بازگشت

كتاب الاحتجاجات


271- الحسن بن عبدالرحمن الحماني قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السلام: ان هشام بن الحكم زعم أن الله تعالي جسم ليس كمثله شي ء، عالم، سميع، بصير، قادر، متكلم، ناطق، و الكلام و القدرة و العلم يجري مجري واحد، ليس شي ء منها مخلوقا.

فقال: قاتله الله أما علم أن الجسم محدود! و الكلام غير المتكلم!معاذ الله و أبرأ الي الله من هذا القول. لا جسم، و لا صورة، و لا تحديد، و كل شي ء سواه مخلوق، و انما تكون الأشياء بارادته و مشيئته من غير كلام و لا تردد في نفس و لا نطق بلسان.

272- و عن يعقوب بن جعفر عن أبي ابراهيم عليه السلام أنه قال: لا أقول انه قائم فازيله عن مكان، و لا أحده بمكان يكون فيه، و لا أحده أن يتحرك في شي ء من الأركان و الجوارح، و لا أحده بلفظ شق الفم، ولكن كما قال عزوجل: (انما أمره اذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) بمشيئته من غير تردد في نفس صمدا فردا لم يحتج الي شريك يدبر له ملكه، و لا يفتح له أبواب علمه.



[ صفحه 94]



273- و عن يعقوب بن جعفر الجعفري أيضا، عن أبي ابراهيم موسي عليه السلام قال: ذكر عنده قوم زعموا: أن الله تبارك و تعالي ينزل الي السماء الدنيا فقال:

ان الله لا ينزل و لا يحتاج أن ينزل انما منظره في القرب و البعد سواء لم يبعد منه بعيد، و لا يقرب منه قريب و لم يحتج الي شي ء بل يحتاج اليه كل شي ء، و هو ذو الطول لا اله الا هو العزيز الحكيم!

أما قول الواصفين انه ينزل تبارك و تعالي عن ذلك علوا كبيرا، فانما يقول ذلك من ينسبه الي نقص أو زيادة. و كل متحرك يحتاج الي من يحركه أو يتحرك به فمن ظن بالله الظنون فقد هلك، فاحذروا في صفاته من أن تقفوا له علي حد تحدونه بنقص أو زيادة، أو تحريك أو تحرك، زوال أو استنزال، أو نهوض أو قعود، فان الله جل و عز عن صفة الواصفين، و نعت الناعتين و توهم المتوهمين.

274- عن يعقوب بن جعفر الجعفري قال: سأل رجل يقال له عبدالغفار السمي أباابراهيم موسي بن جعفر عليه السلام عن قول الله تعالي: (ثم دنا فتدلي - فكان قاب قوسين أو أدني) [1] قال: أري هاهنا خروجا من حجب و تدليا الي الأرض، و أري محمدا رأي ربه بقلبه، و نسب الي بصره فكيف هذا؟

فقال أبوابراهيم: (دنا فتدلي)، فانه لم يزل عن موضع و لم يتدل ببدن.

فقال عبدالغفار: أصفه بما وصف به نفسه حيث قال: (دنا فتدلي)



[ صفحه 95]



فلم يتدل عن مجلسه الا و قد زال عنه، و لولا ذلك لم يصف بذلك نفسه.

فقال أبوابراهيم عليه السلام: ان هذه لغة في قريش اذا أراد رجل منهم أن يقول: قد سمعت يقول: قد تدليت، و انما التدلي: الفهم.

275- و عن داوود بن قبيصة قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: سئل أبي عليه السلام هل منع الله عما امر به، و هل نهي عما أراد، و هل أعان علي ما لم يرد؟

فقال عليه السلام: أما ما سألت: «هل منع الله عما أمر به؟» فلا يجوز ذلك، و لو جاز ذلك لكان قد منع ابليس عن السجود لآدم، و لو منع ابليس لعذره و لم يلعنه.

و أما ما سألت: «هل نهي عما أراد؟» فلا يجوز ذلك، و لو جاز ذلك لكان حيث نهي آدم عن أكل الشجرة أراد منه أكلها، و لو أراد منه أكلها لما نادي عليه صبيان الكتاتيب: (و عصي آدم ربه فغوي) و الله تعالي لا يجوز عليه أن يأمر بشي ء و يريد غيره.

و أما ما سألت عنه من قولك: «هل أعان علي ما لم يرد؟» و لا يجوز ذلك و جل الله تعالي عن أن يعين علي قتل الأنبياء و تكذيبهم، و قتل الحسين بن علي عليه السلام و الفضلاء من ولده، و كيف يعين علي ما لم يرد و قد أعد جهنم لمخالفيه، و لعنهم علي تكذيبهم لطاعته، و ارتكابهم لمخالفته؟! و لو جاز أن يعين علي ما لم يرد لكان أعان فرعون علي كفره و ادعائه أنه رب العالمين، أفتري أراد الله من فرعون أن يدعي الربوبية؟ يستتاب قائل هذا القول، فان تاب من كذبه علي الله و الا ضربت عنقه.

276- محمد بن الزبرقان الدامغاني قال: قال أبوالحسن موسي بن جعفر عليه السلام: لما أمر هارون الرشيد بحملي، دخلت عليه فسلمت فلم يرد



[ صفحه 96]



السلام و رأيته مغضبا، فرمي الي بطومار فقال: اقرأه فاذا فيه كلام، قد علم الله عزوجل براءتي منه، و فيه ان موسي بن جعفر يجبي اليه خراج الآفاق من غلاة الشيعة ممن يقول بامامته، يدينون الله بذلك، و يزعمون أنه فرض عليهم الي أن يرث الله الأرض و من عليها، و يزعمون أنه من لم يذهب اليه بالعشر و لم يصل بامامتهم، و لم يحج باذنهم، و يجاهد بأمرهم، و يحمل الغنيمة اليهم، و يفضل الأئمة علي جميع الخلق، و يفرض طاعتهم مثل طاعة الله و طاعة رسوله، فهو كافر حلال ماله، و دمه.

