بازگشت

وقفة تأمل في أحاديث أهل البيت حول الطب والتشريح


الشيخ الصدوق في كتاب العلل في أوليات الخلق، حيث تذكر الرواية:«ثم خلقت في الجسد بعد هذا الخلق الأول أربعة أنواع، وهن ملاك الجسد و قوامه باذني، لا يقوم الجسد الا بهن، ولا تقوم منهن واحدة الا بالأخري، منها المرة السوداء، والمرة الصفراء، والدم، والبلغم، ثم أسكن بعض هذا الخلق في بعض، فجعل مسكن اليبوسة في المرة السوداء، ومسكن الرطوبة في المرة الصفراء، ومسكن الحرارة في الدم، ومسكن البرودة في البلغم، فأيما جسد اعتلدت به هذه الأنواع الأربع التي جعلتها ملاكه، و قوامه و كانت كل واحدة منهن أربعا لا تزيد و لا تنقص كملت صحته و اعتدل بنيانه، فان زاد منهن واحدة عليهن فقهرتن و مالت بهن و دخل علي البدن السقم من ناحيتها بقدر ما زادت، و اذا كانت ناقصة نقل عنهن حتي تضعف من طاقتهن، و تعجز عن مقارنتهن و جعل عقله في دماغه و شرهه في كليته، و غضبه في كبره، و صرامته في قلبه، و رغبته في رئته، وضحكه في طحاله، وفرحه و حزنه و كربه في وجهه، وجعل فيه ثلاثمائة وستين مفصلا.

قال وهب: فالطبيب العالم بالداء والدواء يعلم من حيث يأتي لسقمن من قبل زيادة تكون في احدي هذه الفطر الأربع أو نقصان منها، و يعلم الدواء الذي به يعالجهن فيزيد في الناقصة منهن أو ينقص من الزائدة، حتي يستقيم الجسد علي فطرته و يعتدل الشي ء بأقرانه» [1] .

و نقل عن الامام أميرالمؤمنين عليه السلام جاء فيها: «ثم أمر الملائكة الأربعة: الشمال والدبور والصبا والجنوب، أن جولوا علي هذه السلالة الطين و أبرأوها



[ صفحه 748]



و أنشئوها، ثم جزئوها و فصلوها و أجروا فيها الطبائع الأربعة: الريح، والمرة، والدم، والبلغم.

قال: فجالت الملائكة عليها و هي الشمال والصبا والجنوب والدبور، فأجروا فيها الطبائع الأربعة.

قال: والريح في الطبائع الأربعة (في البدن) من ناحية الشمال.

قال: والبلغم في الطبائع الأربعة في البدن من ناحية الصبا.

قال: والمرة في الطبائع الأربعة في البدن من ناحية الدبور.

قال: والدم في الطبائع الأربعة في البدن من ناحية الجنوب.

قال: فاستقلت النسمة، و كمل البدن.

قال: فلزمه من ناحية الريح: حب الحياة وطول الأمل والحرص.

ولزمه من ناحية البلغم: حب الطعام والشراب واللين والرفق.

ولزمه من ناحية المرة: الغضب والسفه والشيطنة والتجبر والتمرد والعجلة.

ولزمه من ناحية الدم: حب النساء واللذات و ركوب المحارم والشهوات» [2] .

كما جاء عن الامام أبوعبدالله عليه السلام قال: «عرفان المرء نفسه أن يعرفها بأربع طبائع، و أربع دعائم، و أربعة أركان، و طبائعه: الدم، والمرة، والريح، والبلغم، و دعائمه: العقل - و من العقل الفطنة - والفهم، والحفظ، والعلم و أركانه: النور، والنار، والروح، والماء. فأبصر وسمع و عقل بالنور، و أكل و شرب بالنار، و جامع و تحرك بالروح، و وجد طعم الذوق والطعم بالماء: فهذا تأسيس صورته، فاذا كان عالما، حافظا، ذكيا، فطنا، فهما عرف في ما هو، و من أين تأتيه الأشياء، و لأي شي ء هو ههنا، و لما هو صائر باخلاص الوحدانية والاقرار بالطاعة. و قد جري فيه النفس و هي حارة و تجري فيه و هي باردة. فاذا حلت به الحرارة أشر وبطن، و ارتاح وقتل و سرق، و نصح و استبشر، وفجر وزنا و اهتز و بذخ، و اذا كانت باردة أغتم وحزن، و استكان و ذبل، و نسي و أيس، فهي العوارض التي تكون منها الأسقام، فانه سبيلها، ولا يكون أول ذلك لخطيئة



[ صفحه 749]



عملها، فيوافق ذلك مأكل أو مشرب في احدي ساعات لا تكون تلك الساعة موافقة لذلك المأكل والمشرب بحال الخطيئة، فيستوجب الألم من ألوان الأسقام.

و قال: جوارح الانسان و عروقه و أعضاؤه جنود الله مجندة عيله، فاذا أراد به سقما سلطها عليه، فأسقمه من حيث يريد به ذلك السقم» [3] .


پاورقي

[1] بحارالأنوار: 58 / 287 - 286 عن علل الشرائع: 1 / 104.

[2] بحارالأنوار: 301 - 58 / 300 عن علل الشرائع: 1 / 98.

[3] بحارالأنوار: 58 / 303 - 302، باب ما به قوام بدن الانسان و تشريح أعضائه.