بازگشت

احتجاجه مع هارون الرشيد


1- روي العياشي: عن محمد بن سابق بن طلحة الانصاري قال: كان مما قال هارون لابي الحسن موسي عليه السلام حين ادخل عليه ما هذه الدار؟ قال: هذه دار الفاسقين، قال: و قرأ: «سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق و ان يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا» يعني و ان يروا كل آية لا يؤمنوا بها و ان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا، فقال له هارون: فدار من هي؟ قال: هي لشيعتنا قرة و لغيرهم فتنة قال: فما بال صاحب الدار لا يأخذها؟ قال: أخذت منهم عامرة و لا يأخذها الا معمورة. [1] .

2- قال الشيخ الجليل الحسن بن علي الحراني: أن موسي بن جعفر عليهماالسلام دخل اليه و قد عمد علي القبض عليه، لأشياء كذبت عليه عنده، فأعطاه طومارا طويلا فيه مذاهب و شنعة نسبها الي شيعته [فقرأه] ثم قال له: يا أميرالمؤمنين نحن أهل بيت منينا بالتقول علينا، و ربنا غفور ستور أبي أن يكشف اسرار عباده الا في وقت محاسبته: «يوم لا ينفع مال و لا بنون الا من أتي الله بقلب سليم».

ثم قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن علي، عن النبي صلوات الله عليهم: الرحم اذا مست الرحم اضطربت ثم سكنت، فان رأي أميرالمؤمنين أن تمس رحمي رحمه و يصافحني فعل. فتحول عند ذلك عن سريره و مد يمينه الي موسي عليه السلام فأخذ بيمينه، ثم ضمه الي صدره، فاعتنقه و أقعده عن يمينه و قال:

أشهد أنك صادق و أبوك صادق و جدك صادق و رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم صادق. و لقد دخلت و أنا أشد الناس عليك حنقا و غضبا لما رقي الي فيك فلما تكلمت



[ صفحه 145]



بما تكلمت و صافحتني سري عني و تحول غضبي عليك رضي. و سكت ساعة.

ثم قال له: أريد أن أسألك عن العباس و علي بما صار علي أولي بميراث رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من العباس، و العباس عم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وصنو أبيه؟ فقال له موسي عليه السلام: أعفني. قال: والله لا أعفينك، فأجبني. قال: فان لم تعفني فآمني قال: آمنتك.

قال موسي عليه السلام: ان النبي صلي الله عليه و آله و سلم لم يورث من قدر علي الهجرة فلم يهاجر، ان أباك العباس آمن و لم يهاجر، و ان عليا عليه السلام آمن و هاجر، و قال الله: «الذين آمنوا و لم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شي ء حتي يهاجروا» فالتمع لون هارون و تغير. و قال: ما لكم لا تنسبون الي علي و هو أبوكم و تنسبون الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و هو جدكم؟

فقال موسي عليه السلام: ان الله نسب المسيح عيسي بن مريم عليه السلام الي خليله ابراهيم عليه السلام بامه مريم البكر البتول التي لم يمسها بشر في قوله: «و من ذريته داود و سليمان و أيوب و يوسف و موسي و هارون، و كذلك نجزي المحسنين - و زكريا و يحيي و عيسي و الياس كل من الصالحين».

فنسبه بامه وحدها الي خليله ابراهيم عليه السلام، كما نسب داود و سليمان و أيوب و موسي و هارون عليهم السلام بآبائهم و امهاتهم فضيلة لعيسي عليه السلام و منزلة رفيعة بامه وحدها. و ذلك قوله في قصة مريم عليهاالسلام: «ان الله اصطفاك و طهرك و اصطفاك علي نساء العالمين» بالمسيح من غير بشر. و كذلك اصطفي ربنا فاطمة عليهماالسلام و طهرها و فضلها علي نساء العالمين بالحسن و الحسين سيدي شباب أهل الجنة.

فقال له هارون - و قد اضطرب و ساءه ما سمع -: من أين قلتم الانسان يدخل الفساد من قبل النساء و من قبل الآباء لحال الخمس الذي لم يدفع الي أهله.

فقال موسي عليه السلام: هذه مسألة ما سئل عنها أحد من السلاطين غيرك - يا أميرالمؤمنين - و لا تيم و لا عدي و لا بنوأمية و لا سئل عنها أحد من آبائي فلا



[ صفحه 146]



تكشفني عنها. قال: فان بلغني عنك كشف هذا رجعت عما آمنتك.

فقال موسي عليه السلام: لك ذلك. قال: فان الزندقة قد كثرت في الاسلام و هؤلاء الزنادقة الذين يرفعون الينا في الأخبار، هم المنسوبون اليكم، فما الزنديق عندكم أهل البيت، فقال عليه السلام: الزنديق هو الراد علي الله و علي رسوله و هم الذين يحادون الله و رسوله.

