بازگشت

الطرق التنفسية


يسلك الهوا الذي نتنفسه طرقا معقدة و متشعبة حتي يصل الي الحويصلات، و يتنفس معظم الناس حوالي 85 درصد عن طريق الأنف، بينما يبقي الفم طريقا اضافية لمرور الهواء حيث تبلاغ الحاجة للتهوية قدرا كبيرا (40 - 35) ليتر في الدقيقة.

يفيد الأنف والبلعوم في تسخين و ترطيب الهواء الداخل و تنقيته، و ان مرور الهواء عبر الحنجرة يثير عمل مجموعة من العضلات الرقبية و الغضاريف، بحيث تبقي مفتوحة طيلة الشهيق و تنغلق في أثناء البلع، و كل ما من شأنه أن يتطلب زيادة بالضغط داخل الصدر كالتقيؤ والتغوط.

تتلو الرغامي الحنجرة و هي بطول 12 - 10 سم، اسطوانية الشكل مدعمة بغضاريف حلقية ناقصة بشكل حرف (U) و غشاء ليفي خلفي، تتفرع الرغامي عند المهماز (الجؤجؤ Carina) القصبي الرغامي الي قصيبتين رئيسيتين يمني و يسري، تنتهي القصبات بالقصيبات الانتهائية (Terminal Bronchioles) التي تتيح توسعا سريعا و كبيرا للطرق الهوائية، يتلو هذه القصيبات الانتهائية ثلاثة فروع من القصيبات التي تتألف جدارها من أعداد متزايدة من الحويصلات، ثم الأمنية الحويصلية Alreolar Ducts، التي تنتهي بالأجواف الحويصلية Alveolar Sacs و عند هذه النقطة فان مساحة السرير الحويصلي الشعري تصل الي حدود لا تصدق تبلغ 100 - 50 متر مربع.

أما الرئتين فهما ممتدتان من أسفل الرقبة الي الحجاب الحاجز، و هو الفاصل الذي يقسم تجويف الجسم الي قسمين، و هما تشبهان المخروط علي وجه التقريب، قمته الي الأعلي و قاعدته الي الأسفل. وكان رئة مستقلة عن الأخري، بحيث أن الانسان اذا لم يستطع التنفس بواحدة منهما لسبب أو لآخر، يمكن الاستعانة بالرئة الأخري، كما أنهما تختلفان قليلا في الشكل والمظهر، و تتكون الرئة اليسري من فصين في حين تتكون اليمني من ثلاثة فصوص، كما أن الرئة اليسري أصغر قليلا من الرئة اليمني نظرا لوجود القلب بين الرئتين، والرئتين تحتوي علي ملايين من الحويصلات الهوائية.

ان أهم وظيفة للرئتين هي الاستدماء، و هي الوظيفة التي تقوم بتأمين



[ صفحه 759]



الأوكسجين اللازم للنسيج بغية تأمين القدرة اللازمة لمختلف عمليات البدن الحيوية، و التخلص من غاز ثاني أوكسيد الفحم الناجم عن عملية الاستقلاب (Metabolism).

و يقول العلامة المجلسي قدس سره: و أما الرئة: فان قصبتها تنتهي من أقصي الفم علي ما ذكرنا حتي اذا ما جاءت الي ما دون الترقوة انقسمت قسمين، و ينقسم كل قسم منها أقساما كثيرة، و انتسج و احتشي حواليها لحم أبيض رخو متخلخل هوائي غذاؤه دم في غاية اللطافة والرقة، فيملأ القصبة والفرج التي بين شعبها وشعب العروق التي هناك، فصار من جملة القصبة المنقسمة والعروق التي تحتها.

واللحم الذي يحتشي حواليها بدن الرئة، و نصفه في تجويف الصدر الأيمن، والآخر في الأيسر، فهي ذات شقين في جزئي الصدر، لكي يكون التنفس بآلتين [1] ، فان حدث علي واحد منهما حادثة قام الآخر بما يحتاج اليه، كالحال في العينين، و جللت بغشاء عصبي ليحفظها علي وضعها و ليفيدها حسا ما.

