بازگشت

حكم و مواعظ الامام موسي بن جعفر


568- وصيته عليه السلام لهشام وصفته للعقل:

ان الله تبارك و تعالي بشر أهل العقل و الفهم في كتابه فقال: (فبشر عباد، الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله و أولئك هم أولوا الألباب) [1] .

يا هشام بن الحكم ان الله عزوجل أكمل للناس الحجج بالعقول، و هو أفضي اليهم بالبيان، و دلهم علي ربوبيته بالأدلاء، فقال: (و الهكم اله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحيم) [2] .

(ان في خلق السموات و الأرض و اختلاف الليل و النهار - الي قوله - لآيات لقوم يعقلون) [3] .

يا هشام قد جعل الله عزوجل. بذلك دليلا علي معرفته بأن لهم مدبرا، فقال: (و سخر لكم الليل و النهار و الشمس و القمر و النجوم مسخرات بأمره ان في ذلك لآيات لقوم يعقلون) [4] .



[ صفحه 250]



و قال: (حم، و الكتاب المبين، انا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) [5] .

و قال: (و من آياته يريكم البرق خوفا و طمعا و ينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها ان في ذلك لآيات لقوم يعقلون) [6] .

يا هشام ثم وعظ أهل العقل و رغبتهم في الآخرة، فقال: (و ما الحياة الدنيا الا لعب و لهو و للدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون) [7] و قال (و ما أتيتم من شي ء فمتاع الحياة الدنيا و زينتها و ما عندالله خير و أبقي أفلا تعقلون) [8] .

يا هشام ثم خوف الذين لا يعقلون عذابه، عذابه فقال عزوجل: (ثم دمرنا الآخرين، و انكم لتمرون عليهم مصبحين، و بالليل أفلا تعقلون) [9] .

يا هشام ثم بين أن العقل مع العلم، فقال: (و تلك الأمثال نضربها للناس و ما يعقلها الا العالمون) [10] .

يا هشام ثم ذم الذين لا يعقلون. فقال: (و اذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا و لا يهتدون) [11] و قال: (ان شر الدواب عندالله الصم البكم الذين لا



[ صفحه 251]



يعقلون) [12] و قال: (و لئن سألتهم من خلق السموات و الأرض ليقولن الله قل الحمدلله بل أكثرهم لا يعقلون) [13] .

ثم ذم الكثرة، فقال: (و ان تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) [14] و قال: (ولكن أكثرهم لا يعلمون) [15] (و أكثرهم لا يشعرون) [16] .

يا هشام ثم مدح القلة، فقال: (و قليل من عبادي الشكور) [17] و قال: (و قليل ما هم) [18] و قال: (و ما آمن معه الا قليل) [19] .

يا هشام ثم ذكر أولي الألباب بأحسن الذكر و حلاهم بأحسن الحلية، فقال: (يؤتي الحكمة من يشاء و من يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا و ما يذكر الا أولوا الألباب) [20] .

يا هشام ان الله يقول: (ان في ذلك لذكري لمن كان له قلب) [21] يعني العقل: (و لقد آتينا لقمان الحكمة) [22] قال: الفهم و العقل.



[ صفحه 252]



«يا هشام ان لقمان قال لابنه: تواضع للحق تكن أعقل الناس [23] يا بني ان الدنيا بحر عميق قد غرق فيه عالم كثير، فلتكن سفينتك فيها تقوي الله، و حشوها الايمان [24] و شراعها التوكل، و قيمها العقل، و دليلها العلم، و سكانها الصبر».

يا هشام لكل شي ء دليل، و دليل العاقل التفكر، و دليل التفكر الصمت. و لكل شي ء مطية، و مطية العاقل التواضع [25] و كفي بك جهلا أن تركب ما نهيت عنه.

يا هشام لو كان في يدك جوزة و قال الناس: [في يدك] لؤلؤة ما كان ينفعك و أنت تعلم أنها جوزة و لو كان في يدك لؤلؤة و قال الناس: انه جوزة ما ضرك و أنت تعلم أنها لؤلؤة.

يا هشام ما بعث الله أنبياءه و رسله الي عباده الا ليعقلوا عن الله، فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة لله. و أعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلا و أعقلهم [26] أرفعهم درجة في الدنيا و الآخرة.

يا هشام ما من عبد الا و ملك آخذ بناصيته، فلا يتواضع الا رفعه الله و لا يتعاظم الا وضعه الله.

يا هشام ان الله علي الناس حجتين حجة ظاهرة و حجة باطنة فأما



[ صفحه 253]



الظاهرة فالرسول و الأنبياء. و الأئمة و أما الباطنة فالعقول.

يا هشام ان العاقل، الذي لا يشغل الحلال شكره، و لا يغلب الحرام صبره.

يا هشام من سلط ثلاثا علي ثلاث فكأنما أعان هواه علي هدم عقله: من أظلم نور فكره [27] بطول أمله، و محا طرائف حكمته بفضول كلامه، و أطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فكأنما أعان هواه علي هدم عقله، و من هدم عقله أفسد عليه دينه و دنياه.

يا هشام كيف يزكو عندالله عملك و أنت قد شغلت عقلك عن أمر ربك و أطعت هواك علي غلبة عقلك.

يا هشام الصبر علي الوحدة علامة قوة العقل، فمن عقل عن الله تبارك و تعالي اعتزل أهل الدنيا و الراغبين فيها، و رغب فيما عند ربه [و كان الله] آنسه في الوحشة و صاحبه في الوحدة، و غناه في العيلة، و معزه في غير عشيرة [28] .

يا هشام نصب الخلق لطاعة الله [29] و لا نجاة الا بالطاعة، و الطاعة بالعلم. و العلم بالتعلم، و التعلم بالعقل يعتقد [30] و لا علم الا من عالم رباني، و معرفة العالم بالعقل.

يا هشام قليل العمل من العاقل مقبول مضاعف، و كثير العمل من أهل الهوي و الجهل مردود.



[ صفحه 254]



يا هشام ان العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة. و لم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا، فلذلك ربحت تجارتهم.

يا هشام ان كان يغنيك ما يكفيك فأدني ما في الدنيا يكفيك. و ان كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شي ء من الدنيا يغنيك.

يا هشام ان العقلاء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب، و ترك الدنيا من الفضل و ترك الذنوب من الفرض. [31] .

يا هشام ان العقلاء زهدوا في الدنيا و رغبوا في الآخرة، لأنهم علموا أن الدنيا طالبة و مطلوبة، والآخرة طالبة و مطلوبة [32] فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتي يستوفي منها رزقه و من طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت فيفسد عليه دنياه و آخرته.

يا هشام من أراد الغني بلا مال، و راحة القلب من الحسد و السلامة في الدين فليتضرع الي الله في مسألته بأن يكمل عقله، فمن عقل قنع بما يكفيه، و من قنع بما يكفيه استغني، و من لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغني أبدا.

يا هشام ان الله جل و عز حكي عن قوم صالحين أنهم قالوا: (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا و هب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب) [33] حين علموا أن القلوب تزيغ و تعود الي عماها و رداها [34] انه لم يخف الله



[ صفحه 255]



من لم يعقل عن الله، و من لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه علي معرفة ثابتة يبصرها و يجد حقيقتها في قلبه، و لا يكون أحد كذلك الا من كان قوله لفعله مصدقا، و سره لعلانيته موافقا، لأن الله لم يدل [35] علي الباطن الخفي من العقل الا بظاهر منه و ناطق عنه.

يا هشام كان أميرالمؤمنين عليه السلام يقول: ما من شي ء عبدالله به [36] أفضل من العقل و ما تم عقل امرء حتي يكون فيه خصال شيي، الكفر و الشر منه مأمونان [37] و الرشد و الخير منه مأمولان [38] و فضل ماله مبذول، و فضل قوله مكفوف، نصيبه من الدنيا القوت، لا يشبع من العلم دهره، الذل أحب اليه مع الله من العز مع غيره، و التواضع أحب اليه من الشرف، يستكثر قليل المعروف من غيره، و يستقل كثير المعروف من نفسه. و يري الناس كلهم خيرا منه و أنه شرهم في نفسه. و هو تمام الأمر [39] .

يا هشام من صدق لسانه زكي عمله، و من حسنت نيته زيد في رزقه، و من حسن بره بأخوانه و أهله مد في عمره.

يا هشام لا تمنحوا الجهال الحكمة فتظلموها [40] ، و لا تمنعوها أهلها فتظلموهم.



[ صفحه 256]



يا هشام كما تركوا لكم الحكمة فاتركوا لهم الدنيا [41] .

يا هشام لا دين لمن لا مروءة له، و لا مروءة لمن لا عقل له، و ان أعظم الناس قدرا الذي لا يري الدنيا لنفسه خطرا [42] ، أما ان أبدانكم ليس لها ثمن الا الجنة، فلا تبيعوها بغيرها.

يا هشام ان اميرالمؤمنين عليه السلام كان يقول [43] : «لا يجلس في صدر المجلس الا رجل فيه ثلاث خصال: يجيب اذ سئل، و ينطق اذا عجز القوم عن الكلام، و يشير بالرأي الذي فيه صلاح أهله، فمن لم يكن فيه شي ء منهن فجلس فهو أحمق». و قال الحسين بن علي عليهماالسلام «أذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها» قيل: يا ابن رسول الله و من أهلها؟ قال: «الذين قص الله في كتابه و ذكرهم فقال: (انما يتذكر أولوا الألباب) [44] قال: «هم أولوا العقول». و قال علي بن الحسين عليهماالسلام: مجالسة الصالحين داعية الي الصلاح. و أدب العلماء [45] زيادة في العقل، و طاعة ولاة العدل تمام العز، و استثمار المال [46] تمام المروءة، و ارشاد المستشير قضاء الحق النعمة، و كف الأذي من كمال العقل و فيه راحة البدن عاجلا و آجلا».

يا هشام ان العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه، و لا يسأل من يخاف



[ صفحه 257]



منعه، و لا يعد ما لا يقد عليه، و لا يرجو ما يعنف برجائه [47] و لا يتقدم علي ما يخاف العجز عنه [48] و كان أميرالمؤمنين يوصي أصحابه يقول: «أوصيكم بالخشية من الله في السر و العلانية، و العدل في الرضا و الغضب، و الاكتساب في الفقر و الغني و أن تصلوا من قطعكم، و تعفوا عمن ظلمكم، و تعطوا [49] علي من حرمكم، وليكن نظركم عبرا، و صمتكم فكرا، و قولكم ذكرا، و طبيعتكم السخاء [50] فانه لا يدخل الجنة بخيل، ولا يدخل النار سخي».

يا هشام رحم الله من استحيا من الله حق الحياء، فحفظ الرأس و ما حوي [51] و البطن و ما وعي، و ذكر الموت و البلي، و علم أن الجنة محفوفة بالمكاره [52] و النار محفوفة بالشهوات.

يا هشام من كف نفسه عن أعراض الناس أقاله الله عثرته يوم القيامة،



[ صفحه 258]



ومن كف غضبه عن الناس كف الله عنه غضبه يوم القيامة.

يا هشام ان العاقل لا يكذب و ان كان فيه هواه.