و فيه كلام شناعة، مثل المتعة بلا شهود، و استحلال الفروج بأمره، و لو بدرهم، و البراءة من السلف، و يلعنون عليهم في صلاتهم، و يزعمون أن من لم يتبرأ منهم فقد بانت امرأته منه، و من أخر الوقت فلا صلاة له لقول الله تبارك و تعالي (أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا) [2] يزعمون أنه واد في جهنم و الكتاب طويل و أنا قائم أقرأ و هو ساكت، فرفع رأسه و قال: اكتفيت بما قرأت فكلم بحجتك بما قرأته.

قلت: يا أميرالمؤمنين و الذي بعث محمدا صلي الله عليه و آله و سلم بالنبوة ما حمل الي أحد درهما و لا دينارا من طريق الخراج لكنا معاشر آل أبي طالب نقبل الهدية التي أحلها الله عزوجل لنبيه صلي الله عليه و آله و سلم في قوله: لو أهدي لي كراع لقبلت، و لو دعيت الي ذراع لأجبت، و قد علم أميرالمؤمنين ضيق ما نحن فيه، و كثرة عدونا، و ما منعنا السلف من الخمس الذي نطق لنا به الكتاب، فضاق بنا الأمر، و حرمت علينا الصدقة و عوضنا الله عزوجل عنها الخمس و اضطررنا الي قبول الهدية و كل ذلك مما علمه أميرالمؤمنين فلما تم كلامي سكت.



[ صفحه 97]



ثم قلت: ان رأي أميرالمؤمنين أن يأذن لابن عمه في حديث عن آبائه، عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم فكأنه اغتنمها، فقال: مأذون لك، هاته! فقلت: حدثني أبي، عن جدي يرفعه الي النبي صلي الله عليه و آله و سلم: أن الرحم اذا مست رحما تحركت و اضطربت فان رأيت أن تناولني يدك، فأشار بيده الي.

ثم قال؛ ادن، فدنوت فصافحني و جذبني الي نفسه مليا ثم فارقني و قد دمعت عيناه فقال لي: اجلس يا موسي، فليس عليك بأس، صدقت و صدق جدك و صدق النبي صلي الله عليه و آله و سلم لقد تحرك دمي، و اضطربت عروقي و أعلم أنك لحمي و دمي و أن الذي حدثتني به صحيح، و اني أريد أن أسألك عن مسألة فان أجبتني، أعلم أنك صدقتني خليت عنك، و وصلتك، و لم أصدق ما قيل فيك، فقلت: ما كان علمه عندي أجبتك فيه.

فقال: لم لا تنهون شيعتكم عن قولهم لكم يا ابن رسول الله و أنتم ولد علي و فاطمة انما هي وعاء، و الولد ينسب الي الأب لا الي الأم؟

فقلت: ان رأي أميرالمؤمنين أن يعفيني من هذه المسألة فعل؟

فقال: لست أفعل أو أجبت.

فقلت: فأنا في أمانك أن لا يصيبني من آفة السلطان شي ء؟

فقال: لك الأمان.

قلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم (و وهبنا له اسحاق و يعقوب كلا هدينا و نوحا هدينا من قبل و من ذريته داود و سليمان و يوسف و موسي و هارون و كذلك نجزي المحسنين و زكريا و يحيي و عيسي) [3] فمن أبوعيسي؟ فقال: ليس له أب انما خلق من كلام



[ صفحه 98]



الله عزوجل و روح القدس فقلت: انما الحق عيسي بذراري الأنبياء من قبل مريم، و الحقنا بذراري الأنبياء من قبل فاطمة لا من قبل علي عليه السلام فقال: أحسنت أحسنت يا موسي زدني من مثله.

فقلت: اجتمعت الأمة برها و فاجرها أن حديث النجراني حين دعاه النبي صلي الله عليه و آله و سلم الي المباهلة لم يكن في الكساء الا النبي و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام فقال الله تبارك و تعالي (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم) [4] فكان تأويل أبناءنا الحسن و الحسين، و نساءنا فاطمة، و أنفسنا علي بن أبي طالب فقال: أحسنت.

ثم قال: أخبرني عن قولك: ليس للعم مع ولد الصلب ميراث، فقلت: أسألك يا أميرالمؤمنين بحق الله و بحق رسوله صلي الله عليه و آله و سلم أن تعفيني من تأويل هذه الآية و كشفها، و هي عند العلماء مستورة فقال: انك قد ضمنت لي أن تجيب فيما أسألك و لست أعفيك فقلت: فجدد لي الأمان فقال: قد أمنتك فقلت: ان النبي صلي الله عليه و آله و سلم لم يورث من قدر علي الهجرة فلم يهاجر، و ان عمي العباس قدر علي الهجرة فلم يهاجر، و انما كان في عدد الأساري النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و جحد أن يكون له الفداء فأنزل الله تبارك و تعالي علي النبي صلي الله عليه و آله و سلم يخبره بدفين له من ذهب، فبعث عليا عليه السلام فأخرجه من عند أم الفضل، و أخبر العباس بما أخبره جبرائيل عن الله تبارك و تعالي فأذن لعلي و أعطاه علامة الذي دفن فيه، فقال العباس عند ذلك: يا ابن أخي ما فاتني منك أكثر، و أشهد أنك رسول رب العالمين.