قال الله: «لا تجد قوما يؤمنون بالله و اليوم الآخر يوادون من حاد الله و رسوله و لو كان آباءهم أو أبناءهم أو اخوانهم أو عشيرتهم الي آخر الآية». و هم الملحدون، عدلوا عن التوحيد الي الالحاد. فقال هارون: أخبرني عن أول من ألحد و تزندق؟

فقال موسي عليه السلام: أول من ألحد و تزندق في السماء ابليس اللعين، فاستكبر و افتخر علي صفي الله و نجيه آدم عليه السلام، فقال اللعين: «انا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين» فعتا عن أمر ربه و ألحد فتوارث الالحاد ذريته الي أن تقوم الساعة. فقال: و لابليس ذرية؟

فقال عليه السلام: نعم ألم تسمع الي قول الله: «الا ابليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه، أفتتخذونه و ذريته أولياء من دوني و هم لكم عدو بئس للظالمين بدلا - ما أشهدتهم خلق السموات و الارض و لا خلق أنفسهم و ما كنت متخذ المضلين عضدا» لأنهم يضلون ذرية آدم بزخارفهم و كذبهم و يشهدون أن لا اله الا الله، كما وصفهم الله في قوله:

«و لئن سألتهم من خلق السموات و الارض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون»، أي أنهم لا يقولون ذلك الا تلقينا و تأديبا و تسمية. و من لم يعلم و ان شهد كان شاكا حاسدا معاندا. و لذلك قالت العرب: «من جهل أمرا عاداه و من قصر عنه عابه و ألحد فيه» لأنه جاهل غير عالم. [2] .

3- روي الشيخ المفيد عن محمد بن الحسن بن أحمد، عن أحمد بن ادريس، عن محمد بن أحمد بن محمد بن اسماعيل العلوي قال: حدثني محمد بن الزبرقان الدامغاني



[ صفحه 147]



الشيخ قال: قال أبوالحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام: لما أمرهم هارون الرشيد بحملي دخلت عليه فسلمت فلم يرد السلام و رأيته مغضبا فرمي الي بطومار فقال: اقرأه فاذا فيه كلام قد علم الله عزوجل براءتي منه و فيه:

أن موسي بن جعفر يجبي اليه خراج الآفاق من غلاة الشيعة ممن يقل بامامته يدينون الله بذلك و يزعمون أنه فرض عليهم الي أن يرث الله الأرض و من عليها و يزعمون أنه من لم يوهب اليه العشر و لم يصل بامامتهم و يحج باذنهم و يجاهد بأمرهم و يحمل الغنيمة اليهم و يفضل الأئمة علي جميع الخلق و يفرض طاعتهم مثل طاعة الله و طاعة رسوله فهو كافر حلال ماله و دمه و فيه كلام شناعة مثل المتعة بلا شهود، و استحلال الفروج بأمره و لو بدرهم، و البراءة من السلف و يلعنون عليهم في صلاتهم، و يزعمون أن من يتبرء منهم فقد بانت امرأته منه، و من أخر الوقت فلا صلاة له لقول الله تبارك و تعالي: «أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا» يزعمون أنه واد في جهنم.. و الكتاب طويل و أنا قائم أقرأ و هو ساكت فرفع رأسه و قال: قد اكتفيت بما قرأت فكلم بحجتك بما قرأته.

قلت: يا أميرالمؤمنين و الذي بعث محمدا صلي الله عليه و آله بالنبوة ما حمل الي قط أحد درهما و لا دينارا من طريق الخراج لكنا معاشر آل أبي طالب نقبل الهدية التي أحلها الله عزوجل لنبيه عليه السلام في قوله: «لو أهدي الي كراع لقبلته و لو دعيت الي ذراع لأجبت». و قد علم أميرالمؤمنين ضيق ما نحن فيه، و كثرة عدونا و ما منعنا السلف من الخمس الذي نطق لنا به الكتاب فضاق بنا الأمر و حرمت علينا الصدقة و عوضنا الله عزوجل منها الخمس فاضطررنا الي قبول الهدية و كل ذلك ما علمه أميرالمؤمنين.

فلما تم كلامي سكت، ثم قلت: ان أري أميرالمؤمنين أن يأذن لابن عمه في حديث عن آبائه عن النبي صلي الله عليه و آله فكأنه اغتنمها فقال: مأذون لك هاته، فقلت: حدثني أبي، عن جدي يرفعه الي النبي صلي الله عليه و آله ان الرحم اذا مست رحما تحركت و اضطربت فان رأيت أن تناولني يدك فأشار بيده الي، ثم قال: ادن فدنوت فصافحني و جذبني الي نفسه مليا.



[ صفحه 148]



ثم فارقني و قد دمعت عيناه، فقال لي: اجلس يا موسي فليس عليك بأس صدقت و صدق جدك و صدق النبي عليه السلام لقد تحرك دمي و اضطربت عروقي و اعلم أنك لحمي و دمي و أن الذي حدثني به صحيح و أني أريد أن أسألك عن مسألة فان أجبتني أعلم أنك قد صدقتني و خليت عنك و وصلتك و لم أصدق ما قيل فيك، فقلت: ما كان علمه عندي أجبتك فيه.

فقال: لم لا تنهون شيعتكم عن قولهم لكم: «يا ابن رسول الله» و أنتم ولد علي و فاطمة انما هي وعاء و الولد ينسب الي الأب لا الي الأم؟

فقلت: ان رأي أميرالمؤمنين أن يعفيني من هذه المسألة فعل.

فقال: لست أفعل أو أجبت.