يا هشام وجد في ذؤابة [53] سيف رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أن اعتي الناس علي الله من ضرب غير ضاربه و قتل غير قاتله، و من تولي غير مواليه فهو كافر بما أنزل الله علي نبيه محمد صلي الله عليه و آله و سلم، و من أحدث حدثا [54] ، أو آوي محدثا لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفا و لا عدلا.

يا هشام أفضل ما يتقرب به العبد الي الله بعد المعرفة به: الصلاة، و بر الوالدين، و ترك الحسد والعجب والفخر.

يا هشام أصلح أيامك الذي هو أمامك، فانظر أي يوم هو، و أعد له الجواب، فانك موقوف و مسؤول، و خذ موعظتك من الدهر و أهله، فان الدهر طويلة قصيرة فاعمل كأنك تري ثواب عملك لتكم أطمع في ذلك. و اعقل عن الله و انظر [55] في تصرف الدهر و أحواله، فان ما هو آت من الدنيا كما ولي منها. فاعتبر بها. و قال علي بن الحسين عليهماالسلام: «ان جميع ما طلعت عليه الشمس في مشارق الأرض و مغاربها بحرها و برها و سهلها و جبلها عند ولي من أولياء الله و أهل المعرفة بحق الله كفيي ء الظلال - ثم قال عليه السلام -: أولا حر يدع [هذه] اللماظة لأهلها [56] - يعني الدنيا - فليس



[ صفحه 259]



لأنفسكم ثمن الا الجنة فلا تبيعوها بغيرها، فانه من رضي من الله بالدنيا فقد رضي الخسيس».

يا هشام ان كل الناس يبصر النجوم، ولكن لا يهتدي بها الا من يعرف مجاريها و منازلها. و كذلك أنتم تدرسون الحكمة، ولكن لا يهتدي بها منكم الا من عمل بها.

يا هشام ان المسيح عليه السلام قال للحواريين: «يا عبيد السوء يهولكم طول النخلة [57] و تذكرون شوكها و مؤونة مراقيها، و تنسون طيب ثمرها و مرافقها [58] كذلك تذكرون مؤونة عمل الآخرة فيطول عليكم أمده. و تنسون ما تفضون اليه من نعيمها و نورها و ثمرها [59] يا عبيد السوء نقوا القمح و طيبوه و أدقوا طحنه تجدوا طعمه و يهنئكم أكله، كذلك فأخلصوا الايمان و أكملوه تجدوا حلاوته و ينفعكم غبه [60] ، بحق أقول لكم: لو وجدتم سراجا يتوقد بالقطران [61] في ليلة مظلمة لاستضأتم به و لم يمنعكم منه ريح نتنه. كذلك ينبغي لكم أن تأخذوا الحكمة ممن وجدتموها معه، و لا يمنعكم منه سوء رغبته فيها. يا عبيد الدنيا بحق أقول لكم: لا تدركون شرف الآخرة الا بترك ما تحبون، فلا تنظروا بالتوبة غدا، فان دون غد يوما



[ صفحه 260]



و ليلة و قضاء الله [62] فيهما يغدوا و يروح. بحق أقول لكم: ان من ليس عليه دين من الناس أروح و أقل هما ممن عليه الدين و ان أحسن القضاء، و كذلك من لم يعمل الخطيئة أروح هما ممن عمل الخطيئة و ان أخلص التوبة و أناب، و ان صغار الذنوب و محقراتها [63] من مكائد ابليس، يحقرها لكم و يصغرها في أعينكم فتجتمع و تكثر فتحيط بكم. بحق أقول لكم: ان الناس في الحكمة رجلان: فرجل أتقنها بقوله و صدقها بفعله، و رجل أتقنها بقوله و ضيعها بسوء فعله، فشتان بينهما، فطوبي للعلماء بالفعل و ويل للعلماء بالقول. يا عبيد السوء اتخذوا مساجد ربكم سجونا لأجسادكم و جباهكم، و اجعلوا قلوبكم بيوتا للتقوي، و لا تجعلوا قلوبكم مأوي للشهوات، ان أجزعكم عند البلاء لأشدكم حرا للدنيا، و ان أصبركم علي البلاء لأزهدكم في الدنيا، يا عبيد السوء لا تكونوا شبيها بالحداء الخاطفة [64] و لا بالثعالب الخادعة و لا بالذئاب الغادرة، و لا بالأسد العاتية كما تفعل بالفراس [65] كذلك تفعلون بالناس، فريقا تخطفون و فريقا تخدعون و فريقا تغدرون بهم. [66] بحق أقول لكم: لا يغني عن الجسد ان يكون ظاهره صحيحا و باطنه فاسدا، كذلك لا تغني أجسادكم التي قد أعجبتكم و قد فسدت قلوبكم. و ما يغني عنك أن تنقوا جلودكم و قلوبكم



[ صفحه 261]



دنسة. لا تكونوا كالمنخل [67] يخرج منه الدقيق الطيب و يمسك النخالة، كذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواهكم و يبقي الغل في صدوركم، يا عبيد الدنيا انما مثلكم مثل السراج يضي ء للناس و يحرق نفسه، يا بني اسرائيل زاحموا العلماء في مجالسهم و لو جثوا علي الركب [68] ، فان الله يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحي الأرض الميتة بوابل المطر» [69] .

يا هشام مكتوب في الانجيل «طوبي للمتراحمين، اولئك هم المرحومون يوم القيامة، طوبي للمصلحين بين الناس، أولئك هم المقربون يوم القيامة، طوبي للمطهرة قلوبهم، أولئك هم المتقون يوم القيامة، طوبي للمتواضعين في الدنيا، أولئك يرتقون منابر الملك يوم القيامة».

يا هشام قلة المنطق حكم عظيم، فعليكم بالصمت، فانه دعة حسنة و قلة وزر و خفة من الذنوب. فحصنوا باب الحلم، فان بابه الصبر، و ان الله عزوجل يبغض الضحاك من غير عجب، و المشاء ألي غير أرب [70] و يجب علي الوالي أن يكون كالراعي لا يغفل عن رعيته و لا يتكبر عليهم، فاستحيوا من الله في سرائركم، كما تستحيون من الناس في علانيتكم، و اعلموا أن الكلمة من الحكمة ضالة المؤمن، فعليكم بالعلم قبل أن يرفع، و رفعه غيبة عالمكم بين أظهركم.

يا هشام تعلم من العلم ما جهلت، و علم الجاهل مما علمت، عظم



[ صفحه 262]



العالم لعلمه ودع منازعته، و صغر الجاهل لجهله، و لا تطرده، ولكن قربه و علمه.

يا هشام ان كل نعمة عجزت عن شكرها بمنزلة سيئة تؤاخذ بها، و قال أميرالمؤمنين صلوات الله عليه: «ان الله عبادا كسرت قلوبهه خشية فأسكتتهم عن المنطق، و انهم لفصحاء عقلاء، يستبقون الي الله بالأعمال الزكية، لا يستكثرون له الكثير، و لا يرضون لهم من أنفسهم بالقليل، يرون في أنفسهم أنهم أشرار و أنهم لأكياس و أبرار» [71] .

يا هشام الحياء من الايمان و الايمان في الجنة، و البذاء من الجفاء [72] و الجفاء في النار.

يا هشام المتكلمون ثلاثة: فرابح و سالم و شاجب [73] فأما الرابح فالذاكر لله. و أما السالم فالساكت. و أما الشاجب فالذي يخوض في الباطل، ان الله حرم الجنة علي كل فاحش بذي ء، قليل الحياء، لا يبالي ما قال و لا ما قيل فيه، و كان أبوذر - رضي الله عنه - يقول: «يا مبتغي العلم ان هذا اللسان مفتاح خير و مفتاح شر، فاختم علي فيك كما تختم علي ذهبك و ورقك».

يا هشام بئس العبد عبد يكون ذا وجهين و ذا لسانين، يطري أخاه اذا شاهده [74] و يأكله اذا غاب عنه، ان أعطي حسده و ان ابتلي خذله، ان أسرع الخير ثوابا البر. و أسرع الشر عقوبة البغي، و ان شر عباد الله من تكره



[ صفحه 263]



مجالسته لفحشه، و هل يكب الناس علي مناخرهم في النار الا حصائد ألسنتهم. و من حسن اسلام المرء ترك ما لا يعنيه.

يا هشام لا يكون الرجل مؤمنا حتي يكون خائفا راجيا، و لا يكون خائفا راجيا حتي يكون عاملا لما يخاف و يرجو.

يا هشام قال الله جل و عز: و عزتي و جلالي و عظمتي و قدرتي و بهائي و علوي في مكاني لا يؤثر عبد هواي علي هواه الا جعلت الغني في نفسه، و همه في آخرته، و كففت [عليه] ضيعته [75] و ضمنت السماوات و الأرض رزقه، و كنت له من وراء تجارة كل تاجر [76] .

يا هشام الغضب مفتاح الشر. و أكمل المؤمنين ايمانا أحسنهم خلقا، و ان خالطت الناس فان استطعت أن لا تخالط أحدا منهم الا من كانت يدك عليه العليا [77] فافعل.

يا هشام عليك بالرفق. فان الرفق يمن و الخرق شؤم، ان الرفق و البر و حسن الخلق يعمر الديار، و يزيد في الرزق.

يا هشام قول الله: (هل جزاء الاحسان الا الاحسان) [78] . جرت في المؤمن و الكافر و البر و الفاجر. من صنع اليه معروف فعليه أن يكافي ء به، و ليست المكافأة أن تصنع كما صنع حتي تري فضلك، فان صنعت كما صنع فله الفضل بالابتداء [79] .



[ صفحه 264]



يا هشام ان مثل الدنيا مثل الحية مسها لين و في جوفها السم القاتل، يحذرها الرجال ذووا العقول، و يهوي اليها الصبيان بأيديهم.

يا هشام اصبر علي طاعة الله، و اصبر علي معاصي الله، فانما الدنيا ساعة، فما مضي منها فليس تجد له سرورا و لا حزنا، و ما لم يأت منها فليس تعرفه، فاصبر علي تلك الساعة التي أنت فيها فكأنك قد اغتبطت [80] .

يا هشام مثل الدنيا مثل ماء البحر كما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتي يقتله.

يا هشام اياك و الكبر، فانه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر. الكبر رداء الله فمن نازعه رداءه أكبه الله في النار علي وجهه.

يا هشام ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم، فان عمل حسنا استزاد منه و ان عمل سيئا استغفر الله منه و تاب اليه.

يا هشام تمثلت الدنيا للمسيح عليه السلام في صورة امرأة زرقاء فقال لها: كم تزوجت؟ فقالت: كثير، قال: فكل طلقك؟ قالت: لا بل كلا قتلت، قال المسيح عليه السلام: فويح لأزواجك الباقين، كيف لا يعتبرون بالماضين.

يا هشام ان ضوء الجسد في عينه، فان كان البصر مضيئا استضاء الجسد كله. و ان ضوء الروح العقل، فاذان كان العبد عاقلا كان عالما بربه و اذا كان عالما بربه أبصر دينه. و ان كان جاهلا بربه لم يقم له دين، و كما لا يقوم الجسد الا بالنفس الحية فكذلك لا يقوم الدين الا بالنية الصادقة، و لا تثبت النية الصادقة الا بالعقل.