فلما أحضر علي الذهب فقال العباس: أفقرتني يا ابن أخي فأنزل الله



[ صفحه 99]



تبارك و تعالي: (ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم و يغفر لكم) [5] و قوله: (و الذين آمنوا و لم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شي ء حتي يهاجروا) [6] ثم قال: (و ان استنصروكم في الدين فعليكم النصر) [7] فرأيته قد اغتم.

ثم قال: أخبرني من أين قلتم ان الانسان يدخله الفساد من قبل النساء لحال الخمس الذي لم يدفع الي أهله؟

فقلت: أخبرك يا أميرالمؤمنين بشرط أن لا تكشف هذا الباب لأحد ما دمت حيا، و عن قريب يفرق الله بيننا و بين من ظلمنا، و هذه مسألة لم يسألها أحدا من السلاطين غير أميرالمؤمنين.

قال: و لا تيم و لا عدي و لا بنوا أمية و لا أحد من آبائنا؟

قلت: ما سئلت و لا سئل أبوعبدالله جعفر بن محمد عنها؟

قال: فان بلغني عنك أو عن أحد من أهل بيتك كشف ما أخبرتني به رجعت عما آمنتك.

فقلت: لك علي ذلك.

فقال: أحببت أن تكتب لي كلاما موجزا له أصول و فروع، يفهم تفسيره و يكون ذلك سماعك من أبي عبدالله عليه السلام.

فقلت: نعم و علي عيني يا أميرالمؤمنين.

قال: فاذا فرغت فارفع حوائجك.



[ صفحه 100]



و قام، و وكل بي من يحفظني، و بعث الي في كل يوم بمائدة سرية فكتبت:

بسم الله الرحمن الرحيم أمور الدنيا أمران: أمر لا اختلاف فيه، و هو اجماع الأمة علي الضرورة التي يضطرون اليها و الأخبار المجتمع عليها المعروض عليها شبهة، و المستنبط منها كل حادثة، و أمر يحتمل الشك و الانكار، و سبيل استنصاح أهله الحجة عليه، فما ثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع علي تأويله، أو سنة عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم لا اختلاف فيها، أو قياس تعرف العقول عدله، ضاق علي من استوضح تلك الحجة ردها، و وجب عليه قبولها، و الاقرار و الديانة بها، و ما لم يثبت لمنتحليه به حجة من كتاب مستجمع علي تأويله أو سنة عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم لا اختلاف فيها، أو قياس تعرف العقول عدله، وسع خاص الأمة و عامها الشك فيه، و الانكار له، كذلك، هذان الأمران من أمر التوحيد فما دونه، الي أرش الخدش فما دونه فهذا المعروض الذي يعرض عليه أمر الدين فما ثبت لك برهانه اصطفيته، و ما غمض عنك ضوؤه نفيته، و لا قوة الا بالله و حسبنا الله، و نعم الوكيل.

فأخبرت الموكل بي أني قد فرغت من حاجته، فأخبره فخرج، و عرضت عليه فقال: أحسنت هو كلام موجز جامع، فارفع حوائجك يا موسي فقلت: يا أميرالمؤمنين أول حاجتي اليك أن تأذن لي في الانصراف الي أهلي، فاني تركتهم باكين آيسين من أن يروني أبدا فقال: مأذون لك، ازدد؟ فقلت: يبقي الله أميرالمؤمنين لنا معاشر بني عمه فقال: ازدد؟ فقلت: علي عيال كثير، و أعيننا بعد الله ممدودة الي فضل أميرالمؤمنين و عادته، فأمر لي بمائة ألف درهم، و كسوة، و حملني وردني الي أهلي مكرما.



[ صفحه 101]



277- قال أبوأحمد هاني بن محمد بن محمود العبدي حدثني أبي باسناده رفعه: أن موسي بن جعفر عليه السلام دخل علي الرشيد، فقال له الرشيد: يابن رسول الله أخبرني عن الطبائع الأربع.

فقال موسي عليه السلام: أما الريح فانه ملك يداري، و أما الدم فانه عبد غارم و ربما قتل العبد مولاه، و أما البلغم فانه خصم جدل، ان سددته من جانب انفتح من آخر، و أما المرة فانها الأرض اذا اهتزت رجفت بما فوقها.

فقال له هارون: يابن رسول الله تنفق علي الناس من كنوز الله و رسوله.

278- عن الفضل بن الربيع و رجل آخر قالا: حج هارون الرشيد و ابتدأ بالطواف و منعت العامة من ذلك لينفرد وحده فبينما هو في ذلك اذا ابتدر اعرابي البيت و جعل يطوف معه و قال الحجاب: تنح يا هذا عن وجه الخليفة فانتهرهم الأعرابي و قال: ان الله ساوي بين الناس في هذا الموضع فقال: (سواء العاكف فيه و البادي) فامر الحاجب بالكف عنه فكلما طاف الرشيد طاف الأعرابي امامه فنهض الي الحجر الأسود ليقبله فسبقه الأعرابي اليه و التثمه ثم صار الرشيد الي المقام ليصلي فيه فصلي الأعرابي امامه.

