بازگشت

عشيرته


1 - روي الكليني: عن علي بن ابراهيم، عن محمد بن عيسي، عن موسي بن القاسم البجلي، عن علي بن جعفر قال: جاءني محمد بن اسماعيل و قد اعتمرنا عمرة رجب و نحن يومئذ بمكة. فقال: يا عم اني أريد بغداد و قد أحببت أن أودع عمي أباالحسن - يعني موسي بن جعفر عليه السلام - و أحببت أن تذهب معي اليه، فخرجت معه نحو أخي و هو في داره التي بالحوبة و ذلك بعد المغرب بقليل، فضربت الباب فأجابني أخي فقال: من هذا فقلت: علي.

فقال: هو ذا أخرج - و كان بطي ء الوضوء - فقلت: العجل قال: و أعجل، فخرج و عليه ازار ممشق قد عقده في عنقه حتي قعد تحت عتبة الباب، فقال علي بن جعفر: فانكببت عليه فقبلت رأسه و قلت: قد جئتك في أمر ان تره صوابا فالله وفق له، و ان يكن غير ذلك فما أكثر ما نخطي قال: و ما هو؟ قلت: هذا ابن أخيك يريد أن يودعك و يخرج الي بغداد، فقال لي: ادعه فدعوته و كان متنحيا، فدنا منه فقبل رأسه و قال: جعلت فداك أوصني.

فقال: أوصيك أن تتقي الله في دمي فقال مجيبا له: من أرادك بسوء فعل الله به و جعل يدعو علي من يريده بسوء، ثم عاد فقبل رأسه، فقال: يا عم أوصني فقال: أوصيك أن تتقي الله في دمي فقال: من أرادك بسوء فعل الله به و فعل، ثم عاد فقبل رأسه، ثم قال: يا عم أوصني، فقال: أوصيك أن تتقي الله في دمي فدعا علي من أراده بسوء، ثم تنحي عنه و مضيت معه فقال لي أخي: يا علي مكانك فقمت مكاني فدخل منزله.

ثم دعاني فدخلت اليه فتناول صرة فيها مائة دينار فأعطانيها و قال: قل لابن أخيك



[ صفحه 199]



يستعين بها علي سفره قال علي: فأخذتها فأدرجتها في حاشية ردائي ثم ناولني مائة أخري و قال: أعطه أيضا، ثم ناولني صرة أخري و قال: أعطه أيضا فقلت: جعلت فداك اذا كنت تخاف منه مثل الذي ذكرت، فلم تعينه علي نفسك؟ فقال: اذا وصلته و قطعني قطع الله أجله، ثم تناول مخدة أدم، فيها ثلاثة آلاف درهم وضح و قال: أعطه هذه ايضا.

قال: فخرجت اليه فأعطيته المائة الاولي ففرح بها فرحا شديدا و دعا لعمه، ثم أعطيته الثانية و الثالثة ففرح بها حتي ظننت أنه سيرجع و لا يخرج، ثم أعطيته الثلاثة آلاف درهم فمضي علي وجهه حتي دخل علي هارون فسلم عليه بالخلافة و قال: ما ظننت أن في الأرض خليفتين حتي رأيت عمي موسي بن جعفر يسلم عليه بالخلافة، فأرسل هارون اليه بمائة ألف درهم فرماه الله بالخذبحة فما نظر منها الي درهم و لا مسه [1] .

2 - روي الكليني بسنده: عن عبدالله بن جعفر بن ابراهيم الجعفري قال: حدثنا عبدالله بن المفضل مولي عبدالله بن جعفر بن أبي طالب قال: لما خرج الحسين بن علي المقتول بفخ و احتوي علي المدينة، دعا موسي بن جعفر الي البيعة، فأتاه فقال له: يا بن عم لا تكلفني ما كلف ابن عمك عمك أباعبدالله فيخرج مني ما لا أريد كما خرج من أبي عبدالله ما لم يكن يريد، فقال له الحسين: انما عرضت عليك أمرا فان أردته دخلت فيه و ان كرهته لم أحملك عليه و الله المستعان.

ثم ودعه، فقال له أبوالحسن موسي بن جعفر حين ودعه يا بن عم انك مقتول فأجد الضراب فان القوم فساق يظهرون ايمانا و يسترون شركا و انا لله و انا اليه راجعون، أحتسبكم عند الله من عصبة، ثم خرج الحسين و كان من أمره ما كان، قتلوا كلهم كما قال عليه السلام [2] .

