بازگشت

شهادته


1 - أبوالعباس الحميري، عن محمد بن عيسي عن الحسن بن محمد بن يسار قال: حدثني شيخ من أهل قطعة الربيع من العامة ممن كان يقبل منه قال قال لي: قد رأيت بعض من يقولون بفضله من أهل هذا البيت فما رأيت مثله قط في نسكه و فضله قال قلت: من و كيف رأيته قال: جمعنا ايام السندي بن شاهك من الوجوه من ينسب الي الخير فادخلنا علي موسي بن جعفر عليه السلام.

فقال لنا السندي: يا هؤلاء انظروا الي هذا الرجل هل حدث فيه حدث فان الناس يزعمون انه قد فعل به و يكثرون في ذلك و هذا منزله و فرشه موسع عليه غير مضيق و لم يرد به أميرالمؤمنين شرا و انما ينتظر به ان يقدم فيناظره أميرالمؤمنين و ها هو ذا صحيح موسع في جميع أمره فسئلوه فقال: و نحن ليس لنا هم الا النظر الي الرجل و الي فضله و سمته.

فقال: اما ما ذكر من التوسعة و ما اشبه ذلك فهو علي ما ذكره غير اني اخبركم أيها النفراني قد سقيت السم في سبع تمرات و اني اخضر غدا و بعد غد موت فنظرت الي السندي بن شاهك يرتعد و يضطرب مثل السعفة قال الحسن: و ان هذا الشيخ من خيار العامة شيخ صدوق مقبول القول ثقة ثقة جدا عند الناس [1] .

2 - الكليني رحمة الله عليه، عن سعد بن عبدالله و عبدالله بن جعفر جميعا، عن ابراهيم بن مهزيار، عن اخيه علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن ابي بصير قال: قبض موسي بن جعفر عليهماالسلام و هو ابن اربع و خمسين سنة في عام ثلاث و ثمانين و مائة، و عاش بعد جعفر عليه السلام خمسا



[ صفحه 105]



و ثلاثين سنة [2] .

3 - عنه، عن الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، عن علي بن أسباط قال: قلت للرضا عليه السلام: ان رجلا عني أخاك ابراهيم ، فذكر له أن أباك في الحياة، و أنك تعلم من ذلك ما يعلم، فقال: سبحانه الله يموت رسول الله صلي الله عليه و آله و لا يموت موسي عليه السلام قد و الله مضي كما مضي رسول الله صلي الله عليه و آله و لكن الله تبارك و تعالي لم يزل منذ قبض نبيه صلي الله عليه و آله هلم جرا يمن بهذا الدين علي أولاد الأعاجم و يصرفه عن قرابة نبيه صلي الله عليه و آله هلم جرا فيعطي هؤلاء و يمنع هؤلاء، لقد قضيت عنه في هلال ذي الحجة ألف دينار بعد أن أشفي علي طلاق نسائه و عتق مماليكه و لكن قد سمعت ما لقي يوسف من اخوته [3] .

4 - عنه، عن الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، عن الوشاء قال: قلت أبي الحسن عليه السلام: انهم رووا عنك في موت أبي الحسن عليه السلام أن رجلا قال لك: علمت ذلك بقول سعيد، فقال: جاء سعيد بعد ما علمت به قبل مجيئه، قال: و سمعته يقول طلقت أم فروة بنت اسحاق في رجب بعد موت أبي الحسن بيوم، قلت: طلقتها و قد علمت بموت أبي الحسن؟ قال: نعم، قلت: قبل أن يقدم عليك سعيد؟ قال: نعم [4] .

5 - عنه، عن محمد بن يحيي، عن محمد بن الحسين، عن صفوان قال: قلت للرضا عليه السلام: أخبرني عن الامام متي يعلم أنه امام؟ حين يبلغه أن صاحبه قد مضي أو حين يمضي؟ مثل أبي الحسن قبض ببغداد و أنت ههنا، قال: قال: يعلم ذلك حين يمضي صاحبه، قلت: بأبي شي ء؟ قال: يلهمه الله. [5] .

6 - عنه، عن علي بن ابراهيم، عن محمد بن عيسي، عن أبي الفضل الشهباني، عن هارون بن الفضل قال: رأيت أباالحسن علي بن محمد في اليوم الذي توفي فيه أبوجعفر عليه السلام فقال: انا لله و انا اليه راجعون، مضي أبوجعفر عليه السلام، فقيل له:



[ صفحه 106]



و كيف عرفت؟ قال: لأنه تداخلني ذلة لله لم أكن أعرفها [6] .

7 - عنه عن علي بن ابراهيم، عن محمد بن عيسي، عن مسافر قال: أمر أبوابراهيم عليه السلام - حين أخرج به - أباالحسن عليه السلام أن ينام علي بابه في كل ليلة أبدا ما كان حيا الي أن يأتيه خبره قال: فكنا في كل ليلة نفرش لأبي الحسن في الدهليز، ثم يأتي بعد العشاء فينام فاذا أصبح انصرف الي منزله، قال: فمكث علي هذه الحال أربع سنين.

فلما كان ليلة من الليالي أبطأ عنا و فرش له فلم يأت كما كان يأتي، فاستوحش العيال و ذعروا و دخلنا أمر عظيم من ابطائه، فلما كان من الغد أتي الدار و دخل الي العيال و قصد الي أم أحمد فقال لها: هات التي أودعك أبي، فصرخت و لطمت وجهها و شقت جيبها و قالت: مات و الله سيدي، فكفها و قال لها: لا تكلمي بشي ء و لا تظهريه، حتي يجيي ء الخبر الي الوالي.

فأخرجت اليه سفطا و ألفي دينار أو أربعة آلاف دينار، فدفعت ذلك أجمع اليه دون غيره و قالت: انه قال لي فيما بيني و بينه و كانت أثيرة عنده: احتفظي بهذه الوديعة عندك، لا تطلعي عليها أحدا حتي أموت، فاذا مضيت فمن أتاك من ولدي فطلبها منك، فادفعيها اليه و اعلمي أني قد مت و قد جاءني و الله علامة سيدي.

فقبض ذلك منها و أمرهم بالامساك جميعا الي أن ورد الخبر، و انصرف فلم يعد لشي ء من المبيت كما كان يفعل، فما لبثنا الا أياما يسيرة حتي جاءت الخريطة بنعيه فعددنا الأيام و تفقدنا الوقت فاذا هو قد مات في الوقت الذي فعل أبوالحسن عليه السلام ما فعل، من تخلفه عن المبيت و قبضه لما قبض [7] .

8 - قال الصدوق: و روي ان السندي بن شاهك قال لابي الحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام: احب ان تدعني ان اكفنك، فقال: انا أهل بيت حج صرورتنا و مهور نسائنا و اكفاننا من طهور أموالنا [8] .



[ صفحه 107]



9 - عنه قال: فمما روي في وفاة موسي بن جعفر عليهماالسلام ما حدثني به محمد بن ابراهيم بن اسحاق - رضي الله عنه - قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن عمار ، قال: حدثني الحسن بن محمد القطعي، عن الحسن بن علي النخاس العدل عن الحسن بن عبدالواحد الخزاز، عن علي بن جعفر، عن عمر بن واقد قال: أرسل الي السندي بن شاهك في بعض الليل و أنا ببغداد فاستحضرني فخشيت أن يكون ذلك لسوء يريده بي، فأوصيت عيالي بما احتجت اليه و قلت: انا لله و انا اليه راجعون، ثم ركبت اليه.

فلما رآني مقبلا قال: يا أباحفص لعلنا أرعبناك و أفزعناك، قلت: نعم قال: فليس ههنا الآ خير، قلت: فرسول تبعثه الي منزلي يخبرهم خبري؟ فقال: نعم ثم قال: يا أباحفص أتدري لم أرسلت اليك؟ فقلت: لا فقال: أتعرف موسي بن جعفر؟ فقلت: اي والله اني لأعرفه و بيني و بينه صداقة منذ دهر، فقال: من ههنا ببغداد يعرفه ممن يقبل قوله؟ فسميت له أقواما و وقع في نفسي أنه عليه السلام قد مات.

قال: فبعث اليهم و جاء بهم كما جاء بي، فقال: هل تعرفون قوما يعرفون موسي بن جعفر؟ فسموا له قوما، فجاء بهم، فأصبحنا و نحن في الدار نيف و خمسون رجلا ممن يعرف موسي و قد صحبه، قال: ثم قام و دخل وصلينا، فخرج كاتبه و معه طومار فكتب أسماءنا و منازلنا و أعمالنا و خلانا، ثم دخل الي السندي، قال: فخرج السندي فضرب يده الي فقال:

قم يا أباحفص، فنهضت و نهض أصحابنا و دخلنا و قال لي: يا أباحفص اكشف الثوب عن وجه موسي بن جعفر، فكشفته فرأيته ميتا فبكيت و استرجعت، ثم قال للقوم: انظروا اليه، فدنا واحد بعد واحد فنظروا اليه ثم قال: تشهدون كلكم أن هذا موسي بن جعفر بن محمد؟ قالوا: نعم نشهد أنه موسي بن جعفر بن محمد، ثم قال: يا غلام اطرح علي عورته منديلا و اكشفه، قال: ففعل.