فقلت: فأنا في أمانك ألا تصيبني من آفة السلطان شيئا؟ فقال: لك الأمان، قلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم االله الرحمن الرحيم «و وهبنا له اسحاق و يعقوب كلا هدينا و نوحا هدينا من قبل و من ذريته داود و سليمان و أيوب و يوسف و موسي و هارون و كذلك نجزي المحسنين - و زكريا و يحيي و عيسي» فمن أبوعيسي؟

فقال: ليس له أب انما خلق من كلام الله عزوجل و روح القدس.

فقلت: انما الحق عيسي بذراري الأنبياء عليهم السلام من قبل مريم و الحقنا بذراري الأنبياء من قبل فاطمة عليهاالسلام لا من قبل علي عليه السلام.

فقال: أحسنت يا موسي زدني من مثله.

فقلت: اجتمعت الامة برها و فاجرها أن حديث النجراني حين دعاه النبي صلي الله عليه و آله الي المباهلة لم يكن في الكساء الا النبي صلي الله عليه و آله و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام، فقال الله تبارك و تعالي: «فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم» فكان تأويل أبنائنا الحسن و الحسين و نسائنا فاطمة و أنفسنا علي بن أبي طالب عليه السلام.

فقال: أحسنت، ثم قال: أخبرني عن قولكم، ليس للعم مع ولد الصلب ميراث؟



[ صفحه 149]



فقلت: أسألك يا أميرالمؤمنين بحق الله و بحق رسوله صلي الله عليه و آله أن تعفيني من تأويل هذه الآية و كشفها و هي عند العلماء مستورة.

فقال: انك قد ضمنت لي أن تجيب فيما أسألك و لست أعفيك.

فقلت: فجدد لي الأمان، فقال: قد أمنتك.

فقلت: ان النبي صلي الله عليه و آله لم يورث من قدر علي الهجرة فلم يهاجر و ان عمي العباس قدر علي الهجرة فلم يهاجر و انما كان في عدد الاساري عند النبي صلي الله عليه و آله و جحد أن يكون له الفداء فأنزل الله تبارك و تعالي علي النبي صلي الله عليه و آله يخبره بدفين له من ذهب فبعث عليا عليه السلام فأخرجه من عند ام الفضل، أخبر العباس بما أخبره جبرئيل عن الله تبارك و تعالي فأذن لعلي و أعطاه علامة الموضع الذي دفن فيه فقال العباس عند ذلك: يا ابن أخي ما فاتني منك أكثر و أشهد أنك رسول رب العالمين.

فلما أحضر علي الذهب فقال العباس: أفقرتني يا ابن أخي فأنزل الله تبارك و تعالي: «ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم و يغفر لكم» و قوله: «و الذين آمنوا و لم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شي ء حتي يهاجروا» ثم قال: «و ان استنصروكم في الدين فعلكيم النصر» فرأيته قد اغتم.

ثم قال: أخبرني من أين قلتم: ان الانسان يدخله الفساد من قبل النساء لحال الخمس الذي لم يدفع الي أهله؟

فقلت: أخبرك يا أميرالمؤمنين بشرط أن لا تكشف هذا الباب لأحد ما دمت حيا و عن قريب يفرق الله بيننا و بين من ظلمنا و هذه مسألة لم يسألها أحد من السلاطين غير أميرالمؤمنين.

قال: و لا تيم و لا عدي و لا بنوامية و لا أحد من أبائنا؟

قلت: ما سئلت و لا سئل أبوعبدالله جعفر بن محمد عنها.

قال: الله، قلت: الله.

قال: فان بلغني عنك أو عن أحد من أهل بيتك كشف ما أخبرتني به رجعت عما



[ صفحه 150]



أمنتك منه.

فقلت: لك علي ذلك.

فقال: أحب أن تكتب لي كلاما موجزا له اصول و فروع يفهم تفسيره و يكون ذلك سماعك من أبي عبدالله عليه السلام؟

فقلت: نعم و علي عيني يا أميرالمؤمنين قال: فاذا فرغت فارفع حوائجك، و قال: و كل بي من يحفظني و بعث الي في كل يوم بمائدة سرية فكتبت:

بسم الله الرحمن الرحيم جميع أمور الدنيا أمران: أمر لا اختلاف فيه و هو اجماع الامة علي الضرورة التي يضطرون اليها و أخبار المجمع عليها المعروض عليها كل شبهة و المستنبط منها علي كل حادثة، و أمر يحتمل الشك و الانكار و سبيله استيضاح أهل الحجة عليه فما ثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع علي تأويله أو سنة عن النبي صلي الله عليه و آله لا اختلاف فيها أو قياس تعرف العقول عدله.

ضاق علي من استوضح تلك الحجة ردها و وجب عليه قبولها و الاقرار و الديانة بها و ما لم يثبت لمنتحليه به حجة من كتاب مستجمع علي تأويله أو سنة عن النبي صلي الله عليه و آله لا اختلاف فيها أو قياس تعرف العقول عدله وسع خاص الامة و عامها الشك فيه و الانكار له كذلك هذان الأمران من أمر التوحيد فما دونه الي أرش الخدش فما دونه فهذا المعروض الذي يعرض عليه أمر الدين فما ثبت لك برهانه اصطفيته و ما غمض عنك ضوءه نفيته و لا قوة الا بالله و حسبنا الله و نعم الوكيل.