3 - روي ايضا: عن عبدالله بن ابراهيم الجعفري قال: كتب يحيي بن عبدالله بن



[ صفحه 200]



الحسن الي موسي بن جعفر عليهماالسلام «أما بعد فاني أوصي نفسي بتقوي الله و بها أوصيك فانها وصية الله في الأولين و وصيته في الآخرين، خبرني من ورد علي من أعوان الله علي دينه و نشر طاعته بما كان من تحننك من خذلانك، و قد شاورت في الدعوة للرضا من آل محمد صلي الله عليه و آل و قد احتجبتها و احتجبها أبوك من قبلك و قديما ادعيتم ما ليس لكم و بسطتم آمالكم الي ما لم يعطكم الله، فاستهويتم و أظللتم و أنا محذرك ما حذرك الله من نفسه».

فكتب اليه أبوالحسن موسي بن جعفر عليه السلام من موسي بن أبي عبدالله جعفر. ظ و علي مشتركين في التذلل لله و طاعته الي يحيي بن عبدالله بن حسن، أما بعد فاني أحذرك الله و نفسي و أعلمك أليم عذابه و شديد عقابه، و تكامل نقماته، و أوصيك و نفسي بتقوي الله فانها زين الكلام و تثبيت النعم.

أتاني كتابك تذكر فيه أني مدع و أبي من قبل، و ما سمعت ذلك مني و ستكتب شهادتهم و يسألون و لم يدع حرص الدنيا و مطالبها لأهلها مطلبا لآخرتهم، حتي يفسد عليهم مطلب آخرتهم في دنياهم و ذكرت أني ثبطت الناس عنك لرغبتي فيما في يديك و ما منعني من مدخلك الذي أنت فيه لو كنت راغبا ضعف عن سنة و لا قلة بصيرة بحجة و لكن الله تبارك و تعالي خلق الناس أمشاجا و غرائب و غرائز.

فأخبرني عن حرفين أسألك عنهما ما العترف في بدنك و ما الصهلج في الانسان، ثم اكتب الي بخبر ذلك و أنا متقدم اليك أحذرك معصية الخليفة و أحثك علي بره و طاعته و أن تطلب لنفسك أمانا قبل أن تأخذك الأظفار و يلزمك الخناق من كل مكان.

فتروح الي النفس من كل مكان و لا تجده، حتي يمن الله عليك بمنه و فضله ورقة الخليفة أبقاه الله فيؤمنك ويرحمك و يحفظ فيك أرحام رسول الله و السلام علي من أتبع الهدي، انا قد أوحي الينا أن العذاب علي من كذب و تولي.

قال الجعفري: فبلغني أن كتاب موسي بن جعفر عليه السلام وقع في يدي هارون فلما قرأه قال: الناس يحملوني علي موسي بن جعفر و هو بري ء مما يرمي به [3] .



[ صفحه 201]



4 - قال الصدوق: حدثنا ابوالحسن أحمد بن محمد بن الحسين البزاز، قال: حدثنا أبوطاهر الساماني قال: حدثنا ابوالقاسم بشر بن محمد بن بشير قال: حدثني أبوالحسين أحمد بن سهل بن ماهان، قال: حدثني عبيدالله البزاز النيسابوري و كان مسنا، قال: كان بيني و بين حميد بن قحطبة الطائي الطوسي معاملة، فرحلت اليه في بعض الأيام فبلغه خبر قدومي فاستحضرني للوقت و علي ثياب السفر لم أغيرها و ذلك في شهر رمضان وقت صلوة الظهر، فلما دخلت عليه رأيته في بيت يجري فيه الماء فسلمت عليه و جلست، فأتي بطشت و ابريق فغسل يديه.

ثم أمرني فغسلت يدي و احضرت المائدة و ذهب عني اني صائم و أني في شهر رمضان، ثم ذكرت فامسكت يدي فقال لي حميد: مالك لا تأكل؟ فقلت: أيها الأمير هذا شهر رمضان و لست بمريض و لا بي علة توجب الافطار و لعل الأمير له عذر في ذلك أو علة توجب الافطار، فقال: ما بي علة توجب الافطار و اني لصحيح البدن، ثم دمعت عيناه و بكي، فقلت له بعد ما فرغ من طعامه: ما يبكيك أيها الأمير؟

فقال: أنفذ الي هارون الرشيد وقت كونه بطوس في بعض الليل أن أجب فلما دخلت عليه رأيته بين يديه شمعة تتقد و سيفا أخضر مسلولا و بين يديه خادم واقف، فلما قمت بين يديه رفع رأسه الي، فقال: كيف طاعتك لاميرالمؤمنين؟ فقلت: بالنفس و المال فاطرق، ثم أذن لي في الانصراف، فلم ألبث في منزلي حتي عاد الرسول الي و قال: أجب أميرالمؤمنين، فقلت في نفسي: انا لله أخاف ان يكون قد عزم علي قتلي و انه لما رآني استحيي مني، قعدت الي بين يديه.

