و لما كان محبوسا بعث الي الرشيد برسالة أنه لن ينقضي عني يوم من البلاء الا ينقضي عنك معه يوم من الرخاء، حتي ينقضيا جميعا الي يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون [44] .

46 - قال اليافعي في حوادث سنة ثلاث و ثمانين و مائة: و روي ان هارون لما زار النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال: السلام عليك يا ابن عم مفتخرا بذلك فقال موسي الكاظم: السلام عليك يا ابة فتغير وجه هارون.

و روي أن هارون الرشيد قال رأيت في المنام كان حسينا قد أتاني و معه حربة و قال



[ صفحه 103]



ان خليت عن موسي بن جعفر الساعة و الا نحرتك بهذه الحربة فاذهب فخل عنه و اعطه ثلاثين الف درهم و قل له ان احببت المقام قبلنا فلك ما تحب و ان احببت المضي الي المدينة الاذن في ذلك لك فلما أتاه و أعطاه ما أمره به.

قال له موسي الكاظم: رأيت في منامي ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أتاني فقال: يا موسي حبست مظلوما فقل هذه الكلمات فانك لا تبيت هذه الليلة في الحبس فقلت بابي و امي ما أقول قال لي قل: يا سامع كل صوت، و يا سابق الفوت، و يا كاسي العظام لحما و يا منشرها بعد الموت، أسألك باسمائك الحسني و باسمك الأعظم الاكبر المخزون المكنون الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين يا حليما ذا اناة لا يقوي علي اناءته يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا و لا يحصي عددا فرج عني.

له اخبار شهيرة و نوادر كثيرة [45] .



[ صفحه 104]




پاورقي

[1] الكافي: 4 / 553.

[2] قرب الاسناد: 126 و الحديث مجهول مرسل لا اعتبار له.

[3] عيون الاخبار: 1 / 69.

[4] عيون الاخبار: 1 / 72.

[5] عيون الاخبار: 1 / 73.

[6] عيون الاخبار: 1 / 73.

[7] عيون الاخبار: 76 / 1.

[8] عيون الاخبار: 1 / 85.

[9] عيون الاخبار: 1 / 88.

[10] عيون الاخبار: 1 / 93.

[11] عيون الاخبار: 1 / 95.

[12] العيون: 1 / 292.

[13] امالي الصدوق: 90.

[14] امالي الصدوق: 226.

[15] امالي الصدوق: 304.

[16] الاختصاص: 59.

[17] الاختصاص: 197.

[18] الاختصاص: 262.

[19] تفسير العياشي: 2 / 230.

[20] الارشاد: 274.

[21] الارشاد: 275.

[22] الارشاد: 280.

[23] الاحتجاج: 2 / 165.

[24] الاحتجاج: 2 / 167.

[25] الثاقب في المناقب: 178.

[26] روضة الواعظين: 184.

[27] كامل الزيارات: 18.

[28] مهج الدعوات: 245.

[29] المناقب: 2 / 364.

[30] المناقب: 2 / 365.

[31] المناقب: 2 / 365.

[32] مناقب آل ابي طالب: 2 / 366.

[33] المناقب: 2 / 368.

[34] المناقب: 2 / 369.

[35] المناقب: 2 / 370.

[36] المناقب: 2 / 371.

[37] المناقب: 2 / 371.

[38] كشف الغمة: 2 / 218.

[39] مقاتل الطالبين: 333.

[40] مقاتل: 334.

[41] مروج الذهب: 3 / 356.

[42] تاريخ بغداد: 13 / 31.

[43] وفيات الاعيان: 4 / 394.

[44] كامل التواريخ: 6 / 164.

[45] مرآت الجنان: 1 / 395.