فأخبرت الموكل بي أني قد فرغت من حاجته فأخبره فخرج و عرضت عليه فقال: أحسنت هو كلام موجز جامع فارفع حوائجك يا موسي فقلت: يا أميرالمؤمنين أول حاجتي اليك أن تأذن لي في الانصراف الي أهلي فاني تركتهم باكين آئسين من أن يروني، فقال: مأذون لك ازدد، فقلت: يبقي الله أميرالمؤمنين لنا معاشر بني عمه، فقال: ازدد، فقلت: علي عيال كثير و أعيننا بعد الله تعالي ممدودة الي فضل أميرالمؤمنين و عادته فأمر لي بمائة ألف درهم و كسوة و حملني و ردني الي أهلي مكرما. [3] .



[ صفحه 151]



4- عنه، عن عبدالله بن محمد السائي، عن الحسن بن موسي، عن عبدالله بن محمد النهيكي، عن محمد بن سابق بن طلحة الأنصاري قال: كان مما قال هارون لأبي الحسن عليه السلام حين أدخل عليه: ما هذه الدار؟ فقال: هذه دار الفاسقين، قال: «سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق و ان يروا كل آية لا يؤمنوا بها و ان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا و ان يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا - الآية» فقال له هارون: فدار من هي؟ قال: هي لشيعتنا فترة و لغيرهم فتنة. قال: فما بال صاحب الدار لا يأخذها.

فقال: أخذت منه عامرة و لا يأخذها الا معمورة. قال: فأين شيعتك فقرأ أبوالحسن صلي الله عليه و آله: «لم يكن الذين كفرا من أهل الكتاب و المشركين منفكين حتي تأتيهم البينة» قال: فقال له: فنحن كفار؟ قال: لا و لكن كما قال الله: «الذين بدلوا نعمة الله كفرا و أحلوا قومهم دار البوار» فغضب عند ذلك و غلظ عليه.

فقد لقيه أبوالحسن عليه السلام بمثل هذه المقالة و ما رهبه و هذا خلاف قول من زعم أنه هرب منه من الخوف. [4] .

5- قال الصدوق: حدثنا أبوأحمد هاني محمد بن محمود العبدي، قال: حدثنا محمد ابن محمود باسناده رفعه الي موسي بن جعفر عليه السلام، انه قال: لما دخلت علي الرشيد سلمت عليه فرد علي السلام ثم قال: يا موسي بن جعفر خليفتين يجبي اليهما الخراج؟! فقلت: يا أميرالمؤمنين أعيذك بالله أن تبوء باثمي و اثمك و تقبل الباطل من أعدائنا علينا، فقد علمت أنه قد كذب علينا منذ قبض رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بما علم ذلك عندك. فان رأيت بقرابتك من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: أن تأذن لي أحدثك بحديث أخبرني به أبي، عن آبائه، عن جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

فقال: قد أذنت لك، فقلت: أخبرني أبي، عن آبائه، عن جده رسول الله صلي الله عليه و آله، أنه قال: ان الرحم اذا امست الرحم تحركت و اضطربت، فناولني يدك، جعلني الله فداك. فقال: أدن فدنوت منه، فاخذ بيدي ثم جذبني الي نفسه



[ صفحه 152]



و عانقني طويلا ثم تركني و قال: اجلس يا موسي فليس عليك بأس، فنظرت اليه فاذا انه قد دمعت عيناه فرجعت الي نفسي فقال:

صدقت و صدق جدك صلي الله عليه و آله، لقد تحرك دمي و اضطربت عروقي حتي غلبت علي الرقة و فاضت عيناي و أنا أريد أن أسألك عن أشياء تتلجلج في صدري منذ حين لم أسأل عنها أحدا فان انت أجبتني عنها خليت عنك و لم أقبل قول أحد فيك، و قد بلغني انك لم تكذب قط، فاصدقني عما أسألك مما في قلبي، فقلت: ما كان علمه عندي، فاني مخبرك ان انت أمنتني.

فقال: لك الامان ان صدقتني و تركت التقية التي تعرفون بها معشر بني فاطمة: فقلت: أسأل يا اميرالمؤمنين عما شئت. قال: اخبرني لم فضلتم علينا و نحن في شجرة واحدة و بنوعبدالمطلب و نحن و أنتم واحد، انا بنوالعباس و أنتم ولد أبي طالب و هما عما رسول الله صلي الله عليه و آله و قرابتهما منه سواء؟! فقلت: نحن أقرب، قال: و كيف ذلك؟ قلت: لان عبدالله و أباطالب لاب و أم و أبوكم العباس ليس هو من أم عبدالله و لا من أم أبي طالب.

قال: فلم ادعيتم انكم ورثتم النبي صلي الله عليه و آله و سلم و العم يحجب ابن العم و قبض رسول الله صلي الله عليه و آله و قد توفي أبوطالب قبله و العباس عمه حي؟ فقلت له: ان راي أميرالمؤمنين أن يعفيني من هذه المسألة و يسألني عن كل باب سواه يريده، فقال: لا، أو تجيب فقلت: فآمني، فقال: قد آمنتك قبل الكلام، فقلت: ان في قول علي بن ابي طالب عليه السلام: انه ليس مع ولد الصلب ذكرا كان أو انثي لاحد سهم الا للابوين و الزوج و الزوجة و لم يثبت للعم مع ولد الصلب ميراث و لم ينطق به الكتاب الا ان تيما و عديا و بني امية.