فقال: أترون به أثرا تنكرونه؟ فقلنا: لا ما نري به شيئا و لا نراه الا ميتا، قال: لا تبرحوا حتي تغسلوه و أكفنه و أدفنه، قال: فلم نبرح حتي غسل و كفن و حمل فصلي عليه



[ صفحه 108]



السندي بن شاهك، و دفناه و رجعنا، فكان عمر بن واقد يقول: ما أحد هو أعلم بموسي بن جعفر عليه السلام مني، كيف تقولون: انه حي و أنا دفنته [9] .

10 - عنه قال: حدثنا عبدالواحد بن محمد العطار - رحمه الله - قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن الحسن بن عبدالله الصيرفي، عن أبيه قال: توفي موسي بن جعفر عليهماالسلام في يد السندي بن شاهك فحمل علي نعش و نودي عليه هذا امام الرافضة فاعرفوه، فلما أتي به مجلس لشرطة أقام أربعة نفر فنادوا الا من أراد أن ينظر الي الخبيث بين الخبيث موسي بن جعفر فليخرج.

فخرج سليمان بن أبي جعفر من قصره الي الشط فسمع الصياح و الضوضاء فقال لولده و غلمانه: ما هذا؟ قالوا: السندي بن شاهك ينادي علي موسي بن جعفر علي نعش، فقال لولده و غلمانه: يوشك أن يفعل به هذا في الجانب الغربي، فاذا عبر به فأنزلوا مع غلمانكم فخذوه من أيديهم فان ما نعوكم فاضربوهم و اخرقوا ما عليهم من السواد.

قال: فلما عبروا به نزلوا اليهم فأخذوه من أيديهم و ضربوهم و خرقوا عليهم سوادهم و وضعوه في مفرق أربع طرق و أقام المنادين ينادون: ألا من أراد أن ينظر الي الطيب بن الطيب موسي بن جعفر فليخرج، و حضر الخلق و غسله و حنطه بحنوط و كفنه بكفن فيه حبرة استعملت له بألفي و خمسمائة دينار، مكتوبا عليها القرآن كله، و احتفي و مشي في جنازته، متسلبا مشقوق الجيب الي مقابر قريش.

فدفنه عليه السلام هناك، و كتب بخبره الي الرشيد، فكتب الي سليمان بن أبي جعفر: وصلت رحمك يا عم و أحسن الله جزاك، و الله، ما فعل السندي بن شاهك - لعنه الله - ما فعله عن أمرنا [10] .

11 - عنه قال: حدثنا أحمد بن زياد الهمداني - رضي الله عنه - قال: حدثنا علي ابن ابراهيم عن أبيه ابراهيم بن هاشم، عن محمد بن صدقة العنبري قال: لما توفي



[ صفحه 109]



أبوابراهيم موسي بن جعفر عليهماالسلام جمع هارون الرشيد شيوخ الطالبية و بني العباس و سائر أهل المملكة و الحكام و أحضر أباابراهيم موسي بن جعفر عليهماالسلام فقال:

هذا موسي بن جعفر قد مات حتف أنفه و ما كان بيني و بينه ما استغفر الله منه في أمره يعني في قتله فانظروا اليه فدخل عليه سبعون رجلا من شيعته فنظروا الي موسي بن جعفر عليهماالسلام و ليس به أثر جراحة و لا سم و لا خنق، و كان في رجله أثر الحناء فأخذه سليمان بن أبي جعفر و تولي غسله و تكفينه و احتفي و تحسر في جنازته [11] .

12 - عنه قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور - رحمة الله - قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر عن المعلي بن محمد البصري قال: حدثني علي بن رباط قال: قلت لعلي بن موسي الرضا عليهماالسلام: ان عندنا رجلا يذكر أن أباك عليه السلام حي و أنك تعلم من ذلك ما تعلم؟ فقال عليه السلام: سبحانه الله مات رسول الله صلي الله عليه و آله، و لم يمت موسي بن جعفر؟! بلي و الله لقد مات و قسمت امواله و نكحت جواريه [12] .

13 - قال ابوجعفر الطبري الامامي: اقام مع أبيه تسعة عشر سنة و عاش بعد أبيه ايام امامته خمس و ثلاثين سنة فيها بقية ملك المنصور ثم ملك ابنه محمد المهدي عشر سنين و شهر و أيام ثم ملك ابن المهدي موسي المعروف بالهادي سنة وخمس وعشرين يوما ثم ملك هارون المعروف بالرشيد ثلاث و عشرين سنة و شهرين و تسعة و عشرين يوما و بعد ما مضي خمسة غير سنة من ملك الرشيد استشهد ولي الله في رجب سنة مائة و اربعة و ثمانين من الهجرة و صار الي كرامة الله عزوجل و قد كمل عمره اربعة و خمسين سنة و يروي سبعة و خمسين سنة.

و كان سبب وفاته ان يحيي بن خالد سمه في رطب و ريحان ارسل بهما اليه مسمومين بامر الرشيد و لما سم وجه اليه بشهود حتي يشهدون عليه بخروجه عن املاكه فلما دخلوا قال: يا فلان يا فلان سقيت السم في و مي هذا و في غد يصفار بدني و يحمار و بعد غد



[ صفحه 110]



يسود و أموت فانصرف الشهود من عنده فكان كما قال و تولي امره ابنه علي الرضا عليه السلام و دفن ببغداد بمقابر قريش في بقعة كان قبل وفاته ابتاعها لنفسه و كانت وفاته في حبس المسيب و هو المسجد الذي بباب الكوفة الذي فيه السدرة [13] .

14 - قال الصدوق: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني رضي الله عنه، قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا بمدينة السلام قال: حدثني أبوعبدالله محمد بن خليلان، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده عن عتاب بن أسيد، عن جماعة من مشايخ أهل المدينة، قالوا: لما مضي خمسة عشر سنة من ملك الرشيد الستشهد ولي الله موسي بن جعفر عليهماالسلام مسموما سمه السندي بن شاهك بأمر الرشيد في الحبس المعروف بدار المسيب بباب الكوفة و فيه السدرة.

و مضي الي رضوان الله تعالي و كرامته يوم الجمعة لخمس خلون من رجب سنة ثلاث و ثمانين و مائة من الهجرة، و قد تم عمره أربعا و خمسين سنة و تربته بمدينة السلام في الجانب الغربي بباب التبن في المقبرة المعروفة بمقابر قريش [14] .

15 - عنه قال: حدثنا تميم بن عبدالله بن تميم القرشي رضي الله عنه، قال: حدثني أبي عن أحمد بن علي الانصاري، عن سليمان بن جعفر البصري عن عمر بن واقد قال: ان هارون الرشيد لما ضاق صدره مما كان يظهر له من فضل موسي بن جعفر عليهماالسلام و ما كان يبلغه من قول الشيعة بامامته و اختلافهم في السر اليه بالليل و النهار خشية علي نفسه و ملكه، ففكر في قتله بالسم فدعا برطب و أكل منه ثم أخذ صينية.

فوضع عليها عشرين رطبة و اخذ سلكا فعركه في السم و أدخله في سم الخياط فاخذ رطبة من ذلك الرطبة فأقبل يردد اليها ذلك السم بذلك الخيط حتي قد علم أنه قد حصل السم فيها، فاستكثر منه ثم ردها في ذلك الرطب، و قال لخادم له: احمل هذه الصينية الي موسي بن جعفر، و قل له: أن أميرالمؤمنين أكل من هذا الرطب و تنغص لك ما به.



[ صفحه 111]



و هو يقسم عليك بحقه لما اكلتها عن آخر رطبة، فاني اخترتها لك بيدي و لا تتركه يبقي منها شيئا و لا تطعم منه أحدا، فأتاه بها الخادم و أبلغه الرسالة فقال: أيتني بخلال فناوله خلالا و قام بازائه و هو يأكل من الرطب و كانت للرشيد كلبة تعز عليه فجذبت نفسها و خرجت تجر سلاسلها من ذهب و جوهر حتي حاذت موسي بن جعفر عليهماالسلام فبادر بالخلال الي الرطبة المسمومة. و رمي بها الي الكلبة فاكلتها.

فلم تلبث أن ضربت بنفسها الارض و عوت و تهرت قطعة قطعة و استوفي عليه السلام باقي الرطب و حمل الغلام الصينية حتي صار بها الي الرشيد فقال له: قد أكل الرطب عن آخره، قال: نعم يا أميرالمؤمنين، قال: فكيف رأيته؟ قال: ما أنكرت منه شيئا يا أميرالمؤمنين، ثم قال: ثم ورد عليه خبر الكلبة بانها قد تهرت و ماتت، فقلق الرشيد لذلك قلقا شديدا و استعظمه و وقف علي الكلبة فوجدها متهرية بالسم فاحضر الخادم و دعا بسيف و نطع، و قال له: لتصدقني عن خبر الرطب أو لاقتلنك.

