بازگشت

دخول الحمام في أحاديث أهل البيت


اعلم أن المستفاد من الأخبار علي وجه الجزم محبوبية النظافة والزينة اللايقة بالمكلف للشارع الحكيم غاية المحبوبية، و مبغوضية القذارة والكسافة عنده نهاية البغض، و من أمعن النظر وجد ذلك بعين اليقين، وشرح آداب التنظيفات والتزيينات يقع في مقامين:

في التنظيفات المندوب اليها

و هي أمور:

الأول: تنظيف الجسد والثياب و ازالة نتنها و ريحهما و وسخهما، و حسن ذلك مما استفاض به الأخبار، حتي ورد أن الله سبحانه يبغض من عباده القاذورة. و أن غسل الثياب يذهب بالهم والحزن، و هو طهور الصلاة.

الثاني: الاستحمام، فانه مسنون سيما اذا تذكر نار الآخرة عند دخوله، وقد استفاض عن رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم و أميرالمؤمنين عليه السلام مدح الحمام بقولهما: نعم البيت الحمام، يذكر النار، و يذهب بالدرن والأذي. و عن النبي صلي الله عليه و آله وسلم أنه دواء البلغم.



[ صفحه 540]



و ما ورد عن بعض الأئمة عليهم السلام من الجمع بين الذم والمدح محمول علي التقية، لقول عمر: بئس البيت الحمام، يكثير فيه العناء، و يقل فيه الحياء. و هو مبني منه علي ما جعله شعاره من مخالفة أميرالمؤمنين عليه السلام مهما أمكنه، و الا فالحمام يذهب بالعناء بالوجدان، و قلة الحياء فيه انما هي بالنسبة الي من لم يتأدب بآداب الشرع، ولم يستر ما بين السرة والركبة، و ليست شعري كيف يعقل خفاء ذلك علي معدني الحياء والعفة و بان لمن خلي عنه بالمرة؟ كما يكشف عنه ما ارتكبه مع أهل الكساء من قضاياه.

وعلي أي حال فيستحب دخول الحمام يوما، و تركه يوما للأمر به، لأنه يكثر اللحم و يسمن. و يكره ادمانه كل يوم للنهي عنه، معللا بأنه يذيب لحم الجسد،و شحم الكليتين، و يورث السل.

و يجب فيه كغيره عند وجود الناظر المحترم ستر العورة، فان لم يستر كان كل من الناظر والمنظور اليه ملعونا.

و يستحب ستر ما عداه من السرة الي الركبة.

و يستحب فيه كغيره ستر العورة عند عدم وجود الناظر المحترم حذرا من أن ينظر الشيطان الي العورة فيطمع فيها، وورد أن من دخل الحمام بمئزر ساتر لعورته ستره الله بستره.

ويكره دخول ماء الحمام و غيره بغير مئزر، لأن للماء أهلا و عمارا و سكانا من الملائكة. كما يكره الغسل تحت السماء بغير مئزر لاحترام الملائكة.

و يجوز دخول الرجل مع جورابه الحمام اذا كان عليه و عليهن الأزر، و يكره كونهم عراة كالحمر [1] ينظر بعضهم الي سوأة بعض.

و يستحب لمن يدخل الحمام أن يقول في البيت الذي ينزع فيه الثياب: «اللهم انزع عني ربقة النفاق، و ثبتني علي الايمان».



[ صفحه 541]



و في البيت الذي هو بين المسلخ و بين محل الجلوس: «اللهم اني أعوذ بك من شر نفسي، و أستعيذ بك من أذاه».

و في البيت الثاني: «اللهم اذهب عني الرجس النجس، و طهر جسدي و قلبي».

و يستحب أن يأخذ فيه من الماء الحار و يضعه علي هامته، و يصب منه علي رجليه، و يبلغ منه جرعة ان أمكن، لأنه ينقي المثانة، و أن يلبث في البيت الثاني ساعة ثم يدخل البيت الثالث و يقول: «نعوذ بالله من النار و نسأله الجنة». و يردد هذه المقالة الي أن يخرج من البيت الحار الذي فيه الماء.

و يكره دخول الحمام اذا لم يكن في الجوف ما يطفي وهج المعدة.

و يستحب أكل شي ء قبل الدخول، لأنه أقوي للبدن، و يطفي المرارة، و يسكن حرارة الجوف.

وقد ورد النهي عن دخوله علي الريق. و كذا يكره دخوله علي الامتلاء للنهي عنه. نعم ورد أن دخول الحمام علي الريق ينقي البلغم و يذيب اللحم، و بعد الأكل ينقي المرة، و علي الشبع يزيد اللحم.


پاورقي

[1] الحمر: جمع الحمار من ذوات الأربع أهليا كان أو وحشيا. لسان العرب: 4 / 212 والكراهة هنا أعم من الحرمة لأن الناظر اذا كان يحل له النظر كالزوج الي الزوجة كان في المقام مكروها أي غير مرغوب فيه و اذا كان الناظر أجنبيا كانت التعرية محرمة بلا ريب فتفطن.