قالوا: العلم والد رأيا منهم بلا حقيقة و لا أثر عن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، و من قال بقول علي عليه السلام من العلماء فقضاياهم خلاف قضايا هؤلاء، هذا نوح بن دراج يقول في هذه المسألة بقول علي عليه السلام و قد حكم به و قد ولاه اميرالمؤمنين المصرين الكوفة و البصرة، و قد قضي به فانهي الي أميرالمؤمنين، فامر باحضاره و احضار



[ صفحه 153]



من يقول بخلاف قوله.

منهم سفيان الثوري و ابراهيم المدني و الفضيل بن عياض، فشهدوا: انه قول علي عليه السلام في هذه المسألة، فقال لهم فيما أبلغني بعض العلماء من أهل الحجاز، فلم لا تفتون به و قد قضي به نوح بن دراج؟ فقالوا: جسر نوح وجبنا و قد أمضي اميرالمؤمنين عليه السلام قضية يقول قدماء العامة عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم: انه قال: علي اقضاكم و كذلك قال عمر بن الخطاب: علي أقضانا، و هم اسم جامع، لان جميع ما مدح به النبي صلي الله عليه و آله أصحابه من القراءة و الفرائض و العلم داخل في القضاء.

قال: زدني يا موسي، قلت: المجالس بالامانات و خاصة مجلسك، فقال: لا بأس عليك، فقلت: ان النبي صلي الله عليه و آله لم يورث من لم يهاجر و لا أثبت له ولاية حتي يهاجر فقال: ما حجتك فيه؟ فقلت: قول الله تعالي: «و الذين آمنوا و لم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شي ء حتي يهاجروا» و ان عمي العباس لم يهاجر، فقال لي: أسألك يا موسي هل أفتيت بذلك أحدا من أعدائنا أم أخبرت أحدا من الفقهاء في هذه المسألة بشي ء؟ فقلت: اللهم لا، و ما سألني عنها الا أميرالمؤمنين.

ثم قال: لم جوزتم للعامة و الخاصة أن ينسبوكم الي رسول الله صلي الله عليه و آله و يقولون لكم: يا بني رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أنتم بنوعلي، و انما ينسب المرء الي أبيه و فاطمة انما هي وعاء النبي صلي الله عليه و آله جدكم من قبل أمكم؟ فقلت: يا أميرالمؤمنين لو أن النبي صلي الله عليه و آله نشر فخطب اليك كريمتك هل كنت تجيبه؟ فقال: سبحان الله و لم لا أجيبه؟! بل أفتخر علي العرب و العجم و قريش بذلك.

فقلت له: لكنه صلي الله عليه و آله لا يخطب الي و لا أزوجه فقال: و لم؟ فقلت: لانه صلي الله عليه و آله ولدني و لم يلدك، فقال: أحسنت يا موسي، ثم قال: كيف قلتم: انا ذرية النبي صلي الله عليه و آله و النبي صلي الله عليه و آله لم يعقب و انما العقب للذكر لا للانثي و أنتم ولد البنت و لا يكون لها عقب؟! فقلت: أسألك يا أميرالمؤمنين بحق القرابة و القبر و من فيه الا ما أعفاني عن هذه المسألة؟ فقال: لا أو تخبرني بحجتكم فيه يا ولد علي.



[ صفحه 154]



أنت يا موسي يعسوبهم و امام زمانهم كذا أنهي الي، و لست أعفيك في كل ما أسألك عنه حتي تأتيني فيه بحجة من كتاب الله تعالي و أنتم تدعون معشر ولد علي انه لا يسقط عنكم منه بشي ء الف و لا واو، الا و تأويله عندكم و احتججتم بقوله عزوجل: «ما فرطنا في الكتاب من شي ء» و قد استغنيتم عن رأي العلماء و قياسهم، فقلت: تاذن لي في الجواب؟ قال: هات. قلت: «اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم و من ذريته داود و سليمان و أيوب و يوسف و موسي و هارون و كذلك نجزي المحسنين و زكريا و يحيي و عيسي و الياس» من ابوعيسي يا اميرالمؤمنين.

فقال: ليس لعيسي أب، فقلت: انما الحقناه بذراري الانبياء عليهم السلام من طريق مريم عليهاالسلام و كذلك الحقنا بذراري النبي صلي الله عليه و آله و سلم من قبل أمنا فاطمة عليهاالسلام أزيدك يا اميرالمؤمنين؟ قال: هات، قلت: قول الله عزوجل: «فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا ندع ابنائنا و ابناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين» و لم يدع أحد انه أدخل النبي صلي الله عليه و آله تحت الكساء عند المباهلة للنصاري الا علي بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين.