فرفع رأسه الي فقال: كيف طاعتك لاميرالمؤمنين؟ فقلت: بالنفس و المال و الاهل و الولد، فتبسم ضاحكا، ثم أذن لي في الانصراف ، لما دخلت منزلي لم ألبث أن عاد الي الرسول، فقال: أجب أميرالمؤمنين، فحضرت بين يديه و هو علي حاله، فرفع رأسه الي: و قال لي: كيف طاعتك لاميرالمؤمنين؟ فقلت: بالنفس و المال و الاهل و الوالد والدين فضحك.

ثم قال لي: خذ هذا السيف و امتثل ما يأمرك به الخادم قال: فتناول الخادم السيف



[ صفحه 202]



و ناولنيه و جاء بي الي بيت بابه مغلق ففتحه فاذا فيه بئر في وسطه و ثلثة بيوت أبوابها مغلقة ففتح باب بيت منها، فاذا فيه عشرون نفسا عليهم الشعور و الذوائب شيوخ و كهول و شبان مقيدون، فقال لي: ان أميرالمؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء و كانوا كلهم علوية من ولد علي و فاطمة عليهماالسلام فجعل يخرج الي واحدا بعد واحد فاضرب عنقه حتي أتيت علي آخرهم.

ثم رمي باجسادهم و رؤسهم في تلك البئر ثم فتح باب بيت آخر فاذا فيه ايضا عشرون نفسا من العلوية من ولد علي و فاطمة عليهماالسلام مقيدون، فقال لي: ان أميرالمؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء، فجعل يخرج الي واحدا بعد واحد فاضرب عنقه و يرمي به في تلك البئر حتي أتيت الي آخرهم، ثم فتح باب البيت الثالث فاذا فيه مثلهم عشرون نفسا من ولد علي و فاطمة عليهماالسلام مقيدون عليهم الشعور و الذوائب.

فقال لي: ان أميرالمؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء أيضا، فجعل يخرج الي واحدا بعد واحد فاضرب عنقه و يرمي به في تلك البئر حتي أتيت علي تسعة عشر نفسا منهم، و بقي شيخا منهم عليه شعر، فقال لي: تبا لك يا ميشوم! اي عذر لك يوم القيامة اذا قدمت عليه جدنا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و قد قتلت من اولاده ستين نفسا و قد ولدهم علي و فاطمة عليهماالسلام؟

فارتعشت يدي و ارتعدت فرايصي فنظر الي الخادم مغضبا وز برني فأتيت علي ذلك الشيخ ايضا فقتلته و رمي به في تلك البئر، فاذا كان فعلي هذا و قد قتلت ستين نفسا من ولد رسول الله صلي الله عليه و آله، فما ينفعني صومي و صلوتي؟! و انا لا أشك اني مخلد في النار [4] .

الامام الكاظم عليه السلام و مقتل الحسين صاحب الفخ برواية أبي الفرج.

5 - قال: حدثني به جماعة من الرواة منهم: احمد بن عبيدالله بن محمد بن عمار الثقفي و علي بن ابراهيم العلوي، و غيرهما ممن كتبت الشي ء عنه من اخباره متفرقا، أو



[ صفحه 203]



رواه لي مجتمعا، قال: احمد بن عبيدالله بن عمار، قال: حدثني علي بن محمد بن سليمان النوفلي، عن ابيه.

قال: و حدثني احمد بن سليمان بن ابي شيخ، و عمر بن شبة النميري، عن ابيه قال: و حدثني يعقوب بن اسرائيل مولي المنصور، و نسخت أيضا من أخباره ما وجدته بخط احمد بن الحرث الخزاز. و حدثنا علي بن العباس المقانعي، قال: حدثنا محمد بن الحسن المزني، قال: حدثنا احمد بن الحسن بن مروان، قال: قرأ علي هذه الأخبار عبدالعزيز بن عبدالملك الهاشمي.

