بازگشت

في علاج التخم و دفع مضارها


الطعام يفسد في المعدة متي عرض بعده جشاء منتن ذهك [1] حاد، و أصيب في الحلق شبيه بطعم الدخان و شي ء كان فيه مرارة مع عفوصة. فلينتظر، فان كان



[ صفحه 666]



ذلك انما حدث بعقب أكل من عسل أن حلواء معسلة، أو بيض مطجن، أو طباهجة مطبجنة، أو نمكسود شديد اليبس، أو مطجنة كثيرة المري، أوأرز، أو استفيذباجة متشيطة، أو كواميخ مالحة، أو يقول حريفة كالكراث [2] والبصول والباذروج [3] ، أو طعام دقت فيه فضل توابل كالحلتيت [4] والمحروت [5] ، فليشرب سكنجبين و ماء فاتر، وليتقيأ.

و ان كان الطعام قد نزل، وخف البطن، فليشرب شربات من السكنجبين بالماء الفاتر، ولا يمنع من شرب ما دعت الطبيعة اليه من الماء الصادق البرد، وليطل النوم في موضع بارد، ثم ليجلس في أبزن بارد.

فاذا تحركت الشهوة للطعام، فليجتنب هذه الأغذية التي ذكرناها و أمثالها، و لتؤكل أهالة بقربة أو حصرمية، وبالجملة طعاما يوجب قبضا و حموضة.

فان كان عرض هذا العارض بعقب ما ذكرنا من أجل هذه الأطعمة، كفي هذا التدبير مرة، و أن لا تعاود تلك الأطعمة.

و ان كان لا يزال هذا العارض يعرض، فينبغي أن يدمن صاحبه الأدويه العسرة الفساد، وهي التي تجمع قبضا و حموضة. فان أمثال هؤلاء، لحوم البقر أوفق لهم من لحوم الدراج، والكبير من السمك أوفق لهم من الهاربا [6] و بالجملة، فجميع الأغذية الغليظة أوفق لهم من اللطيفة، و هؤلاء هم أصحاب المعد الحارة المرارية.

ومتي كانت المعدة تبطي ء بالخف عن الطعام، وكان يحدث بعقب نزول الطعام جشاء حامض، و كان يدوم مع الجشاء الثقل في المعدة، فليطلب صاحبها النوم علي فراش وطي وثير حار. والأجود أن يلزم بطنه بدنا حارا خصبا مدة طويلة، فان عرق ذلك البدن تعهد مسحه و لا يتعرض للجماع. فان لم يتهيأ ذلك ألقي علي بطنه خرق وثيرة مسخنة، و نام نوما طويلا، وسكن ان لم يأخذه النوم،



[ صفحه 667]



و تعهد اسخان الخرق متي فترت ان هو لم ينم. حتي اذا بقي كذلك ست ساعات و ما زاد عليه، نظر الي البول، فان كان قد بدت فيه الصفرة والأترجية قام و تمشي مشيا طويلا، ثم دخل الحمام، و أكل بعد أن تعاود الشهوة. وليكن مقداره أقل مما جرت عادته، و من أغذية سهلة الاستمراء، كالماء حمص بالفراخ، والاسفيذباجات من أطراف الحملان والجداء، و أمراق المطجنات. وليفعل ذلك يومين أو ثلاثة، ويجتنب الأغذية الغليظة العسرة الانهضام، ويشرب الشراب و يقويه و يقلله، و يزيد في الحركة والحمام، الي أن يبطل ذلك الثقل والجشاء الحامض كله ثم يعاود العادة.

و أكثر ما يحدث هذا العارض بأصحاب المعد الباردة والأمزاج البلغمية.