فقال له: يا أميرالمؤمنين اني حملت الرطب الي موسي بن جعفر و أبلغته سلامك و قمت بازائه و طلب مني خلالا فدفعته اليه فاقبل يغرز في الرطبة بعد الرطبة و يأكلها حتي مرت الكلبة فغرز الخلال في رطبة من ذلك الرطب فرمي بها فاكلتها الكلبة و أكل هو باقي الرطب، فكان ما تري يا أميرالمؤمنين، فقال الرشيد: ما ربحنا من موسي عليه السلام الا انا اطعمناه جيد الرطب وضيعنا سمنا و قتل كلبتنا، ما في موسي بن جعفر حيلة؟

ثم ان سيدنا موسي عليه السلام دعا بالمسيب و ذلك قبل وفاته بثلاثة ايام و كان موكلا به فقال له: يا مسيب، قال: لبيك يا مولاي، قال: اني ظاعن في هذه الليلة الي المدينة مدينة جدي رسول الله صلي الله عليه و آله لا عهد الي علي ابني ما عهده الي أبي و أجعله وصيي و خليفتي و آمره أمري، قال المسيب: فقلت: يا مولاي كيف تأمرني أن أفتح لك الأبواب واقفا لها و الحرس معي علي الابواب؟!

فقال: يا مسيب ضعف يقينك بالله عزوجل وفينا قلت: لا يا سيدي، قال: فمه، قلت: يا سيدي أدع الله أن يثبتني، فقال: اللهم ثبته ثم قال: اني أدعو الله عزوجل باسمه العظيم الذي دعا آصف حتي جاء بسرير بلقيس و وضعه بين يدي سليمان قبل



[ صفحه 112]



ارتداد طرفه اليه حتي يجمع بيني و بين ابني علي بالمدينة.

قال المسيب: فسمعته عليه السلام يدعو ففقدته عن مصلاه، فلم أزل قائما ما علي قدمي حتي رأيته قد عاد الي مكانه و أعاد الحديد الي رجليه فخررت لله ساجدا لوجهي شكرا علي ما أنعم به علي من معرفته، فقال لي: ارفع رأسك يا مسيب و اعلم اني راحل الي الله عزوجل في ثالث هذا اليوم، قال: فبكيت، فقال لي: يا مسيب فان عليا ابني هو امامك و مولاك بعدي فاستمسك بولايته فانك لن تضل ما لزمته فقلت: الحمد لله.

قال: ثم ان سيدي عليه السلام دعاني في ليلة اليوم الثالث فقال لي: اني علي ما عرفتك من الرحيل الي الله عزوجل، فاذا دعوت بشربة من ماء فشربتها و رأيتني قد انتفخت و ارتفع بطني و اصفر لوني و احمر و اخضر و تلون ألوانا فخبر الطاغية بوفاتي فاذا رأيت بي هذا الحدث فأياك ان تظهر عليه أحدا و لا علي من عندي الا بعد وفاتي، قال المسيب بن زهير: فلم أزل أرقب وعده حتي دعا عليه السلام بالشربة فشربها.

ثم دعاني فقال لي: يا مسيب ان هذا الرجس السندي بن شاهك سيزعم انه يتولي غسلي و دفني هيهات هيهات ان يكون ذلك أبدا! فاذا حملت الي المقبرة المعروفة بمقابر قريش فالحدوني بها و لا ترفعوا قبري فوق أربع أصابع مفرجات و لا تأخذوا من تربتي شيئا لتتبركوا به، فان كل تربة لنا محرمة الا تربة جدي الحسين بن علي عليهماالسلام فان الله تعالي جعلها شفاء لشيعتنا و أوليائنا، قال:

ثم رأيت شخصا أشبه الاشخاص به جالسا الي جانبه و كان عهدي بسيدي الرضا عليه السلام و هو غلام فاردت سؤاله، فصاح بي سيدي موسي عليه السلام فقال: اليس قد نهيتك يا مسيب؟! فلم ازل صابرا حتي مضي و غاب الشخص ثم انهيت الخبر الي الرشيد فوافي السندي بن شاهك، فوالله لقد رأيتهم بعيني و هم يظنون أنهم يغسلونه فلا تصل أيديهم اليه و يظنون أنهم يحنطونه و يكفنونه و أراهم لا يصنعون به شيئا و رأيت ذلك الشخص يتولي غلسله و تحنيطه و تكفينه و هو يظهر المعاونة لهم و هم لا يعرفونه.

فلما فرغ من أمره، قال لي ذلك الشخص: يا مسيب مهما شككت فيه فلا تشكن في، فاني امامك و مولاك و حجة الله عليك بعد أبي عليه السلام، يا مسيب مثلي مثل



[ صفحه 113]



يوسف الصديق عليه السلام و مثلهم مثل اخوته حين دخلوا عليه فعرفهم و هم له منكرون، ثم حمل عليه السلام حتي دفن في مقابر قريش و لم يرفع قبره أكثر مما أمر به ثم رفعوا قبره بعد ذلك و بنوا عليه [15] .

16 - عنه قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن سليمان بن حفص المروزي، قال: ان هارون الرشيد قبض علي موسي بن جعفر عليهماالسلام سنة تسع و سبعين و مائة و توفي في حبسه ببغداد لخمس ليال بقين من رجب سنة ثلاث و ثمانين و مائة و هو ابن سبع و أربعين سنة و دفن في مقابر قريش و كانت امامته خمسا و ثلثين سنة و أشهرا و أمه أم ولد يقال له: حميدة: و هي ام أخويه اسحاق و محمد ابني جعفر بن محمد عليهماالسلام و نص علي ابنه علي بن موسي الرضا عليهماالسلام بالامامة بعده [16] .

17 - عنه قال: حدثنا ابي (ره) قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثنا محمد بن عيسي بن عبيد اليقطيني عن الحسن بن محمد بن بشار قال: حدثني شيخ من اهل قطيعة الربيع من العامة ممن كان يقبل قوله قال: قال لي: قد رأيت بعض من يقرون بفضله من اهل هذا البيت فما رأيت مثله قط في نسكه و فضله قال: قلت: من و كيف رأيته قال: جمعنا ايام السندي بن شاهك ثمانين رجلا من الوجوه ممن ينسب الي الخير.

فادخلنا الي موسي بن جعفر فقال لنا السندي: يا هؤلاء انظروا الي هذا الرجل هل حدث به حدث فان الناس يزعمون انه قد فعل مكروه به و يكثرون في ذلك و هذا منزله و فرشه موسع عليه غير مضيق و لم يرد به أميرالمؤمنين سوءا و انما ينتظره ان يقدم فيناظره أميرالمؤمنين و ها هو ذا صحيح موسع عليه في جميع امره فاسئلوه قال: و نحن ليس لنا هم الا النظر الي الرجل و الي فضله و سمته.

فقال: اما ما ذكر من التوسعة و ما اشبه ذلك فهو علي ما ذكر غير اني اخبركم ايها النفر اني قد سقيت السم في تسع تمرات و اني اخضر غدا و بعد غد اموت قال: فنظرت



[ صفحه 114]



الي السندي بن شاهك يرتعد و يضطرب مثل السعفة قال الحسن: و كان هذا الشيخ من خيار العامة شيخ صديق مقبول القول ثقة ثقة جدا عند الناس [17] .

18 - روي الكشي باسناده عن عبدالله بن طاووس قال: قلت لأمام أبي الحسن الرضا عليه السلام ان يحيي بن خالد سم اباك موسي بن جعفر عليه السلام قال: نعم سمه في ثلاثين رطبة قلت له: فما كان يعلم انها مسمومة؟ قال: غاب عنه المحدث. قلت: و من المحدث؟ قال: ملك اعظم من جبرئيل و ميكائيل كان مع رسول الله صلي الله عليه و آله و هو مع الائمة عليهم السلام و ليس كل ما طلب و جد. ثم قال: انك مستعمر فعاش مائة سنة [18] .

19 - قال الشيخ المفيد: و قبض عليه السلام ببغداد في حبس السندي بن شاهك لست خلون من رجب سنة ثلث و ثمانين و مأة و له يومئذ خمس و خمسون سنة و أمه ام ولد يقال لها حميدة البربرية فكانت مدة خلافته و مقامه في الأمامة بعد ابيه عليهماالسلام خمسا و ثلاثين سنة و كان يكني اباابراهيم و اباالحسن و اباعلي و يعرف بالعبد الصالح و ينعت ايضا بالكاظم عليه السلام [19] .

20 - قال أيضا: ذكر السبب في وفاته و طرف من الخبر في ذلك و كان السبب في قبض الرشيد علي ابي الحسن موسي عليه السلام و حبسه و قتله. ما ذكره أحمد بن عبيدالله بن عمار عن علي بن محمد النوفلي عن ابيه و احمد بن محمد بن سعيد و ابومحمد الحسن بن محمد بن يحيي عن مشايخهم قالوا: كان السبب في اخذ موسي بن جعفر عليهماالسلام ان الرشيد جعل ابنه في حجر جعفر بن محمد بن الأشعث فحسده يحيي بن خالد بن برمك علي ذلك و قال: ان افضت اليه الخلافة زالت دولتي و دولة ولدي.