فلما فرغ هارون من صلاته استدعي الأعرابي فقال الحجاب: اجب اميرالمؤمنين فقال: ما لي اليه حاجة فاقوم اليه بل ان كانت الحاجة له فهو بالقيام الي اولي قال: صدق فمشي اليه و سلم عليه فرد عليه السلام فقال هارون: اجلس يا اعرابي فقال: ما الموضع لي فتستأذنني فيه بالجلوس انما هو بيت الله نصبه لعباده فان احببت ان تجلس فاجلس و ان احببت ان تنصرف



[ صفحه 102]



فانصرف فجلس هارون و قال: ويحك يا اعرابي مثلك من يزاحم الملوك قال: نعم و في مستمع.

قال: فاني سائلك فان عجزت اذيتك قال: سؤالك هذا سؤال متعلم أو سؤال متعنت قال: بل متعلم قال: اجلس مكان السائل من المسؤول و سل و انت مسؤول فقال هارون: اخبرني ما فرضك قال: ان الفرض رحمك الله واحد و خمسة و سبعة عشر و اربع و ثلاثون و اربع و تسعون و مائة و ثلاثة و خمسون علي سبعة عشر و من اثني عشر واحد و من اربعين واحد و من مائتين خمس و من الدهر كله واحد واحد بواحد.

قال: فضحك الرشيد و قال: ويحك اسألك عن فرضك و انت تعد علي الحساب قال: أما علمت أن الدين كله حساب و لو لم يكن لدنيا حسابا لم اتخذ الله الخلائق حسابا ثم قرأ: (ان كان مثقال حبة من خردل اتينا بها و كفي بنا حاسبين) قال: فبين لي ما قلت و الا أمرت بقتلك بين الصفا و المروة فقال الحاجب: تهبه لله و لهذا المقام قال: فضحك الاعرابي من قوله فقال الرشيد: مما ضحكت يا اعرابي؟ قال: تعجبا منكما اذ لا ادري من الأجهل منكما الذي يستوهب اجلا قد حضر او الذي استعجل اجلا لم يحضر.

فقال الرشيد: فسر ما قلت قال: أما قولي الفرض واحد فدين الاسلام كله واحد و عليه خمس صلوات و هي سبع عشرة ركعة و اربع و ثلاثون سجدة و اربع و تسعون تكبيرة و مائة و ثلاث و خمسون تسبيحة.

و أما قولي من اثني عشر واحد فصيام شهر رمضان من اثني عشر شهرا.

و أما قولي من الأربعين واحد فمن ملك اربعين دينارا اوجب الله عليه دينارا.



[ صفحه 103]



و أما قولي من مائتين خمسة فمن ملك مائتي درهم أوجب الله عليه خمسة دراهم و أما قولي فمن الدهر كله واحد فحجة الاسلام. و أما قولي واحد من واحد فمن اهرق دما من غير حق وجب اهراق دمه قال الله تعالي: (النفس بالنفس) فقال الرشيد: لله درك و اعطاه بدرة فقال: فبم استوجب منك هذه البدرة يا هارون بالكلام أو المسألة.

قال: بل بالكلام قال: فاني مسائلك عن مسألة فان انت أتيت بها كانت البدرة لك تصدق بها في هذا الموضع الشريف فان لم تجيبني عنها اضفت الي البدرة بدرة اخري لا تصدق بها علي فقراء الحي من قومي فأمر بايراد اخري و قال: سل عما بدا لك فقال: اخبرني عن الخنفساء تزق ام ترضع ولدها فخرد هارون و قال: ويحك يا اعرابي مثلي من يسئل عن هذه المسألة.

فقال: سمعت ممن سمع من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول من ولي اقواما وهب له من العقل كعقولهم و انت امام هذه الأمة يجب ان لا تسئل عن شي ء من امر دينك و من الفرائض الا و أجبت عنها فهل عندك له الجواب.

قال هارون: رحمك الله لا فبين لي ما قلته و خذ البدرتين فقال: ان الله تعالي لما خلق الأرض خلق دبابات الارض من غير فرث و لا دم خلقها من التراب و جعل رزقها و عيشها منه فاذا فارق الجنين أمه لم تزقه و لم ترضعه و كان عيشها من التراب فقال هارون: والله ما ابتلي احد بمثل هذه المسألة و اخذ الأعرابي البدرتين و خرج.

فتبعه بعض الناس و سأله عن اسمه فاذا هو موسي بن جعفر بن محمد عليهم السلام فاخبر هارون بذلك فقال: والله لقد ركنت أن تكون هذه الورقة من تلك الشجرة.



[ صفحه 104]



279- عنه قال: و في كتاب اخبار الخلفاء ان هارون الرشيد كان يقول لموسي بن جعفر: حد فدكا حتي أردها اليك فيأبي حتي الح عليه فقال: لا اخذها الا بحدودها قال: و ما حدودها قال: ان حددتها لم تردها قال: بحق جدك الا فعلت قال: اما الحد الأول فعدن فتغير وجه الرشيد و قال: ايها. قال: والحد الثاني سمرقند فأربد وجهه، والحد الثالث افريقية فاسود وجهه و قال: هيه قال: والرابع سيف البحر مما يلي الجزر و ارمينية قال الرشيد: فلم يبق لنا شي ء فتحول الي مجلسي قال موسي قال: قد اعلمتك انني ان حددتها لم تردها فعند ذلك عزم علي قتله.

في رواية ابن اسباط انه قال: اما الحد الأول فعريش مصر و الثاني دومة الجندل و الثالث أحد و الرابع سيف البحر فقال: هذا كله هذه الدنيا فقال: هذا كان في ايدي اليهود بعد موت ابي هالة فافأه الله علي رسوله بلا خيل و لا ركاب فأمره الله ان يدفعه الي فاطمة عليهاالسلام.