[ صفحه 265]



يا هشام ان الزرع ينبت في السهل و لا ينبت في الصفا [81] فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع، و لا تعمر في قلب المتكبر الجبار، لأن الله جعل التواضع آلة العقل، و جعل التكبر من آلة الجهل، ألم تعلم أن من شمخ الي السقف [82] و من خفض رأسه استظل تحته و أكنه، و كذلك من لم يتواضع لله خفضه الله. و من تواضع لله رفعه.

يا هشام ما أقبح الفقر بعد الغني، و أقبح الخطيئة بعد النسك، و أقبح من ذلك العابد لله ثم يترك عبادته.

يا هشام لا خير في العيش الا لرجلين: لمستمع واع، و عالم ناطق.

يا هشام ما قسم بين العباد أفضل من العقل، نوم العقل أفضل من سهر الجاهل ما بعث الله نبيا الا عاقلا حتي يكون عقله أفضل من جميع جهد المجتهدين. و ما أدي العبد فريضة من فرائض الله حتي عقل عنه [83] .

يا هشام قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. «اذا رأيتم المؤمن صموتا فادنوا منه، فانه يلقي الحكمة. و المؤمن قليل الكلام كثير العمل و المنافق كثير الكلام قليل العمل».

يا هشام أوحي الله تعالي الي داوود عليه السلام «قل لعبادي: لا تجعلوا بيني و بينهم عالما مفتونا بالدنيا فيصدهم عن ذكري، و عن طريق محبتي و مناجاتي، أولئك قطاع الطريق من عبادي، ان أدني ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة محبتي [84] و مناجاتي من قلوبهم.



[ صفحه 266]



يا هشام من تعظم في نفسه لعنته ملائكة السماء و ملائكة الأرض، و من تكبر علي اخوانه و استطال عليهم فقد ضاد الله [85] و من أدعي ما ليس له فهو أعني لغير رشده [86] .

يا هشام أوحي الله تعالي الي داوود عليه السلام «يا داوود حذر، فأنذر [87] أصحابك عن حب الشهوات فان المعلقة قلوبهم في شهوات الدنيا قلوبهم محبوبة عني».

يا هشام اياك و الكبر علي أوليائي و الاستطالة بعلمك فيمقتك الله، فلا تنفعك بعد مقته دنياك و لا آخرتك. و كن في الدنيا كساكن دار ليست له، انما ينتظر الرحيل.

يا هشام مجالسة أهل الدين شرف الدنيا و الآخرة، و مشاورة العاقل الناصح يمن و بركة و رشد و توفيق من الله، فاذا أشار [88] عليك العاقل الناصح فاياك و الخلاف فان في ذلك العطب [89] .

يا هشام اياك و مخالطة الناس و الأنس بهم الا أن تجد منهم عاقلا و مأمونا فآنس به واهرب من سائرهم كهربك من السباع الضارية [90] و ينبغي للعاقل اذا عمل عملا أن يستحيي من الله، و اذا تفرد له بالنعم أن يشارك في



[ صفحه 267]



عمله أحدا غيره [91] وءذا خر بك [92] أمران لا تدري أيهما خير و أصوب، فانظر أيهما أقرب الي هواك فخالفه، ان كثير الصواب في مخالفة هواك، و اياك أن تغلب الحكمة و تضعها في الجهالة.

قال هشام: فقلت له: فان وجدت رجلا طالبا له غير أن عقله لا يتسع لضبط ما ألقي اليه؟

قال عليه السلام: فتلطف له في النصيحة، فان ضاق قلبه [ف] لا تعرضن نفسك للفتنة، و احذر رد المتكبرين، ان العلم يذل علي أن يملي علي من لا يفيق [93] قلت: فان لم أجد من يعقل السؤال عنها قال عليه السلام: فاغتنم جهله عن السؤال حتي تسلم من فتنة القول و عظيم فتنة الرد، واعلم أن الله لم يرفع المتواضعين بقدر تواضعهم، ولكن رفعهم بقدر عظمته و مجده، و لم يؤمن الخائفين بقدر خوفهم ولكن آمنهم بقدر كرمه و جوده، و لم يفرج المحزونين [94] بقدر حزنهم ولكن بقدر رأفته و رحمته. فما ظنك بالرؤوف الرحيم الذي يتودد الي من يؤذيه بأوليائه، فكيف بمن يؤذي فيه و ما ظنك بالتواب الرحيم الذي يتوب علي من يعاديه فكيف بمن يترضاه [95] و يختار عداوة الخلق فيه.

يا هشام من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه، و ما أوتي عبد



[ صفحه 268]



علما فازداد للدنيا حبا الا ازداد من الله بعدا، و ازداد الله عليه غضبا.

يا هشام ان العاقل اللبيب من ترك ما لا طاقة له به، و أكثر الصواب في خلاف الهوي، و من طال أمله ساء عمله.

يا هشام لو رأيت مسير الأجل لألهاك عن الأمل.

يا هشام اياك و الطمع، و عليك باليأس مما في أيدي الناس، و أمت الطمع من المخلوقين، فان الطمع مفتاح للذل [96] .

و اختلاس العقل و اختلاق المروءات. [97] و تدنيس العرض، و الذهاب بالعلم و عليك بالاعتصام بربك و التوكل عليه. و جاهد نفسك لتردها عن هواها، فانه واجب عليك كجهاد عدوك.

قال هشام: فقلت له: فأي الأعداء أوجبهم مجاهدة.

قال عليه السلام: أقربهم اليك و أعداهم لك و أضرهم بك و أعظمهم لك عداوة و أخفاهم لك شخصا مع دنوه منك، و من يحرص [98] أعداءك عليك و هو ابليس الموكل بوسواس [من] القلوب فله فلتشتد عداوتك [99] و لا يكونن أصبر علي مجاهدتك لهلكتك منك علي صبرك لمجاهدته، فانه أضعف منك ركنا في قوته [100] و أقل منك ضررا في كثرة شره.



[ صفحه 269]



اذا أنت اعتصمت بالله فقد هديت الي صراط مستقيم.

يا هشام من أكرمه الله بثلاث فقد لطف به: عقل يكفيه مؤونة هواه، و علم يكفيه مؤونة جهله، و غني يكفيه مخافة الفقر.

يا هشام احذر هذه الدنيا و احذر أهلها، فان الناس فيها علي أربعة أصناف: رجل متردي معانق لهواه، و متعلم مقري [101] كلما ازداد علما ازداد كبرا، يستعلي [102] بقراءته و علمه علي من هو دونه، و عابد جاهل يستصغر من هو دونه في عبادته، يحب أن يعظم و يوقر، و ذو بصيرة علي عارف بطريق الحق يحب القيام به، فهو عاجز أو مغلوب و لا يقدر علي القيام بما يعرف [ه] فهو محزون مغموم بذلك، فهو أمثل أهل زمانه [103] و أوجههم عقلا.

يا هشام أعرف العقل و جنده، و الجهل و جنده تكن من المهتدين، قال هشام: فقلت جعلت فداك لا نعرف الا ما عرفتنا؟

فقال عليه السلام: يا هشام ان الله خلق العقل و هو أول خلق خلقه الله من الروحانيين عن يمين العرش من نوره [104] فقال له: أدبر فأدبر. ثم قال له: أقبل فأقبل. فقال الله جل و عز: خلقتك [عظيما] و كرمتك علي جميع خلقي. ثم خلق الجهل من البحر الأجاج الظلماني، فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل، فلم يقبل. فقال له: استكبرت فلعنه. ثم جعل للعقل خمسة و سبعين جندا، فما رأي الجهل ما كرم الله به العقل و ما أعطاه أضمر



[ صفحه 270]



له العداوة فقال الجهل: يا رب هذا خلق مثلي خلقته و كرمته و قويته و أنا ضده و لا قوة لي به أعطني من الجند مثل ما أعطيته؟ فقال تبارك و تعالي: نعم، فان عصيتني بعد ذلك أخرجتك و جندك من جواري و من رحمتي، فقال: قد رضيت. فأعطاه الله خمسة و سبعين جندا، فكان مما أعطي العقل من الخمسة و السبعين جندا: [105] الخير، و هو وزير العقل. و جعل ضده الشر، و هو وزير الجهل.

الايمان، الكفر. التصديق، التكذيب. الاخلاص، النفاق.

الرجاء، القنوط. العدل، و الجور. الرضي، السخط.

الشكر، الكفران. اليأس، الطمع. التوكل، الحرص.

الرأفة، الغلظة. العلم، الجهل. العفة، التهتك.

الزهد، الرغبة. الرفق، الخرق. الرهبة، الجرأة.

التواضع، الكبر. التؤدة [106] العجلة. الحلم، السفه.

الصمت، الهذر [107] الاستسلام، الاستكبار. التسليم، التجبر.

العفو، الحقد. الرحمة، القسوة اليقين، الشك.

الصبر، الجزع. الصفح، الانتقام. الغني، الفقر.

التفكر، السهو. الحفظ، النسيان. التواصل، القطيعة.



[ صفحه 271]



القناعة، الشره [108] ، المؤساة، المنع. المودة، العداوة.

الوفاء، الغدر. الطاعة، المعصية. الخضوع، التطاول [109] .

السلامة، البلاء. الفهم، الغباوة [110] المعرفة، الانكار.

المداراة، المكاشفة. سلامة الغيب، المماكرة [111] الكتمان، الافشاء.

البر، العقوق. الحقيقة، التسويف [112] المعروف، المنكر.

التقية، الاذاعة. الانصاف، الظلم. التقي، الحسد [113] .

النظافة، القذر. الحياء، القحة [114] القصد، الاسراف.

الراحة، التعب. السهولة، الصعوبة. العافية، البلوي.

القوام، المكاثرة [115] الحكمة، الهوي. الوقار الخفة.

السعادة، الشقاء. التوبة، الاصرار. المحافظة، التهاون [116] .



[ صفحه 272]



الدعاء، الاستنكاف. النشاط، الكسل. الفرح، الحزن.

الألفة، الفرقة. السخاء، البخل. الخشوع، العجب.

صون الحديث، النميمة [117] ، الاستغفار، الاغترار. الكياسة، الحمق.

يا هشام لا تجمع [118] هذه الخصال الا لنبي أو وصي أو مؤمن امتحن الله قلبه للايمان. و أما سائر ذلك من المؤمنين فان أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود من أجناد العقل و يتخلص من جنود الجهل، فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الأنبياء و الأوصياء عليهم السلام وفقنا الله و اياكم لطاعته.

و روي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني.

569- قال عليه السلام: ينبغي لمن عقل عن الله أن لا يستبطئه [119] في رزقه و لا يتهمه في قضائه.

570- قال: سألته عن اليقين؟ فقال عليه السلام: يتوكل علي الله و يسلم لله و يرضي بقضاء الله و يفوض الي الله.

571- قال عبدالله بن يحيي: كتبت اليه في دعاء «الحمدلله منتهي علمه» فكتب عليه السلام: لا تقولن منتهي علمه، فانه ليس لعلمه منتهي. ولكن قل: منتهي رضاه.