ومتي حدث مع التخمة انطلاق البطن، فلا ينبغي أن يقطع ذلك ما دام لا يضعف البدن عليه، و يمسك عن الغذاء البتة بقدر يوم وليلة. فان عاودت الشهوة مع انطلاق البطن، وقد كان من الخلقة بمقدار ما خلف البطن كله، فليأكل من الأغذية التي معها قبض و مرارة أكلا خفيفا، كالصباغ المتخذ من حب الرمان، والزبيب بعجمه، والأصباغ بخل قد نقع فيه كراويا [7] وراسن [8] و بأمراق المطجنات الظاهرة الحموضة التي قد صب فيها ماء السفرجل والتفاح والأرز والسماق، و نحو ذلك من الأغذية. فان ذهبت الطبيعة تنعقل قبل فقد الثقل و رجوع الشهوة، أخذ شي ء يسير من الكموني والسفرجلي بقدر ثلث الشربة أو ربعها.

و ان بقي البطن منطلقا بعد معاودة الشهوة وخف البطن، نظر. فان كان يخرج أبيض أدكن [9] ، و مع رياح و نفخ كثيرة، أخذ الجوارشنات العاقلة للبطن، كالجوارشن الحوري، فانه أقل أدوية و أقوي فعلا من القديم، ومثل جوارشن الكندري، و جوارشن السفرجلي الممسك، و جميع الجوارشنات التي تسخن البدن، و هي المركبة القابضة والمدرة للبول.



[ صفحه 668]



و ان كان ما يخرج أصفر لذاعا، و كان معه عطش، و كثيرا ما يعرض مثل هذا الاسهال في الصيف عند مداومة أكل الفواكه الرطبة، فينبغي أن يؤخذ دواء الطباشير المعمول ببزر الحماض الذي لا زعفران فيه، وسفوف حب الرمان الذي من نسختنا، فانهما أبسط و أقوي فعلا.

ولا يقطع هذا الاسهال أيضا ما لم يضعف البدن، وما لم يبق ويمتد بعد اطراح أكل الفواكه.

و متي اتفق، كما قلنا قبل، أن يقع استكثار من طعام وشراب، فيعرض بعقبه ثقل المعدة و تمدد فيها وضيق نفس و شوق الي القي ء، فليبادر الي القي ء قبل أن يخف البطن. وليقي ء ان عثر بشي ء من الرطوبات من ماء فاتر وسكنجبين، أو جلاب، أو فقاع، ثم يطال النوم بعد القي ء، والامساك عن الغذاء بقدر يوم وليلة. ثم يستحم، و يأكل ان هاجت الشهوة أكلا خفيفا و يخفف الغذاء، فليرجع الي العادة. و ان عرض بعقب ذلك تمدد في البطن، و كسل، وثقل في الحركات، وميل الي النوم، فليفصد أو ليسهل.

و اذا عرض جشاء فيه طعم ما أكل بعد ساعات كثيرة أو في اليوم الثاني، و فقدت الشهوة للطعام من بعد أو قلت و تبددت، فلينم من عرض له ذلك، و ليمسك عن الطعام، ثم يتمشي مشيا طويلا رفيقا، ثم يزيد في الشراب و في قوته و صرافته، و ينقص من الغذاء، و يأخذ بعض الجوارشنات المعينة علي الهضم الملينة للبطن، كالكموني والسفرجلي المسهل. و ان أمكن القي ء، و كانت النفس، فليتقيأ أولا بماء حار، وليتوق أن يصيب البرد بطنه وظهره. وليتوق في الجملة الحر والبرد و جميع الأعمال التي تتعب، فانها تضر مضرة شديدة.

فان أطلق، أو جاء القي ء من ذاته، فقد استغني عن هذا التدبير، الا اليسير منه، والا فيحتاج أن يفعل ذلك، ثم يتمشي بعد النوم مشيا رفيقا طويلا حتي يخرج الثفل، و يشرب ماء حارا و ما يخرج الثفل ان تأخر خروجه و وجد ثقلا في أسفل البطن. فان عسر خروجه جدا احتمل شيافا، أو شرب من الجوارشن السفرجلي المسهل.