فاحتال علي جعفر بن محمد و كان يقول بالأمامة حتي داخله و انس اليه و كان يكثر غشيانه في منزله فيقف علي امره و يرفعه الي الرشيد و يزيد عليه في ذلك بما يقدح في قلبه ثم قال يوما لبعض ثقاته أتعرفون لي رجلا من آل أبي طالب ليس بواسع الحال فيعرفني



[ صفحه 115]



ما احتاج اليه فدل علي علي بن اسماعيل بن جعفر بن محمد فحمل اليه يحيي بن خالد مالا و كان موسي عليه السلام يانس بعلي بن اسماعيل بن جعفر بن محمد و يصله و يبره.

ثم انفذ اليه يحيي بن خالد يرغبه في قصد الرشيد و يعده بالأحسان اليه فعمل علي ذلك و احس به موسي عليه السلام فدعاه فقال له: الي اين يابن اخي قال: الي بغداد قال: و ما تصنع قال: علي دين و انا مملق فقال له موسي عليه السلام: فانا اقضي دينك و افعل بك و اصنع فلم يلتفت الي ذلك و عمل علي الخروج فاستدعاه ابوالحسن عليه السلام و قال له: انت خارج قال: نعم لا بد لي من ذلك.

فقال له: انظر يابن اخي واتق الله و لا تؤتم اولادي و أمر له بثلث مأة دينار و اربعة آلاف درهم فلما قام بين يديه قال ابوالحسن موسي عليه السلام: لمن حضره و الله ليسعين في دمي و ليؤتمن اولادي فقالوا له: جعلنا الله فداك فانت تعلم هذا من حاله و تعطيه و تصله قال لهم: نعم حدثني ابي عن آبائه عن رسول الله صلي الله عليه و آله ان الرحم اذا قطعت فوصلت فقطعت قطعها الله و اني اردت ان اصله بعد قطعه لي حتي اذا قطعني قطعه الله [20] .

21 - قال أيضا رحمة الله عليه: و روي ان بعض عيون عيسي بن جعفر رفع اليه انه يسمعه كثيرا يقول في دعائه و هو محبوس عنده: اللهم انك تعلم اني كنت اسئلك ان تفرغني لعبادتك اللهم و قد فعلت فلك الحمد قال: فوجه الرشيد من تسلمه من عيسي بن جعفر المنصور و صير به الي بغداد فسلم الي الفضل بن الربيع فبقي عنده مدة طويلة فاراده الرشيد علي شي ء من امره فأبي فكتب اليه بتسليمه الي الفضل بن يحيي فتسلمه منه و جعله في بعض حجر دوره و وضع عليه الرصد.

و كان عليه السلام مشغولا بالعبادة يحيي الليل كله صلوة و قرائة القرآن و دعاء و اجتهادا و يصوم النهار في اكثر الايام و لا يصرف وجهه عن المحراب فوسع عليه الفضل بن يحيي و اكرمه فاتصل ذلك بالرشيد و هو في الرقة فكتب اليه ينكر عليه توسعته علي



[ صفحه 116]



موسي عليه السلام و يأمره بقتله فتوقف عن ذلك و لم يقدم عليه فاغتاظ الرشيد لذلك و دعي مسرور الخادم.

فقال له: اخرج علي البريد في هذا الوقت الي بغداد و ادخل من فورك علي موسي بن جعفر فان وجدته في دعة و رفاهية فاوصل هذا الكتاب الي العباس بن محمد و مره بامتثال ما فيه و سلم اليه كتابا آخر الي السندي بن شاهك يأمره فيه بطاعة العباس بن محمد فقدم مسرور فنزل دار الفضل بن يحيي لا يدري احد ما يريد ثم دخل علي موسي عليه السلام فوجده علي ما بلغ الرشيد فمضي من فوره الي العباس بن محمد و السندي بن شاهك فاوصل الكتابين اليهما.

فلم يلبث الناس ان خرج الرسول يركض ركضا الي الفضل بن يحيي فركب معه و خرج مشدوها دهشا حتي دخل علي العباس بن محمد فدعي العباس بسياط و عقابين و أمر بالفضل فجرد و ضربه السندي بين يديه مأة سوط و خرج متغير اللون خلاف ما دخل و جعل يسلم علي الناس يمينا و شمالا و كتب مسرور بالخبر الي الرشيد فامر بتسليم موسي عليه السلام الي السندي بن شاهك و جلس الرشيد مجلسا حافلا و قال:

أيها الناس ان الفضل بن يحيي قد عصاني و خالف طاعتي و رأيت ان العنه فالعنوه فلعنه الناس من كل ناحية حتي ارتج البيت و الدار بلعنه و بلغ يحيي بن خالد الخبر فركب الي الرشيد فدخل من غير الباب الذي يدخل الناس منه حتي جائه من خلفه و هو لا يشعر به ثم قال له: التفت يا أميرالمؤمنين الي فاصغي اليه و فزعا فقال: ان الفضل حدث و انا اكفيك ما تريد فانطلق وجهه و سر و اقبل علي الناس فقال:

ان الفضل كان قد عصاني في شي ء فاصنته و قد تاب و اناب الي طاعتي فتولوه فقالوا: نحن اولياء من واليت و اعداء من عاديت و قد توليناه ثم خرج يحيي بن خالد علي البريد حتي وافي بغداد فماج الناس و ارجفوا بكل شي ء و اظهر انه ورد لتعديل السواد و النظر في امور العمال و تشاغل ببعض ذلك اياما ثم دعي السندي بن شاهك فامره فيه بامره فامتثله و كان الذي تولي به السندي قتله عليه السلام سما جعله في طعام قدمه اليه.

و يقال انه جعله في رطب فأكل منه فاحس بالسم و لبث ثلثا بعده موعوكا منه ثم



[ صفحه 117]



مات في اليوم الثالث و لما مات موسي عليه السلام ادخل السندي بن شاهك عليه الفقهاء و وجوه اهل بغداد و فيهم الهيثم بن عدي و غيره فنظروا اليه لا اثر به من جراح و لا خنق و اشهدهم علي انه مات حتف انفه فشهدوا علي ذلك و اخرج و وضع علي الجسر ببغداد و نودي هذا موسي بن جعفر عليهماالسلام قد مات فانظروا اليه.

فجعل الناس يتفرسون في وجهه و هو ميت و قد كان قوم زعموا في ايام موسي عليه السلام انه هو القائم المنتظر و جعلوا حبسه هو الغيبة المذكورة للقائم فامر يحيي بن خالد ان ينادي عليه عند موته هذا موسي بن جعفر الذي تزعم الرافضة انه هو القائم لا يموت فانظروا اليه فنظر الناس اليه ميتا ثم حمل فدفن في مقابر قريش في باب التين و كانت هذه المقبرة لبني هاشم و الأشراف من الناس قديما [21] .

22 - عنه قال: روي انه لما حضرته الوفاة سئل السندي بن شاهك ان يحضره مولي له مدنيا ينزل عند دار العباس بن محمد في مشرعةالقصب ليتولي غسله و تكفينه ففعل ذلك قال السندي فكنت سئلته في الأذن لي ان اكفنه فأبي و قال: انا اهل بيت مهور نسائنا و حج صرورتنا و اكفان موتانا من طاهر اموالنا و عندي كفني و أريد ان يتولي غسلي و جهازي مولاي فلان فتولي ذلك منه [22] .

23 - قال الشيخ أبوجعفر الطوسي رضوان الله عليه و في الخامس و العشرين من رجب كانت وفاة أبي الحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام و روي ان من صامه كان كفارة مأتي سنة [23] .

24 - عنه رحمه الله عن يونس بن عبدالرحمن قال: حضر الحسين بن علي الرواسي جنازة ابي ابراهيم عليه السلام، فلما وضع علي شفير القبر اذا رسول من سندي بن شاهك قد أتي بابي المضا خليفته و كان مع الجنازة ان اكشف وجهه للناس قبل ان تدفنه حتي يروه صحيحا لم يحدث به حدث، قال: و كشف عن وجه مولاي حتي رأيته و عرفته ثم غطي وجهه و ادخل قبره صلي الله عليه [24] .



[ صفحه 118]



25 - روي أيضا عن محمد بن عيسي بن عبيد العبيدي قال: اخبرتني رحيم ام ولد الحسين بن علي بن يقطين - و كانت امرأة حرة فاضلة قد حجت نيفا و عشرين حجة - عن سعيد مولي ابي الحسن عليه السلام و كان يخدمه في الحبس و يختلف في حوائجه انه حضره حين مات كما يموت الناس من قوة الي ضعف الي ان قضي عليه السلام [25] .

26 - روي أيضا عن محمد بن خالد البرقي عن محمد بن غياث المهلبي قال: لما حبس هارون الرشيد اباابراهيم موسي عليه السلام و اظهر الدلائل و المعجزات و هو في الحبس تحير الرشيد، فدعا يحيي بن خالد البرمكي فقال له: يا اباعلي أما تري ما نحن فيه من هذه العجائب ألا تدبر في أمر هذا الرجل تدبيرا يريحنا من غمه، فقال له يحيي بن خالد البرمكي: الذي أراه لك يا أميرالمؤمنين ان تمنن عليه و تصل عليه رحمة فقد و الله أفسد علينا قلوب شيعتنا، و كان يحيي يتولاه و هارون لا يعلم ذلك.

