بازگشت

رواية علي بن أبي حمزة


عليّ بن أبي حمزة [1] قال: كنت معتكفاً في مسجد الكوفة إذ جاءني أبو جعفرالأحول [2] بكتاب مختوم من أبي الحسن عليه السلام فقرأت كتابه فإذا فيه:

إذا قَرَأتَ كِتابِيَ الصَّغيرَ الّذي في جَوفِ كِتابِيَ المَختومِ فَاحرُزهُ حَتّي أطلُبَهُ مِنكَ.

فأخذ عليّ الكتاب فأدخله بيت بزّه في صندوق مقفّل، في جوف قمطر، في جوف حقّ، مقفّل، وباب البيت مقفّل ومفاتيح هذه الأقفال في حجرته، فإذا كان اللّيل فهي تحت رأسه وليس يدخل بيت البزّ غيره، فلمّا حضر الموسم خرج إلي مكّة وأفاد بجميع ما كتب إليه من حوائجه، فلمّا دخل عليه قال له العبد الصّالح: يا عليّ؛ ما فعلت بالكتاب الصّغير الّذي كتبت إليك فيه أن احتفظ به فحكيته، قال: إذا نظرت إلي الكتاب أليس تعرفه قلت: بلي، قال: فرفع مصلّي تحته فإذا هو قد أخرجه إليّ، فقال: احتفظ به، فلو تعلم ما فيه لضاق صدرك، قال: فرجعت إلي الكوفة والكتاب معي فأخرجته من دروز جيبي عند إبطي، فكان الكتاب حياة عليّ في جيبه فلمّا مات عليّ قال محمّد وحسن ابناه: فلم يكن لنا همّ إلّا الكتاب ففقدناه، فعلمنا إنّ الكتاب قد صار إليه. [3] .

وفي دلائل الإمامة: روي أبو حمزة، عن أبيه، قال: كنت في مسجد الكوفة معتكفاً في شهر رمضان، في العشر الأواخر، إذ جاءني حبيب الأحوال بكتاب مختوم من أبي الحسن عليه السلام قدر أربع أصابع، فقرأته، فكان في كتابه: إذا قَرَأتَ الكِتابَ الصَّغيرَ المَختومَ، الّذي في جَوفِ كِتابِكَ، فَاحرُزهُ حتّي أطلُبَهُ مِنكَ. قال: فأخذت الكتاب وأدخلته بيت بزي [4] ، فجعلته في جوف صندوق مقفل، في جوف قمطر [5] مقفل، وبيت البُزّ مقفل، ومفاتيحُ هذه الأقفال في حجرتي، فإذا كان اللّيل فهي تحت رأسي، وليس يدخل بيت بُزّي أحد غيري. فلمّا حضر الموسم خرجت إلي مكّة ومعي جميع ما كتب لي من حوائجه، فلمّا دخلت عليه قال: يا عليّ، ما فعل الكتاب الصّغير الّذي كتبت إليك، وقلت احتفظ به قلت: جعلت فداك، عندي. قال: أين؟ قلت: في بيت بُزّي، قد أحرزته، والبيت لا يدخله غيري. قال: يا عليّ، إذا نظرت إليه أليس تعرفه؟ قلت: بلي، والله، لو كان بين ألف كتاب لأخرجته. فرفع مصلّيً تحته فأخرجه إليّ، فقال: قلت: إنّ في البيت صندوق، في جوف قمطر مقفل، وفي جوف القمطر حُقّ مقفل، وهذه المفاتيح معي في حُجرتي بالنّهار، وتحت رأسي باللّيل. ثمّ قال: يا عليّ، احتفظ به، فلو تعلم ما فيه لضاق ذرعك. قلت: قد وصفت لك، فما أغني إحرازي. قال عليّ: فرجعت إلي الكوفة والكتاب معي محتفظ به في جُبّتي. فكان الكتاب مدّة حياة عليّ في جُبّته، فلمّا مات جئت أنا ومحمّد، فلم يكن لنا هم إلّا الكتاب، ففتقنا الجُبّة موقع الكتاب، فلم نجده، فعلمنا بعقولنا أنّ الكتاب قد صار إليه كما صار في المرّة الاُولي. [6] .


پاورقي

[1] عليّ بن أبي حمزة

عليّ بن أبي حمزة واسم أبي حمزة سالم البطائنيّ أبو الحسن، مولي الأنصار، كوفيّ، وكان قائد أبي بصير يحيي بن القاسم، وله أخ يسمّي جعفر بن أبي حمزة، روي عن أبي عبد الله وأبي الحسن موسي عليهماالسلام ثمّ وقف، وهو أحد عمد الواقفة. وصنّف كتباً عدّة منها: كتاب الصّلاة كتاب الزّكاة كتاب التّفسير وأكثره عن أبي بصير كتاب جامع في أبواب الفقه. أخبر محمّد بن جعفر النّحويّ في آخرين قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا محمّد بن عبد الله بن غالب قال: حدّثنا عليّ بن الحسن الطّاطريّ قال: حدّثنا محمّد بن زياد عنه. وأخبر محمّد بن عثمان بن الحسن قال: حدّثنا جعفر بن محمّد قال: حدّثنا عبيدالله بن أحمدبن نهيك أبو العبّاس النّخعيّ عن محمّد بن أبي عمير وأحمد بن الحسن الميثميّ جميعاً، عنه، بكتبه.(راجع: رجال النّجاشي: ج2 ص69 الرّقم 654، الفهرست: الرّقم 419، رجال الطّوسي: الرّقم3402 و5049).