280- قال السيد الجليل علي بن طاوس: فبما روي عمن قوله حجة في العلوم بصحة علم النجوم نقلناه من كتاب نزهة الكرام و بستان العوام تأليف محمد بن الحسين الرازي و هذا الكتاب خطه بالعجمية فكأنما من نقله الي العربية فذكر في أواخر المجلد الثاني منه ما هذا لفظ من عربه، و روي ان هارون الرشيد انفذ الي موسي بن جعفر عليه السلام من احضره.

فلما حضر قال له: ان الناس ينسبونكم يا بني فاطمة الي علم النجوم و ان معرفتكم بها جيدة و فقهاء العامة يقولون ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: اذا ذكر اصحابي فاسكتوا و اذا ذكر القدر فاسكتوا و اذا ذكر النجوم فاسكتوا، و أميرالمؤمنين علي كان أعلم الخلائق بعلم النجوم و أولاده و ذريته التي تقول الشيعة بامامتهم كانوا عارفين بها.



[ صفحه 105]



فقال له الكاظم عليه السلام: هذا حديث ضعيف و اسناده مطعون فيه، والله تبارك و تعالي قد مدح النجوم فلولا ان النجوم صحيحة ما مدحها الله عزوجل و الانبياء عليهم السلام كانوا عالمين بها قال الله عزوجل في ابراهيم خليله عليه السلام: (و كذلك نري ابراهيم ملكوت السموات و الأرض و ليكون من الموقنين) و قال في موضع آخر: (فنظر نظرة في النجوم فقال اني سقيم).

فلو لم يكن عالما بالنجوم ما نظر فيها و لا قال اني سقيم، و ادريس عليه السلام كان أعلم أهل زمانه بالنجوم، والله عزوجل قد اقسم فيها بكتابه في قوله تعالي: (فلا اقسم بمواقع النجوم - و انه لقسم لو تعلمون عظيم) و في قوله بموضع آخر: (فالمدبرات أمرا) يعني بذلك اثني عشر برجا و سبع سيارات، و الذي يظهر في الليل و النهار هي بأمر الله تعالي، و بعد علم القرآن لا يكون اشرف من علم النجوم و هو علم الأنبياء و الأوصياء و ورثة الأنبياء الذين قال الله تعالي فيهم: (و علامات و بالنجم هم يهتدون).

نحن نعرف هذا العلم و ما ننكره فقال هارون: بالله عليك يا موسي هذا العلم لا تظهروه عند الجهال و عوام الناس، حتي لا يشيعوه عنكم و تنفس العوام به و غط هذا العلم و ارجع الي حرم جدك ثم قال هارون: بقيت مسألة أخري بالله عليك اخبرني بها قال: سل قال: بحق القبر و المنبر، و بحق قرابتك من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم انت تموت قبلي أم أنا أموت قبلك؟ فانك تعرف هذا من علم النجوم فقال له موسي: آمني حتي اخبرك فقال: لك الأمان.

قال: أنا أموت قبلك ما كذبت و لا اكذب و وفاتي قريب قال: قد



[ صفحه 106]



بقيت لي مسألة تخبرني بها و لا تضجر قال: سل قال: اخبروني انكم تقولون ان جميع المسلمين عبيدنا و اماؤنا و انكم تقولون من يكون لنا عليه حق و لا يوصله لنا فليس بمسلم فقال موسي: كذب الذين زعموا انا نقول ذلك و اذا كان كذلك فكيف يصح البيع و الشراء عليهم.

و نحن نشتري عبيدا و جواري و نعتقهم و نقعد معهم و نأكل معهم و نشتري المملوك و نقول له يا بني و للجارية يا بنية و نقعدهم يأكلون معنا تقربا الي الله تعالي، فلو أنهم عبيدنا و اماؤنا ما صح البيع و الشراء، و قد قال النبي صلي الله عليه و آله و سلم لما حضرته الوفاة: الله الله في الصلاة و ما ملكت ايمانكم، يعني واظبوا علي الصلاة و اكرموا مماليككم من العبيد و الاماء فنحن نعتقهم، فهذا الذي سمعته كذب من قائله، و دعوي باطلة.

ولكن نحن ندعي ان ولاء جميع الخلائق لنا نعني ولاء الدين و هؤلاء الجهال يظنون ولاء الملك حملوا دعواهم علي ذلك و نحن ندعي ذلك لقول النبي صلي الله عليه و آله و سلم يوم غدير خم من كنت مولاه فعلي مولاه يعني بذلك ولاء الدين و الذي يوصلونه الينا من الزكاة و الصدقة فهو حرام علينا مثل الميتة و الدم و لحم الخنزير فأما الغنائم و الخمس من بعد موت رسول صلي الله عليه و آله و سلم فقد منعونا ذلك و نحن اليه محتاجون الي ما في ايدي بني آدم الذين هم لنا ولاؤهم ولاء الدين لا ولاء الملك.

فان انفذ الينا احد هدية و لا يقول انها صدقة نقبلها لقول النبي صلي الله عليه و آله و سلم: لو دعيت الي كراع لأجبت (و كراع اسم قرية) و لو اهدي الي كراع لقبلت (الكراع يد الشاة) و ذلك سنة الي يوم القيامة و لو حملوا الينا زكاة و علمنا انها زكاة لرددناها فان كانت هدية قبلناها، ثم ان هارون اذن له في الانصراف فتوجه الي الرقة ثم تقولوا عليه اشياء فاستعاده و اطعمه السم فتوفي صلوات الله عليه.



[ صفحه 107]



281- المفيد باسناده عن الكاظم عليه السلام قال: قال لي هارون: أتقولون أن الخمس لكم؟ قلت: نعم قال: انه لكثير، قال: قلت: ان الذي أعطاناه علم أنه لنا غير كثير.