فكان تأويل قوله تعالي: «أبنائنا» الحسن و الحسين و نساءنا فاطمة، و أنفسنا علي ابن أبي طالب عليهم السلام، علي ان العلماء قد أجمعوا علي ان جبرئيل عليه السلام قال: يوم أحد: يا محمد ان هذه لهي المواساة من علي، قال: لأنه مني و أنا منه، فقال جبرئيل: و أنا منكما يا رسول الله صلي الله عليه و آله، ثم قال: لا سيف الا ذوالفقار و لا فتي الا علي، فكان كما مدح الله تعالي به خليله عليه السلام، اذ يقول: «فتي يذكرهم يقال له ابراهيم» انا معشر بني عمك نفتخر بقول جبرئيل: انه منا.

فقال: أحسنت يا موسي ارفع الينا حوائجك، فقلت له: أول حاجة أن تأذن لابن عمك ان يرجع الي حرم جده و الي عياله، فقال: ننظر انشاء الله تعالي فروي: انه انزله عند السندي بن شاهك فزعم انه توفي عنده والله أعلم. [5] .



[ صفحه 155]



6- عنه، قال: حدثنا أبواحمد هاني بن محمد بن محمود العبدي رضي الله عنه، قال: حدثني ابي باسناده رفعه، أن موسي بن جعفر عليهماالسلام دخل علي الرشيد، فقال له الرشيد: يابن رسول الله أخبرني عن الطبايع الأربع، فقال موسي عليه السلام: اما الريح فانه ملك يداري و اما الدم فانه عبد غارم و ربما قتل العبد مولاه و اما البلغم فانه خصم جدل، ان سددته من جانب انفتح من آخر، و اما المرة فانها الارض اذا اهتزت رجفت بما فوقها فقال له هارون: يابن رسول الله تنفق علي الناس من كنوز الله و رسوله. [6] .

7- روي ابن شهرآشوب عن الفضل بن الربيع و رجل آخر قالا: حج هارون الرشيد و ابتدأ بالطواف و منعت العامة من ذلك لينفرد وحده فبينما هو في ذلك اذا ابتدر اعرابي البيت و جعل يطوف معه و قال الحجاب: تنح يا هذا عن وجه الخليفة فانتهرهم الاعرابي و قال: ان الله ساوي بين الناس في هذا الموضع فقال: سواء العاكف فيه و البادي فامر الحاجب بالكف عنه فكلما طاف الرشيد طاف الاعرابي امامه فنهض الي الحجرالاسود ليقبله فسبقه الاعرابي اليه و التثمه ثم صار الرشيد الي المقام ليصلي فيه فصلي الاعرابي امامه.

فلما فرغ هارون من صلاته استدعي الاعرابي فقال الحجاب: اجب اميرالمؤمنين فقال: مالي اليه حاجة فاقوم اليه بل ان كانت الحاجة له فهو بالقيام الي اولي قال: صدق فمشي اليه و سلم عليه فرد عليه السلام فقال هارون: أجلس يا اعرابي فقال: ما الموضع لي فتستاذنني فيه بالجلوس انما هو بيت الله نصبه لعباده فان احببت ان تجلس فاجلس و ان احببت ان تنصرف فانصرف فجلس هارون و قال: ويحك يا اعرابي مثلك من يزاحم الملوك قال: نعم و في مستمع.

قال: فاني سائلك فان عجزت اذيتك قال: سؤالك هذا سؤال متعلم أو سؤال متعنت قال: بل متعلم قال: اجلس مكان السائل من المسؤول و سل و انت مسؤول فقال هارون: اخبرني ما فرضك قال: ان الفرض رحمك الله واحد و خمسة و سبعة عشر و اربع



[ صفحه 156]



و ثلاثون و اربع و تسعون و مائة و ثلاثة و خمسون علي سبعة عشر و من اثني عشر واحد و من اربعين واحد و من مأتين خمس و من الدهر كله واحد واحد بواحد.

قال: فضحك الرشيد و قال: ويحك أسألك عن فرضك و انت تعد علي الحساب قال: أما علمت أن الدين كله حساب و لو لم يكن الدنيا حسابا لم اتخذ الله الخلائق حسابا ثم قرأ: «و ان كان مثقال حبة من خردل اتينا بها و كفي بنا حاسبين» قال: فبين لي ما قلت و الا أمرت بقتلك بين الصفا و المروة فقال الحاجب: تهبه الله و لهذا المقام قال: فضحك الاعرابي من قوله فقال الرشيد: مما ضحكت يا اعرابي؟ قال: تعجبا منكما اذ لا ادري من الاجهل منكما الذي يستوهب اجلا قد حضر او الذي استعجل اجلا لم يحضر.

فقال الرشيد: فسر ما قلت قال: أما قولي الفرض واحد فدين الاسلام كله واحد و عليه خمس صلوات و هي سبع عشرة ركعة و اربع و ثلاثون سجدة و اربع و تسعون تكبيرة و مائة و ثلاث و خمسون تسبيحة.

و اما قولي من اثني عشر واحد فصيام شهر رمضان من اثني عشر شهرا.

و اما قولي من الاربعين واحد فمن ملك اربعين دينارا اوجب الله عليه دينارا.

و أما قولي من مأتين خمسة فمن ملك مائتي درهم اوجب الله عليه خمسة دراهم و اما قولي فمن الدهر كله واحد فحجةالاسلام. و اما قولي واحد من واحد فمن اهرق دما من غير حق وجب اهراق دمه قال الله تعالي: «النفس بالنفس» فقال الرشيد: لله درك و اعطاه بدرة فقال: فبم استوجب منك هذه البدرة يا هارون بالكلام أو المسألة.