572- و سأله رجل عن الجواد؟ فقال عليه السلام: ان لكلامك وجهين،



[ صفحه 273]



فان كنت تسأل عن المخلوقين، فان الجواد، الذي يؤدي ما افترض الله عليه، و البخيل من بخل بما افترض الله، و ان كنت تغني الخالق فهو الجواد ان أعطي و هو الجواد ان منع، لأنه ان أعطاك أعطاك ما ليس لك و ان منعك منعك ما ليس لك.

573- و قال لبعض شيعته: أي فلان! اتق الله و قل الحق و ان كان فيه هلاكك فان فيه نجاتك، أي فلان! اتق الله ودع الباطل و ان كان فيه نجاتك، فان فيه هلاكك.

و قال له وكيله: و الله ما خنتك. فقال عليه السلام له: خيانتك و تضييعك علي ما لي سواء، و الخيانة شرهما عليك.

574- و قال عليه السلام: اياك أن تمنع في طاعة الله، فتنفق مثليه في معصية الله.

575- و قال عليه السلام: المؤمن مثل كفتي الميزان كلما زيد في ايمانه زيد في بلائه.

576- و قال عليه السلام: عند قبر حضره [120] ان شيئا هذا آخره لحقيق أن يزهد في أوله، و ان شيئا هذا أوله لحقيق أن يخاف آخره.

577- و قال عليه السلام: من تكلم في الله هلك، و من طلب الرئاسة هلك، و من دخله العجب هلك.

578- و قال عليه السلام: اشتدت مؤونة الدنيا و الدين: فأما مؤونة الدنيا فانك لا تمد يدك الي شي ء منها الا وجدت فاجرا قد سبقك اليه، و أما



[ صفحه 274]



مؤونة الآخرة فانك لا تجد أعوانا يعينونك عليه.

579- و قال عليه السلام: أربعة من الوسواس: أكل الطين، وفت الطين، و تقليم الأظفار بالأسنان، و أكل اللحية. و ثلاث يجلين البصر: النظر الي الخضرة، و النظر الي الماء الجاري، و النظر الي الوجه الحسن.

580- و قال عليه السلام: ليس حسن الجوار كف الأذي، ولكن حسن الجوار الصبر علي الأذي.

581- و قال عليه السلام: لا تذهب الحشمة [121] بينك و بين أخيك و ابق منها، فان ذهابها ذهاب الحياء.

582- و قال عليه السلام لبعض ولده: يا بني أن يراك الله في معصية نهاك عنها. و اياك أن يفقدك الله عند طاعة أمرك بها، و عليك بالجد، و لا تاخرجن نفسك من التقصير في عبادة الله و طاعته، فان الله لا يعبد حق عبادته.

و اياك والمزاح؛ فانه يذهب بنور ايمانك و يستخف مروءتك.

و اياك و الضجر و الكسل، فانهما يمنعان حظك من الدنيا و الآخرة.

583- و قال عليه السلام: اذا كان الجور أغلب من الحق لم يحل لأحد أن يظن بأحد خيرا حتي يعرف ذلك منه.

584- و قال عليه السلام: ليس القبلة علي الفم الا للزوجة و الولد الصغير [122] .



[ صفحه 275]



585- و قال عليه السلام: اجتهدوا في أن يكون زمانكم أبع ساعات: ساعة لمناجاة الله، و ساعة لأمر المعاش. و ساعة لمعاشرة الاخوان و الثقاة الذين يعرفونكم عيوبكم و يخلصون لكم في الباطن. و ساعة تخلون فهيا للذاتكم في غير محرم، و بهذه الساعة تقدرون علي الثلاث ساعات.

لا تحدثوا أنفسكم بفقر و لا بطول عمر، فانه من حدث نفسه بالفقر بخل، و من حدثها بطول العمر بحرص.

اجعلوا لأنفسكم حظا من الدنيا باعطائها ما تشتهي من الحلال و ما لا يثلم المروءة و ما لا سرف فيه. و استعينوا بذلك علي أمور الدين، فانه روي «ليس منا من ترك دنياه لدينه أو ترك دينه لدنياه».

و قال عليه السلام: تفقهوا في دين الله فان الفقه مفتاح البصيرة و تمام العبادة و السبب الي المنازل الرفيعة و الرتب الجليلة في الدين و الدنيا. و فضل الفقيه علي العابد كفضل الشمس علي الكواكب. و من لم يتفقه في دينه لم يرض الله عملا.

586- و قال عليه السلام لعلي بن يقطين: كفارة عمل السلطان الاحسان الي الاخوان.

587- و قال عليه السلام: كلما أحدث الناس من الذنوب ما لم يكونوا يعملون، أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعدون.

588- و قال عليه السلام: اذا كان الامام عادلا كان له الأجر و عليك الشكر. و اذا كان جائرا كان عليه الوزر و عليك الصبر.

589- و رأي رجلان يتسابان فقال عليه السلام: البادي أظلم و وزره و وزر صاحبه عليه ما لم يعتد المظلوم.



[ صفحه 276]



590- و قال عليه السلام: ينادي مناد يوم القيامة: ألا من كان له علي الله أجر فليقم، فلا يقوم الا من عفا، و أصلح فأجره علي الله.

591- و قال عليه السلام: السخي الحسن الخلق في كنف الله، لا يتخلي الله عنه حتي يدخله الجنة. و ما بعث الله نبيا الا سخيا. و ما زال أبي يوصيني بالسخاء و حسن الخلق حتي مضي.

592- و قال السندي بن شاهك - و كان الذي و كله الرشيد بحبس موسي عليه السلام - لما حضرته الوفاة: دعني أكفنك. فقال عليه السلام: انا أهل بيت، حج صرورتنا [123] و مهور نسائنا و أكفاننا من طهور أموالنا.

593- و قال عليه السلام لفضل بن يونس: أبلغ خيرا و قل خيرا و لا تكن امعة [124] .

قلت: و ما الامعة؟

قال: لا تقل: أنا مع الناس، و أنا كواحد من الناس. ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال؛ يا أيها الناس انما هما نجدان نجد خير و نجد شر، فلا يكن نجد الشر أحب اليكم من نجد الخير [125] .

594- و روي أنه مر برجل من أهل السواد دميم المنظر [126] ، فسلم عليه و نزل عنده و حادثه طويلا. ثم عرض عليه السلام نفسه في القيام بحاجة ان عرضت له.



[ صفحه 277]



فقيل له: يا ابن رسول الله أتنزل الي هذا ثم تسأله عن حوائجه، و هو اليك أحوج؟

فقال عليه السلام: عبد من عبيدالله و أخ في كتاب الله و جار في بلاد الله، يجمعنا و اياه خير الآباء آدم عليه السلام و أفضل الأديان الاسلام و لعل الدهر يرد من حاجاتنا اليه، فيرانا - بعد الزهو عليه [127] - متواضعين بين يديه، ثم قال عليه السلام:

نواصل من لا يستحق وصالنا... مخافة أن نبقي بغير صديق.

595- و قال عليه السلام: لا تصلح المسألة الا في ثلاثة: في دم منقطع [128] أو غرم مثقل أو حاجة مدقعة.

596- و قال عليه السلام: عونك للضعيف من أفضل الصدقة.

597- و قال عليه السلام: تعجب الجاهل من العاقل أكثر من تعجب العاقل من الجاهل.

598- و قال عليه السلام: المصيبة للصابر واحدة و للجازع اثنتان.

599- و قال عليه السلام: يعرف شدة الجور من حكم به عليه.

600- و قال عليه السلام: صلاة النوافل قربان الي الله لكل مؤمن.

601- و قال عليه السلام: الحج جهاد كل ضعيف.

602- و قال عليه السلام: لكل شي ء زكاة و زكاة الجسد صيام النوافل.



[ صفحه 278]



603- و قال عليه السلام: أفضل العبادة العبادة بعد المعرفة انتظار الفرج.

604- و قال عليه السلام: من دعا قبل الثناء علي الله و الصلاة علي النبي صلي الله عليه و آله و سلم كان كمن رمي بسهم بلا وتر.

605- و قال عليه السلام: من أيقن بالخلف جاد بالعطية و أن امرء اقتصد.

606- و قال عليه السلام: التدبير نصف العيش.

607- و قال عليه السلام: التودد الي الناس نصف العقل.

608- و قال عليه السلام: كثرة الهم يورث الهرم.

609- قال عليه السلام: العجلة هي الخرق.

610- و قال عليه السلام: قلة العيال أحد اليسارين.

611- و قال عليه السلام: من أحزن والديه فقد عقهما.

612- و قال عليه السلام: من ضرب بيده علي فخذه أو ضرب بيده الواحدة علي الأخري عند المصيبة فقد حبط أجره.

613- و قال عليه السلام: المصيبة لا تكون مصيبة يستوجب صاحبها أجرها الا بالصبر و الاسترجاع عند الصدمة.

614- و قال عليه السلام: الصنيعة لا تكون صنيعة الا عند ذي دين أو حسب.

615- و قال عليه السلام: من اقتصد و قنع بقيت عليه النعمة، و من بذر و أسرف زالت عنه النعمة.

616- و قال عليه السلام: أداء الأمانة و الصدق يجلبان الرزق، و الخيانة و الكذب يجلبان الفقر و النفاق.



[ صفحه 279]



617- و قال عليه السلام: اذا أراد الله بالنملة شرا أنبت لها جناحين فطارت فأكلها الطير.

618- و قال عليه السلام: الصنيعة لا تتم صنيعة عند المؤمن لصاحبها الا بثلاثة أشياء: تصغيرها و سترها و تعجيلها.

فمن صغر الصنيعة عند المؤمن فقد عظم أخاه، و من عظم الصنيعة عنده فقد صغر أخاه.

و من كتم ما أولاه من صنيعة فقد كرم فعاله.

و من عجل ما وعد فقد هني ء العطية.

619- سمع موسي عليه السلام رجلا يتمني الموت فقال له: هل بينك و بين الله قرابة يحاميك لها؟ قال: لا، قال: فهل لك حسنات قدمتها تزيد علي سيئاتك؟ قال: لا، قال: فأنت اذا تتمني هلاك الأبد.

620- و قال عليه السلام: من استوي يوماه فهو مغبون، و من كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون، و من لم يعرف الزيادة في نفسه فهو في نقصان، و من كان الي النقصان فالموت خير له من الحياة.

621- و روي عنه عليه السلام: أنه قال: اتخذوا القيان [129] فان لهن فطنا و عقولا، ليست لكثير من النساء. كأنه أراد النجابة في أولادهن.

622- و قال عليه السلام: و جفت علم الناس في أربع: أولها أن تعرف ربك، و الثانية أن تعرف ما صنع بك، و الثالثة أن تعرف ما أراد منك، و الرابعة أن تعرف ما يخرجك من دينك.



[ صفحه 280]



623- قال الكاظم عليه السلام: المعروف غل لا يفكه الا مكافأة أو شكر.

624- و قال عليه السلام: من ولده الفقر أبطره الغني.

625- و قال عليه السلام: أولي العلم بك ما لا يصلح لك العمل الا به، و أوجب العمل عليك ما أنت مسؤول عن العمل به، و ألزم العلم لك ما ذلك علي صلاح قلبك، و أظهر لك فساده، و أحمد العلم عاقبة ما زاد في علمك العاجل، فلا تشتغلن بعلم ما لا يضرك جهله، و لا تغفلن عن علم ما يزيد في جهلك تركه.