282- قال النويري: و حكي أن الرشيد سأل موسي بن جعفر فقال: لم قلتم انا ذرية رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و جوزتم للناس أن ينسبوكم اليه و يقولوا: يا [بني] نبي الله و أنتم بنوعلي، و انما ينسب الرجل الي أبيه دون جده؛ فقرأ: (و من ذريته داود و سليمان و أيوب و يوسف و موسي و هارون و كذلك نجزي المحسنين - و زكريا و يحيي و عيسي و الياس) و ليس لعيسي أب، و انما لحق بذرية الأنبياء من قبل أمه؛ و كذلك ألحقنا بذرية الرسول صلي الله عليه و آله و سلم من قبل أمنا فاطمة - عليهاالسلام - و أزيدك يا أميرالمؤمنين، قال الله تعالي: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين) و لم يدع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و سلم في مباهلة النصاري غير فاطمة و الحسن و الحسين، و هما الأبناء.

283- و حدث أبوأحمد هاني بن محمد العبدي قال: حدثني أبومحمد رفعه الي موسي بن جعفر عليه السلام قال: لما أدخلت علي الرشيد سلمت عليه فرد علي السلام ثم قال: يا موسي بن جعفر خليفتان يجبي اليهما الخراج؟

فقلت: يا أميرالمؤمنين أعيذك بالله أن تبوء باثمي و اثمك، فتقبل الباطل من أعدائنا علينا، فقد علمت بأنه كذب علينا منذ قبض رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أما علم ذلك عندك، فان رأيت بقرابتك من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أن تأذن لي أحدثك بحديث أخبرني به أبي عن آبائه عن جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم؟



[ صفحه 108]



فقال: قد أذنت لك.

فقلت: أخبرني أبي عن آبائه عن جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال: «ان الرحم اذا مست الرحم تحركت و اضطربت» فناولني يدك جعلني الله فداك.

قال: ادن مني! فدنوت منه، فأخذ بيدي ثم جذبني الي نفسه و عانقني طويلا ثم تركني و قال: «اجلس يا موسي! فليس عليك بأس، فنظرت اليه فاذا به قد دمعت عيناه، فرجعت الي نفسي فقال: صدقت و صدق جدك صلي الله عليه و آله و سلم، لقد تحرك دمي و اضطربت عروقي حتي غلبت علي الرقة و فاضت عيناي و أنا اريد أن أسألك عن أشياء تتلجلج في صدري منذ حين لم أسأل عنها أحدا، فان أنت أجبتني عنها خليت عنك و لم أقبل قول أحد فيك، و قد بلغني أنك لم تكذب قط فأصدقني فيما أسألك ما في قلبي».

فقلت: ما كان علمه عندي فاني مخبرك به ان أنت أمنتني.

قال: لك الأمان ان صدقتني و تركت التقية التي تعرفون بها معاشر بني فاطمة، فقلت ليسأل اميرالمؤمنين عما يشاء.

قال: أخبرني لم فضلتم علينا و نحن و أنتم من شجرة واحدة، و بنو عبدالمطلب و نحن و أنتم واحد، انا بنوعباس و أنتم ولد أبي طالب، و هما عما رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و قرابتهما منه سواء؟

فقلت: نحن أقرب. قال: و كيف ذاك؟

قلت: لأن عبدالله و أباطالب لأب و أم، و أبوكم العباس ليس هو من أم عبدالله و لا من أم أبي طالب.

قال: فلم ادعيتم أنكم ورثتم النبي صلي الله عليه و آله و سلم و العم يحجب ابن العم،



[ صفحه 109]



و قبض رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و قد توفي أبوطالب قبله و العباس عمه حي؟

فقلت له: ان رأي اميرالمؤمنين أن يعفيني عن هذه المسألة، و يسألني عن كل باب سواه يريده.

فقال: لا. أو تجيب.

فقلت: فآمني.

قال: آمنتك قبل الكلام.

فقلت: ان في قول علي بن أبي طالب عليه السلام: انه ليس مع ولد الصلب ذكرا كان أو انثي لأحد سهم الا الأبوين و الزوج و الزوجة، و لم يثبت للعم مع ولد الصلب ميراث، و لم ينطق به الكتاب العزيز و السنة الا أن تيما وعديا و بني امية قالوا:«العم والد» رأيا منهم بلا حقيقة و لا أثر عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و من قال بقول علي من العلماء قضاياهم خلاف قضايا هؤلاء، هذا نوح بن دراج يقول في هذه المسألة بقول علي و قد حكم به، و قد ولاه اميرالمؤمنين المصرين الكوفة و البصرة و قضي به، فانهي الي اميرالمؤمنين فأمر باحضاره و احضار من يقول بخلاف قوله، منهم، سفيان الثوري و ابراهيم المازني، و الفضيل بن عياض، فشهدوا أنه قول علي عليه السلام في هذه المسألة. فقال لهم فيما بلغني بعض العلماء من أهل الحجاز: لم لا تفتون و قد قضي نوح بن دراج؟

فقالوا: جسر نوح وجبنا. و قد أمضي أميرالمؤمنين قضيته بقول قدماء العامة عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال: «أقضاكم علي» و كذلك عمر بن الخطاب قال: «علي أقضانا» و هو اسم جامع، لأن جميع ما مدح به النبي صلي الله عليه و آله و سلم أصحابه من القرابة و الفرائض و العلم داخل في القضاء.