قال: بل بالكلام قال: فاني مسائلك عن مسألة فان انت أتيت بها كانت البدرة لك تصدق بها في هذا الموضع الشريف فان لم تجيبني عنها اضفت الي البدرة بدرة اخري لا تصدق بها علي فقراء الحي من قومي فأمر بايراد اخري و قال: سل عما بدالك فقال: اخبرني عن الخنفساء تزق ام ترضع ولدها فخرد هارون و قال: ويحك يا اعرابي مثلي من يسئل عن هذه المسألة.

فقال: سمعت ممن سمع من رسول الله صلي الله عليه و آله يقول من ولي اقواما وهب له



[ صفحه 157]



من العقل كعقولهم و انت امام هذه الامة يجب ان لا تسئل عن شي ء من امر دينك و من الفرايض الا واجبت عنها فهل عندك له الجواب.

قال هارون: رحمك الله لا فبين لي ما قلته و خذ البدرتين فقال: ان الله تعالي لما خلق الارض خلق دبابات الارض من غير فرث و لا دم خلقها من التراب و جعل رزقها و عيشها منة فاذا فارق الجنين امه لم تزقه و لم ترضعه و كان عيشها من التراب فقال هارون: والله ما ابتلي احد بمثل هذه المسألة و اخذ الاعرابي البدرتين و خرج.

فتبعه بعض الناس و سأله عن اسمه فاذا هو موسي بن جعفر بن محمد عليهم السلام فاخبر هارون بذلك فقال: والله لقد ركنت ان يكون هذه الورقة من تلك الشجرة. [7] .

8- عنه، رضوان الله عليه قال: و في كتاب اخبار الخلفاء ان هارون الرشيد كان يقول لموسي بن جعفر: خذ فدكا حتي ردها اليك فيابي حتي الح عليه فقال: لا اخذها الا بحدودها قال: و ما حدودها قال: ان حددتها لم تردها قال: بحق جدك الا فعلت قال: اما الحد الاول فعدن فتغير وجه الرشيد و قال: ايها. قال: و الحد الثاني سمرقند فاربد وجهه، و الحد الثالث افريقية فاسود وجهه و قال: هيه قال: و الرابع سيف البحر مما يلي الجزر و ارمينية قال الرشيد: فلم يبق لنا شي ء فتحول الي مجلسي قال موسي قال: قد اعلمتك انني ان حددتها لم تردها فعند ذلك عزم علي قتله.

في رواية ابن اسباط انه قال: اما الحد الاول فعريش مصر و الثاني دومة الجندل و الثالث أحد و الرابع سيف البحر فقال: هذا كله هذه الدنيا فقال: هذا كان في ايدي اليهود بعد موت ابي هالة فافأه الله علي رسوله بلا خيل و لا ركاب فأمره الله ان يدفعه الي فاطمة عليهاالسلام. [8] .

9- قال السيد الجليل علي بن طاووس: فبما روي عمن قوله حجة في العلوم بصحة علم النجوم نقلناه من كتاب نزهة الكرام و بستان العوام تأليف محمد بن الحسين الرازي و هذا الكتاب خطه بالعجمية فكانما من نقله الي العربية فذكر في أواخر المجلد



[ صفحه 158]



الثاني منه ما هذا لفظ من عربه، و روي ان هارون الرشيد انفذ الي موسي بن جعفر عليهماالسلام من احضره.

فلما حضر قال له: ان الناس ينسبونكم يا بني فاطمة الي علم النجوم و ان معرفتكم بها جيدة و فقهاء العامة يقولون ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: اذا ذكر اصحابي فاسكتوا و اذا ذكر القدر فاسكتوا و اذا ذكر النجوم فاسكتوا، و أميرالمؤمنين علي كان أعلم الخلائق بعلم النجوم و أولاده و ذريته التي تقول الشيعة بامامتهم كانوا عارفين بها.

فقال له الكاظم عليه السلام: هذا حديث ضعيف و اسناده مطعون فيه: والله تبارك و تعالي قد مدح النجوم فلو لا ان النجوم صحيحة ما مدحها الله عزوجل و الانبياء عليهم السلام كانوا عالمين بها قال الله عزوجل في ابراهيم خليله عليه السلام: «و كذلك نري ابراهيم ملكوت السموات و الارض و ليكون من الموقنين» و قال في موضع آخر: «فنظر نظرة في النجوم فقال اني سقيم».

فلو لم يكن عالما بالنجوم ما نظر فيها و لا قال اني سقيم، و ادريس عليه السلام كان أعلم أهل زمانه بالنجوم، والله عزوجل قد اقسم فيها بكتابه في قوله تعالي: «فلا اقسم بمواقع النجوم و انه لقسم لو تعلمون عظيم» و في قوله بموضع آخر: «فالمدبرات أمرا» يعني بذلك اثني عشر برجا و سبع سيارات، و الذي يظهر في الليل و النهار هي بأمر الله تعالي، و بعد علم القرآن لا يكون اشرف من علم النجوم و هو علم الانبياء و الاوصياء و ورثة الانبياء الذين قال الله تعالي فيهم: «و علامات و بالنجم هم يهتدون».

