بازگشت

المقدمة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله ربّ العالمين وصلّي الله علي محمّد وآل محمّد واللعن علي أعدائهم.

بدأ نجم الأمويين بالاُفول عام 132 للهجرة. حين ذاك كان الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليه السلام يبلغ الخامسة من عمره الشّريف. وقد اتّقدت في نفوس النّاس جذوة من الأمل في أن يتصدّي لزعامة المسلمين من بإمكانه تبيين الإسلام الحقيقي. لكن سرعان ما تبدّد الأمل، فخطب أبو جعفر الدوانيقي - من العباسيّين - بالنّاس في يوم عرفة من العام 137 للهجرة، وبيّن في خطابه أهداف المستقبل، وما علي النّاس القيام به من أجل ذلك، وقال:

أيّها النّاس، إنّ بكم داء هذا دواؤه (مشيراً إلي السّيف)، وأنا زعيم لكم بشفائه، فليَعتبر عبد قبل أن يُعتبر به.

وضاعف من الظلم والاضطهاد خاصّة بحقّ العلويّين.

كان الإمام عليه السلام في العاشرة من عمره مازال ينهل من فيض علوم والده الإمام الصادق عليه السلام ومعارفه، وقد أصبح بيته مركزاً ومأوي لحلّ مشاكل المسلمين الّذين كانوا يقصدونه من قريب وبعيد، وحتّي من أقاصي البلاد.

تقلّد موسي بن جعفرعليه السلام الإمامة عام 148 للهجرة بعد شهادة الإمام الصادق عليه السلام، فكان يبلغ العشرين وقد توفّرت فيه كافّة شروط الإمامة، فأودعه أبوه هذه الأمانة الجسيمة.

كان هارون الرّشيد يري نفسه ولي أمر المسلمين، وكان يتفاخر بقرابته من رسول الله صلي الله عليه وآله، ويجعلها مبرّراً لاستيلائه علي السّلطة. خاطب القبر الشّريف للرسول صلي الله عليه وآله يوماً حين زيارته له علي مرأي من النّاس وقال:

السّلام عليك يا رسول الله، السّلام عليك يابن عمّ.

دني الإمام من القبر مبدّداً مكر هارون، وقابل القبر وقال:

السَّلامُ عَلَيكَ يا رَسولَ اللهِ، السَّلامُ عَليكَ يا أبَتِ.

تغيّر لون هارون الرشيد حنقاً وغضباً [1] وأمر بالقبض علي موسي بن جعفرعليه السلام [2] ، ونقله من سجن إلي سجن معذّباً، حتّي أمر بقتله نهاية المطاف.

نظراً للظروف الزّمانية والمكانية الّتي عاشها الإمام الكاظم عليه السلام يجدر الالتفات إلي نقطتين:

1 - كان من الضّروري إيجاد طريقة لاتّصال النّاس بالإمام. فكان من الصّعب الوصول إليه لما كان يعيشه من ظروف الإبعاد والحجز. وفي نفس الوقت كان زعيماً وقائداً للمسلمين وعليه حلّ المشاكل ورفع الشّبهات، فكانت المراسلة أحد الطرق التي اعتمدت للتواصل مع الإمام، وكانت هذه المراسلات مستقيمة تارة وعن طريق وكلاء الإمام تارة اُخري.

يسعي هذا الكتاب لتبيين هذه المراسلات، وقد جمعها في ثماني فصول، وهي بشكل مجمل: الفصل الأوّل: في التّوحيد، الفصل الثّاني: في الإمامة، الفصل الثّالث: مكاتيب فقهية، الفصل الرّابع: في المواعظ، الفصل الخامس: في الدّعاء، الفصل السّادس: في فضائل بعض الأصحاب، الفصل السّابع: في وصاياه عليه السلام، الفصل الثامّن: في اُمور شتّي.

2 - كثرة استخدام لفظ «أبي الحسن» للإمام الكاظم عليه السلام وبعده، أي اشتراك عدد من الأئمة في هذه الكنية والملابسات الّتي تحصل جراء ذلك، تستدعي الانتباه وإيجاد قواعد من شأنها التّمييز في الأمر.

مما يمكننا جعله قرينة لمعرفة المراد بأبي الحسن، معرفة الرّاوي الّذي يرد اسمه قبل المعصوم، وهذا ما أشرنا إليه. وقد جئنا بشرح مبسوط حول بعض من هؤلاء الأشخاص، وإن كان من المفيد أيضاً الإلتفات إلي القرائن التاريخية أو مضمون الروايات لرفع هذا الالتباس.

وقد احتوي مكاتيب الكاظم عليه السلام علي ثمانيّة فصول:

أولاً: في التوحيد.

ثانياً: في الإمامة.

ثالثاً: في المكاتيب الفقهية.

رابعاً: في المواعظ.

خامساً: في الدّعاء.

سادساً: في فضائل بعض الأصحاب.

سابعاً: في وصاياه عليه السلام.

ثامناً: في اُمور شتّي.

وفي الختام، نرجو من الله تعالي أن يوفّقنا للقيام ولو بخطوات متواضعة لإحياء ثقافة أهل البيت عليهم السلام الأصيلة. وما توفيقي إلّا بالله، عليه توكّلت وإليه أنيب.


پاورقي

[1] راجع: الإرشاد: ج 2 ص 234؛ المناقب لابن شهر آشوب: ج 3 ص 434.

[2] راجع: المناقب لابن شهر آشوب: ج 3 ص 434.