[ صفحه 110]



قال: زدني يا موسي! قلت: المجالس بالأمانات و خاصة مجلسك. فقال: لا بأس به.

فقلت: ان النبي لم يورث من لم يهاجر، و لا أثبت له ولاية حتي يهاجر. فقال: ما حجتك فيه؟.

قلت: قول الله تبارك و تعالي: (و الذين آمنوا و لم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شي ء حتي يهاجروا) [8] و ان عمي العباس لم يهاجر.

فقال لي: اني أسألك يا موسي هل أفتيت بذلك أحدا من أعدائنا، او أخبرت أحدا من الفقهاء في هذه المسألة بشي ء؟ فقلت: اللهم لا. و ما سألني عنها الا اميرالمؤمنين.

ثم قال لي: جوزتم للعامة و الخاصة أن ينسبوكم الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و يقولوا لكم: يا بني رسول الله و أنتم بنوعلي و انما ينسب المرء الي أبيه، و فاطمة انما هي وعاء و النبي جدكم من قبل امكم؟

فقلت: يا اميرالمؤمنين لو أن النبي نشر فخطب اليك كريمتك هل كنت تجيبه؟ قال: سبحان الله! و لم لا اجبه، بل أفتخر علي العرب و العجم و قريش بذلك.

فقلت له: لكنه لا يخطب الي و لا ازوجه. فقال: و لم؟ فقلت: لأنه ولدني و لم يلدك.

فقال: أحسنت يا موسي! ثم قال: كيف قلتم انا ذرية النبي و النبي لم يعقب و انما العقب الذكر لا الأنثي، و أنتم ولد الابنة و لا يكون ولدها عقبا له.

فقلت: أسألك بحق القرابة و القبر و من فيه، الا أعفيتني عن هذه المسألة.



[ صفحه 111]



فقال: لا أو تخبرني بحجتكم فيه يا ولد علي! و أنت يا موسي يعسوبهم و امام زمانهم، كذا انهي الي، و لست أعفيك في كل ما أسألك عنه حتي تأتيني فيه بحجة من كتاب الله، و أنتم تدعون معشر ولد علي أنه لا يسقط عنكم منه شي ء الف و لا واو الا تأويله عندكم. و احتججتم بقوله عزوجل: (ما فرطنا في الكتاب من شي ء) [9] و استغنيتم عن رأي العلماء و قياسهم.

فقلت: تأذن لي في الجواب؟ قال: هات.

فقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم (و من ذريته داوود و سليمان و أيوب و يوسف و موسي و هارون و كذلك نجزي المحسنين - و زكريا و يحيي و عيسي و الياس كل من الصالحين) [10] .

من أبوعيسي يا اميرالمؤمنين؟ فقال: ليس لعيسي أب.

فقلت: انما ألحقناه بذراري الأنبياء عليهم السلام من طريق مريم عليهاالسلام و كذلك الحقنا بذراري النبي صلي الله عليه و آله و سلم من قبل امنا فاطمة، ازيدك يا اميرالمؤمنين؟ قال: هات.

قلت: قول الله عزوجل: (فمن حاجك فيه من بعدما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين) [11] و لم يدع أحد أنه أدخله النبي صلي الله عليه و آله و سلم تحت الكساء عند مباهلة النصاري الا علي بن أبي طالب عليه السلام، و فاطمة، و الحسن و الحسين: أبناءنا الحسن والحسين، و نساءنا فاطمة، و أنفسنا علي



[ صفحه 112]



بن أبي طالب عليه السلام علي أن العلماء قد أجمعوا علي أن جبرائيل قال يوم أحد: «يا محمد ان هذه لهي المواساة من علي»: «لأنه مني و أنا منه».

فقال جبرائيل: «و أنا منكما يا رسول الله» ثم قال: «لا سيف الا ذوالفقار و لا فتي الا علي» فكان كما مدح الله عزوجل به خليله عليه السلام اذ يقول: (قالوا سمعنا فتي يذكرهم يقال له ابراهيم) [12] انا نفتخر بقول جبرائيل أنه منا. فقال: أحسنت يا موسي! ارفع الينا حوائجك.

فقلت له: ان أول حاجة لي أن تأذن لابن عمك أن يرجع الي حرم جده و الي عياله. فقال: ننظر ان شاءالله.

284- و روي أن المأمون قال لقومه: أتدرون من علمني التشيع؟ فقال القوم: لا والله ما نعلم ذلك.

قال: علمنيه الرشيد! قيل له: و كيف ذلك. و الرشيد يقتل اهل البيت؟!

قال: كان الرشيد يقتلهم علي الملك، لأن الملك عقيم، ثم قال: انه دخل موسي بن جعفر عليه السلام علي الرشيد يوما فقام اليه، و استقبله و أجلسه في الصدر و قعد بين يديه، و جري بينهما أشياء. ثم قال موسي بن جعفر عليه السلام لأبي: يا اميرالمؤمنين ان الله عزوجل قد فرض علي الولاة عهده: أن ينعشوا فقراء هذه الأمة، و يقضوا عن الغارمين، و يؤدوا عن المثقل، و يكسوا العاري، و يحسنوا الي العاني، و أنت أولي من يفعل ذلك. فقال: أفعل يا أباالحسن.

ثم قال فقام الرشيد لقيامه. و قبل بين عينيه و وجهه ثم أقبل علي



[ صفحه 113]



و علي الأمين و المؤتمن فقال: يا عبدالله! و يا محمد! و يا ابراهيم! امشوا بين يدي ابن عمكم و سيدكم، خذوا بركابه و سووا عليه ثيابه و شيعوه الي منزله، فأقبل الي أبوالحسن موسي بن جعفر عليه السلام سرا بيني و بينه فبشرني بالخلافة، و قال لي: «اذا ملكت هذا الأمر فأحسن الي ولدي».

