بازگشت

النور


أما النور فهو الذي تتم به الأبصار عن طريق العين، والعين تشبه آلة التصوير، الا أنها تستطيع تكييف نفسها بالتقاط أي نوع من الصور، و لا تكف عن الالتفاط ما دامت مفتوحة. والعين تكاد تكون مستديرة الا عن مقدمها حيث يوجد انتفاخ بسيط، والغلاف الخارجي لمقلة العين متين أبيض اللون، الا عند الانتفاخ الأمامي حيث يكون شفافا، و بذلك يسمح للضوء بالدخول الي العين، و يسمي هذا الانتفاخ بالقرنية و وظيفتها الأساسية حماية العين من الأضرار. و يوجد خلف (القرنية) قرص رقيق يسمي القزحية) و هي التي تكسب العين لونها. و في منتصف القزحية ثقب مستدير يسمي (انسان العين) تتحكم في اتساعه مجموعتان من العضلات، ففي الضوء الخافت يتسع قطر الثقب فتمر كمية كبيرة من الضوء الي داخل العين، أما في الضوء القوي، فان قطر انسان العين يضيق ليمنع الضوء الباهر من الأضرار بالعين.

و توجد العدسة خلف انسان العين مباشرة، و هي عبارة عن قرص دقيق يبلغ قطره ثلث بوصة، و هو رفيع عند الحواف سميك في الوسط، و توجد حول العدسة عضلة دائرية تستطيع بانقباضها أن تجعل العدسة أقل قطرا و أكبر سمكا، و بهذه الطريقة تستطيع رؤية الأشياء القريبة في وضوح تام، و عندما ترتخي العضلة، تستطيع رؤية الأشياء البعيدة بوضوح.

و يملأ الفراغ الموجود بين القرنية والعدسة سائل معظمه من الماء يسمي السائل المائي، أما بقية العين فتملؤها مادة جيلاتينية تسمي الجسم الزجاجي.

فاذا وقع النور علي المرئيات انعكس عنها، و دخلت خلوطه العين، و رسمت علي الشبكة صور المرئيات، والشبكية هي الطبقة الداخلية للعين وهي مكونة من الخلايا البصرية الحساسة بالضوء، و يوجد في طبقة واحدة من طبقات



[ صفحه 756]



شبكة العين خمسمائة مليون خلية بصرية تسمي العصيات والمخاريط (150 مليون خلية بصرية من نوع العصيات في السنتمتر المربع، و 8 ملايين خلية بصرية من نوع المخاريط في السنتمتر المربع) و وظيفتها نقل مختلف الألوان التي يتكون منها طيف الضوء، ثم تحويلها الي سيالة عصبية ينقلها عصب البصر المؤلف من نصف مليون ليف عصبي تقريبا الي مركز البصر في الدماغ الذي يحولها صورا مرئية، ويتم كل ذلك بصورة سريعة جدا، و يكفي التذكير بأن الانسان يستطيع قراءة خمسمائة كلمة في الدقيقة، فالعينان تنتقلان بدون أن نشعر، من كلمة الي أخري بالسرعة المذهلة التي تقدر بربع ثانية تقريبا.

أما قدرة العين علي التمييز والرؤية بحسب قوة النور، فان درجة حساسيتها تتراوح ما بين الحدود الدنيا والحدود القصوي في رؤية الأشياء، و تبلغ 20 مليون ضعف تقريبا. و يقوم علي خدمة هذه الصنعة الالهية العجيبة التي لا يتجاوز وزنها ثمانية غرامات، سبع عضلات، و ثلاثة أعصاب محركة، و ثلاثون شريانا و وريدا مغذيا.

و قد ذكر العلامة المجلسي قدس سره قال: و أما العين فهي مركبة من سبع طبقات و ثلاث رطوبات، ما خلا الأعصاب والعضلات والعروق، و بيان هيئاتها أن العصبة المجوفة التي هي أولي العصب الخارجة من الدماغ، تخرج من القحف الي حيث قعر العين، و عليها غشاءان هما غشاء الدماغ، فاذا برزت من القحف و صارت في حومة عظم العين فارقها الغشاء الغليظ و صار لباسا و غشاء علي عظم العين الأعلي كله، ويسمي هذا الغشاء «الطبقة الصلبة» و يفارقها أيضا الغشاء الرقيق، فيصير غشاء و لباسا دون الطبقة الصلبة، و يسمي «الطبقة المشيمية» لشبهها بالمشيمة.

و تعرض العصبة و نفسها و يصير فيها غشاء دون هذين و تسمي «الطبقة الشبكية»، ثم يتكون في وسط هذا الغشاء جسم لين رطب حمراء صافية غليظة مثل الزجاج الذائب يسمي «الرطوبة الزجاجية»، و يتكون في وسط هذا الجسم جسم آخر مستدبر، الا أن فيه أدني تفرطح [1] شبيه بالجليد في صفائه، و تسمي «الرطوبة



[ صفحه 757]



الجليدية» و تحيط الزجاجية من الجليدية بمقدار النصف، و يعلو النصف الآخر جسم شبيه بنسج العنكبوت شديد الصفاء و الصقال يسمي «الطبقة العنكبوتية»، ثم يعلو هذا الجسم سائل في لون بياض العين يسمي «الرطوبة البيضية» و يعلو الرطوبة البيضية جسم رقيق مخمل الداخل حيث يلي البيضية، أملس الخارج، و يختلف لونه في الأبدان، فربما كان شديد السواد و ربما كان دون ذلك، في وسطه بحيث يحاذي الجليدية ثقب يتسع و يضيق في حال دون حال بمقدار حاجة الجليدية الي الضوء، فيضيق في الضوء الشديد و يتسع في الظلمة، و بانسداه يبطل الابصار، و هو مثل ثقب حب عنب ينزع من العنقود، و هو الحدقة، وفيها رطوبة لطيفة و روح، و لهذا يبطل الناظر عند الموت، ويسمي هذا الغشاء «الطبقة العنبية».

و يعلو هذه الطبقة و يغشاها جسم كثيف صاف صلب يشبه صفحة صلبة رقيقة من قرن أبيض، و تسمي «القرنية» غير أنها تتلون بلون الطبقة التي تحتها المسماة عنبية، كما تلتصق وراء جام من زجاج شيئا ذا لون، فيميل ذلك المكان من الزجاج الي لون ذلك الشي. و يعلو هذا و يغشاه - لكن لا كله بل الي موضع سواد العين - لحم أبيض دسم مشف مشف مختلق بالعضلات المحركة للعين، غليظ ملتحم عليه تسمي ب«الملتحمة» و هو بياض العين، و ينشأ من الغشاء الذي علي القحف من خارج كما ينشأ القرنية من الطبقة الصلبة، والعنبية من الطبقة المشيمية، والعنكبوتية من الشبكية وكل يجذب الغذاء من التي هي منشأها، فانها تتغذي بنصيبها و تؤدي الباقي اليها. [2] .


پاورقي

[1] تفرطح: صار عريضا.

[2] بحارالأنوار: 59 / 13 - 12.