و انما تخلخل لحمها لينفذ فيه الهواء الكثير فوق المحتاج اليه للقلب، ليكون للحيوان عندما يغوص في الماء، و عندما يصوت صوتا طويلا متصلا يشغله عن التنفس و جذب الهواء، و عندما يعاف [2] الانسان استنشاق هواء منتن أو هواء مخلوط بدخان أو غبار، هواء [3] معد يأخذه القلب، و أن يكون معينا بالانقباض علي دفع الهواء الدخاني و علي النفث.

و سبب بياض لحمها هو كثرة تردد الهواء فيه و غلبته علي ما يغتذي به، و انما تشعب شعبا لئلا يتعطل التنفس لآفة تصيب احدي الشعب، و لا رئة للسمك، و انما يتنفس بالهواء من طريق الأذنين.

و أما قصبة الرئة: فمؤلفة من غضاريف كثيرة منضود بعضها فوق بعض،



[ صفحه 760]



مربوط بعضها الي بعض برباطات، بعضها دوائر تامة، و هي التي في داخل الرئة، و بعضها نصف دائرة، و هي التي تجاور المري ء و تماسه في فضاء الحلق.

وبين كل اثنين منها فرجة، و يجللها غشاءان يجريان عليها و يشملان الفرج التي بينها، و يصلان بين طرفي أنصافها داخلا و خارجا، و انما جعلت غضروفية لتبقي مفتوحة و لا تنطبق، ولتكون صلابته سببا لحدوث الصوت أو معينا فيه.

و انما كثرت لئلا يشملها الآفة، و انما ربطت بأغشية لتتسع تارة و تجتمع أخري عند الاستنشاق والتنفس، فان القابل لتمدد والاجتماع هو الغشاء دون الغضروف و انما لاقت المري ء بجانبها الناقص و بالغشاء، ليندفع عند الازدراد [4] عن وجه اللقمة النافذة اذا احتاج المري ء الي التمدد والاتساع، فينبسط الي الغشاء و يأخذ حظا من فضاء القصبة فيتسع و ينفذ اللقمة بسهولة، فيكون تجويف القصبة حينئذ معينا للمري ء عند الازدراد، وجعل الغشاء الداخلاني أصلب و أشد ملاسة ليقاوم حدة النوازل والنفوث الردية والدخان المردود من القلب، و لئلا يسترخي عن وقوع الصوت. و انما انقسمت في داخل الرئة أقساما كثيرة لينفذ فيها الهواء الكثير و يستعد فيها للقلب، و منفعتها في اعداد الهواء للقلب مثل منفعة الكبد في اعداد الغذاء لجميع البدن، و انما ضيقت فوهاتها لينفذ فيها النسيم الي الشرايين المؤدية الي القلب بالتدريج، و أن لا ينفذ فيها الدم فيحدث نفث الدم. [5] .

أما السمع: فهو من الحواس المهمة جدا والمؤثرة في تنمية القدرات العقلية والشعورية عند الطفل، فمن الأسباب الرئيسية (30 درصد بحسب الاحصاءات) للتخلف العقلي الخلقي والمكتسب تعطل آلة السمع عند المولود والطفل.

و سنكتفي هنا بذكر الخطوط الرئيسية لحاسة السمع. من الوجهة التشريحية تبدأ حاسة السمع بالأذن الخارجية و تنتهي في الدماغ و بصورة مبسطة جدا، تتألف حاسة السمع من الأذن الخارجية، والوسطي، والداخلية التي تنتهي بعصب الصمع، الذي يحول الذبذبات الصوتية الي سيالة عصبية، يتولي مركز السمع الدماغي تحويلها الي لغة مفهومة.



[ صفحه 761]




پاورقي

[1] باثنين (خ).

[2] أي يكره.

[3] اسم لقوله «ليكون للحيوان..» و قد انفصل بينه و بين الخبر المقدم عليه ظروف متعاطفة.

[4] أي الابتلاع.

[5] بحارالأنوار: 59 / 34 - 32.