قال: علي بن ابراهيم، قال: الحسن بن محمد المزني، حدثني علي بن محمد بن ابراهيم عن بكر بن صالح، عن عبدالله بن ابراهيم الجعفري، و قد دخل حديث بعضهم في حديث الباقين، و احدهم يأتي بالشي ء لا يأتي به الآخر، و قد أثبت جميع رواياتهم في ذلك، الا ما لعله أن يخالف المعني خلافا بعيدا فأفرده.

قالوا: كان سبب خروج الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب أن موسي الهادي ولي المدينة اسحاق بن عيسي بن علي، فاستخلف عليها رجلا من ولد عمر بن الخطاب يعرف بعبد العزيز بن عبدالله، فحمل علي الطالبيين و اساء اليهم، و افرط في التحامل عليهم، و طالبهم بالعرض كل يوم، و كانوا يعرضون في المقصورة.

و اخذ كل واحد منهم بكفالة قرينه و نسيبه فضمن الحسين بن علي و يحيي بن عبدالله بن الحسن، الحسن بن محمد بن عبدالله بن الحسن، و وفي أوائل الحاج و قدم من الشيعة نحو من سبعين رجلا، فنزلوا دار ابن افلح بالبقيع و أقاموا بها، و لقوا حسينا و غيره، فبلغ ذلك العمري فأنكره، و كان قد أخذ قبل ذلك الحسن بن محمد بن عبدالله، و ابن جندب الهذلي الشاعر، و مولي لعمر بن الخطاب، و هم مجتمعون.

فأشاع انه وجدهم علي شراب، فضرب الحسن ثمانين سوطا، و ضرب ابن جندب خمسة عشر سوطا، و ضرب مولي عمر سبعة أسواط، و أمر بأن يدار بهم في المدينة مكشفي الظهور ليفضحهم. فبعثت اليه الهاشمية صاحبة الراية السوداء في ايام محمد بن عبدالله



[ صفحه 204]



فقالت له: لا و لا كرامة لا تشهر أحدا من بني هاشم و تشنع عليهم و أنت ظالم. فكف عن ذلك و خلي سبيلهم.

رجع الحديث الي خبر الحسين. قالوا: فلما اجتمع النفر من الشيعة في دار ابن أفلح اغلظ العمري أمر العرض، و ولي علي الطالبين رجلا يعرف بأبي بكر بن عيسي الحائك مولي الأنصار فعرضهم يوم جمعة فلم يأذن لهم بالانصراف حتي بدأ أوائل الناس يجيئون الي المسجد، ثم أذن لهم فكان قصاري احدهم ان يغدو و يتوضأ للصلاة و يروح الي المسجد.

فلما صلوا حبسهم في المقصورة الي العصر ثم عرضهم فدعا باسم الحسن بن محمد فلم يحضر، فقال ليحيي و الحسين بن علي: لتأتياني به أو لأحبسنكما فان له ثلاثة أيام لم يحضر العرض و لقد خرج او تغيب، فراده بعض المرادة و شتمه يحيي، و خرج فمضي ابن الحائك هذا ذدخل علي العمري فأخبره فدعا بهما فوبخهما و تهددهما، فتضاحك الحسين في وجهه و قال: أنت مغضب يا أباحفص فقال له العمري: أتهزأ بي و تخاطبني بكنيتي؟

فقال له: قد كان ابوبكر و عمر، و هما خير منك، يخاطبان بالكني فلا ينكران ذلك، و أنت تكره الكنية و تريد المخاطبة بالولاية.

فقال له: آخر قولك شر من أوله. فقال: معاد الله، يأبي الله لي ذلك و من أنا منه. فقال له أفأنما أدخلتك الي لتفاخرني و تؤذيني؟ فغضب يحيي بن عبدالله فقال له: فما تريد منا؟ فقال: أريد أن تأتياني بالحسن بن محمد.

فقال: لا نقدر عليه، هو في بعض ما يكون فيه الناس، فابعث الي آل عمر بن الخطاب فاجمعهم كما جمعتنا، ثم اعرضهم رجلا رجلا فان لم تجد فيهم من قد غاب أكثر من غيبة الحسن عنك فقد أنصفتنا، فحلف علي الحسين بطلاق امرأته و حرية مماليكه أنه لا يخلي عنه أو يجيئه به في باقي يومه و ليلته، و أنه ان لم يجي ء به ليركبن الي سو يقة فيخربها و يحرقها، و ليضربن الحسين الف سوط، و حلف بهذه اليمين ان وقعت عينه علي الحسن بن محمد ليقتلنه من ساعته.



