بازگشت

من خصائص الجبن الغذائية


اذا كنا قد اعتدنا علي تناول الجبن مع طعام الفطور، فهذه عادة حسنة يجب أن تستمر... فان الفوائد التي يحققها الجبن أكثر من أن تحصي، والميزات التي يمتاز بها، تحله مكان الصدارة بين الأغذية الرخيصة الشائعة.

فلجبن يحتوي علي أكثر عناصر الحليب - الذي يصنع منه - بل ان الماء الذي يفقده الحليب عند تحويله الي جبن يجعل مادتي شبه الزلالية (البروتيد) و أشباه الأدهان (الليبيد) أكثر تركيزا في الجبن الذي لا يفقد من خصائص الحليب سوي أشباه السكاكر أو (اللاكتوز).

و هناك ميزة أخري يمتاز بها الجبن، فهو يحتوي علي كائنات حية، و فطور متناهية. في الضآلة تنمو داخله و تتفاعل تفاعلا حيويا يتحول بفضل الجبن - المسمي كازئين - الي عناصر جديدة تغني القيمة الغذائية للجبن فهو والحالة هذه غذاء حي وليس ميتا. كما أنه يعتبر غذاء هاضما اذا أخذ بعد الطعام لأنه يمتص الحوامض الزائدة في المعدة و يساعدها علي الهضم، أما اذا أخذ قبل الطعام فانه يعرقل عملية الهضم بسبب تلك الخاصية نفسها، و نعني بها امتصاصه للحوامض المعدية، و لذا فان من المستحسن عدم تناول الجبن الا بعد الطعام.



[ صفحه 345]



يحتوي الجبن علي نسبة من المواد الآزوتية تتراوح بين 30 - 20 درصد مما يمنحه صفات حرورية مفيدة، بحيث ان مائة غرام من الجبن تعادل ثلاثمائة غرام من اللحم، أو ثلاثمائة و خمسين غراما من السمك.

و هكذا نجد أن الجبن يقدم للجسم كميات وافرة من المواد شبه الزلالية أعظم و أكثر مما تقدمه معظم اللحوم، و لذا فالجبن غذاء للنمو وللنقاهة و للحمل.

أما اللحوم فانها تحتاج الي جسم متين البنيان ليهضمها، بعكس الجبن الذي لا يتطلب هضمه أي جهود.

ان وجود الجبنين (الكازئين) يجعل الجبن سهل الامتصاص فلا تترك منه الأمعاء فضلات تزعجها، لأن الجبنين يتحول خلال مروره بالجهاز الهضمي في كتل كثيفة الي فتات صغيرة تسمي: «بوليتيو» بفعل الجراثيم المتكاثرة والخمائر المتفاعلة، و في بعض أنواع الجبن يتطور هذا التحول حتي يصبح الجبنين أحماضا أمينية، و هذا الأحماض تعتبر عناصر أساسية في بيان المادة أو الحجيرة الحية، و هذه الصفة ينفرد بها الجبن دون باقي الأغذية، فهو - بذلك - يهضم نفسه كما يساعد جهاز الهضم في عمله بما يقدمه له من خمائر، بالاضافة الي خاصيته المرممة التي ذكرناها.

و باستطاعة الجبن أن يقدم للجسم حاجته من الكلس بصورة سهلة وقابلة للتمثل، فقد ثبت مؤخرا أن الكلس وحده لا فائدة منه في ترميم الجسم و بناء عظامه، و لذا فلا فائدة من تناوله علي شكل زرقات أو حبوب، ولا بد من أن يترافق الكلس مع الفيتامينات والأملاح الفوسفورية بشكل خاص، و عندها تمكن الاستفادة من الكلس وفق الخواص المعروفة عنه، و لما كان الجبن يحتوي علي الكلس مترافقا مع الفيتامينات والفوسفور فانه أصلح مصدر للحصول علي الكلس، و يكفي لادراك ذلك أن نعلم أن ليترا واحدا من لبن البقر يحتوي علي 271 / 1 غراما من الكلس، و 930 / 0 من الفوسفور، بينما تحتوي مائة غرام من الجبن القاسي علي ثمانية غرامات من الكلس، و 400 / 4 غراما من الفوسفور، أما الجبن الطري فهو أفقر بالكلس والفوسفور لأن مصل الحليب يحتوي علي حامض اللبن الذي يسحب معه الأملاح الفوسفورية والكلسية.

أما محتوي الجبن من الفيتامينات، فهو. أيضا - وفير بصورة تجعله مصدرا



[ صفحه 346]



رئيسيا من مصادر الفيتامين (آA) الذي يحقق للأنسجة الحماية الضرورية، و اذا ما فرض الطبيب نظاما غذائيا خلوا من اللحم واليبض فان بامكان الجبن أن يقدم للمريض حاجته من الفيتامين (آA) الموجود في الغذاءين المذكورين نظرا لأن المصادر الأساسية لهذا الفيتامين حيوانية. و علي هذا فالجبن يفيد في آفات الجلد والتهاب الملتحمة العينية، والتهاب غشاء المثانة والتهاب الشبكة العينية. و ان تناول مائة غرام يوميا من الجبن تكفي لتأمين حاجة المستهلك من الفيتامين (آA).