فقال هارون: انطلق اليه و اطلق عنه الحديد و ابلغه عني السلام و قل له يقول لك ابن عمك: انه قد سبق مني فيك يمين اني لا اخليك حتي تقر لي بالاساءة و تسألني العفو عما سلف منك و ليس عليك في اقرارك عار و لا في مسألتك اياي منقصة، و هذا يحيي بن خالد و هو ثقتي و وزيري و صاحب امري فسله بقدر ما اخرج من يميني و انصرف راشدا.

قال محمد بن غياث فاخبرتي موسي بن يحيي بن خالد أن اباابراهيم عليه السلام قال ليحيي: يا اباعلي انا ميت و انما بقي من اجلي أسبوع أكتم موتي و أئتني يوم الجمعة عند الزوال وصل علي انت و اوليائي فرادي و انظر اذا سار هذا الطاغية الي الرقة و عاد الي العراق لا يراك و لا تراه لنفسك فاني رأيت في نجمك و نجم ولدك ونجمه انه يأتي عليكم فاحذروه.

ثم قال: يا اباعلي ابلغه عني يقول لك موسي بن جعفر رسولي يأتيك يوم الجمعة فيخبرك بما تري و ستعلم غدا اذا جائيتك بين يدي الله من الظالم و المعتدي علي صاحبه و السلام، فخرج يحيي من عنده و احمرت عيناه من البكاء حتي دخل علي هارون فاخبره



[ صفحه 119]



بقصته و مارد عليه فقال هارون: ان لم يدع النبوة بعد ايام فما احسن حالنا.

فلما كان يوم الجمعة توفي ابوابراهيم عليه السلام و قد خرج هارون الي المدائن قبل ذلك فاخرج الي الناس حتي نظروا اليه ثم دفن عليه السلام و رجع الناس فافترقوا فرقتين فرقة تقول مات و فرقة تقول لم يمت [26] .

27 - عنه رحمه الله قال: حدثني ابراهيم بن محمد بن حمران عن يحيي بن قاسم الحذاء و غيره عن جميل بن صالح عن داود بن زربي قال: بعث الي العبد الصالح - و هو في الحبس - قال ائت هذا الرجل - يعني يحيي بن خالد - فقل له يقول لك ابو فلان ما حملك علي ما صنعت؟ اخرجتني من بلادي و فرقت بيني و بين عيالي، فأتيته و اخبرته فقال: زبيدة طالق و عليه أغلظ الايمان لوددت انه غرم الساعة الفي الف و انت خرجت، فرجعت اليه فابلغته، فقال: ارجع اليه فقل له: يقول لك: و الله لتخرجني أو لأخرجن [27] .

28 - قال الشهيد السعيد الفتال النيسابوري: خرج الرشيد في تلك السنة الي الحج و بدأ بالمدينة فقبض فيها علي أبي الحسن موسي عليه السلام و يقال انه لما ورد المدينة استقبله موسي عليه السلام في جماعة من الأشراف و انصرفوا من استقباله فمضي ابوالحسن عليه السلام الي المسجد علي رسمه و اقام الرشيد الي الليل و صار الي قبر رسول الله صلي الله عليه و آله فقال: يا رسول الله اني اعتذر اليك من شي ء اريد ان احبس موسي بن جعفر فانه يريد التشتيت بين امتك و سفك دمائها.

ثم أمر به فاخذ من المسجد فادخل عليه فقيده و استدعا قبتين فجعله في احديهما علي بغل و جعل القبة الأخري علي بغل و خرج البغلان من داره عليهما القبتان مستورتان و مع كل واحد منهما خيل فافرقت الخيل فمضي بعضها مع احدي القبتين علي البصرة و الأخري علي طريق الكوفة و كان ابوالحسن عليه السلام في القبة التي مضي بها علي طريق البصرة و انما فعل ذلك الرشيد ليعمي علي الناس الأمر في باب ابي الحسن



[ صفحه 120]



عليه السلام و امر القوم الذين كانوا مع قبة ابي الحسن بان يسلموه عيسي بن جعفر المنصور و كان علي البصرة حينئذ.

فسلم اليه فحسبه عنه سنة و كتب الرشيد في دمه فاستدعي عيسي بن جعفر بعض خاصته و ثقاته فاستشارهم فيما كتب به الرشيد فاشاروا عليه بالتوقف عن ذلك و الأستعفاء منه و كتب عيسي بن جعفر الي الرشيد يقول له: قد طال امر موسي بن جعفر و مقامه في حبسي و قد اختبرت حاله و وضعت من يسمع منه ما يقول في دعائه فما دعا عليك و لا علي و ما ذكرنا بسوء و ما يدعوا لنفسه الا بالمغفرة و الرحمة و ان انفذت الي من يتسلمه مني و الا خليت سبيله فاني متحرج عن حبسه.

و روي بعض عيون عيسي بن جعفر رفع اليه انه سمعه كثيرا يقول في دعائه و هو محبوس، اللهم انك تعلم انني كنت أسألك ان تفرغني لعبادتك اللهم و قد فعلت فلك الحمد فوجه الرشيد من يتسلمه من عيسي بن جعفر و صير به الي بغداد فسلم الي الفضل بن الربيع فبقي عنده مدة طويلة فاراده الرشيد علي شي ء من امره فأبي فكتب اليه بتسليمه الي الفضل بن يحيي فتسلمه منه و جعله في بعض حجر دوره و وضع عليه الرصد.

فكان عليه السلام مشغولا بالعبادة يحيي الليل كله صلوة و قرائة القرآن و دعاء و اجتهادا و يصوم النهار في اكثر الأيام و لا يصرف وجهه من المحراب فوسع عليه الفضل بن يحيي و اكرمه فاتصل ذلك بالرشيد و هو في الرقة فكتب اليه ينكر توسيعه علي موسي و يامره بقتله فتوقف عن ذلك و لم يقدم اليه فاغتاظ الرشيد لذلك و دعا مسرور الخادم فقال له: اخرج علي البريد في هذا الوقت الي بغداد و ادخل من فورك علي موسي بن جعفر.

فان وجدته في دعة و رفاهية فاوصل هذا الكتاب الي العباس بن محمد و مره بامتثال ما فيه و سلم اليه كتابا آخر الي السندي بن شاهك يامره فيه بطاعة العباس بن محمد فقدم مسرور فنزل دار الفضل بن يحيي لا يدري احد ما يريد ثم دخل علي موسي عليه السلام فوجده علي ما بلغ الرشيد فمضي من فوره الي العباس بن محمد و السندي بن شاهك و اوصل الكتابين اليهما.



[ صفحه 121]



فلم يلبث الناس ان خرج الرسول يركض الي الفضل بن يحيي فخرج مدهوشا دهشا حتي دخل علي العباس فدعا العباس بسياط و عقابين و امر بالفضل فجرده و ضربه السندي بين يديه مائة سوط و خرج متغير اللون خلاف ما دخل و جعل يسلم علي الناس يمينا و شمالا، و كتب مسرور بالخبر الي الرشيد فامر بتسليم موسي الي السندي بن شاهك و جلس الرشيد مجسا حافلا و قال: ايها الناس ان الفضل بن يحيي قد عصاني و خالف طاعتي فرأيت أن العنه فلعنه الناس من كل ناحية حتي ارتج البيت و الدار بلعنه و بلغ يحيي بن خالد الخبر.

فركب الي الرشيد فدخل من غير الباب الذي يدخل منه الناس حتي جائه من خلفه و هو لا يشعر به ثم قال له: التفت الي يا أميرالمؤمنين فاصغي اليه فزعا فقال: ان الفضل حدث و انا اكفيك ما تريد فانطلق وجهه و سر فاقبل علي الناس و قال: ان الفضل قد عصي في شي ء فعلنته و قد تاب و اناب الي طاعتي فتولوه فقالوا: نحن اولياء من واليت و اعداء من عاديت و قد توليناه ثم خرج يحيي بن خالد علي البريد حتي وافي بغداد فماج الناس فارجفوا بكل شي ء و اظهروا انه ورد لتعديل السواد و النظر في أمر العمال و تشاغل ببعض ذلك اياما.

ثم دعا السندي فامره فيه بامره فامتثله و كان الذي تولي به السندي قتله عليه السلام سم جعله في طعام قدمه اليه و يقال انه جعله في رطب اكل منه فاجس باسم و لبث ثلثا بعده موعوكا ثم مات في اليوم الثالث و لما مات موسي عليه السلام ادخل السندي بن شاهك عليه الفقهاء و وجوه اهل بغداد و فيهم الهيثم بن عدي و غيره فنظروا اليه لا اثر به من جراح و لا خنق و اشهدهم علي انه مات حتف انفه فشهدوا علي ذلك و اخرج و وضع علي الجسر ببغداد و نودي هذا موسي بن جعفر مات حتف انفه فانظروا اليه.

فجعل الناس يتفرسون في وجهه و هو ميت و قد كان قوم يزعمون في ايام موسي عليه السلام انه القائم المنتظر و جعلوا حبسه هو الغيبة المذكورة للقائم فامر يحيي بن خالد ان ينادي عليه عند موته هذا موسي بن جعفر الذي تزعم الرافضة انه لا يموت فانظروا اليه فنظر الناس اليه ثم حمل فدفن في مقابر القريش من باب التين و كانت هذه المقبرة لبني



[ صفحه 122]



هاشم و الأشراف من الناس قديما.