[ صفحه 205]



فوثب يحيي مغضبا فقال له: أنا أعطي الله عهدا، و كل مملوك لي حر ان ذقت الليلة نوما حتي آتيك بالحسن بن محمد أو لا أجده، فأضرب عليك بابك حتي تعلم أني قد جئتك. و خرجا من عنده و هم مغضبان، و هو مغضب، فقال الحسين ليحيي بن عبدالله: بئس لعمر الله ما صنعت حيت تحلف لتأتينه به، و أين تجد حسنا؟قال: لم أرد أن آتيه بالحسن و الله، و الا فأنا نفي من رسول الله صلي الله عليه و آله و من علي عليه السلام بل أردت ان دخل عيني نوح حتي أضرب عليه بابه و معي السيف، ان قدرت عليه قتلته.

فقال له الحسين: بئسما تصنع تكسر علينا أمرنا.

قال له يحيي: و كيف أكسر عليك أمرك، و انما بيني و بين ذلك عشرة أيام حتي تسير الي مكة، فوجه الحسين الي الحسن بن محمد فقال: يابن عمي، قد بلغك ما كان بيني و بين هذا الفاسق، فامض حيث أحببت.

فقال الحسن، لا و الله يابن عمي ، بل أجي ء معك الساعة حتي اضع يدي في يده. فقال له الحسين: ما كان الله ليطلع علي و انا جاء الي محمد صلي الله عليه و آله و هو خصمي و حجيجي في دمك، و لكن اقيك بنفسي لعل الله أن يقيني من النار.

قال: ثم وجه، فجاءه يحيي، و سليمان، و ادريس، بنو عبدالله بن الحسن و عبدالله بن الحسن الأفطس، و ابراهيم بن اسماعيل طباطبا و عمر بن الحسين بن علي بن الحسن بن الحسين بن الحسن، و عبدالله بن اسحاق بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي، و عبدالله بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب و وجهوا الي فتيان من فتيانهم و مواليهم.

فاجتمعوا ستة و عشرين رجلا من ولد علي، و عشرة من الحاج، و نفر من الموالي، فلما اذن لمؤذن للصبح دخلوا المسجد ثم نادوا: «أحد، أحد» و صعد عبدالله بن الحسن الأفطس المنارة التي عند رأس النبي - صلي الله عليه و آله - عند موضع الجنائز فقال للمؤذن: أذن بحي علي خير العمل، فلما نظر الي السيف في يده اذن بها و سمعه العمري فأحس بالشر و دهش، و صاح: اغلقوا البلغة الباب و اطعموني حبتي ماء.



[ صفحه 206]



قال علي بن ابراهيم في حديثه: فولده الي الآن بالمدينة يعرفون بيني حبتي ماء.

قالوا: ثم اقتحم الي دار عمر بن الخطاب و خرج في الزقاق المعروف بزقاق عاصم ابن عمر، ثم مضي هاربا علي وجهه يسعي و يضرط حتي نجا، فصلي الحسين بالناس الصبح و دعا بالشهود العدول الذين كان العمري اشهدهم عليه أن يأتي بالحسن اليه و دعي بالحسن و قال للشهود: هذا الحسن قد جئت به فهاتوا العمري و الا و الله خرجت من يميني و مما علي. و لم يتخلف عنه احد من الطالبيين الا الحسن بن جعفر بن الحسن ابن الحسن، فانه استعفاه فلم يكرهه، و موسي بن جعفر بن محمد.

حدثني علي بن ابراهيم، قال: حدثني جعفر بن محمد الفزاري، قال: حدثنا عباد ابن يعقوب، قال: حدثنا عنيزة القصباني بهذا:

رجع الحديث الي حيث انتهي من قصصهم.

قال: و قال الحسين لموسي بن جعفر في الخروج فقال له: انك مقتول فأحد الضراب فان القوم فساق يطهرون ايمانا، و يضمرون نفاقا و شركا، فانا لله و انا اليه راجعون، و عند الله عزوجل أحتسبكم من عصبة.

قال: و خطب الحسين بن علي بعد فراغه من الصلاة فحمد الله و اثني عليه و قال: أنا ابن رسول الله، علي منبر رسول الله، و في حرم رسول الله، ادعوكم الي سنة رسول الله - صلي الله عليه و آله - أيها الناس: أتطلبون آثار رسول الله في الحجر و العود، و تتمسحون بذلك، و تضيعون بضعة منه!

