بازگشت

كتابه إلي يحيي بن عبد الله بن الحسن: ما يفصل به بين دعوي المحق والمبطل في أمر ال


كتابه إلي يحيي بن عبد الله بن الحسن: ما يفصل به بين دعوي المحق والمبطل في أمر الإمامة
عبد الله بن إبراهيم الجعفري قال: كتب يحيي بن عبد الله بن الحسن [1] إلي موسي بن جعفرعليه السلام:

أمّا بعد فإنّي اُوصي نفسي بِتَقوي اللهِ وَبِها اُوصيكَ، فَإِنَّها وصيّة الله في الأوّلين، ووصيّته في الآخرين، خبّرني من ورد عليَّ من أعوان الله علي دينه ونشر طاعته بما كان من تحنّنك مع خذلانك، وقد شاورت في الدّعوة للرّضا من آل محمّدصلي الله عليه وآله، وقد احتجبتها واحتجبها أبوك من قبلك، وقديماً ادّعيتم ما ليس لكم، وبسطتم آمالكم إلي ما لم يُعطكم الله، فاستهويتم وأضللتم، وأنا محذّرك ما حذّرك الله من نفسه.

فكتب إليه أبو الحسن موسي بن جعفرعليه السلام:

مِن موسي بنِ أبي عَبدِ اللهِ جَعفَرٍ وَعَلِيٍّ مُشتَرِكَينِ في التَّذَلُلِ للَّهِِ وطاعَتِهِ إلي يَحيي بنِ عَبدِ اللهِ بن حَسَنٍ، أمّا بعد؛ فَإنّي اُحَذِّرُكَ اللهَ وَنَفسي، واُعلِمُكَ أليمَ عَذابِهِ وَشَديدَ عِقابِهِ وَتَكامُلَ نَقِماتِهِ، واُوصيكَ وَنَفسي بِتَقوي اللهِ؛ فَإنَّها زَينُ الكَلامِ وَتَثبيتُ النِّعَمِ، أتاني كِتابُكَ تَذكُرُ فيهِ أنِّي مُدَّعٍ وَأَبي مِن قَبلُ، وَما سَمِعتَ ذلِكَ مِنِّي، وَسَتُكتَبُ شَهادَتُهُم وَيُسألونَ. وَلَم يَدع حِرصُ الدُّنيا وَمَطالِبِها لِأَهلِها مَطلَباً لِآخِرَتِهِم حَتّي يُفسِدَ عَلَيهِم مَطلَبَ آخِرَتِهِم في دُنياهُم، وَذَكَرتَ أنّي ثَبّطتُ النّاسَ عَنكَ لِرَغبَتي فيما في يَدَيكَ، وَما مَنَعَني مِن مُدخَلِكَ الّذي أنتَ فيهِ - لَو كُنتُ راغِباً - ضَعفٌ عَن سُنَّةٍ وَلا قِلَّةُ بَصيرَةٍ بِحُجَّةٍ، وَلكِنَّ اللهَ تَبارَكَ وَتَعالي خَلَقَ النّاسَ أمشاجاً وَغرائِبَ وَغَرائِزَ، فَأخبِرني عَن حَرفَينِ أسألُكَ عَنهُما: ما العترفُ في بَدَنِكَ؟ وَما الصَّهلَجُ [2] في الإنسانِ؟ ثُمَّ اكتُب إلَيَّ بِخَبَرِ ذلِكَ وَأنا مُتَقَدِّمٌ إلَيكَ اُحذِّرُكَ مَعصِيَةَ الخَليفَةِ وَأحثُّكَ علي بِرِّهِ وَطاعَتِهِ، وَأن تَطلُبَ لِنَفسِكَ أماناً قَبلَ أن تَأخُذَكَ الأظفارُ وَيَلزَمُكَ الخِناقُ مِن كُلِّ مَكانٍ، فَتَروحُ إلي النَّفَسِ مِن كُلِّ مَكانٍ وَلا تَجِدُهُ حَتّي يَمُنَّ اللهُ عَليكَ بِمَنِّهِ وَفَضلِهِ وَرِقَّةِ الخَليفَةِ أبقاهُ اللهُ، فَيُؤمِنُكَ وَيَرحَمُكَ وَيحفَظُ فيكَ أرحامَ رَسولِ اللهِ وَالسَّلامُ علي مَنِ اتَّبَعَ الهُدي، إنّا قَد اُوحِيَ إلَينا أنَّ العَذابَ علي مَن كَذَّبَ وَتَوَلّي.

