بازگشت

النار


النار التي وردت في الروايات السابقة ترتبط بعملية الهضم في المعدة بالذات.

و باعتبار أن عملية هضم الغذاء الأساسية تكون فيها، لأن المواد الغذائية بعد خروجها من المعدة تصل محتوياتها الاثني عشر و هي نصف سائلة، تصب في الاثني عشر افرازات الكبد (الصفراء) و افرازات غدة البنكرياس، و كلاهما قلوي، بعكس عصارة المعدة الحامضية، حيث يتم فيه استئناف هضم المواد النشوية، و تفكيك المواد الدهنية بتأثير الحرارة أو في الأمعاء الدقيقة يتم امتصاص المواد الغذائية بعد أن يتم هضمها بالكامل، و ما يتبقي من مواد غير مهضومة و في مقدمتها مادة السللوز التي لا تتأثر بالعصارات الهضمية تدفع الي الأمعاء الغليظة و هي في حالة نصف سائلة.

أما عملية الهضم التي تتم في المعدة فبمجرد وصول الغذاء الي المعدة يثير فيها حركتها الديدانية غير الارداية، كما يثير الغدد في جلدها المخاطي علي افراز كمية من الافرازات المخاطية، و كمية ما يسمي بعصارة المعدة تفرزها الغدد الخاصة في جلدها المخاطي، و هذه الافرازات كلها تختلط بمحتويات المعدة من الغذاء.

و عصارة المعدة تحوي حامض الهيدروكلوريك وخميرة تسمي ببسين (Pepsin) من شأنها أن تفكك المواد الزلالية الي عناصر أولية (حوامض الأمينو) قابلة للذوبان في الماء. و الببسين لا يستطيع أن يؤدي عمله هذا الا بوجود حامض الهيدروكلوريك، كما أن لهذا الحامض في عصارة المعدة عمل آخر، و هو ابادة ما قد يصل مع الغذاء الي المعدة من جراثيم و تطهير محتويات المعدة منها، وحامض



[ صفحه 755]



الهيدروكلوريك هو حامض قوي المفعول، و زيادة افراز هذا الحامض يؤدي الي اصابة الجلد المخاطي للمعدة والاثني عشر بتخريش، و قد يؤدي استمرار هذا التخريش الي احداث تقرحات في المعدة والاثني عشر. فالنار التي وردت في الروايات المقصودة منها هو ذلك الحامض و ذلك لشدة تأثيره و قوته في هضم جميع أنواع الطعام.