626- و قال عليه السلام: لو ظهرت الآجال افتضحت الآمال.

627- و قال عليه السلام: من أتي الي أخيه مكروها فبنفسه بدأ.

628- و قال عليه السلام: من لم يجد للاساءة ما لم يكن عنده للاحسان موقعا.

629- و قال عبدالمؤمن الأنصاري: دخلت علي الامام أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام و عنده محمد بن عبدالله الجعفري، فتبسمت اليه فقال: أتحبه؟

فقلت: نعم و ما أحببته الا لكم.

فقال عليه السلام: هو أخوك و المؤمن أخو المؤمن لأمه و أبيه و ان لم يلده أبوه، ملعون من اتهم أخاه، ملعون من غش أخاه، ملعون من لم ينصح أخاه، ملعون من اغتاب أخاه.

630- و قال عليه السلام: ما تساب اثنان الا انحط الأعلي الي مرتبة الأسفل.



[ صفحه 281]



631- و قدم علي الرشيد رجل من الأنصار يقال له: نفيع، و كان عارفا فحضر يوما باب الرشيد و تبعه عبدالعزيز بن عمر بن عبدالعزيز، و حضر موسي بن جعفر عليهماالسلام علي حمار له فتلقاه الحاجب بالاكرام و الاجلال و أعظمه من كان هناك و عجل له الاذن.

فقال نفيع لعبد العزيز: من هذا الشيخ.

فقال له: أو ما تعرفه! هذا شيخ آل أبي طالب، هذا موسي بن جعفر عليه السلام.

فقال نفيع: ما رأيت أعجب من هؤلاء القوم يفعلون هذا برجل لو يقدر علي زوالهم عن السجرير لفعل! أما ان خرج لأسوءنه.

فقال له عبدالعزيز: لا تفعل فان هؤلاء أهل بيت قلما تعرض لهم أحد بخطاب الا و سموه في الجواب و سمة يبقي عارها عليه أبد الدهر.

و خرج موسي عليه السلام فقام اليه نفيع فاخذ بلجام حماره ثم قال له: من أنت؟

قال: يا هذا ان كنت تريد النسب فانا ابن محمد حبيب الله ابن اسماعيل ذبيح الله ابن ابراهيم خليل الله، و ان كنت تريد البلد فهو الذي فرض جل و عز عليك و علي المسلمين ان كنت منهم الحج اليه، و ان كنت تريد المفاخرة فوالله ما رضي مشركي قومي مسلمي قومك أفاء لهم حتي قالوا يا محمد أخرج لنا أكفاءنا من قريش، خل عن الحمار. فخلي عنه و يده ترعد، و انصرف بخزي.

فقال له عبدالعزيز: ألم أقل لك.

632- حج الرشيد فلقي موسي عليه السلام علي بغلة له فقال للرشيد: من



[ صفحه 282]



مثلك في حسبك و نسبك و تقدمك يلقاني علي بغلة؟ فقال: تطأطأت عن خيلاء الخيل، و ارتفعت عن ذلة الحمير.

633- عن الحسين بن عبدالله بن العبد الصالح عليه السلام قال: «لا تضيع حق أخيك اتكالا علي ما بينك و بينه فانه ليس بأخ من ضيعت حقه، و لا يكونن أخوك أقوي علي قطيعتك منك علي صلته».

634- عن الكاظم عليه السلام:

«لا تذهب الحشمة بينك و بين أخيك و أبق منها فان ذهابها ذهاب الحياء».

635- و قال عليه السلام: ان المعروف لا يستتم الا بتعجيله و ستره و تصغيره، فاذا أنت عجلت فقد هنأته، و اذا أنت صغرته فقد عظمته، و اذا أنت سترته فقد أتممته.

636- و قال عليه السلام: أن الله عبادا في الأرض يسعون في حوائج الناس، هم الآمنون يوم القيامة.

637- و قال عليه السلام: ما أحسن الصمت من غير عي، و الهذار له سقطات.

638- عن سعدان بن مسلم قال: قال الكاظم عليه السلام: قل الحق و ان كان فيه هلاكك فان فيه نجاتك، ودع الباطل و ان كان فيه نجاتك فان فيه هلاكك.

639- و قال عليه السلام: ما أقبح بالرجل أن يسأل الشي ء فيقول: لا.

640- عن سليمان الجعفري قال:

كنت عند أبي الحسن عليه السلام قال: يا سليمان اتق فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله.



[ صفحه 283]



فسكت حتي أصبت خلوة فقلت: جعلت فداك سمعتك تقول: اتق فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله؟

قال: نعم يا سليمان ان الله خلق المؤمن من نوره، و صبغهم في رحمته، و أخذ ميثاقهم لنا بالولاية، و المؤمن أخ المؤمن لأبيه و أمه، أبوه النور و أمه الرحمة. و انما ينظر بذلك النور الذي خلق منه».

641- علي ابن أبي حمزة، عن أبي الحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام قال:

«مثل المؤمن مثل كفتي الميزان، كلما زيد في ايمانه زيد في بلائه، ليلقي الله عزوجل و لا خطيئة له».

642- علي بن عثمان، عن أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام قال:

«ان الانبياء و أولاد الأنبياء و أتباع الأنبياء خصوا بثلاث خصال: السقم في الأبدان، و خوف السلطان، و الفقر».

643- قال أبوالحسن عليه السلام: المؤمن بعرض كل خير لو قطع أنملة أنملة كان خيرا له، و لو ولي شرقها و غربها كان خيرا له.

644- علي بن جعفر، عن أخيه عليه السلام قال:

«ثلاث موبقات: نكث الصفقة، و ترك السنة، و فراق الجماعة».

645- عن سماعة بن مهران قال: قال لي العبد الصالح عليه السلام:

يا سماعة أمنوا علي فرشهم و أخافوني، أما والله لقد كانت الدنيا و ما فيها الا واحد يعبدالله، و لو كان معه غيره لأضافه الله عزوجل اليه حيث يقول: (ان ابراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا و لم يك من المشركين) فصبر بذلك ما شاءالله، ثم ان الله آنسه باسماعيل و اسحاق فصاروا ثلاثة.



[ صفحه 284]



أما والله ان المؤمن لقليل، و ان أهل الكفر لكثير، أتدري لم ذاك؟

فقلت: لا أدري جعلت فداك.

فقال: صيروا أنسا للمؤمنين، يبثون اليهم ما في صدورهم فيستريحون الي ذلك و يسكنون اليه.

646- علي بن جعفر، عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

«انما شيعتنا المعادن و الأشراف، و أهل البيوتات، و من مولده طيب.

قال علي بن جعفر: فسألته عن تفسير ذلك.

فقال: المعادن من قريش، و الأشراف من العرب، و أهل البيوتات من الموالي، و من مولده طيب من أهل السواد».

647- عن أبي الحسن الأول عليه السلام سأله علي بن سويد السائي عن قول الله عزوجل: (و من يتوكل علي الله فهو حسبه) فقال:

«التوكل علي الله درجات، منها أن تتوكل عليه في أمورك كلها، فما فعل بك كنت عنه راضيا تعلم أنه لا يألوك الا خيرا و فضلا، و تعلم أن الحكم في ذلك اليه و وثقت به فيها و في غيرها».

648- و قال أبوالحسن موسي عليه السلام:

«ان الله عزوجل يقول: اني لم أغني الغني لكرامة له علي، و لم أفقر الفقير لهوان به علي، و هو مما ابتليت به الأغنياء بالفقراء، و لولا الفقراء لم يستوجب الأغنياء الجنة».

649- و قال عليه السلام:

«ان يحيي بن زكريا كان يبكي و لا يضحك، و كان عيسي يضحك



[ صفحه 285]



و لا يبكي، و كان الذي يصنع عيسي أفضل مما يصنع يحيي».

650- و قال عليه السلام:

«من قبل للرحم ذا قرابة فليس عليه شي ء، و قبلة الأخ علي الخد، و قبلة الامام بين عينيه».

651- و قال عليه السلام:

ان كان في يدك هذه شي ء فاستطعت أن لا تعلم هذه فافعل.

652- و قال عليه السلام:

ما بقي من أمثال الأنبياء عليهم السلام الا كلمة: اذا لم تستحي فافعل ما شئت. و قال: أما أنها في بني أمية.

653- عن سعد بن خلف قال: قال موسي بن جعفر عليه السلام:

«و الصلوات المفروضات في أول وقتها اذا أقيمت حدودها أطيب ريحا من قضيب الآس يؤخذ من شجرة في طراوته و طيبه و ريحه، فعليكم بالوقت الأول».

654- و قال عليه السلام:

لن تكونوا مؤمنين حتي تكونوا مؤتمنين، و حتي تعدوا البلاء نعمة و الرخاء مصيبة، و ذلك أن الصبر علي البلاء أفضل من الغفلة عن الرخاء.

655- موسي بن بكر، عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال: الرفق نصف العيش.

656- عن الحسن بن الجهم قال: قلت لأبي الحسن: أجلس الي السلطان فان رأيت يتعدي الحق و يعمل بغير ما أنزل الله فلا آخذن علي نهيه و كلامه. فقال: لا بأس».



[ صفحه 286]



657- و قال عليه السلام: «ان ثلاثة يتخوف منهن: الجنون، التغوط بين القبور، و المشي في خف واحد، و الرجل ينام وحده».

658- و قال عليه السلام: لبعض ولده: لا تخرجن نفسك عن حد التقصير في عبادة الله و طاعته، فان الله عزوجل لا يعبد حق عبادته.

659- و قال عليه السلام: محادثة العالم علي المزبلة خير من محادثة الجاهل علي الزرابي.

660- الحسين بن محمد، عن المعلي، عن أحمد بن محمد بن عبدالله، عن علي بن جعفر قال: سمعت أباالحسن عليه السلام يقول: «ليس كل من يقول بولايتنا مؤمنا ولكن جعلوا أنسا للمؤمنين».

661- قال اسحاق بن موسي بن جعفر، قال: حدثني أبي موسي بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه، عن أميرالمؤمنين عليهم السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتي يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، و عن شبابه فيما أبلاه، و عن ماله من أين اكتسبه و فيما أنفقه، و عن حبنا أهل البيت.

662- قال زيد بن الحسن: حدثني موسي بن جعفر، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد عليهم السلام قال: الناس علي أربعة أصناف: جاهل متردي معانق لهواه، و عابد متقوي كلما ازداد عبادة ازداد كبرا، و عالم يريد أن يوطأ عقباه و يحب محمدة الناس، و عارف علي طريق الحق يحب القيام به فهو عاجز أو مغلوب، فهذا أمثل أهل زمانك و أرجحهم عقلا.

663- زكريا بن عمران، عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: لا يكون شي ء في السموات و الأرض الا بسبعة، بقضاء و قدر و ارادة و مشيئة و كتاب



[ صفحه 287]



و أجل و اذن، فمن قال غير هذا فقد كذب علي الله ورد علي الله عزوجل.

664- روي عن العالم عليه السلام أنه قال: السخاء شجرة في الجنة و أغصانها في الدنيا فمن تعلق بغصن منها أدته الي الجنة، و البخل شجرة في النار و أغصانها في الدنيا فمن تعلق بغصن منها أدته الي النار.