روي انه لما حضرته الوفاة سأل السندي بن شاهك ان يحضر مولي له مدينا ينزل عند دار العباس بن محمد في مشرعة القصيب ليتولي غسله و تكفينه ففعل ذلك قال السندي بن شاهك و كنت سألته ان ياذن لي في ان اكفنه فأبي و قال: انا اهل بيت مهور نسائنا و حج ضرورتنا و اكفان موتانا من ظاهر اموالنا و عندي كفني فاريد ان يتولي غسلي و جهازي مولاي فلان فتولي ذلك منه.

و كانت مدة خلافته و مقامه في الأمامة بعد ابيه عليهماالسلام خمسا و ثلثين سنة و كان مولده بالابواء موضع بين مكة و المدينة يوم الأحد لسبع ليال خلون من صفر سنة ثمان و عشرين و مائة و وفاته ببغداد يوم الجمعة لست بقين من رجب و قيل لخمس خلون من رجب سنة ثلث و ثمانين و مائة و له يومئذ خمس و خمسون سنة و قيل اربع و خمسون سنة و امه ام ولد يقال لها حميدة البربرية [28] .

29 - قال الطبرسي رحمة الله عليه: ذكروا أن الرشيد قبضه عليه السلام لما ورد الي المدينة قاصدا للحج و قيده و استدعي بقبتين جعله في احداهما علي بغل و جعل القبة الأخري علي آخر و خرج البغلان من داره مع كل واحد منهم خيل فافترقت الخيل فمضي بعضها مع احدي القبتين علي طريق البصرة و انما فعل ذلك الرشيد ليعمي علي الناس الخبر و أمر أن يسلم الي عيسي بن جعفر بن المنصور فحبسه عنده سنة، ثم كتب اليه الرشيد في دمه.

فاستعفي عيسي منه فوجه الرشيد تسلمه منه و صير به الي بغداد و سلم الي الفضل بن الربيع و بقي عنده مدة طويلة ثم أراده الرشيد علي شي ء من أمره فأبي فأمر بتسليمه الي الفضل بن يحيي فجعله في بعض دوره و وضع عليه الرصد فكان مشغولا بالعبادة، يحيي الليل كله صلاة و قراءة للقرآن و يصوم النهار في أكثر الأيام و لا يصرف وجهه عن المحراب.



[ صفحه 123]



فوسع عليه الفضل بن يحيي و أكرمه فبلغ ذلك الرشيد و هو بالرقة فكتب اليه يأمره بقتله، فتوقف عن ذلك فاغتاظ الرشيد لذلك و تغير عليه و أمر به فوضع فأدخل علي العباس بن محمد و جرد و ضرب مائة سوط و أمر بتسليم موسي بن جعفر عليهماالسلام الي السندي بن شاهك و بلغ يحيي بن خالد الخبر فركب الي الرشيد و قال له: أنا أكفل بما تريد، ثم خرج الي بغداد و دعا بالسندي و أمره فيه بأمره فامتثله و سمه في طعام قدمه اليه و يقال: انه جعله في رطب أكل منه فأحس بالسم و لبث بعده موكوعا ثلاثة أيام و مات في اليوم الثالث.

و لما استشهد صلوات الله عليه أدخل السندي عليه الفقهاء من الناس و جمع الناس من أهل بغداد و فيهم الهيثم بن عدي فنظروا اليه لا أثر به من جراح و لا خنق، ثم وضعه علي الجسر ببغداد و أمر يحيي بن خالد فنودي هذا موسي بن جعفر الذي تزعم الرافضة أنه لا يموت قد مات فانظروا اليه فجعل الناس يتفرسون في وجهه و هو ميت ثم حمل فدفن في مقابر قريش و كانت هذه المقبرة لبني هاشم و الأشراف من الناس قديما.

روي أنه لما حضرته الوفاة قال للسندي بن شاهك أن يحضر مولي له مدنيا ينزل عند دار العباس في مشرعة القصب ليتولي له غسله و تكفينه ففعل ذلك قال السندي بن شاهك: و كنت سألته أن يأذن لي أن أكفنه فأبي و قال: انا أهل بيت مهور نسائنا و حج نائلنا و أكفان موتانا من طاهر أموالنا و عندي كفني و أريد أن يتولي غسلي و جهازي مولاي فلان، فتولي ذلك منه.

قيل: ان سليمان بن أبي جعفر المنصور من أيديهم و تولي غسله و تكفينه و كفنه بكفن فيه حبرة استعمل ثمنها خمسمائة دينار، عليها القرآن كله و مشي علي جنازته مشقوق الجيب الي مقابر قريش فدفنه هناك [29] .

30 - قال ابن شهرآشوب في فصل وفاته عليه السلام: كان محمد بن اسماعيل بن الصادق عليه السلام مع عمه موسي الكاظم عليه السلام يكتب له الكتب الي شيعته في



[ صفحه 124]



الافاق فلما ورد الرشيد الي الحجاز سعي بعمه الي الرشيد فقال: أما علمت ان في الارض خليفتين يجي ء اليهما الخراج فقال الرشيد: ويلك انا و من؟ قال موسي بن جعفر و اظهر اسراره فقبض عليه و خطأ محمد عند الرشيد و دعا عليه موسي الكاظم بدعاء استجابه الله فيه و في اولاده.

في رواية انه جاء محمد بن اسماعيل اليه عليه السلام و استاذن منه فاذن له فقال: يا عم احب ان توصيني فقال: اوصيك ان تتقي الله في دمي و اعطاه صرة أخري و صرة أخري و أمر له بالف و خمسمأة درهم فجاء محمد بن اسماعيل الي الرشيد فدخل عليه و سعي بعمه فامر له بمأة الف درهم فلما قبضها دخل الي منزله فاخذته الذبحة في جوف ليلة فمات.

و روي انه لما دخل الرشيد الي المدينة امر بقبض موسي بن جعفر و كان قائما يصلي عند رأس النبي صلي الله عليه و آله فقطع عليه صلوته و حمل و هو يبكي و يقول اليك اشكو يا رسول الله و قيد و استدعي قبتين فجعله في احدهما و خرج البغلان من داره و مع كل واحد منهما خيل فاخذوا واحدة علي طريق البصرة و الاخري علي طريق الكوفة و كان ابوالحسن في التي علي طريق البصرة و امرهم بتسليمه الي عيسي بن جعفر بن المنصور فحبسه عنده سنة.

فكتب عيسي الي الرشيد قد طال امر موسي و مقامه في حبسي و قد اختبرت حاله و وضعت من يسمع منه ما يقول فما دعا عليك و لا علي بسوء ما يدعو لنفسه الا بالمغفرة فان انفذت الي من يتسلمه مني و الا خليت سبيله فانني متحرج من حبسه فوجه الرشيد من يتسلمه من عيسي و صيربه الي بغداد فسلم الي الفضل بن الربيع يقتله فأبي فامر بتسليمه الي الفضل بن يحيي فوسع عليه الفضل و اكرمه.

فوجه اليه مسرور الخادم ليتعرف حاله فحكي كما كان فامر السندي و عباس بن محمد بضرب الفضل فضربه السندي بين يدية مائة سوط و اخبر الرشيد بذلك فقال: ايها الناس ان الفضل بن يحيي قد عصاني و خالف طاعتي فالعنوه فلعنه الناس من كل جانب فاستدبر يحيي بن خالد و قال: ان الفضل حدث و انا اكفيك ما تريد فقال



[ صفحه 125]



الرشيد: الا ان الفضل قد تاب و اناب الي طاعتي فتولوه.

ثم خرج يحيي الي بغداد فدعا السندي فامره فيه بامره فامتثله و جعل سما في طعام فقدمه اليه و قال احمد بن عبدالله لما نقل الكاظم عليه السلام من دار الفضل بن الربيع الي الفضل بن يحيي البرمكي كان ابن الربيع يبعث اليه في كل ليلة مائدة و منع ان يدخل من عند غيره حتي مضي ثلاثة ايام فلما كانت الليلة الرابعة قدمت اليه مائدة البرمكي قال: فرفع رأسه الي السماء فقال: يا رب انك تعلم اني او اكلت قبل اليوم كنت اعنت علي نفسي قال: فاكل فمرض فلما كان من الغد بعث اليه بالطبيب.

فقال عليه السلام هذه علتي و كانت خضرة وسط راحته تدل علي انه سم فانصرف اليهم و قال: و الله لهو اعلم بما فعلتم به منكم ثم توفي و في رواية الحسن بن محمد بن بشار ان السندي بن شاهك جمع ثمانين رجلا من الوجوه و ادخلهم علي موسي بن جعفر و قال: يا هؤلاء انظروا الي هذا الرجل هل حدث به حدث و هذا منزله و فرشه موسع عليه فقال عليه السلام: اما ما ذكرت من التوسعة و ما اشبه ذلك فهو علي ما ذكر غير اني اخبركم ايها النفر اني سقيت في تسع تمرات و انا اخضر غدا أموت.