وفي ذمّه وردت روايات كثيرة - مع أنّه يتوهّم أنّه رجع عن الوقف - وهنا يكتفي ببعضها:

عليّ بن أبي حمزة قال: قال أبو الحسن يعني الأوّل عليه السلام: يا عليّ أنت وأصحابك أشباه الحمير.

ومحمّد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت: جعلت فداك إنّي خلفت ابن أبي حمزة وابن مهران وابن أبي سعيد أشدّ أهل الدّنيا عداوة للَّه تعالي، قال: فقال: ما ضرّك من ضلّ إذا اهتديت، إنّهم كذّبوا رسول الله صلي الله عليه وآله، وكذّبوا أمير المؤمنين، وكذّبوا فلاناً وفلاناً، وكذّبوا جعفراً وموسي، ولي بآبائي عليهم السلام اُسوة. قلت: جعلت فداك إنّا نروي أنّك قلت لابن مهران أذهب الله نور قلبك، وأدخل الفقر بيتك، فقال: كيف حاله وحال بزّه؟ قلت: يا سيّدي، أشدّ حال هم مكروبون وببغداد لم يقدر الحسين أن يخرج إلي العمرة فسكت، وسمعته يقول في ابن أبي حمزة: أ ما استبان لكم كذبه؟ أ ليس هو الّذي يروي أنّ رأس المهديّ يهدي إلي عيسي بن موسي، وهو صاحب السّفيانيّ؟ وقال: إنّ أبا الحسن يعود إلي ثمانية أشهر؟

وقال يونس بن عبد الرّحمان: مات أبو الحسن عليه السلام وليس من قوّامه أحد إلّا وعنده المال الكثير، وكان ذلك سبب وقفهم وجهودهم موته، وكان عند عليّ بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار.

وقال أيضاً: دخلت علي الرّضاعليه السلام فقال لي: مات عليّ بن أبي حمزة؟ قلت: نعم. قال: قد دخل النّار، قال: ففزعت من ذلك، قال: أما إنّه سئل عن الإمام بعد موسي أبي فقال: لا أعرف إماماً بعده، فقيل: لا، فضرب في قبره ضربة اشتعل قبره ناراً.

وقال أحمد بن محمّد: وقف عليّ أبو الحسن عليه السلام في بني زريق فقال لي وهو رافع صوته: ياأحمد قلت: لبيك، قال: إنّه لمّا قبض رسول الله صلي الله عليه وآله جهد النّاس في إطفاء نور الله، فأبي الله إلّا أن يتمّ نوره بأمير المؤمنين عليه السلام، فلمّا توفي أبو الحسن عليه السلام جهد عليّ بن أبي حمزة وأصحابه في إطفاء نور الله، فأبي الله إلّا أن يتمّ نوره، وإنّ أهل الحقّ إذا دخل فيهم داخل سُرُّوا به، وإذا خرج منهم خارج لم يجزعوا عليه، وذلك أنّهم علي يقين من أمرهم، وإنّ أهل الباطل إذا دخل فيهم داخل سُرُّوا به، وإذا خرج منهم خارج جزعوا عليه، وذلك أنّهم علي شكّ من أمرهم، إنّ الله جلّ جلاله يقول: فمستقر ومستودع (الأنعام: 98) قال: ثمّ قال أبو عبد الله عليه السلام: المستقر الثّابت والمستودع المعاد.

وقال إسماعيل بن سهل: حدّثني بعض أصحابنا - وسألني أن أكتم اسمه - قال: كنت عند الرّضاعليه السلام فدخل عليه عليّ بن أبي حمزة وابن السّراج وابن المكاريّ فقال له ابن أبي حمزة: ما فعل أبوك؟ قال: مضي. قال: مضي موتاً؟ قال: نعم. قال: فقال: إلي من عهد؟ قال: إليّ قال: فأنت إمام مفترض طاعته من الله؟ قال: نعم. قال: ابن السّراج وابن المكاريّ قد والله أمكنك من نفسه قال: ويلك وبما أمكنت أ تريد أن آتي بغداد وأقول لهارون أنا إمام مفترض طاعتي، والله ما ذاك عليّ، وإنّما قلت ذلك لكم عند ما بلغني من اختلاف كلمتكم، وتشتُّت أمركم، لئلّا يصير سرّكم في يد عدوّكم. قال له ابن أبي حمزة: لقد أظهرت شيئاً ما كان يظهره أحد من آبائك ولا يتكلّم به، قال: بلي والله لقد تكلّم به خير آبائي رسول الله صلي الله عليه وآله لما أمر الله تعالي أن ينذر عشيرته الأقربين، جمع من أهل بيته أربعين رجلاً، وقال لهم: إنّي رسول الله إليكم وكان أشدّهم تكذيباً له، وتأليباً عليه عمّه أبو لهب، فقال لهم النّبيّ صلي الله عليه وآله: إن خدشني خدش فلست بنبيّ، فهذا أوّل ما أبدع لكم من آية النّبوّة. وأنا أقول إن خدشني هارون خدشاً فلست بإمام، فهذا ما أبدع لكم من آية الإمامة.