فاذا خرج الثفل وخف البطن دخل الحمام. فان هاجت الشهوة أكل، والا عاود النوم حتي تعود الشهوة. و يقلل الأكل من بعده يومين أو ثلاثة، يأخذ في كل يوم اما السفرجلي و اما الكموني، علي مقدار مزاجه، ثم يرجع الي العادة.



[ صفحه 669]



فان بقي به بعد ذلك سوء الشهوة و ثقل في أسفل البطن، أخذ من الجوارشنات المسهلة. و ان بقي به بعد ذلك ثقل في البدن كله، و تمدد في الأعضاء كلها، فان كان مع ذلك وجهه و أعضاؤه حمرا حارة متنفخة متمددة، فليفصد. و ان كان مع تمديدها و ثقلها بارد الملمس، فليستعمل الحركة وقلة الغذاء أياما.

وربما عرض عن التخمة هيجان شهوة للطعام، فيتبع الانسان هواه في الأكل، فيحدث عنه استطلاق البطن، و هيجان شهوة كاذبة، يتبعها أيضا استطلاق البطن، و يدور ذلك الأمر كذلك.

و لذلك ينبغي متي حدث مثل هذه الشهوة بعقب افراط من الطعام، أو بعقب حال لم يقع تقصير فيه بل استيفاء منه، لم يتهم هذه الشهوة، ولا يتوان علي تناول الطعام، بل يضرب عنه البتة.

فان كانت شديدة القوة جدا، و لا تكاد تكون كذلك، أخذ لها لوزات مملحات أو سويق الكعك والمري. و عللت النفس بمثل ذلك الي أن يحضر وقت الطعام الثاني.

فان دام ذلك في الانسان مدة طويلة، و كان منه في عناء، اما للصبر عنها و اما بأن يتناول عندها طعاما، فيثقل عليه و ينطلق بطنه، فيسهل السوداء حينئذ بقوة لتوضع محاجم بلا شرط علي الطحال، و ليلعق العسل أو يشرب الجلاب، حتي تهيج هذه الشهوة مرتين أو ثلاثة، و شيئا بعد شي ء حتي يسكن معها.

فان هذه الشهوة الكاذبة يسكن باليسير من الأشياء الحلوة الدسمة، و يقي ء أسود لزجا بعقب الجلاب و ماء العسل و نحوه، و يبطل و يندفع باسهال السوداء، و وضع المحاجم علي الطحال، و اجتناب الأغذية التي تولد السوداء من بعد.

وينبغي أن يجتنب الخل في هذه الحال خاصة، ثم جميع الحموضات التي جمع حموضتها قبضا. و ان اتفق ذلك، لوحقت بدسومة و حلاوة كثيرة.

فليتفقد هذه الأبواب ولا يغفل عنها. فانها أبواب نافعة في دفع مضار التخمة [10] و لا شي ء أدفع للأمراض من اندفاع التخم، و لا أجلب لها من تواترها.



[ صفحه 670]




پاورقي

[1] الذهك: ذو رائحة كريهة.

[2] الكراث: بقل زراعي من الفصيلة الزنبقية تطبخ سوقه، والعامة تسميه البرامية.

[3] الباذروج: حبق القرنفل، و هو ريحان معروف يقال له الحوك.

[4] الحلتيت: صمغة الأنجدان، منتن الرائحة، و طيب، و أجوده المنتن.

[5] المحروت: هو أصل الأنجدان، و هو دون الحلتيت في القوة.

[6] الهاربا: نوع من أنواع السمك.

[7] الكراويا: عشبة حولية من فصيلة الخيميات، منبتها المروج والمراعي الجبلية، بزورها هاضمة.

[8] الراسن: يقال له زنجبيل شامي، منه بري وبستاني، يقوي القلب، و يزيد في الباءة.

[9] الأدكن: الدكنة: لون يميل الي الغبرة بين الحمرة والسواد.

[10] التخمة: امتلاء البطن. والداء يصيب الانسان من الطعام الذي يثقل علي المعدة فتضعف عن هضمه، أو من امتلاء المعدة.