نحن نعرف هذا العلم و ما ننكره فقال هارون: بالله عليك يا موسي هذا العلم لا تظهروه عند الجهال و عوام الناس، حتي لا يشيعوه عنكم و تنفس العوام به و غط هذا العلم و ارجع الي حرم جدك ثم قال هارون: بقيت مسألة أخري بالله عليك اخبرني بها قال: سل قال: بحق القبر و المنبر، و بحق قرابتك من رسول الله صلي الله عليه و آله انت تموت قبل أم أنا أموت قبلك؟ فانك تعرف هذا من علم النجوم فقال له موسي: آمني حتي اخبرك فقال: لك الامان.

قال: أنا أموت قبلك ما كذبت و لا اكذب و وفاتي قريب قال: قد بقيت لي مسألة



[ صفحه 159]



تخبرني بها و لا تضجر قال: سل قال: اخبروني انكم تقولون ان جميع المسلمين عبيدنا و اماؤنا و انكم تقولون من يكون لنا عليه حق و لا يوصله لنا فليس بمسلم فقال موسي: كذب الذين زعموا انا نقول ذلك و اذا كان كذلك فكيف يصح البيع و الشراء عليهم.

و نحن نشتري عبيدا و جواري و نعتقهم و نقعد معهم و نأكل معهم و نشتري المملوك و نقول له يا بني و للجارية يا بنية و نقعدهم يأكلون معنا تقربا الي الله تعالي، فلو أنهم عبيدنا و اماؤنا ما صح البيع و الشراء، و قد قال النبي صلي الله عليه و آله لما حضرته الوفاة: الله الله في الصلاة و ما ملكت ايمانكم، يعني واظبوا علي الصلاة و اكرموا مماليككم من العبيد و الاماء فنحن نعتقهم، فهذا الذي سمعته كذب من قائله، و دعوي باطلة.

و لكن نحن ندعي ان ولاء جميع الخلائق لنا نعني ولاء الدين و هؤلاء الجهال يظنون ولاء الملك حملوا دعواهم علي ذلك و نحن ندعي ذلك لقول النبي صلي الله عليه و آله يوم غدير خم من كنت مولاه فعلي مولاه يعني بذلك ولاء الدين و الذي يوصلونه الينا من الزكاة و الصدقة فهو حرام علينا مثل الميتة و الدم و لحم الخنزير فاما الغنائم و الخمس من بعد موت رسول الله صلي الله عليه و آله فقد منعونا ذلك و نحن اليه محتاجون الي ما في ايدي بني آدم الذين هم لنا ولاؤهم ولاء الدين لا ولاء الملك.

فان انفذ الينا احد هدية و لا يقول انها صدقة نقبلها لقول النبي صلي الله عليه و آله: لو دعيت الي كراع لاجبت (و كراع اسم قرية) و لو اهدي الي كراع لقبلت (الكراع يد الشاة) و ذلك سنة الي يوم القيامة و لو حملوا الينا زكاة و علمنا انها زكاة لرددناها فان كانت هدية قبلناها، ثم ان هارون اذن له في الانصراف فتوجه الي الرقة ثم تقولوا عليه اشياء فاستعاده و اطعمه السم فتوفي صلوات الله عليه. [9] .

10 - روي المجلسي عن كتاب الاستدراك: عن التلعكبري باسناده عن الكاظم عليه السلام قال: قال لي هارون: أتقولون أن الخمس لكم؟ قلت: نعم قال: انه لكثير، قال: قلت: ان الذي أعطاناه علم أنه لنا غير كثير. [10] .

11- قال النويري: و حكي أن الرشيد سأل موسي بن جعفر فقال: لم قلتم انا



[ صفحه 160]



ذرية رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و جوزتم للناس أن ينسبوكم اليه و يقولوا: يا [بني] نبي الله و أنتم بنوعلي، و انما ينسب الرجل الي أبيه دون جده؛ فقرأ: «و من ذريته داود و سليمان و أيوب و يوسف و موسي و هارون و كذلك نجزي المحسنين و زكريا و يحيي و عيسي و الياس» و ليس لعيسي أب، و انما لحق بذرية الأنبياء من قبل أمه؛ و كذلك ألحقنا بذرية الرسول صلي الله عليه و آله و سلم من قبل امنا فاطمة - عليهاالسلام - و أزيدك يا أميرالمؤمنين، قال الله تعالي: «فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين» و لم يدع صلي الله عليه و آله و سلم في مباهلة النصاري غير فاطمة و الحسن و الحسين، و هما الأبناء. [11] .


پاورقي

[1] تفسير العياشي: 2 / 29.

[2] تحف العقول: 298.

[3] الاختصاص: 58 - 54.

[4] الاختصاص: 262.

[5] عيون الاخبار: 1 / 85 - 81.

[6] عيون الاخبار: 1 / 81.

[7] مناقب ابن شهرآشوب: 2 / 374.

[8] المناقب 2 / 381، و رواه الزمخشري في ربيع الابرار ج 1 / 315 و زار في آخره: و استكفي امره يحيي بن خالد.

[9] فرج المهموم: 107.

[10] البحار: 48 / 158.

[11] نهاية الارب: 8 / 172.