665- روي عن العالم عليه السلام أنه قال: أطعموا الطعام و افشوا السلام و صلوا و الناس نيام و ادخلوا الجنة بسلام.

666- موسي بن بكر، عن أبي الحسن الأول عليه السلام، عن أبيه قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام: عشرة يفتنون أنفسهم و غيرهم: ذو العلم القليل يتكلف أن يعلم الناس كثيرا، و الرجل الحليم ذو العلم الكثير ليس بذي فطنة، و الذي يطلب ما لا يدرك و لا ينبغي له، و الكاد غير المتئد، و المتئد الذي ليس له مع تؤدته علم، و عالم غير مريد للصلاح، و مريد للصلاح و ليس بعالم، و العالم بحب الدنيا، و الرحيم بالناس يبخل بما عنده، و طالب العلم يجادل فيه من هو أعلم فاذا علمه لم يقبل منه.

667- ابراهيم بن عبدالحميد، عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: أربعة من الوسواس: أكل الطين، وفت الطين، و تقليم الأظفار بالأسنان، و أكل اللحية.

668- موسي بن بكر، عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: ان الله تبارك و تعالي اختار من كل شي ء أربعة: اختار من الملائكة جبرائيل و ميكائيل و اسرافيل و ملك الموت عليهم السلام، و اختار من الأنبياء أربعة للسيف ابراهيم و داود و موسي و أنا، و اختار من البيوتات أربعة فقال: (ان الله اصطفي آدم و نوحا و آل ابراهيم و آل عمران علي العالمين)، و اختار من البلدان أربعة فقال عزوجل: (والتين و الزيتون - و طور سينين -



[ صفحه 288]



و هذا البلد الأمين) فالتين المدينة و الزيتون بيت المقدس و طور سينين الكوفة، و هذا البلد الأمين مكة، و اختار من النساء أربعا: مريم و آسية و خديجة و فاطمة، و اختار من الحج أربعة: الثج و العج والاحرام والطواف: فأما الثج فالنحر، والعج ضجيج الناس بالتلبية. و اختار من الأشهر أربعة: رجب و شوال و ذوالقعدة و ذوالحجة. و اختار من الأيام أربعة: يوم الجمعة و يوم التروية و يوم عرفة و يوم النحر.

669- علي بن جعفر، قال: جاء رجل الي أخي موسي بن جعفر عليهم السلام فقال له: جعلت فداك اني أريد الخروج فادع لي. فقال: و متي تخرج؟ قال: يوم الاثنين. فقال: و لم تخرج يو الاثنين؟ قال: أطلب فيه البركة لأن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ولد يوم الاثنين. فقال: كذبوا ولد رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم يوم الجمعة، و ما من يوم أعظم شؤما من يوم الاثنين، يوم مات فيه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و انقطع فيه وحي السماء و ظلمنا فيه حقنا، ألا أدلك علي يوم سهل لين الآن الله لداود عليه السلام فيه الحديد؟ فقال الرجل: بلي جعلت فداك. فقال: أخرج غابت عرف فضلها.

671- و عن الرضا عليه السلام قال: أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: لو وجدت شابا من شبان الشيعة لا يتفقه لضربته ضربة بالسيف، و روي غيري عشرون سوطا. و أنه قال: تفقهوا و الا أنتم أعراب جهال.

672- و عن الرضا عليه السلام: و روي أن العالم عليه السلام قال: منزلة الفقيه في هذا الوقت كمنزلة الأنبياء في بني اسرائيل.



[ صفحه 289]



673- و عن الرضا عليه السلام: و أروي عن العالم أنه قال: عليكم بتقوي الله و الورع و الاجتهاد و أداء الأمانة و صدق الحديث و حسن الجوار، فبهذا جاء محمد صلي الله عليه و آله و سلم، صلوا في عشائركم، و صلوا أرحامكم، و عودوا مرضاكم، و احضروا جنائزكم، كونوا زينا و لا تكونوا شينا، حببونا الي الناس و لا تبغضونا، جروا الينا كل مودة، و ادفعوا عنا كل قبيح، و ما قيل فينا من خير فنحن أهله، و ما قيل فينا من شر فما نحن كذلك، الحمدلله رب العالمين.

674- موسي بن بكر، عن العبد الصالح عليه السلام قال: بكي أبوذر من خشية الله تعالي حتي اشتكي بصره فقيل له: لو دعوت الله يشفي بصرك. فقال: اني عن ذلك مشغول و ما هو أكبر همي. قالوا: و ما يشغلك عنه؟ قال: العظيمتان الجنة و النار.

675- موسي بن بكر، عن العبد الصالح عليه السلام قال: سئل أبوذر ما مالك؟ قال: عملي. قيل له: انما نسألك عن الذهب و الفضة. فقال: ما اصبح فلا أمسي، و ما أمسي فلا أصبح، لنا كندوج نرفع فيه خير متاعنا، سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: «كندوج المؤمن قبره».

676- موسي بن بكر، عن العبد الصالح عليه السلام قال: قال أبوذر رحمة الله: جزي الله عني الدنيا مذمة، بعد رغيفين من الشعير اتغذي بأحدهما و اتعشي بالأخر، و بعد شملتي الصوف أئتزر باحدهما و أرتدي بالأخري.

677- اسماعيل بن مزار، عن بعض أصحابنا أنه لما قدم أبوابراهيم موسي بن جعفر عليهماالسلام العراق قال علي بن يقطين: أما تري حالي و ما أنا فيه [130] .



[ صفحه 290]



فقال عليه لسلام: يا علي ان الله تعالي أولياء مع أولياء الظلمة ليدفع بهم عن أوليائه و أنت منهم يا علي.

678- عن الحسين بن عبدالرحيم قال:قال أبوالحسن عليه السلام لعلي بن يقطين: اضمن لي خصلة أضمن لك ثلاثا.

فقال علي: جعلت فداك و ما الخصلة التي أضمنها لك و ما الثلاث اللواتي تضمنهن لي؟

قال: فقال أبوالحسن عليه السلام: الثلاث اللواتي أضمنهن لك: أن لا يصيبك حر الحديد أبدا بقتل، و لا فاقة، و لا سجن حبس.

قال: فقال علي: و ما الخصلة التي أضمنها لك؟

قال: فقال: يا علي و أما الخصلة التي تضمن لي أن لا يأتيك ولي أبدا الا أكرمته.

قال: فضمن له علي الخصلة و ضمن له أبوالحسن الثلاث.

679- قال أبوالحسن عليه السلام: ان لله مع كل طاغية وزيرا يدفع به عنهم.

680- استأذن علي بن يقطين الكاظم عليه السلام في ترك عمل السلطان فلم يأذن له و قال: لا تفعل فان لنا بك أنسا، و لاخوانك بك عزا، و عسي أن يجبر الله بك كسرا، و يكسر بك نائرة المخالفين عن أوليائه، يا علي كفارة أعمالكم الاحسان الي اخوانكم، اضمن لي واحدة و أضمن لك ثلاثا، اضمن لي أن لا تلقي أحدا من أوليائنا الا قضيت حاجته و أكرمته، و أضمن لك أن لا يظلك سقف سجن أبدا و لا ينالك حد سيف أبدا و لا يدخل الفقر بيتك أبدا، يا علي من سر مؤمنا فبالله بدأ و بالنبي صلي الله عليه و آله و سلم ثني و بنا ثلث.



[ صفحه 291]



681- عن يونس بن عبدالرحمن قال: قال العبد الصالح: يا يونس أرفق بهم فان كلامك يدق عليهم.

قال: قلت: انهم يقولون لي زنديق.

قال لي: و ما يضرك أن يكون في يدك لؤلؤة فيقول الناس هي حصاة، و ما ينفعك أن يكون في يدك حصادة فيقول الناس لؤلؤة.

682- عن مسلم مولي أبي الحسن عليه السلام قال: سأله رجل فقال له: الترك خير أم هؤلاء؟

قال: فقال: اذا صرتم الي الترك يخلون بينكم و بين دينكم؟

قال: قلت نعم جعلك فداك.

قال فقال: هؤلاء يخلون بينكم و بين دينكم؟

قال: قلت: لا بل يجهدون علي قتلنا.

قال: فان غزوهم أولئك فاغزوهم معهم أو اعينوهم الشك من أبي الحسن عليه السلام.

683- روي عن العالم عليه السلام أنه قال: المستتر بالحسنة له سبعون ضعفا و المذيع له واحد. و المستتر بالسيئة مغفور لها و المذيع لها مخذول.

المقر بذنبه كمن لا ذنب له، و ان كان الرجل في جوف الليل في صلاته يقر لله بذنوبه و يسأله التوبة و في ضميره أن لا يرجع اليه فالله يغفر له ان شاء الله.

684- علي بن جعفر، عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: ثلاثة يستظلون بظل عرش الله يوم لا ظل الا ظله: رجل زوج أخاه المسلم، أو خدمه، أو كتم له سرا.



[ صفحه 292]



685- عن أبي الحسن موسي عليه السلام سأله علي بن سويد المدني عن التواضع الذي اذا فعله العبد كان متواضعا، فقال: التواضع درجات منها أن يعرف المرء قدر نفسه فينزلها منزلتها بقلب سليم و لا يحب أن يأتي الي أحد الا مثل ما يأتوا اليه و ان كان سيئة درأها بالحسنة و يكون كاظم الغيظ عافيا عن الناس و الله يحب المحسنين.

686- أبوالخطاب عن العبد الصالح عليه السلام قال: ان الناس أصابهم قحط شديد علي عهد سليمان بن داود عليهماالسلام فشكوا ذلك اليه و طلبوا اليه أن يستسقي لهم. قال: فقال لهم: اذا صليت الغداة مضيت فلما صلي الغداة مضي و مضوا، فلما أن كان في بعض الطريق اذا هو بنملة رافعة يدها الي السماء واضعة قدميها الي الارض و هي تقول: اللهم انا خلقك و لا غني بنا عن رزقك فلا تهلكنا بذنوب بني آدم. قال: فقال سليمان عليه السلام ارجعوا فقد سقيتم بغيركم. قال: فسقوا في ذلك العام ما لم يسقوا مثله قط.

687- اسحاق بن عمار الصيرفي، عن أبي الحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام في حديث طويل يقول فيه: يا اسحاق ان في النار لواديا يقال له يقال له سقر، لم يتنفس منذ خلقه الله، لو أذن الله عزوجل له في التنفس بقدر مخيط لأحرق ما علي وجه الأرض، و أن أهل النار ليتعوذون من حر ذلك الوادي و نتنه و قذره و ما أعد الله فيه لأهله، و ان في ذلك الوادي لجبلا يتعوذ جميع أهل ذلك الوادي من حر ذلك الجبل و نتنه و قذره و ما أعد الله فيه لأهله، و ان في ذلك الجبل لشعبا يتعوذ جميع أهل ذلك الجبل من حر ذلك الشعب و نتنه و قذره و ما أعد الله فيه لأهله، و ان في ذلك الشعب لقليبا يتعوذ أهل ذلك الشعب من حر ذلك القليب و نتنه و قذره و ما أعد الله فيه لأهله، و ان في ذلك القليب لحية يتعوذ جميع أهل ذلك القليب من خبث تلك الحية و نتنها و قذرها و ما أعد الله في أنيابها من السم لأهلها، و ان في



[ صفحه 293]



جوف تلك الحية لسبعة صناديق فيها خمسة من الأمم السالفة و اثنان من هذه الأمة، قال: قلت: جعلت فداك و من الخمسة؟ و من الاثنان؟ و أما الخمسة فقابيل الذي قتل هابيل و نمرود الذي حاج ابراهيم في ربه فقال: (أنا أحيي و أميت) و فرعون الذي قال: (أنا ربكم الأعلي) و يهود الذي هود اليهود، و يونس الذي نصر النصاري، و من هذه الأمة أعرابيان.