في رواية غيره انه قال عليه السلام: يا فلان و فلان سقيت السم في يومي هذا و في غد يصفار بدني و بعد غد يسواد و اموت. و في كبار الانوار انه قال عليه السلام: للمسيب انه اذا دعاني بشربة من ماء فشربتها و رأيتني قد اتنفخ بطني و اصفر لوني و تلون اعضائي فهي وفاتي.

روي انه عليه السلام قال للمسيب ذاالرجس ابن شاهك يقول انه يتولي امري و يدفنني هيهات ان يكون ذلك أبدا و وجدت شخصا جالسا علي يمينه فلما قضي غاب الشخص ثم اوصلت الخبر الي الرشيد فوافي السندي يظن انه يفعل ذلك و هو مغسل مكفن محنط فحمل حتي دفن في مقابر قريش.

و لما مات عليه السلام اخرجه السندي و وضعه علي الجسر ببغداد و نودي هذا موسي بن جعفر الذي تزعم الرافضة انه لا يموت فانظروا اليه و انما قال: ذلك لاعتقاد الواقفة انه القائم و جعلوا حبسه غيبة القائم فنفر بالسندي فرسه نفرة و القاه في الماء فغرق فيه و فرق



[ صفحه 126]



الله جموع يحيي بن خالد و قيل ان سليمان بن جعفر بن ابي جعفر المنصور كان ذات يوم جالسا في دهليزة في يوم مطر اذ مرت به جنازته عليه السلام فقال: سلوا هذه جنازة من؟ فقيل هذا موسي بن جعفر مات في الحبس فامر الرشيد ان يدفن بحاله.

فقال سليمان موسي بن جعفر يدفن هكذا فان في الدنيا من كان يخاف علي الملك في الآخرة لا يوفي حقه فامر سليمان غلمانه بتجهيزه و كفنه بكفن فيه حبرة استعملت له بالفين و خمسمائة دينار مكتوب عليها القرآن كله و مشي حافيا و دفنه في مقابر قريش [30] .

31 - قال الاربلي: و لما مات موسي عليه السلام أدخل السندي بن شاهك الفقهاء و وجوه أهل بغداد و فيهم الهيثم بن عدي و غيره، فنظروا اليه و لا أثر به من جراح و لا خنق، و أشهده علي أنه مات حتف أنفه، فشهدوا علي ذلك، و أخرج و وضع علي الجسر ببغداد و نودي هذا موسي بن جعفر قد مات فانظروا اليه، فجعل الناس يتفرسون في وجهه و هو ميت صلوات الله عليه.

و قد كان قوم زعموا في أيام موسي عليه السلام أنه هو القائم المنتظر و جعلوا حبسه هو الغيبة المذكورة للقائم، فأمر يحيي بن خالد أن ينادي عليه عند موته هذا موسي بن جعفر الذي تزعم الرافضة أنه لا يموت فانظروا اليه، فنظر الناس اليه ميتا، ثم حمل و دفن في مقابر قريش من باب التين، و كانت هذه المقبرة لبني هاشم.

و روي أنه عليه السلام لما حضرته الوفاة سئل السندي أن يحضره مولي له مدنيا ينزل عند دار العباس بن محمد في مشرعة القصب ليتولي غسله و تكفينه ففعل ذلك.

قال السندي بن شاهك: و كنت سألته في الاذن لي أن أكفنه و أبي، و قال: انا أهل بيت مهور نسائنا و حج صرورتنا و أكفان موتانا من طاهر أموالنا و عندي كفن و أريد ان يتولي غسلي و جهازي مولاي فلان فتولي ذلك منه [31] .

32 - قال النسابة الشهير جمال الدين المعروف بابن عنبة: الامام موسي بن جعفر الصادق عليه السلام و يكني أباالحسن و أباابراهيم، و أمه أم ولد يقال لها حميدة



[ صفحه 127]



المغربية و قيل نباتة؛ ولد عليه السلام بالأبواء سنة ثمان و عشرين و مائة، و قبض ببغداد في حبس السندي بن شاهك سنة ثلاث و ثمانين و مائة و له يومئذ خمس و خمسون، و كان أسد اللون عظيم الفضل رابط الجاش واسع العطاء، لقب بالكاظم لكظمه الغيظ و حمله، و كان يخرج في الليل و في كمه صرر من الدراهم فيعطي من لقيه و من أراد بره، و كان يضرب المثل بصرة موسي، و كان أهله يقولون عجبا لمن جاءته صرة موسي فشكي القلة.

و قبض عليه موسي الهادي و حبسه فرأي علي بن أبي طالب (ع) في نومه يقول له: يا موسي «هل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم». فانتبه من نومه و قد عرف أنه المراد فأمر باطلاقه ثم تنكر له من بعد ذلك فهلك قبل أن يوصل الي الكاظم عليه السلام أذي، و لما ولي هارون الرشيد الخلافة أكرمه و أعظمه ثم قبض عليه و حبسه عند الفضل بن يحيي ثم أخرجه من عنده فسلمه الي السندي بن شاهك و مضي الرشيد الي الشام فأمر يحيي بن خالد السندي بقتله.

فقيل انه سم، و قيل بل غمر في بساط و لف حتي مات ثم أخرج للناس و عمل محضرا أنه مات حتف أنفه، و ترك ثلاثة أيام علي الطريق يأتي من يأتي فينظر اليه ثم يكتب في المحضر و دفن بمقابر قريش [32] .

33 - قال ابونصر البخاري: كان محمد بن اسماعيل بن جعفر مع عمه موسي الكاظم عليه السلام يكتب له كتب السر الي شيعته من الآفاق فلما ورد الرشيد الحجاز سعي محمد بن اسماعيل بعمه الي الرشيد فقال: ما علمت ان في الارض خليفتين يجبي اليها الخراج، فقال الرشيد: ويلك أنا و من؟ قال: موسي بن جعفر و اظهر اسراره فقبض الرشيد علي موسي الكاظم عليه السلام و حبسه و كان سبب هلاكه، و حظي محمد ابن اسماعيل عند الرشيد و خرج معه الي العراق و مات ببغداد، و دعا عليه أبوالحسن موسي عليه السلام بدعاء استجاب الله ذلك فيه. و في أولاده [33] .



[ صفحه 128]



34 - روي العلامة المجلسي رحمه الله عن البصائر عن احمد بن محمد، عن ابراهيم ابن أبي محمود عن بعض أصحابنا قال: قلت للرضا عليه السلام: الامام يعلم اذا مات؟ قال: نعم، يعلم بالتعليم حتي يتقدم في الأمر قلت: علم أبوالحسن عليه السلام بالرطب و الريحان المسمومين اللذين بعث اليه يحيي بن خالد؟ قال: نعم قلت: فأكله و هو يعلم؟ قال: أنساه لينفذ فيه الحكم [34] .

35 - و روي أيضا عن مختصر البصائر عن احمد بن محمد، عن ابراهيم بن أبي محمود قال: قلت: الامام يعلم متي يموت؟ قال: نعم، قلت: حيث مابعث اليه يحيي بن خالد برطب و ريحان مسمومين علم به؟ قال: نعم، قلت: فأكله و هو يعلم فيكون معينا علي نفسه؟ فقال: لا يعلم قبل ذلك، ليتقدم فيما يحتاج اليه، فاذا جاء الوقت ألقي الله علي قلبه النسيان ليقضي فيه الحكم [35] .

36 - و روي أيضا عن عيون المعجزات: في كتاب الوصايا لأبي الحسن علي بن محمد بن زياد الصيمري و روي من جهات صحيحة أن السندي بن شاهك حر بعد ما كان بين يديه السم في الرطب و أنه عليه السلام أكل منها عشر رطبات، فقال له السندي: تزداد؟ فقال عليه السلام له: حسبك قد بلغت ما يحتاج اليه فيما أمرت به، ثم انه أحضر القضاة و العدول قبل وفاته بأيام و أخرجه اليهم و قال: ان الناس يقولون: ان اباالحسن موسي في ضنك و ضر، و ها هو ذا لا علة به و لا مرض و لا ضر.

فالتفت عليه السلام فقال لهم: اشهدوا علي أني مقتول بالسم، منذ ثلاثة أيام اشهدوا أني صحيح الظاهر لكني مسموم، و سأحمر في آخر هذا اليوم حمرة شديدة منكرة، و أصفر غدا صفرة شديدة، و أبيض بعد غد و أمضي الي رحمة الله و رضوانه فمضي عليه السلام كما قال في آخر اليوم الثالث في سنة ثلاث و ثمانين و مائة من الهجرة و كان سنة عليه السلام أربعا و خمسين سنة، أقام منها مع أبي عبدالله عليه السلام عشرين سنة، و منفردا بالامامة أربعا و ثلاثين سنة [36] .



