بازگشت

كتابه إلي علي بن سويد، في السؤال عن مسائل كثيرة


عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن محمّد بن منصور الخزاعيّ، عن عليّ بن سويد ومحمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمّه حمزة بن بزيع، عن عليّ بن سويد، والحسن بن محمّد، عن محمّد بن أحمد النّهديّ، عن إسماعيل بن مهران، عن محمّد بن منصور، عن عليّ بن سويد [1] ، قال: كتبت إلي أبي الحسن موسي عليه السلام وهو في الحبس كتاباً، أسأله عن حاله وعن مسائل كثيرة.

فاحتبس الجواب عليّ أشهراً، ثمّ أجابني بجواب هذه نسخته:

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحَمدُ للَّهِِ العَلِيِّ العَظيمِ، الَّذي بِعَظَمَتِهِ وَنورِهِ أبصَرَ قُلوبَ المُؤمِنينَ، وَبِعَظَمَتِهِ وَنورِهِ عاداهُ الجاهِلونَ، وَبِعَظَمَتِهِ وَنورِهِ ابتَغي مَن فِي السَّماواتِ وَمَن فِي الأرضِ إلَيهِ الوَسيلَةَ بِالأَعمالِ المُختَلِفَةِ، وَالأديانِ المُتَضادَّةِ، فَمُصيبٌ وَمُخطِئٌ، وَضالٌّ وَمُهتَدٍ، وَسَميعٌ وَأَصَمُّ، وَبَصيرٌ وَأَعمي حَيرانُ، فَالحَمدُ للَّهِِ الَّذي عَرَّفَ وَوَصَفَ دينَهُ مُحَمَّدٌصلي الله عليه وآله.

أمّا بَعدُ: فَإِنَّكَ امرُؤ أنزلَكَ اللهُ من آلِ مُحَمَّدٍ بِمَنزِلَةٍ خاصَّةٍ، وَحَفِظَ مَوَدَّةَ ما استَرعاكَ مِن دينِهِ، وَما ألهَمَكَ مِن رُشدِكَ، وبَصَّرَكَ مِن أمرِ دينِكَ بِتَفضيلِكَ إيّاهُم وَبِرَدِّكَ الاُمورَ إلَيهِم.

كَتَبتَ تَسأَلُني عَن اُمورٍ كُنتَ مِنها في تَقِيَّةٍ، وَمِن كِتمانِها في سَعَةٍ فَلَمّا انقَضي سُلطانُ الجَبابِرَةِ وَجاءَ سُلطانُ ذِي السُّلطانِ العَظيم بِفِراقِ الدُّنيا المَذمومَةِ إلي أهلِها العُتاةِ علي خالِقِهِم، رَأَيتُ أن اُفسِّرَ لَكَ ما سَأَلتَني عَنهُ مَخافَةَ أن يَدخُلَ الحيرَةُ علي ضُعفاءِ شيعَتِنا مِن قِبَلِ جَهالَتِهِم، فَاتَّقِ اللهَ عَزَّ ذِكرُهُ وَخُصَّ لِذلِكَ الأَمرِ أهلَهُ وَاحذَر أن تَكونَ سَبَبَ بَلِيَّةٍ عَلَي الأَوصياءِ، أو حارِشاً عَلَيهِم بِإِفشاءِ ما استَودَعتُكَ، وَإِظهارِ ما استَكتَمتُكَ وَلَن تَفعَلَ إن شاءَ اللهُ.

إنَّ أوَّلَ ما اُنهي إلَيكَ أنّي أنعي إلَيكَ نَفسي في لَيالِيَّ هذهِ غَيرَ جازِعٍ وَلا نادِمٍ وَلا شاكٍّ فيما هُوَ كائِنٌ مِمّا قَد قَضَي اللهُ، وَحَتَمَ فاستَمسِك بِعُروَةِ الدّينِ آلِ مُحَمَّدٍ، وَالعُروَةِ الوُثقي الوَصِيِّ بَعدَ الوَصِيِّ وَالمُسالَمَةِ لَهُم وَالرِّضا بِما قالوا، وَلا تَلتَمِس دينَ مَن لَيس مِن شيعَتِكَ، وَلا تُحِبَّنَّ دينَهُم، فَإِنَّهُم، الخائِنونَ، الَّذينَ خانوا اللهَ وَرَسولَهُ، وَخانوا أماناتِهِم، وَتَدري ما خانوا أماناتِهِم؟ ائتُمِنوا علي كِتابِ اللهِ فَحَرَّفوهُ وَبَدَّلوهُ، وَدَلّوا علي وُلاةِ الأَمرِ مِنهُم، فَانصَرَفوا عَنهُم فَأَذاقَهُم اللهُ لِباسَ الجوعِ وَالخَوفِ بِما كانوا يَصنَعونَ.