688- ابراهيم بن عبدالحميد، عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال: جاء رجل الي النبي عليه السلام فقال: يا رسول الله قد علمت ابني هذا الكتاب، ففي أي شي ء أسلمه؟

فقال: سلمه - لله أبوك - و لا تسلمه في خمس: لا تسلمه سياء و لا صائغا و لا قصابا و لا حناطا و لا نخاسا.

فقال: يا رسول الله و ما السياء؟

قال: الذي يبيع الأكفان و يتمني موت أمتي و للمولود عن أمتي أحب الي مما طلعت عليه الشمس. و أما الصائغ فانه يعالج غبن أمتي. و أما القصاب فانه يذبح حتي تذهب الرحمة من قلبه. و أما الحناط فانه يحتكر الطعام علي أمتي و لئن يلقي الله العبد سارقا أحب الي من أن يلقاه قد احتكر طعاما أربعين يوما. و أما النخاس فانه أتاني جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد ان شرار أمتك الذين يبيعون الناس.

689- عن محمد ابن أبي عمير قال: سمعت موسي بن جعفر عليهماالسلام يقول: «لا يخلد الله في النار الا أهل الكفر و الجحود و أهل الضلال و الشرك، و من اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر، قال الله تبارك و تعالي: (ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم و ندخلكم مدخلا كريما).



[ صفحه 294]



قال: قلت: يا ابن رسول الله فالشفاعة لمن تجب من المذنبين؟

قال: حدثني أبي عن آبائه عن علي عليه السلام قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: انما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، فأما المحسنون منهم فما عليهم من سبيل.

قال ابن أبي عمير: فقلت له: يا ابن رسول الله فكيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر و الله تعالي ذكره يقول: (و لا يشفعون الا لمن ارتضي) و من ارتكب الكبائر لا يكون مرتضي.

فقال: يا أباأحمد ما من مؤمن يرتكب ذنبا الا ساءه ذلك و ندم عليه و قد قال النبي: كفي بالندم توبة، و قال: من سرته حسنته و ساءته سيئته فهو مؤمن. فمن لم يندم علي ذنب يرتكبه فليس بمؤمن و لم تجب له الشفاعة و كان ظالما و الله تعالي ذكره يقول: (ما للظالمين من حميم و لا شفيع يطاع).

فقلت له: يا ابن رسول الله كيف لا يكون مؤمنا من لا يندم علي ذنب يرتكبه؟

فقال: يا أباأحمد ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي و هو يعلم أنه سيعاقب عليها الا ندم علي ما ارتكب، و متي ندم كان تائبا مستحقا للشفاعة، و متي لم يندم عليها كان مصرا و المصر لا يغفر له لأنه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب، و لو كان مؤمنا بالمعقوبة لندم و قد قال النبي صلي الله عليه و آله وسلم: لا كبيرة مع الاستغفار و لا صغيرة مع الاصرار. و أما قول الله تعالي: (و لا يشفعون الا لمن ارتضي) فانهم لا يشفعون الا لمن ارتضي الله دينه، و الدين الاقرار بالجزاء علي الحسنات و السيئات، فمن ارتضي الله دينه ندم علي ما ارتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة.



[ صفحه 295]



690- قال زيد بن موسي: حدثني أبي موسي بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد ابن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: خرج أبوبكر و عمر و عثمان و طلحة و الزبير و سعد و عبدالرحمان بن عوف و غير واحد من الصحابة يطلبون النبي في بيت أم سلمة فوجدوني علي الباب جالسا فسألوني عنه، فقلت: يخرج الساعة، فلم يلبث أن خرج و ضرب بيده علي ظهري فقال: كبر يا ابن أبي طالب [131] فانك تخاصم الناس بعدي بست خصال فتخصمهم، ليست في قريش منها شي ء انك أولهم ايمانا بالله، و أقومهم بأمر الله عزوجل، و أوفاهم بعهد الله، و أرأفهم بالرعية، و أعلمهم بالقضية، و أقسمهم بالسوية، و أفضلهم عندالله عزوجل.

691- موسي بن بكر الواسطي قال: قال لي أبوالحسن عليه السلام: لو ميزت شيعتي لم أجدهم الا واصفة [132] و لو امتحنتهم لما وجدتهم الا مرتدين، و لو تمحصتهم لما خلص من الألف واحد، و لو غربلتهم غربلة لم يبق منهم الا ما كان لي انهم طال ما اتكوا علي الأرائك، فقالوا: نحن شيعة علي، انما شيعة علي من صدق قوله فعله.

692- عن ابراهيم بن عبدالحميد، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سرعة المشي تذهب ببهاء المؤمن.

693- عن موسي بن بكر الواسطي قال: قلت لأبي الحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام: الرجل يقول لابنه أو لابنته بأبي أنت و أمي أو بأبوي، أتري بذلك بأسا؟



[ صفحه 296]



فقال: ان كان أبواه حيين فأري ذلك عقوقا، و ان كانا قد ماتا فلا بأس. قال: ثم قال: كان جعفر عليه السلام يقول: سعد امرء لم يمت حتي يري خلفه من بعده، و قد والله أراني الله خلفي من بعدي.

694- شاذان، عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال: قال لي أبي: ان في الجنة نهرا يقال له: جعفر، علي شاطئه الأيمن درة بيضاء فيها ألف قصر، في كل قصر ألف قصر لمحمد و آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم، و علي شاطئه الأيسر درة صفراء فيها ألف قصر، في كل قصر ألف قصر لابراهيم و آل ابراهيم عليهم السلام.

695- عن منصور بن يونس قال: سمعت أباالحسن موسي بن جفعر عليهم السلام يقول: ثلاثة لا تضر: العنب الرازقي، و قصب السكر، و التفاح اللبناني.

696- موسي بن ابراهيم المروزي، عن أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: في الشمس أربع خصال: تغير اللون، و تنتن الريح، و تخلق الثياب، و تورث الداء.

697- يونس بن عبدالرحمن، عن أبي الحسن عليه السلام: قال: علامات الدم أربع: الحكة و البثرة و النعاس و الدوران.

698- عن الحسن بن الجهم قال: قال أبوالحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام: خمس من السنن في الرأس و خمس في الجسد. فأما التي في الرأس فالسواك و أخذ الشارب و فرق الشعر و المضمضة و الاستنشاق، و أما التي في الجسد فالختان و حلق العانة و نتف الابطين و تقليم الأظافر و الاستنجاء

699- عن علي بن يقطين قال: قال أبوالحسن موسي عليه السلام: «مر



[ صفحه 297]



أصحابك أن يكفوا من ألسنتهم، و يدعوا الخصومة في الدين، و يجتهدوا في عبادة الله، و اذا قام أحدهم في صلاة فريضة فليحسن صلاته وليتم ركوعه و سجوده و لا يشغل قلبه بشي ء من أمور الدنيا، فاني سمعت أباعبد الله يقول: ان ملك الموت يتصفح وجوه المؤمنين من عند حضور الصلوات المفروضات.»

700- الحسن بن علي الناصري، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسي بن جعفر عليهم السلام قال: سئل الصادق عليه السلام عن الزاهد في الدنيا. قال: الذي يترك حلالها مخافة حسابه و يترك حرامها مخافة عقابه.


پاورقي

[1] الزمر: 18 - 17.

[2] البقرة: 163.

[3] البقرة:164. و المراد باختلافهما ذهابهما و مجيئهما.

[4] النحل: 12.

[5] الزخرف: 1 و 2 و 3.

[6] الروم: 24. «خوفا» أي للمسافر. و «طمعا» للخاضر.

[7] الانعام: 32.

[8] القصص: 60.

[9] الصافات: 138 - 136.

[10] العنكبوت: 43.

[11] البقرة: 170.

[12] الانفال: 22.

[13] الانعام: 25.

[14] الانعام: 116.

[15] الانعام: 37.

[16] مضمون مأخوذ من آي القرآن.

[17] سبأ: 13.

[18] ص: 24.

[19] هود: 40.

[20] البقرة: 269.

[21] ق: 37.

[22] لقمان: 12.

[23] و زاد في الكافي: «و ان الكيس لدي الحق يسير».

[24] الحشو: ما حشي به الشي ء أي ملي ء به و الظاهر أن ضمير «فيها» يرجع الي الدنيا، و ضمير حشوها و ما بعد يرجع الي السفينة. و في بعض النسخ «فلتكن سفينتك منها». و «حشوها» في بعض النسخ «جسرها». و شراع السفينة - بالكسر -: ما يرفع فوقها من ثوب و غيره ليدخل فيه الريح فتجريها.

[25] في الكافي: بدل «العاقل»: «العقل» في الموضعين.

[26] في الكافي: «و أكملهم عقلا».

[27] في الكافي: «من أظلم نور تفكره».

[28] العيلة: الفاقة.

[29] نصب - من باب علم -: تعب و أعيا. و في الكافي: «و نصب الحق لطاعة الله».

[30] اعتقد الشي ء: نقيض حله. و في بعض النسخ «يعتقل» هو أيضا نقيض حل أي يمسك و يشد.

[31] و زاد في الكافي: «يا هشام ان العاقل نظر الي الدنيا و الي أهلها فعلم أنها لا تنال الا بالمشقة و نظر الي الاخرة فعلم أنها لا تنال الا بالمشقة، فطلب بالمشقة أبقاهما».

[32] في الكافي: «ان الدنيا طالبة مطلوبة و أن الآخرة طالبة و مطلوبة».

[33] آل عمران: 8.

[34] الردي: الهلاك.

[35] في بعض النسخ: «لا يدل».

[36] في الكافي «ما عبدالله بشي ء».

[37] الكفر في الاعتقاد، و الشر في القول و العمل، و الكل ينشأ من الجهل، و في بعض مساوي النسخ «مأمون».

[38] الرشد في الاعتقاد و الخير في القول و الكل ناشي ء من العقل. و في بعض النسخ «مأمول».

[39] أي ملاك الامر و تمامه في أن يكون الانسان كاملا تام العقل هو كونه متصفا بمجموعة هذه الخصال.

[40] لا تمنحوا الجهال أي لا تعطوهم و لا تعلموهم. و المنحة: العطاء.

[41] و في الكافي: «يا هشام ان العاقل لا يكذب و ان كان فيه هواه».

[42] أي قدرا و رفعة. و الخطر: الحظ و النصيب و القدر و المنزلة.