فقال الراوي للحديث: فقلت في نفسي قولا أسره: انا لله ما صنع هذا بنفسه. قال: و الي جنبي عجوز مدنية فقالت: اسكت ويلك، الا بن رسول الله تقول هذا؟

قلت: يرحمك الله و الله ما قلت هذا الا للاشفاق عليه.

قالوا: فأقبل خالد البربري و كان مسلحة للسلطان بالمدينة في السلاح و معه اصحابه حتي وافوا باب المسجد الذي يقال له: باب جبرائيل، فنظرت الي يحيي بن عبدالله قد قصده و في يده السيف فأراد خالد أن ينزل فبدره يحيي فضربه علي جبينه، و عليه البيضة و المغفر و القلنسوة، فقطع ذلك كله و أطار قحف رأسه و سقط عن دابته، و حمل علي



[ صفحه 207]



أصحابه فتفرقوا و انهزموا.

و حج في تلك السنة مبارك التركي فبدأ بالمدينة للزيارة فبلغه خبر الحسين فبعث اليه من الليل: اني و الله ما احب ان تبتلي بي و لا ابتلي بك، فابعث الليلة الي نفرا من اصحابك و لو عشرة يبيتون عسكري حتي انهزم و اعتل بالبيات، ففعل ذلك الحسين، و وجه عشرة من اصحابه فجعجعوا بمبارك و صيحوا في نواحي عسكره فطلب دليلا يأخذ به غير الطريق فوجده فمضي به حتي انتهي الي مكة.

و حج في تلك السنة العباس بن محمد، و سليمان بن أبي جعفر، و موسي بن عيسي، فصار مبارك معهم، و اعتل عليهم بالبيات.

و خرج الحسين بن علي قاصدا الي مكة و معه من تبعه من أهله و مواليه و اصحابه و هم زهاء ثلاثمائة، و استخلف علي المدينة دينار الخزاعي، فلما قربوا من مكة فصاروا بفخ و بلدح تلقتهم الجيوش فعرض العباس علي الحسين الأمان و العفو و الصلة فأبي ذلك اشد الاباء.

قال الحسين بن محمد: و حدثني سليمان بن عباد قال: لما أن رأي الحسين المسودة اقعد رجلا علي جمل، معه سيف يلوح به و الحسين يملي عليه حرفا حرفا يقول: ناد فنادي: يا معشر الناس، يا معشر المسودة، هذا الحسين بن رسول الله صلي الله عليه و آله، و ابن عمه، يدعوكم الي كتاب الله و سنة رسول الله صلي الله عليه و آله.

قال الحسن: و حدثني محمد بن مروان عن أرطاة، قال لما كانت بيعة الحسين بن علي صاحب فخ قال: ابايعكم علي كتاب الله و سنة رسول الله، وعلي ان يطاع الله و لا يعصي، و ادعوكم الي الرضا من آل محمد و علي ان نعمل فيكم بكتاب الله و سنة نبيه صلي الله عليه و آله، و العدل في الرعية، و القسم بالسوية، و علي أن تقيموا معنا و تجاهدوا عدونا فان نحن و فينا لكم وفيتم لنا، و ان نحن نف لم فلا يبعة لنا عليكم.

قال الحسن بن محمد في حديثه: فحدثني كثير عن اسحاق بن ابراهيم قال: سمعت الحسين ليلة جمعة و نحن ببطن مر، و لقينا عبيد بن يقطين، و مفضل الوصيف و هما في سبعين فارسا، و الحسين راكب علي حمار ادريس بن عبدالله و هو يقول: يا اهل العراق،



[ صفحه 208]



ان خصلتين احدهما الجنة لشريفتان، و الله لو لم يكن معي غيري لحاكمتكم الي الله عزوجل حتي الحق بسلفي.

رجع الحديث الي أوله.

قال: و لقيته الجيوش بفخ وقادها: العباس بن محمد، و موسي بن عيسي، و جعفر و محمد ابنا سليمان، و مبارك التركي، و منارة، و الحسن الحاجب و الحسين بن يقطين، فالتقوا في يوم التروية وقت صلاة الصبح، فأمر موسي بن عيسي بالتعبئة فصار محمد بن سليمان في الميمنة ، و موسي في الميسرة، و سليمان بن أبي جعفر و العباس ابن محمد في القلب.

فكان أول من بدأهم موسي فحملوا عليه فاستطرد لهم شيئا حتي انحدروا في الوادي و حمل عليهم محمد بن سليمان من خلفهم، فطحنهم طحنة واحدة حتي قتل اكثر اصحاب الحسين، و جعلت المسودة تصيح للحسين: يا حسين، لك الأمان فيقول: ما أريد الامان، و يحمل عليهم حتي قتل، و قتل معه سليمان بن عبدالله بن الحسن، و عبدالله بن اسحاق بن ابراهيم بن الحسن و أصابه الحسن بن محمد بنشابة في عينه و تركها في عينه، و جعل يقاتل اشد القتال.

فناداه محمد بن سليمان: يا بن خال، اتق الله في نفسك و لك الأمان. فقال: و الله ما لكم أمان و لكني اقبل منكم، ثم كسر سيفا هنديا كان في يده، و دخل اليهم، فصاح العباس بن محمد بابنه عبدالله: قتلك الله ان لم تقتله، ابعد تسع جراحات تنتظر هذا؟ فقال له موسي بن عيسي: اي والله عاجلوه!

فحمل عليه عبيدالله فطعنه، و ضرب العباس ابن محمد عنقه بيده صبرا، و نشبت الحرب بين العباس بن محمد، و محمد بن سليمان و قال: أمنت ابن خالي فقتلتموه، فقالوا: نحن نعطيك رجلا من العشيرة تقتله مكانه. و ذكر احمد بن الحرث في روايته: أن موسي بن عيسي هو الذي ضرب عنق الحسن بن محمد.

قال احمد بن الحرث: و حدثني يزيد بن عبدالله الفارسي، قال: كذا حماد التركي ممن حضر وقعة فخ، فقال للقوم: أروني حسينا، فأروه اياه، فرماه بسهم فقتله فوهب له



[ صفحه 209]



محمد بن سليمان مائة الف درهم و مائة ثوب.

قالوا: و غضب موسي علي مبارك التركي لانهزامه عن الحسين و حلف ليجعلنه سائسا. و غضب علي موسي في قتله الحسن بن محمد صبرا و قبض أموالهم.

و كان يقول: متي توافي فاطمة اخت الحسين بن علي؟ و الله لأطرحنها الي السواس، فمات قبل أن يوافي بها.

حدثني علي ابراهيم العلوي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن هاشم، قال: حدثني محمد بن منصور عن القاسم بن ابراهيم، عمن ذكره، قال: رأيت الحسين صاحب فخ و قد دفن شيئا، فظننت انه شي ء له مقدار، فلما كان من أمره ما كان نظرنا فاذا هو قطعة من جانب قد قطع فدفنه ثم عاد فكر عليهم.

قال الحسن: و حدثني محمد بن منصور، قال: حدثني مصفي بن عاصم، قال: حدثني سليمان بن اسحاق القطان، قال: حدثني ابوالعرجا الجمال: أن موسي بن عيسي دعاه فقال له: احضرني جمالك. قال: فجئته بمائة جمل ذكر، فختم اعناقها و قال: لا افقد منها و برة الا ضربت عنقك، ثم تهيأ للمسير الي الحسين صاحب فخ فسار حتي أتينا بستان بني عامر فنزل فقال لي: اذهب الي عسكر الحسين حتي تراه و تخبرني بكل ما رأيت.

فمضيت فدرت فما رأيت خللا و لا فللا، و لا رأيت الا مصليا أو مبتهلا، أو ناظرا في مصحف أو معدا للسلاح قال: فجئته فقلت: ما اظن القوم الا منصورين. فقال: و كيف ذاك يابن الفاعلة؟ فأخبرته فضرب يدا علي يد و بكي حتي ظننت انه سينصرف.

ثم قال: هم و الله اكرم عندالله، و احق بما في ايدينا منا، و لكن الملك عقيم، و لو ان صاحب القبر - يعني النبي صلي الله عليه و آله - نازعنا الملك ضربنا خيشومه بالسيف، يا غلام، اضرب بطبلك. ثم سار اليهم، فوالله ما انثني عن قتلهم.

رجع الحديث الي حيث انقطع.

قالوا: جاء الجند بالرؤس الي موسي، و العباس، و عندهم جماعة من ولد الحسن



[ صفحه 210]



و الحسين، فلم يتكلم احد منهم بشي ء الا موسي بن جعفر فقال له: هذا رأس الحسين. قال: نعم انا لله و انا اليه راجعون، مضي و الله مسلما صالحا صواما قواما آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، ما كان في اهل بيته مثله. فلم يجيبوه بشي ء.

قال: و حملت الأسري الي موسي الهادي، و فيهم العذافر الصيرفي، و علي بن سابق القلانسي، و رجل من ولد الحاجب بن زارة، فأمر بهم فضربت اعناقهم، و من بين يديه رجل آخر من الأسري واقف، فقال انا مولاك يا أميرالمؤمنين.

فقال: مولاي يخرج علي، و مع موسي سكين، فقال: و الله لأقطعنك بهذه السكين مفصلا مفصلا.

قال: و غلبت عليه العلة فمكث ساعة طويلة ثم مات، و سلم الرجل من القتل فأخرج من بين يديه.

فحدثني احمد بن عبيدالله بن عمار، قال: قال احمد بن الحارث، عن عمر بن خلف الباهلي، عن بعض الطالبيين، قال: لما قتل اصحاب فخ جلس موسي بن عيسي بالمدينة، و أمر الناس بالوقيعة علي آل أبي طالب، فجعل الناس يوقعون عليهم حتي لم يبق احد، فقال بقي احد قيل له: موسي بن عبدالله. و اقبل موسي بن عبدالله علي اثر ذلك، و عليه مدرعة و ازار غليظ، و في رجليه نعلان من جلود الابل، و هو اشعث اغبر حتي قعد مع الناس و لم يسلم عليه، و الي جنبه السري بن عبدالله من ولد الحرث بن العباس بن عبدالمطلب، فقال لموسي بن عيسي: دعني اكشف عليه باله، و اعرفه نفسه.

قال: أخافه عليك. قال: دعني، فأذن له فقال له يا موسي. قال: أسمعت فقل : قال: كيف رأيت مصارع البغي الذي لا تدعونه لبني عمكم المنعمين عليكم.

فقال موسي اقول في ذلك:



بني عمنا ردوا فضول دمائنا

ينم ليلكم اولا يلمنا اللوائم



فانا و اياكم و ما كان بيننا

كذي الدين يقضي دينه و هو راغم [5] .



[ صفحه 211]



6 - روي ابن عبد ربه عن العتبي قال: كان بين شريك القاضي و الربيع حاجب المهدي معارضة، فكان الربيع يحمل عليه المهدي، فلا يلتفت اليه، حتي رأي المهدي في منامه شريكا القاضي مصروفا وجهه عنه، فلما استيقظ من نومه دعا الربيع، و قص عليه رؤياه؛ فقال: يا أميرالمؤمنين، ان شريكا مخالف لك و انه فاطمي محض؛ قال المهدي: علي به.

فلما دخل عليه، قال له: يا شريك، بلغني أنك فاطمي، قال له شريك: أعيذك بالله يا أميرالمؤمنين أن تكون غير فاطمي، الا أن تعني فاطمة بنت كسري؛ قال: ولكني أعني فاطمة بنت محمد صلي الله عليه و سلم؛ قال: أفتلعنها يا أميرالمؤمنين؟ قال: معاذ الله؛ قال: فماذا تقول فيمن يلعنها؟ قال: عليه لعنة الله؛ قال: فالعن هذا - يعني الربيع - فانه يلعنها، فعليه لعنة الله.

قال الربيع: لا و الله يا أميرالمؤمنين ما ألعنها؛ قال له شريك: يا ماجن فما ذكرك لسيدة نساء العالمين، وأبنة سيد المرسلين في مجالس الرجال؟ قال المهدي: دعني من هذا، فاني رأيتك في منامي كأن وجهك مصروف عني و قفاك الي، و ما ذلك الا بخلافك علي، و رأيت في منامي كأني أقتل زنديقا.

قال شريك: ان رؤياك يا أميرالمؤمنين ليست برؤيا يوسف الصديق صلوات الله علي محمد و عليه، و ان الدماء لا تستحل بالأحلام، و ان علامة الزندقة بينة، قال: و ما هي؟ قال: شرب الخمر و الرشا في الحكم و مهر البغي؛ قال: صدقت و الله أباعبدالله، أنت و الله خير من الذي حملني عليك [6] .



[ صفحه 212]




پاورقي

[1] الكافي: 1 / 485.

[2] الكافي: 1 / 366.

[3] الكافي: 1 / 367.

[4] عيون الاخبار: 1 / 108.

[5] مقاتل الطالبيين : 294.

[6] عقد الفريد: 2 / 178.