[ صفحه 129]



37 - قال أيضا: رأيت في بعض مؤلفات أصحابنا: روي أن الرشيد لعنه الله لما أراد أن يقتل الامام موسي بن جعفر عليه السلام عرض قتله علي سائر جنده و فرسانه فلم يقبله أحمد منهم، فأرسل الي عماله في بلاد الافرنج يقول لهم: التمسوا لي قوما لا يعرفون الله و رسوله فاني أريد أن أستعين بهم علي أمر، فأرسلوا اليه قوما لا يعرفون من الاسلام و لا من لغة العرب شيئا، و كانوا خمسين رجلا، فلما دخلوا اليه أكرمهم و سألهم من ربكم؟ و من نبيكم؟ فقالوا: لا نعرف لنا ربا و لانبيا أبدا فأدخلهم البيت الذي فيه الامام عليه السلام ليقتلوه، و الرشيد ينظر اليهم من روزنة البيت، فلما رأوه رموا أسلحتهم و ارتعدت فرائصهم و خروا سجدا يبكون رحمة له، فجعل الامام يمر يده علي رؤوسهم و يخاطبهم بلغتهم و هم يبكون، فلما رأي الرشيد خشي الفتنة و صاح بوزيره أخرجهم، فخرجوا و هم يمشون القهقري اجلالا له، و ركبوا خيولهم و مضوا نحو بلادهم من غير استيذان [37] .

38 - قال ابوالفرج: و كتب مسرور بالخبر الي الرشيد، فأمر بتسليم موسي الي السندي بن شاهك و جلس الرشيد مجلسا حافلا و قال: أيها الناس، ان الفضل بن يحيي قد عصاني و خالف طاعتي، و رأيت ان العنه فالعنوه. فلعنه الناس من كل ناحية حتي ارتج البيت و الدار بلعنه.

و بلغ يحيي بن خالد الخبر فركب الي الرشيد، فدخل من غير الباب الذي يدخل منه الناس حتي جاءه من خلقه و هو لا يشعر، ثم قال له: التفت الي يا أميرالمؤمنين فأصغي اليه فزعا، فقال له: ان الفضل حدث و انا اكفيك ما تريد فانطلق وجهه و سر، فقال له يحيي: يا أميرالمؤمنين قد غضضت من الفضل بلعنك اياه فشرفه بازالة ذلك، فأقبل علي الناس فقال: ان الفضل قد عصاني في شي ء فلعنته و قد تاب و اناب الي طاعتي فتولوه. فقالوا نحن اولياء من واليت، و اعداء من عاديت، و قد توليناه.

ثم خرج يحيي بن خالد بنفسه علي البريد حتي وافي بغداد، فماج الناس و ارجفوا



[ صفحه 130]



بكل شي ء، و اظهر انه ورد لتعديل السواد، و النظر في اعمال العمال و تشاغل ببعض ذلك.

ثم دخل و دعا بالسندي و أمره فيه بأمره فلفه علي بساط، و قعد الفراشون النصاري علي وجهه.

و أمر السندي عند وفاته ان يحضر مولي له ينزل عند دار العباس بن محمد في مشرعة القصب ليغسله، ففعل ذلك.

قال: و سألته ان يأذن لي في ان اكفنه فأبي و قال: انا اهل بيت مهور نسائنا، و حج صرورتنا، و اكفان موتانا من طاهر اموالنا، و عندي كفني، فلما مات ادخل عليه الفقهاء و وجوه اهل بغداد و فيهم الهيثم بن عدي و غيره، فنظروا اليه لا اثر به، و شهدوا علي ذلك، و اخرج فوضع علي الجسر ببغداد، فنودي هذا موسي بن جعفر قد مات، فانظروا اليه، فجعل الناس يتفرسون في وجهه و هو ميت.

و حدثني رجل من اصحابنا عن بعض الطالبيين: انه نودي عليه: هذا موسي بن جعفر الذي تزعم الرافضة انه لا يموت، فانظروا اليه فنظروا.

قالوا: و حمل فدفن في مقابر قريش رحمه الله، فوقع قبره الي جانب قبر رجل من النوفليين يقال له: عيسي بن عبدالله [38] .

39 - قال الخطيب ابوبكر الحافظ البغدادي: أخبرنا الحسن بن أبي بكر أخبرنا الحسن بن محمد بن العلوي قال: حدثني جدي. قال: قال أبوموسي العباسي حدثني ابراهيم بن عبدالسلام بن السندي بن شاهك عن أبيه قال: كان موسي بن جعفر عندنا محبوسا، فلما مات بعثنا الي جماعة من العدل من الكرخ فأدخلناهم عليه فاشهدناهم علي موته، و أحسبه قال و دفن بمقابر الشونيزي.

أخبرنا أبوسعيد الحسن بن محمد بن عبدالله الاصبهاني حدثنا القاضي أبوبكر محمد ابن عمر بن سلم الحافظ حدثني عبدالله بن احمد بن عامر حدثنا علي بن محمد الصنعاني.



[ صفحه 131]



قال: قال محمد بن صدقة العنبري: توفي موسي بن جعفر بن محمد ابن علي سنة ثلاث و ثمانين و مائة. و قال غيره: توفي لخمس بقين من رجب [39] .

40 - قال اليعقوبي: و توفي موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام - و أمه أم ولد يقال لها حميدة - سنة (183) و سنه ثمان و خمسون سنة و كان ببغداد في حبس الرشيد؛ قتله السندي بن شاهك فاحضره مسرورا الخادم و احضر القواد و الكتاب و الهاشميين و القضاة و من حضر ببغداد من الطالبيين ثم كشف عن وجهه فقال لهم أتعرفون هذا؟ قالوا: نعرفه حق معرفته هذا موسي بن جعفر فقال هارون: أترون أن به أثرا و ما يدل علي اغتيال؟ قالوا: لا ثم غسل و كفن و أخرج و دفن في مقابر قريش في الجانب الغربي، و كان موسي بن جعفر عليه السلام من أشد الناس عبادة، و كان قد روي عن أبيه [40] .

41 - قال المسعودي: و قبض موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب ببغداد مسموما، لخمس عشرة سنة خلت من ملك الرشيد، سنة ست و ثمانين و مائة، و هو ابن أربع و خمسين سنة، و قد ذكرنا في رسالة بيان أسماء الأئمة القطعية من الشيعة: أسماءهم، و أسماء أمهاتهم، و مواضع قبورهم، و مقادير أعمارهم، و كم عاش كل واحد منهم مع أبيه، و من أدرك من أجداده عليهم السلام [41] .

42 - قال ابن طلحة: فانه مات لخمس بقين من رجب سنة ثلاث و ثمانين و مائة للهجرة و قد تقدم ذكر ولادته في سنة ثمان و عشرين، و قيل: تسع و عشرين؛ فيكون عمره علي القول الاول خمسا و خمسين سنة، و علي القول الثاني أربعا و خمسين سنة؛ و قبره بالمشهد المعروف بباب التين من بغداد المحروسة [42] .

43 - قال ابن بطوطة: و في الجانب الغربي من بغداد قبر موسي الكاظم بن جعفر الصادق والد علي بن موسي الرضا و الي جانبه قبر الجواد و القبران داخل الروضة عليها



[ صفحه 132]



دكانة ملبسة بالخشب عليه الواه الفضة [43] .

44 - قال ابن الاثير في حوادث سنة ثلاث و ثمانين و مائة: و فيها مات موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ببغداد في حبس الرشيد [44] .

45 - قال ابن الوردي في حوادث سنة ثلاث و ثمانين و مائة: فيها توفي موسي الكاظم بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ببغداد في حبس الرشيد [45] .



[ صفحه 133]




پاورقي

[1] قرب الاسناد: 142.

[2] الكافي: 1 / 486.

[3] الكافي: 1 / 380.

[4] الكافي: 1 / 381.

[5] الكافي: 1 / 381.

[6] الكافي: 1 / 381.

[7] الكافي: 1 / 381.

[8] فقيه: 1 / 189.

[9] كمال الدين: 37.

[10] كمال الدين: 38.

[11] كمال الدين: 39.

[12] كمال الدين: 39.

[13] دلائل الامامة: 147.

[14] عيون الاخبار: 1 / 99.

[15] عيون الاخبار: 1 / 100.

[16] عيون الاخبار: 1 / 104.

[17] امالي الصدوق: 90.

[18] رجال الكشي: 503.

[19] الارشاد: 270.

[20] الارشاد: 279.

[21] الارشاد: 283 - 281.

[22] الارشاد: 283 - 281.

[23] مصباح المتهجد: 566.

[24] غيبة الشيخ: 19.

[25] غيبة الشيخ: 19.

[26] غيبة الشيخ: 19.

[27] غيبة الشيخ: 34.

[28] روضة الواعظين: 189 - 187.

[29] اعلام الوري: 299.

[30] مناقب ابن شهرآشوب: 2 / 385.

[31] كشف الغمة 2 / 234.

[32] عمدة الطالب: 196.

[33] سر السلسلة العلوية: 35.

[34] بحارالانوار: 48 / 235.

[35] البحار: 48 / 236.

[36] البحار: 48 / 247.

[37] البحار: 48 / 249.

[38] مقاتل الطالبيين: 336 - 335.

[39] تاريخ بغداد: 13 / 32.

[40] تاريخ اليعقوبي: 3 / 150.

[41] مروج الذهب: 3 / 365.

[42] مطالب السؤل 84.

[43] رحلة ابن بطوطة.

[44] كامل التواريخ: 6 / 164.

[45] تتمة المختصر: 1 / 310.