[43] في الكافي: «ان من علامة العاقل أن يكون فيه ثلاث خصال: يجيب اذا سئل و ينطق اذا عجز القوم عن الكلام. و يشير بالرأي الذي يكون فيه صلاح أهله، فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلاث شي ء فهو أحمق، ان أميرالمؤمنين عليه السلام قال: لا يجلس في صدر المجلس الا رجل فيه هذه الخصال الثلاث أو واحدة منهن - الخ».

[44] الزمر: 9.

[45] في الكافي: «و آداب العلماء».

[46] أي استنماؤه بالكسب و التجارة.

[47] التعنيف: اللؤم و التوبيخ و التقريع. و المراد ان العاقل لا يرجو فوق ما يستحقه و ما لم يستعده.

[48] في الكافي: «و لا يقدم علي ما يخاف فوته بالعجز عنه». أي لا يبادر الي فعل قبل أوانه خوفا من أن يفوته بالعجز عنه في وقته.

[49] في بعض نسخ المصدر: «و تعطفوا».

[50] في بعض نسخ المصدر: «و اياكم و البخل و عليكم بالسخاء».

[51] «و ما حوي» أي ما حواه الرأس من الاوهام و الافكار بأن يحفظها و لا يبديها. و يمكن أن يكون المراد ما حواه الرأس من العين الاذن و سائر المشاعر بأن يحفظها عما يحرم عليه. «و ما وعي» أي ما جمعه من الطعام و الشراب بأن لا يكونا من حرام. و «البلي» - بالكسر -: الاندراس و الاضمحلال.

[52] المحفوفة: المحيطة. و المكاره: جمع مكرهة - بفتح الراء و ضمها -: ما يكرهه الانسان و يشق عليه. و المراد أن الجنة محفوفة يما يكره النفس من الاقوال و الأفعال فتعمل بها، فمن عمل بها دخل الجنة، و النار محفوفة بلذات النفس و شهواتها، فمن اعطي نفسه لذتها و شهوتها دخل النار.

[53] الذؤابة من كل شي ء: أعلاه. و من السيف: علاقته. و من السوط: طرفه. و من الشعر: ناصيته. و عتا يعتو عتوا، و عتي يعتي عتيا بمعني واحد أي استكبر و تجاوز الحد، و العتو: الطغيان و التجاوز عن الحدود و التجبر.

[54] الحدث: الامر الحادث الذي ليس بمعتاد و لا معروف في السنة.

[55] «عقل عن الله»: عرف عنه و بلغ عقله الي حد يأخذ العلم عن الله فكأنه أخذ العلم عن كتاب الله و سنة نبيه صلي الله عليه و آله و سلم.

[56] اللماظة - بالضم - بقية الطعام في الفم. و أيضا بقية الشي ء القليل. و المراد بها هنا الدنيا.

[57] يهولكم أي يفزعكم و عظم عليكم.

[58] مؤونة المراقي: شدة الارتقاء و المرافق: المنافع و هي جمع مرفق - بالفتح -: ما اتفع به.

[59] الامد: الغاية و منتهي الشي ء، يقال: طال عليهم الامد أي الاجل. و النور - بالفتح -: الزهرة.

[60] الغب - بالكسر -: العاقبة. و أيضا بمعني البعد.

[61] القطران - بفتح القاف و سكون الطاء و كسرها أو بكسر القاف و سكون الطاء -: سيال دهني شبيه النفط، يتخذ من بعض الاشجار كالصنوبر و الارز فيهنا به الابل الجربي و يسرع فيه اشعال النار. و قوله: «نتنه» أي خبث رائحته.

[62] كناية عن الموت فانه يأتي في الغداة و الرواح.

[63] في بعض النسخ «و محقرتها».

[64] الحداء - بالكسر -: جمع حدأة - كعنبة -: طائر من الجوارح و هو نوع من الغراب يخطف الاشياء، و الخاطفة من خطف الشي ء يخطف كعلم يعلم -: استلبه بسرعة و الغادرة: الخائنة. و العاتي: الجبار.

[65] الفريسة: ما يفترسه الاسد و نحوه. و في بعض النسخ «بالفراش».

[66] في بعض النسخ: «و فريقا تقدرون بهم».

[67] المنخل - بضم الميم و الخاء أو بفتح الخاء -: ما ينخل به. و النخالة - بالضم -: ما بقي في المنخل من القشر و نحوه.

[68] جثا يجثو. و جثي يجثي: جلس علي ركبته أو قام علي أطراف الاصابع. و في بعض النسخ «حبوا» أي زحفا علي الركب من حبا يحبو و حبي يحبي: اذا مشي علي أربع.

[69] الوابل: المطر الشديد الضخم القطر.

[70] المشاء: الكثير المشي. و أيضا النمام و المراد ههنا الاول. و الارب - بفتحتين -: الحاجة.

[71] الاكياس: جمع كيس - كسيد -: الفطن، الظريف، الحسن الفهم و الادب.

[72] البذاء: الفحش. و البذي ء - علي فعيل -: السفيه و الذي أفحش في منطقه.

[73] الشاجب: الهذاء المكثار أي كثير الهذيان و كثير الكلام. و أيضا الهالك. و هو الانسب.

[74] أي يحسن الثناء و بالغ في مدحه اذا شاهده، و يعيبه بالسوء و يذمه اذا غاب.

[75] الضيعة - بالفتح -: حرفة الرجل و صناعته و في بعض النسخ «صنعته».

[76] أي مضافا علي ربح تجارتهم.

[77] اليد العلياء: المعطية المتعففة.

[78] الرحمن: 60.

[79] أي له الفضيلة بسبب ابتدائه بالاحسان، فهو أفضل منك.

[80] اغتبط: كان في مسرة و حسن حال. و في بعض النسخ «قد احتبطت».

[81] الصفا: الحجر الصلد الضخم.

[82] شمخ - من باب منع -: علا و رفع.

[83] أي ما يؤدي العبد فريضة من فرائض الله حتي عرف الله الي حد التعقل، أو أخذ عنه.

[84] في بعض النسخ: «عبادتي».

[85] استطال عليهم: أي تفضل عليهم.

[86] أعني اعناء - يائي - الرجل: أذاه و كلفه ما يشق عليه. و في بعض النسخ «أعني لغيره» أي يدخل غيره في العناء و التعب.

[87] في بعض النسخ: «و انذر» و في بعضها «و نذر».

[88] في بعض النسخ: «فاذا استشار».

[89] العطب: الهلاك.

[90] الضاري: الحيوان السبع، من ضري الكلب بالصيد يضري: تعوده و أولع به. و أيضا: تطعم بلحمه و دمه.

[91] كذا. أي اذا اختص العاقل بنعمة ينبغي له أن يشارك غيره في هذه النعمة بأن يعطيه منها. و في بعض النسخ «اذ تفرد له». و الظاهر سقطت لفظة «لا» من قوله «أن يشارك» و المعني و أضح.

[92] في بعض النسخ: «و اذا مر بك أمران» و خر به أمر أي نزل به و أهمه.

[93] الافاقة: الرجوع عن السكر و الاغماء و الغفلة الي حال الاستقامة. و في بعض النسخ «فان العلم يدل علي ان يحمل علي من لا يفيق» و في بعضها «يجلي» مكان يملي.

[94] في بعض النسخ: «و لم يفرح المحزونين».

[95] يترضاه: أي يطلب رضاه.

[96] في بعض النسخ «الذل».

[97] الاختلاق: الافتراء. و في بعض النسخ «و اخلاق» و الظاهر أنه جمع خلق - بالتحريك - أي البالي. و العرض: النفس و الخليقة المحمودة - و أيضا: ما يفتخر الانسان من حسب و شرف.

[98] و في بعض النسخ: «و من يحرص».

[99] في بعض النسخ: «فلتشد».

[100] الركن: العز و المنعة. و أيضا: ما يقوي به. و الامر العظيم. أي لا يكون صبره في المجاهدة أقوي منك فمع قوته و كثرة شره أضعف منك ركنا و أقل ضررا.

[101] فاعل من قرأ و في بعض النسخ «متقري».

[102] في بعض النسخ: «يستعلن».

[103] الامثل: الافضل.

[104] «عن يمين العرش» أي أقوي جانبيه و أشرفهما. و «من نوره» أي من نور ذاته.

[105] المذكور هنا 71 جندا و في الكافي ثمانية و سبعون، لكنه تكرر بعض الجنود و لا يخفي أن الجنود أكثر لكن ذكر منها الأهم.

[106] التؤدة - بالضم -: الرزانة و التأني، يقال: توأد في الامر أي تأتي و تمهل.

[107] الهذر - بالتحريك -: الهذيان و الكلام الذي لا يعبأ به، يقال: هذر فلان في منطقه - من باب ضرب و نصر -. خلط و تكلم بما لا ينبغي.

[108] الشره - بالتحريك - مصدر باب فرح -: الحرص يقال: شره الي الطعام: اشتد ميله اليه. و يمكن أن يكون كما في بعض النسخ «الشره» بالكسر فالتشديد أي الحدة و الحرص.

[109] التطاول: التكبر و الترفع.

[110] الغباوة: الغفلة و قلة الفطنة.

[111] المماكرة: المخادعة.

[112] التسويف: المطل و التأخير.

[113] في بعض النسخ: «النفي، الحسد» و لعله تصحيف. و في بعضها «النقي».

[114] القح - بالضم - الجافي. و يمكن أن يكون قحة مصدر وقح: الوقاحة و قلة الحياء. في بعض النسخ «القيحة».

[115] القوام - بالفتح -: العدل و الاعتدال. و المكاثرة: المفاخرة و المغالبة في الكثرة بالمال أو العدد.

[116] في بعض النسخ «المخافة التهاون».

[117] في بعض النسخ «صدق الحديث، النميمة».

[118] في بعض النسخ: «لا تجتمع».

[119] أي لا يجده بطيئا.

[120] و في بعض النسخ: «حفره».

[121] الحشمة: الانقباض و الاستحياء.

[122] بحار الأنوار: ج 78، ص 321.

[123] الصرور - بالصاد المهملة - الذي لم يتزوج أم لم يحج.

[124] الامع و الامعة - بالكسر فالتشديد - قيل: أصله «اني معك».

[125] النجد: الطريق الواضح المرتفع. و قوله عليه السلام: «انما هما نجدان» فالظاهر اشارة الي قوله في سورة البلد 10 (فهديناه النجدين).

[126] دميم المنظر أي قبيح المنظر من دم دمامة: كان حقيرا و قبح منظره.

[127] الزهو: الفخر و الكبر.

[128] أي دم من ليس لقاتله مال حتي يؤدي ديته. و المدقعة: الشديدة يفضي صاحبه الي الدقعاء أي التراب أو يفضي صاحبه الي الدقع و هو سوء احتمال الفقر. و المدقع الملصق بالتراب والذي لا يكون عنده ما يتقي به التراب.

[129] القيان جمع قنية و هي الأمامة مغنية كانت أو غير مغنية. قال أبوعمر: و كل عبد هو عند العرب قين و الأمة قنية، و بعض الناس يظن القنية، المغنية خاصة و ليس كذلك.

[130] كان علي بن يقطين وزيرا لهارون الرشيد.

[131] في بعض النسخ: كن يا ابن أبي طالب.

[132] في بعض النسخ: [ما وجدتهم الا واصفة].