أما الفيتامين (دD) فان محتوي الجبن منه ضئيل، ولكنه مفيد نظرا لأن من خواص هذا الفيتامين أن يثبت الكلس في العظام و يساعدها علي التمثل، ولما كان الجبن حاويا علي الكلس، كما ذكرنا، فان وجود الفيتامين (دD) يجعل فائدة الكلس والفيتامين معا مؤكدة.

و يحتوي الجبن كذلك علي عدد من فئات الفيتامين (ب B) و خاصة الفيتامين (ب D2 B2) الذي يسعد علي تمثيل المواد الدهنية والزلالية و علي هضم الجبن نفسه، و كذا علي تقوية الشعر و منع سقوطه، و لحسن الحظ ان هذا الفيتامين يقاوم الحرارة الشديدة و لذا فلا يفقده الجبن في حالة غليه أو طهوه.

و قد كان معتقدا أن الفيتامين (ب 12 B12) موجود - فقط - في الكبد، ولكن البحث العلمي أثبت أن الجبن هو. أيضا - من مصادر هذا الفيتامين الذي يفيد أمخاخ العظام، و يجدد كريات الدم الحمراء و يفيد في تقوية الأعصاب و تغذية الحجيرات العصبية، و أن تناول كمية تتراوح بين 300 و 400 غرام من الجبن يوميا يكفي لامداد الجسم بحاجته من الفيتامين (ب 12) دونما حاجة الي ارهاق المعدة بتناول الكبد.

و فضلا عن ذلك كله، فالجبن يحتوي علي الفيتامينات (ب6 B6) و (ب ب PP) و (ه E)، و (ح H)، والفيتامين الأخير مفيد في انماء الشعر والمحافظة علي لونه. و بمعني آخر ان الأكثار من تناول الجبن، بمقدرا يتراوح بين 200 و 300 غرام يمنحنا مقدارا من الفيتامين (ح H) لا يقل عن عشرة ملغرامات و هذا المقدار كاف لحفظ شعر الرأس و حمايته و المحافظة علي لونه و طراوته.

و اذا هللنا للأبحاث العلمية المتواصلة التي أتحفتنا بالبنسلين منقذ الملايين



[ صفحه 347]



فان الجبن المتواضع كان يقدم الينا هذه المادة بكل بساطة منذ الأزل دون ضجة و لا تهليل.

و اذا كان الطب الحديث يعمد الي وصف المضادات الحيوية (الأنتيبيوتيك)لتطهير الأمعاء، فان هذه الصادات - للأسف - تقتل الجراثيم الضارة و المفيدة علي السواء، و لما كان الجبن الني ء، يساعد علي تكاثر الجراثيم المفيدة في الوسط المعوي، كان من المناسب اضافة قليل من الجبن للمرضي المصابين بأمراض تتطلب اعطاءهم «الأنتيبيوتيك». كما أن للجبن فوائد لا تنكر في حالة الاضطرابات الهضمية، ذلك أن غشاء المعدة يفرز حامضا يسمي «حامض كلور الماء» و مفرزا آخر يسمي «هضمين» أو «بيبسين». و قد يحدث أن يزداد هذا الحامض بسبب التنبه العصبي أو الادمان علي المشروبات الكحولية مما يسبب الحرقة و التهاب الغشاء المخاطي مما يؤدي في النهاية الي حدوث القرحة، و قد تبين أن جميع أنواع الجبن تعمل علي تركيز حامض كلور الماء و امتصاص جميع الأحماض الحرة الزائدة في الوسط المعدي خلال مدة لا تزيد عن ساعة واحدة، و بادخال أنبوب مطاطي من فم اسنان الي معدته في تجربة تكررت مئات المرات، تبين أن المعدة تكون خالية من الأحماض الحرة اذا كانت تحتوي علي شي ء من الجبن فكأن عمل الجبن هو نفس عمل الاسفنج، فهو يمتص ما يفيض من الحامض المعدي و اذا أخذ بعد الطعام قام بتعديل الحوامض المعدية بشكل يساعد علي الهضم و يحول دون حدوث الحرقة و الآلام لدي المصابين بفرط الحامضية و القرحة المعدية أو الاثني عشرية.

و ليس هناك الا حالات معدودة يمنع فيها الجبن عن المرضي نظرا لغناه بالدسم و بالملح المسمي «كلورور الصوديوم» و هذه الحالات هي الاصابة بآفات في الكبد أو القلب أو الوذمة و التورم، و هي حالات يمنع فيها المصاب من تناول الملح. يقي أن نعلم أن الجبن أنواع كثيرة جدا، تقسم الي الفئات التالية: