بازگشت

الحجامة في الطب الحديث


من كتاب الدكتورة هيلينا عبدالله: «الحجامة الحديثة»، ترجمة محمد فكري أنور [1] : عندما يصاب الانسان بالمرض، فمن الواجب عليه أن لا يستسلم لليأس... بل يجب عليه البحث عن العلاجات الطبية، و أن يستخدم وسائل العلاج الطبي. و اذا كان الله لم يخلق مرضا دون أن يجعل له علاجا، فان هذا يعني أن هناك دواء لكل داء.

أيضا يجب علي الانسان - الي جانب البحث عن العلاج الطبي - أن يبتعد عن السلوكيات الغذائية الضارة والأنشطة المؤذية.. و هذا هو ما نطلق عليه مسمي: «العلاج الوقائي»... ذلك أن الوقاية، كما يقول المثل الشعبي: «خير من العلاج».

فمنذ عهود بعيدة القدم كان الانسان مشغولا بالبحث عن الصحة الجيدة ووسائل اطالة العمر، أما في الوقت الحاضر فنحن - بحق - محفوظين للغاية، لأننا نستطيع علاج كل ما يصيبنا من علل و أسقام، سواء بالعلاج التقليدي أو بالمداواة المغايرة التي ظهرت أساليبها في الطب الصيني التقليدي و كذا في طرق الوخز بالابر والتي نشأت في بلدان الشرق. و بالاضافة الي ذلك، هناك طرق علاج أمراض الدم، و اعتلال العظام، والمالجة المثلية، والعلاج بالأعشاب، والمعالجة الطبيعية (أي العلاج بدون استخدام العقاقير)، والحجامة الحديثة التي جاء ظهورها عن بلاد وادي النيل... و هي التي ستكون موضوع البحث في هذا الباب.

و انني اذ أناقش موضوع الحجامة الحديثة، فانما بسبب اكتشافي أنها بالغة الأهيمة و الفعالية في شفاء الآلام، و استعادة الوظائف الجسمية الطبيعية الي جانب قدرتها علي الوقاية من الأمراض و علاجها. و لذلك فانني أنشد التقدم خطوة جديدة الي الأمام من خلال الدعاية الي استخدام طريقة الحجامة الحديثة في «علاج» الجسم البشري، و من ثم اتاحة الفرصة للجسم لاستعادة صحته النوعية والظهور بمظهر أفضل، والشعور بمزيد من الشباب والقوة، و تحقيق مستوي من



[ صفحه 521]



الجمال المتقد، و احساس بالعافية الكاملة، والحيوية الشاملة، والسكون الغامر الذي يشع و ينتشر من داخل ذات الانسان.

علي أن العلاج بالحجامة الحديثة يعتبر نظاما بسيطا للغاية و اقتصاديا... كما أنه نظام ليست له أعراض جانبية سلبية - أنه نظام ينبع من داخل وسائلنا المألوفة، الي جانب أنه يتيح لكل رجل و امرأة الفرصة لاستعادة صحتهما، و لجعل كل منهما في أفضل حالاته، و أن يتمكن كل منهما من الحياة في سعادة و نجاح.

و الآن.. دعونا نناقش كيف نستطيع استخدام العلاج بالحجامة الحديثة من أجل ترميم أجسامنا. و بادي ء ذي بدء، و قبل كل شي ء، يجب أن نتعرف علي نقاط الوخز، و علي الخطوط العصبية، و علي أمكنة مرور هذه النقاط و تلك الخطوط في كافة أجزاء جسمنا.

لقد خرجنا جميعا الي الحياة وكلنا يحمل نفس نقاط الوخز. و جميع هذه النقاط والخطوط موجودة في جميع أجزاء أجسامنا، لأنها جزء منا. و من ثم فالقليل منا يعرف عنها أو حتي عن وجودها. و علي أساس دراسة أجريت علي مستوي العالم، ثبت أن المعرفة بالوخز بالابر قد ظهرت قبل خمسة آلاف سنة، و أن أجدادنا كانوا يكتسبون الحيوية و طول العمر من خلال العلاج بوخز الابر - و من ثم فاذا كانوا قد حافظوا علي صحتهم باستخدام علاج الوخز بالابر، فلماذا لا نحاول نحن أن نباريهم في هذا المجال؟

والي أولئك الذين يرغبون المعرفة و يجتهدون في طلب المزيد من المعرفة نقول لهم: «ابدأوا الآن!... فلترميم الجسم من قناة دي يو Du Channel الموجودة في ظهر الجسم، ثم نتجة الي قنوات مثانة البول Urinary Bladder Chanels التي تمتد علي جانبي قنوات Du التي في ظهر الجسم. ثم نتجة الي قناة Ren في أمام الجسم. و بعد ذلك نستأنف العمل مع جميع القنوات الأخري بنفس الطريقة و هناك أيضا أربعة عشر خطا عصبيا تمر بجميع القنوات و تكتشف نقاط الآلام. و نقاط الآلام تلك تعتبر أجهزة تنبيه أو مؤشرات تخبرنا بأن ثمة مشكلة أو انسدادا في منطقة معينة. والواقع أن الجسم - من خلال نقاط الألم - يصرخ طالبا المساعدة لأنه لا يستطيع تصحيح نفسه. أما اذا حدث تجاهل لنقاط التنبيه، أو لو أنها عطلت بسبب العقاقير، فان هذه الانسدادات تسوء حالتها و من ثم تصبح



[ صفحه 522]



الآلام غير محتملة، و بالتالي تتمخض عن مواجهة حاسمة أو اختلال وظيفي في ذلك العضو أو الطرف.

وحين نتمكن من تحديد أماكن النقاط الضعيفة أو المؤلمة، فان العوادم السمية الناتجة عن الانسداد يتوجب ازالتها باستخدام الحجامة الحديثة. ولسوف تؤدي ازالة تلك الانسدادات الي اعادة ال Chi الطبيعي والدم الي تلك القنوات، و من ثم تتحقق استعادة الطاقة الحيوية والوظائف الجسدية للجسم. والعلاج الفعال يتحقق فقط عندما نستطيع التخلص من الانسدادات. كما أن تحقيق الصحة ليس بالمهمة السريعة، ولا هو بالعمل اليسير، و من ثم يصبح جوهر العلاج هو عنصري الوقت والصبر و بالتالي تتحدث النتائج المفيدة عن نفسها بنفسها و تثبت ما تتصف به من فعالية.

هذا، وقد يجي ء وقت يستطيع فيه كل رجل، وكل امرأة أن يتحمل بنفسه المسؤولية عن صحته الذاتية وصحة أولئك الذين يعولهم. لقد ابتكرت الحجامة الحديثة بطريقة تصبح معها سهلة التعلم. سهلة التطبيق في المنزل، خصوصا بالنسبة للأوجاع والآلام الموضعية. والواقع أن الحجامة الحديثة يمكن أن تحتل مكانة باعتبارها من الاسعافات الأولية التي يلزم وجودها في كل بيت.

علي أن الحجامة الحديثة لا تتطلب توفر أية معدات طبية معقدة، أو أية بيئة بعينها، و من ثم يصبح انشاء مركز لهذا الغرض انجازا اقتصاديا للغاية.

و نظرا لما تتطلبه مراكز الحجامة الحديثة من مبالغ مالية صغيرة، فبالامكان اقامة مراكز الحجامة الحديثة علي امتداد أشد بلدان العالم فقرا. بيد أن الحجامة الحديثة تحتاج - كأي علم آخر - الي المزيد من الدراسة والبحث لاستكمال عناصرها.

و رغم أن الحجامة الحديثة ظهرت في الآونة الأخيرة و لا تزال في مهدها، فقد أظهرت أن بامكانها علاج تنوع فسيح من الأمراض، و تحقيق استعادة الصحة خلال فترة زمنية قصيرة للغاية... و من ثم فلن يستطيع المرء اصدار حكم في هذا الشأن الا بعد أن يخضع هذه الطريقة للتجربة العملية.


پاورقي

[1] مكتبة مدبولي، مصر، سنة 2000.