وَسَأَلتَ عَن رَجُلَينِ اغتَصَبا رَجُلاً مالاً كانَ يُنفِقُهُ عَلَي الفُقَراءِ وَالمَساكينِ، وَأبناءِ السَّبيلِ، وَفي سَبيلِ اللهِ، فَلَمّا اغتَصَباهُ ذلِكَ لَم يَرضَيا، حَيثُ غَصَباهُ حتّي حَمَّلاهُ إيّاهُ كُرهاً فَوقَ رَقَبَتِهِ إلي مَنازِلِهِما، فَلَمّا أحرزاهُ تَوَلّيا إنفاقَهُ أيَبلُغانِ بِذِلِكَ كُفراً؟ فَلَعَمري لَقَد نافَقا قَبلَ ذلِكَ، وَرَدّا عَلَي اللهِ كَلامَهُ وَهَزِئا بِرَسولِهِ صلي الله عليه وآله وَهُما الكافِرانِ عَلَيهِما لَعنَةُ اللهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنّاسِ أجمَعينَ، وَاللهِ ما دَخَلَ قَلبَ أحَدٍ مِنهُما شَي ءٌ مِنَ الإِيمانِ مُنذُ خُروجِهِما مِن حالَتَيهِما، وَما ازدادا إلّا شَكّاً، كانا خَدّاعَينِ مُرتابَينِ مُنافِقَينِ حَتّي تَوَفتهما مَلائِكَةِ العَذابِ إلي مَحَلِّ الخِزيِ في دارِ المُقامِ.

وَسَأَلتَ عَمَّن حَضَرَ ذلِكَ الرَّجُلَ وَهُوَ يُغصَبُ مالُهُ وَيوضَعُ علي رَقَبَتِهِ، مِنهُم عارِفٌ وَمُنكِرٌ، فَاُولئِكَ أهلُ الرِّدَّةِ الاُولي مِن هذهِ الاُمَّةِ، فَعَلَيهِم لَعنَةُ اللهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاس أجمَعينَ.

وَسَأَلتَ عَن مَبلَغِ عِلمِنا، وَهُوَ علي ثَلاثَةِ وُجوهٍ: ماضٍ وَغابِرٍ وَحادِثٍ، فَأمّا الماضي فَمُفَسَّرٌ، وَأمّا الغابِرُ فَمَزبورٌ، وأَمَّا الحادِثُ فَقُذِفَ فِي القُلوبِ، وَنَقَرَ في الأَسماعِ، وَهُوَ أفضَلُ عِلمِنا، وَلا نَبِيَّ بَعدَ نَبِيِّنا مُحَمَّدٍصلي الله عليه وآله.

وَسَأَلتَ عَن اُمَّهاتِ أولادِهِم، وَعَن نِكاحِهِم، وَعَن طَلاقِهِم، فَأَمّا اُمّهاتُ أولادِهِم فَهُنَّ عَواهِرُ إلي يَومِ القِيامَةِ، نِكاحٌ بِغَيرِ وَلِيٍّ، وَطَلاقٌ في غَيرِ عِدَّةٍ، وَأمّا مَن دَخَلَ في دَعوَتِنا فَقَد هَدَمَ إيمانُهُ ضلالَهُ، وَيَقينُهُ شَكَّهُ.

وَسَأَلتَ عَنِ الزَّكاةِ فيهِم، فَما كانَ مِنَ الزَّكاةِ فَأَنتُم أحَقُّ بِهِ؛ لِأَنّا قَد أحلَلنا ذلِكَ لَكُم، مَن كانَ مِنكُم وَأَينَ كانَ.

وَسَأَلتَ عَنِ الضُّعَفاءِ، فَالضَّعيفُ مَن لَم يُرفَع إلَيهِ حُجَّةٌ، وَلَم يَعرِفِ الاختِلافَ، فَإِذا عَرَفَ الاِختِلافَ فَلَيسَ بِضَعيفٍ.