قالَ الجَعفَريُّ: فَبَلَغَني أنَّ كِتابَ موسي بنَ جَعفَرٍعليه السلام وَقَعَ في يَدَي هارونَ، فَلَمّا قَرَأهُ قالَ: النّاسُ يَحمِلوني علي موسي بنِ جَعفَرٍ وَهُوَ بَري ءٌ مِمّا يُرمي بِهِ. [3] .


پاورقي

[1] يحيي بن عبد الله بن الحسن

يحيي بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، الهاشميّ المدنيّ، صاحب الدّيلم، من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام (راجع: رجال الطّوسي: الرّقم 4785، رجال ابن داوود: الرّقم1673). روي عن أبي عبد الله وموسي بن جعفر عليهما السلام، وروي عنه الحسن بن محبوب.(راجع: معجم رجال الحديث: ج20 ص62 الرّقم13541). وقال سيّد جمال الدّين أحمد بن عليّ الحسني: يحيي صاحب الديلم بن عبد الله المحض بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام ويقال له الابتثي (الأثلثي): وكان يحيي قد هرب إلي بلاد الدّيلم وظهر هناك واجتمع عليه النّاس وبايعه أهل تلك الأعمال، وعظم أمره وقلق الرّشيد لذلك وأهمّه وانزعج منه غاية الانزعاج، فكتب إلي الفضل بن يحيي البرمكيّ: أنّ يحيي بن عبد الله قذاة في عيني فاعطه ما شاء واكفني أمره، فسار إليه الفضل في جيش كثيف وأرسل إليه بالفرق والتّحذير والتّرغيب والتّرهيب، فرغب يحيي في الأمان، فكتب له الفضل أماناً مؤكّداً وأخذ يحيي وجاء به إلي الرّشيد، فيقال: إنّه صار إلي الدّيلم مستجيراً فابتاعه صاحب الدّيلم من الفضل بن يحيي بثمانية الآف درهم ومضي يحيي إلي المدينة فأقام بها إلي أن سعي به عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزّبير إلي الرّشيد، فقال له: إنّ يحيي بن عبد الله أرادني علي البيعة له. فجمع الرّشيد بينهما بعد أن استقدم يحيي من المدينة - إلي أن قال - ثمّ إنّ الرّشيد صبراً أيّاماً وطلب يحيي واعتقل عليه فأحضر يحيي أمانه فأخذه الرّشيد وسلمه إلي أبي يوسف القاضي فقرأه وقال: هذا الأمان صحيح لا حيلة فيه. فاخذه أبو البختري من يده وقرأه ثمّ قال: هذا أمان فاسد من جهة كذا وكذا. وأخذ يذكر شبهاً فقال له الرّشيد: فخرقه فأخذ السّكين فخرقه ويده ترعد حتّي جعله سيوراً. وأمر بيحيي إلي السّجن فمكث فيه أيّاماً ثمّ أحضره وأحضر القضاة والشّهود ليشهدوا علي أنّه صحيح لا بأس به ويحيي ساكت لا يتكلّم، فقال له بعضهم: ما لك لا تتكلّم؟ فأومي إلي فيه أنّه لا يطيق الكلام، فأخرج لسانه وقد اسودّ، فقال الرّشيد: هو ذا يوهمكم أنّه مسموم. ثمّ أعاده إلي السّجن فلم يعرف بعد ذلك خبره...(عمدة الطّالب: ص151).

[2] العترف والصهلج: كأنّهما عضوان غير معروفين عند الأطبّاء، ولعلّ السؤال عنهما من باب التعجيز.

[3] الكافي: ج1 ص366 ح19، بحار الأنوار: ج48 ص165.