ثم انصرفنا و كنت أجرا ولد أبي عليه، فلما خلا المجلس قلت:

يا أميرالمؤمنين و من هذا الرجل الذي أعظمته و أجللته، و قمت من مجلسك اليه فاستقبلته و أقعدته في صدر المجلس و جلست دونه، ثم أمرتنا بأخذ الركاب له؟ قال: هذا امام الناس و حجة الله علي خلقه، و خليفته علي عباده.

فقلت: يا اميرالمؤمنين أو ليست هذه الصفات كلها لك و فيك؟ فقال: أنا امام الجماعة في الظاهر بالغلبة و القهر، و موسي بن جعفر امام حق، و الله يا بني انه لا حق بمقام رسول الله مني و من الخلق جميعا، و والله لو نازعتني في هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك، لأن الملك عقيم.

فلما أراد الرحيل من المدينة الي مكة أمر بصرة سوداء فيها مائتا دينار ثم أقبل علي الفضل فقال له: اذهب الي موسي بن جعفر و قل له: يقول لك اميرالمؤمنين: نحن في ضيقة و سيأتيك برنا بعد هذا الوقت.

فقمت في وجهه فقلت: يا اميرالمؤمنين! تعطي أبناء المهاجرين و الأنصار و سائر قريش و بني هاشم و من لا تعرف حسبه و نسبه: خمسة آلاف دينار الي ما دونها و تعطي موسي بن جعفر و قد عظمته و أجللته مائتي دينار، و أخس عطية أعطيتها أحدا من الناس؟

فقال: اسكت لا ام لك! فاني لو أعطيته هذا ما ضمنته له، ما كنت آمنه أن يضرب وجهي غدا بمائة الف سيف من شيعته و مواليه، و فقر هذا



[ صفحه 114]



و أهل بيته أسلم لي و لكم من بسط أيديهم و اغنائهم.

285- و قيل: و لما دخل هارون الرشيد المدينة توجه لزيارة النبي صلي الله عليه و آله و سلم و معه الناس، فقدم الي قبر النبي صلي الله عليه و آله و سلم فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا ابن العم، مفتخرا بذلك علي غيره.

فتقدم أبوالحسن موسي بن جعفر الي القبر فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبه. فتغير وجه الرشيد و تبين الغيظ فيه.

286- و روي: عن أبي الحسن موسي بن جعفر الكاظم عليه السلام أنه قال: لما سمعت هذا البيت - و هو لمروان ابن أبي حفصة -:



أني يكون و لا يكون و لم يكن

لبني البنات وراثة الأعمام



دار في ذلك ليلتي فنمت تلك الليلة فسمعت هاتفا في منامي يقول:



أني يكون و لا يكون و لم يكن

للمشركين دعائم الاسلام



لبني البنات نصيبهم من جدهم

و العم متروك بغير سهام



ما للطليق و للتراث و انما

سجد الطليق مخافة الصمصام



و بقي ابن نثلة واقفا متلددا

فيه و يمنعه ذوو الأرحام



ان ابن فاطمة المنوه باسمه

حاز التراث سوي بني الأعمام



287- و سأل محمد بن الحسن أباالحسن موسي عليه السلام - بمحضر من الرشيد و هم بمكة - فقال له: أيجوز للمحرم أن يظلل عليه محمله؟ فقال له موسي «ع»: لا يجوز له ذلك مع الاختيار.

فقال له محمد بن الحسن: أفيجوز أن يمشي تحت الظلال مختارا.

فقال له: نعم.

فتضاحك محمد بن الحسن من ذلك. فقال له أبوالحسن موسي عليه السلام أتعجب من سنة النبي و تستهزي ء بها ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم



[ صفحه 115]



كشف ظلاله في احرامه، و مشي تحت الظلال و هو محرم، ان أحكام الله تعالي يا محمد لا تقاس، فمن قاس بعضها علي بعض فقد ضل عن السبيل. فسكت محمد بن الحسن لا يرجع جوابا.

288- و قد جري لأبي يوسف مع أبي الحسن موسي صلوات الله عليه بمحضر المهدي ما يقرب من ذلك، و هو: أن موسي عليه السلام سأل أبايوسف عن مسألة ليس فيها عنده شي ء، فقال لأبي الحسن موسي عليه السلام: اني اريد أن أسألك عن شي ء. قال: هات.

فقال: ما تقول في التظليل للمحرم؟ قال: لا يصلح.

فقال: فيضرب الخباء في الأرض فيدخل فيه؟ قال:نعم.

قال: فما فرق بين هذا و ذلك؟

قال أبوالحسن موسي عليه السلام: ما تقول في (الطامث) تقضي الصلاة؟ قال: لا. قال: تقضي الصوم؟ قال: نعم، قال: و لم؟ قال: ان هذا كذا جاء.

قال أبوالحسن عليه السلام. و كذلك هذا.

قال المهدي لأبي يوسف: ما أراك صنعت شيئا! قال: يا اميرالمؤمنين رماني بحجة.



[ صفحه 116]




پاورقي

[1] النجم: 9-8.

[2] مريم: 59.

[3] الانعام: 85 - 84.

[4] آل عمران: 61.

[5] الانفال: 70.

[6] الانفال: 72.

[7] الانفال: 72.

[8] الانفال: 72.

[9] الانعام: 38.

[10] الانعام: 84 و 85.

[11] آل عمران: 67.

[12] الأنبياء: 60.