بازگشت

البلغم


أما البلغم فالمقصود به هنا الغدد اللعابية، و هي من الناحية التشريحية عددها ثلاثة من كل جانب من جانبي الفم.



[ صفحه 752]



و تفرز اللعاب، و توصله بقنوات خاصة الي داخل الفم ليساعد علي ترطيب اللقمة و هضم المواد النشوية فيها، و هي الغدة النكفية و تقع خارج الشعبة الصاعدة لعظم الفك الأسفل، و الغدة تحت الفك و تقع علي الوجه الداخلي للفك الأسفل قرب زاوية الفك، ثم الغدة تحت اللسان و تقع تحت اللسان. و في اللعاب خميرتان هما البتوآلين Ptyalin والمالتاز Maltase وهاتان الخميرتان تشتركان معا في تفكيك المواد الكربوهيدراتية الغير قابلة للذوبان في الماء، و تحويلها الي أنواع من السكر البسيط الذي يذوب في الماء، و يشكل الماء نسبة كبيرة في تركيب المادة اللعابية.

و عملية الهضم لا تتم الا بعد مرور الغذاء بعمليات ميكانيكية و كيميائية معقدة تبدأ أولا بالفم ميكانيكيا، بواسطة الأسنان و كيميائيا بواسطة اللعاب، و تنتهي بالأمعاء ليتم الامتصاص والتمثيل الغذائي، فبالاضافة الي أن للعاب دور أساسي في عملية هضم الغذاء، فهو يساعد علي ترطيب الفم والأغشية المخاطية المبطنة للفم. و لا يقصد بالبلغم هنا بأنه الافرازات المخاطية التي تنبعث من الأنف أو القصبات، لأن هذه الافرازات هي ناتج عرضي.

لاحظنا في الروايات السابقة أن هذه الطبائع الأربعة المرة السوداء والمرة الصفراء والدم والبلغم التي تدخل في تركيب المزاج، و عرفنا التحليل العلمي والطبي لأهمية هذه الطبائع الأربعة و وجودها مشتركا لأداء الفعاليات الحيوية للجسم، و ان أي نقص أو اضطراب في عمل هذه الأجهزة يشكل خطرا بليغا علي حياة الانسان.

و هو مصداق لما جاء في الرواية: «فلو سكن المتحرك لم ينم، ولو تحرك الساكن لم ينم» [1] ، فأي اضطراب في عمل هذه الأجهزة سيؤدي بالنتيجة الي عوارض تهدد حياة الانسان، وبالطبع ان أي حالة مرضية تصيب أجهزة الجسم سوف تنعكس علي حالة المريض النفسية.

جاء عن أبي عبدالله عليه السلام قال:«قوام الانسان و بقاؤه بأربعة: بالنار والنور والريح والماء. فبالنار يأكل و يشرب، و بالنور يبصر يعقل، و بالريح يسمع ويشم، و بالماء يجد لذة الطعام والشراب، فلولا النار في معدته لما هضمت الطعام



[ صفحه 753]



والشراب، و لولا أن النور في بصره لما أبصره و لا عقل، و لولا الريح لما التهبت نار المعدة، ولولا الماء لم يجد لذة الطعام والشراب.

قال: وسألته عن النيران: فقال النيران أربعة: نار تأكل و تشرب، ونار تأكل و لا تشرب، و نار تشرب و لا تأكل، و نار لا تأكل و لا تشرب، فالنار التي تأكل و تشرب فنار ابن آدم و جميع الحيوانات، والتي تأكل و لا تشرب فنار الوقود، والتي تشرب و لا تأكل فنار الشجرة، والتي لا تأكل لا تشرب فنار القداحة والحباحب. [2] .

نقل عن أبوعبدالله عليه السلام قال: «انما صار الانسان يأكل و يشرب بالنار، و يبصر و يعمل بالنور، و يسمع و يشم بالريح، ويجد لذة الطعام والشراب بالماء، و يتحرك بالروح. ولولا النار في معدته ماهضمت أو قال - حطمت الطعام والشراب في جوفه - و لولا الريح ما التهبت نار المعدة ولا خرج الثفل عن بطنه، و لولا الروح ما تحرك ولا جاء و لا ذهب، و لولا برد الماء لأحرقته نار المعدة، ولولا النور ما أبصر و لا عقل» [3] .

بيان: لولا الريح أي التي تدخل المعدة مع الطعام والشراب، أو المتولدة في المعدة، أو الالتهاب من الأولي و خروج الثفل من الثانية، كما ذكر الأطباء أن الرياح المتولدة فيها تعين علي احدار الثفل (فالطين صورته) أي مادته الي تقبل صورته... [4] .

جاء عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: «ان أول من قاس ابليس، فقال: خلقتني من نار و خلقته من طين ولو علم ابليس ما خلق الله في آدم لم يفتخر عليه. ثم قال: ان الله عزوجل خلق الملائكة من نور، و خلق الجان من النار، و خلق الجن صنفا من الجان من الريح، و خلق الجن صنفا من الجن من الماء، و خلق آدم من صفحة الطين، ثم أجري في آدم النور والنار والريح والماء، فبالنور أبصر و عقل وفهم، وبالنار أكل و شرب، ولولا أن النار في المعدة لم يطحن المعدة الطعام،



[ صفحه 754]



و لولا أن الريح في جوف آدم تلهب نار المعدة لم تلتهب، و لولا أن الماء في جوف ابن آدم يطفي ء حر نار المعدة، لأحرقت النار جوف ابن آدم».

فجمع الله ذلك في آدم الخمس الخصال، و كانت في ابليس خصلة فافتخر بها. [5] .


پاورقي

[1] بحارالأنوار: 58 / 317 عن الكافي: 2 / 53.

[2] المصدر نفسه: 58 / 293 عن الخصال: 106.

[3] بحارالأنوار: 58 / 295 عن العلل: 1 / 101.

[4] المصدر نفسه: 58 / 296.

[5] بحارالأنوار: 307 - 58 / 306 باب ما به قوام بدن الانسان و ترشيح أعضائه.