بازگشت

الطعام بحسب السن والمهنة والبلاد والوقت


وقد تختلف موافقة الطعام أيضا بحسب الأعمار. فان الطعام الأرطب الأرق أوفق لسن الصبيان، والمتين القوي الغذاء للشباب، والفواكه والحار الرطب باعتدال السريع الاغذاء لسن المشايخ.

وبحسب المهن، فيكون الغليظ اللزج الكثير الغذاء أوفق لأصحاب التعب والمتخلخلي الأبدان، واللطيف اليسير الغذاء أوفق لمدمني البطالة، ومن لا يتحلل من بدنه شي ء.

و من أجل البلدان أيضا، فان أصحاب البلدان الباردة يحتملون الأغذية الحارة جدا و ينتفعون بها، كالثوم والفلفل. وبالضد، أصحاب البلدان الحارة لا يحتملون ذلك، و يوافقهم الخلول و سائر الحموضات.

وقد يعرض مثل ذلك بحسب الأوقات، فتكون الأغذية الباردة بالفعل والقوة في الصيف أوفق، و بالضد.

ولذلك ينبغي أن ينظر في هذه المعاني و ما أشبهها، ليكتسب منها استدلالا علي ما يحتاج اليه من الغذاء، ويضم ذلك الي ما ذكرنا من الأمور الجزئية. فانه حينئذ يكون قد علم اختيار أوفق الأغذية، و دفع مضارها علي أكثر ما يمكن أن يبلغه علم الانسان يمشيئة الله تعالي وعونه. و ذلك هو الغرض المقصود بهذه الماة.

فأما من أومأ الي هذا الغرض الشريف بكلام نزر يسير، وتركه ناقصا، ساقطا عنه أكثر النكت والمعاني المحتاج اليها في هذا الغرض، كيحيي بن ماسويه [1] ، و هلال الحمصي، والحرمي، وكثير من القدماء و المحدثين ممن انما



[ صفحه 662]



عثروا بهذا الغرض الشريف عثورا، فيقولون فيه أدني القول و يجرونه الي غيره، فاني وجدت ما لم يبلغوا من هذا الغرض أكثر مما بلغوا، وما لم يلحقوا منه أكثر مما لحقوا، وما لم ينفعوا به الناس أكثر مما نفعوا.


پاورقي

[1] يحيي بن ماسويه: هو يوحنا بن ماسويه، أو زكريا، من علماء الأطباء، سرياني في الأصل، عربي المنشأ، كان أبوه صيدلانيا في جنديسابور (بخوزستان) ثم من أطباء العين في بغداد، و تقدم، و خدم الرشيد، و تعلم ابنه يوحنا منه و نبغ حتي كان أحد الذين عهد اليهم هارون الرشيد بترجمة ما وجد من كتب الطب القديمة.