وَسَأَلتَ عَنِ الشَّهاداتِ لَهُم فَأَقِمِ الشَّهادَةَ للَّهِِ، وَلَو علي نَفسِكَ وَالوالِدَينِ وَالأَقرَبينَ، فيما بَينَكَ وَبَينَهُم فَإِن خِفتَ علي أخيكَ ضَيماً فَلا، وَادعُ إلي شَرائِطِ اللهِ عَزَّ ذِكرُهُ بِمَعرِفَتِنا مَن رَجَوتَ إجابَتَهُ، وَلا تَحَصّنَ بِحِصِنِ رِياءٍ، وَوالِ آلَ مُحَمَّدٍ، وَلا تَقُل لِما بَلَغَكَ عَنّا وَنُسِبَ إلَينا: هذا باطِلٌ، وَإن كُنتَ تَعرِفُ مِنّا خِلافَهُ، فَإِنَّكَ لا تَدري لِما قُلناهُ، وَعلي أيِّ وَجهٍ وَصَفناهُ.

آمِن بِما اُخبَرَكَ، وَلا تُفشِ ما استَكتَمناكَ مِن خَبَرِكَ، إنّ مِن واجِبِ حَقِّ أخيكَ أن لاتَكتُمَهُ شَيئاً تَنفَعُهُ بِهِ لِأَمرِ دُنياهُ وَآخِرَتِهِ، وَلاتَحقِد عَلَيهِ، وَإن أساءَ، وَأَجِب دَعوَتَهُ إذا دَعاكَ، وَلاتُخَلِّ بَينَهُ وَبَينَ عَدُوِّهِ مِنَ النّاسِ، وَإن كانَ أقرَبَ إلَيهِ مِنكَ، وَعُدهُ في مَرضِهِ.

لَيسَ مِن أخلاقِ المُؤمِنينَ الغِشُّ وَلا الأذي، وَلا الخِيانَةُ وَلا الكِبرُ، وَلا الخَنا وَلا الفُحشُ، وَلا الأمرُ بِهِ، فَإِذا رَأيتَ المُشَوَّهَ الأَعرابِيَّ في جَحفَلٍ جَرّارٍ فَانتَظِر فَرَجَكَ وَلِشيعَتِكَ المُؤمِنينَ، وَإِذا انكَسَفَتِ الشَّمسُ فَارفَع بَصَرَكَ إلَي السَّماءِ وَانظُر ما فَعَلَ اللهُ بالمُجرِمينَ، فَقَد فَسَّرتُ لَكَ جُمَلاً مُجمِلاً، وَصَلَّي اللهُ علي مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الأَخيارِ. [2] .


پاورقي

[1] عليّ بن سُوَيْد السّائي

ينسب إلي قرية قريبة من المدينة يقال لها السّاية. روي عن أبي الحسن موسي عليه السلام. وقيل: إنّه روي عن أبي عبد الله عليه السلام وليس أعلم، روي رسالة أبي الحسن موسي عليه السلام إليه. أخبرنا أحمد بن عبد الواحد قال: حدّثنا عليّ بن حبشي بن قونيّ قال: حدّثنا عبّاس بن محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمّه حمزة بن بزيع عن عليّ بن سويد، قال: كتب إليّ أبو الحسن موسي عليه السلام بهذه الرّسالة. (راجع: رجال النّجاشي: ج2 ص111 الرّقم722).

وفي الفهرست: عليّ بن سويد السّائيّ له كتاب. رويناه بالإسناد الأوّل عن حميد عن أحمد بن زيد الخزاعيّ، عن عليّ بن سويد.(الرّقم 404). وفي رجال الطّوسي: عدّه من أصحاب الإمام الرّضاعليه السلام وقال: ثقة. (الرّقم 5320). وفي رجال البرقي: عليّ بن سويد الشّيبانيّ، وعدّه من أصحاب الكاظم والرّضا عليهما السلام.(ص48 و54).

[2] الكافي: ج8 ص124ح95وراجع: الكافي: ج7ص381ح3، تهذيب الأحكام: ج6ص276ح757، رجال الكشّي: ج2 ص753 ح859، بحار الأنوار: ج48 ص244 وج52 ص265 وراجع: قرب الإسناد: ص333 ح 1235.