بازگشت

كتابه إلي علي بن يقطين، مناظراته مع خلفاء الجور


روي عبد الله بن إدريس، عن ابن سنان، قال: حمل الرّشيد في بعض الأيّام إلي عليّ بن يقطين ثياباً أكرمه بها، وكان في جُملتها دُرّاعة خزّ سوداء من لباس الملوك مثقلة بالذّهب، فأنفذ عليّ بن يقطين جُلّ تلك الثّياب إلي موسي بن جعفر، وأنفذ في جملتها تلك الدُّرّاعة، وأضاف إليها مالاً كان عنده علي رسم له فيما يحمله إليه من خمس ماله.

فلمّا وصل ذلك إلي أبي الحسن عليه السلام قَبِلَ المال والثّياب، وردّ الدُّرّاعة علي يد الرّسول إلي عليّ بن يقطين وكتب إليه:

احتَفِظ بِها، وَلا تُخرِجها عَن يَدِكَ، فَسَيَكونُ لَكَ بِها شَأنٌ تَحتاجُ إلَيها مَعَهُ.

فارتاب عليّ بن يقطين بردّها عليه، ولم يدر ما سبب ذلك، واحتفظ بالدُّرّاعة. فَلَمّا كان بعد أيّام تغيّر عليّ بن يقطين علي غلام كان يختصّ به فصرفه عن خدمته، وكان الغلام يعرف ميل عليّ بن يقطين إلي أبي الحسن موسي عليه السلام، ويقف علي ما يحمله إليه في كلّ وقت من مال وثياب وألطاف وغير ذلك، فسعي به إلي الرّشيد فقال: إنّه يقول: بإمامة موسي بن جعفر، ويحمل إليه خمس ماله في كُلّ سنة، وقد حمل إليه الدُّرّاعة الّتي أكرمه بها أمير المؤمنين في وقت كذا وكذا. فاستشاط الرّشيد لذلك، وغضب غضباً شديداً. وقال: لأكشفنّ عن هذه الحال، فإن كان الأمر كما تقول أزهقت نفسه. وأنفذ في الوقت بإحضار عليّ بن يقطين، فلمّا مثل بين يديه قال له: ما فعلت الدّراعة الّتي كسوتك بها؟ قال: هي يا أمير المؤمنين عندي في سفط مختوم فيه طيب، قد احتفظت بها، قلّما أصبحت إلّا وفتحت السّفط ونظرت إليها تبرّكاً بها وقبّلتها ورددتها إلي موضعها، وكلّما أمسيت صنعت بها مثل ذلك.

فقال: أحضرها السّاعة، قال: نعم يا أمير المؤمنين. واستدعي بعض خدمه فقال له: إمض إلي البيت الفلاني من داري، فخذ مفتاحه من خازنتي وافتحه، ثُمَّ افتح الصّندوق الفلاني فجئني بالسّفط الّذي فيه بختمه. فلم يلبث الغلام أن جاء بالسّفط مختوماً، فوضع بين يدي الرّشيد فأمر بكسر ختمه وفتحه. فلمّا فتح نظر إلي الدّراعة فيه بحالها، مطويّة مدفونة في الطّيب، فسكن الرّشيد من غضبه، ثُمَّ قال لعليّ بن يقطين: ارددها إلي مكانها وانصرف راشداً، فلن اُصدّق عليك بعدها ساعياً. وأمر أن يُتبع بجائزة سنيّة، وتقدّم بضرب السّاعي به ألف سوط، فضرب نحو خمسمئة سوط فمات في ذلك. [1] .


پاورقي

[1] الإرشاد: ج2 ص225، المناقب لابن شهر آشوب: ج4 ص289، كشف الغمّة: ج2 ص224، بحار الأنوار: ج48 ص137.