قال له عليّ: إنّا روينا عن آبائك أنّ الإمام لا يلي أمره إلّا إمام مثله؟ فقال له أبو الحسن عليه السلام: فأخبرني عن الحسين بن عليّ عليهماالسلام كان إماماأو كان غير إمام؟ قال: كان إماماً قال: فمن ولي أمره؟ قال: عليّ بن الحسين قال: وأين كان عليّ بن الحسين؟ قال: كان محبوساً بالكوفة في يد عبيد الله بن زياد قال: خرج وهم لا يعلمون حتّي ولي أمر أبيه ثمّ انصرف فقال له أبو الحسن عليه السلام: إنّ هذا أمكن عليّ بن الحسين عليهماالسلام أن يأتي كربلاء فيلي أمر أبيه فهو يمكن صاحب هذا الأمر أن يأتي بغداد فيلي أمر أبيه ثمّ ينصرف وليس في حبس ولا في إسار، قال له عليّ: إنّا روينا أنّ الإمام لا يمضي حتّي يري عقبه؟ قال: فقال أبو الحسن عليه السلام: أ ما رويتم في هذا الحديث غير هذا؟ قال: لا. قال: بلي والله لقد رويتم فيه إلّا القائم وأنتم لا تدرون ما معناه ولم؟ قيل: قال له عليّ: بلي والله إنّ هذا لفي الحديث، قال له ابو الحسن عليه السلام: ويلك كيف اجترأت عليّ بشي ء تدّع بعضه. ثمّ قال: يا شيخ اتّق الله ولا تكن من الصّادين عن دين الله تعالي.(راجع: رجال الكشّي: ج2 ح760 - 754 و837- 833 و883 و946).

[2] أبوجعفر الأحول

في مدحه قال الإمام الصّادق عليه السلام: أربعة أحبّ النّاس إليّ أحياءً وأمواتاً، بريد بن معاوية العجليّ، و زرارة بن أعين، و محمّد بن مسلم، و أبو جعفرالأحول، أحبّ النّاس إليّ أحياءً وأمواتاً.

ويونس بن عبد الرّحمان عن أبي جعفر الأحول قال: قال ابن أبي العوجاء مرّة: أ ليس من صنع شيئاً وأحدثه حتّي يعلم أنّه من صنعته فهو خالقه؟ قال: بلي، فأجّلني شهراً أو شهرين ثمّ تعال حتّي اُريك، قال: فحججت فدخلت علي أبي عبد الله عليه السلام، فقال: أما إنّه قد هيّأ لك شأنين وهو جاء به معه بعدة من أصحابه، ثمّ يخرج لك الشّانين قد امتلئا دوداً، ويقول لك هذا الدّود يحدث من فعلي فقل له: إن كان من صنعك وأنت أحدثته فميز ذكوره من الإناث! فقال: هذه والله ليست من إبزارك، هذه الّتي حملتها الإبل من الحجاز، ثمّ قال عليه السلام: ويقول لك أ ليس تزعم أنّه غني؟ فقل بلي، فيقول: أ يكون الغني عندك من المعقول في وقت من الأوقات ليس عنده ذهب ولا فضّة؟ فقل له: نعم. فإنّه سيقول لك: كيف يكون هذا غنيّاً؟ فقل له: إن كان الغنيّ عندك أن يكون الغنيّ غنيّاً من فضته وذهبه وتجارته فهذا كلّه ممّا يتعامل النّاس به، فأيّ القياس أكثر وأولي بأن يقال: غني، من أحدث الغني فأغني به النّاس قبل أن يكون شي ء وهو وحده؟ أو من أفاد مالاً من هبة أو صدقة أو تجارة؟ قال: فقلت له: ذلك قال: فقال: وهذه والله، ليست من إبزارك هذه والله ممّا تحملها الإبل. وقيل: إنّه دخل علي أبي حنيفة يوماً، فقال له أبو حنيفة: بلغني عنكم معشر الشيعة شي ء؟ فقال: فما هو؟ قال: بلغني أنّ الميّت منكم إذا مات كسرتم يده اليسري لكي يُعطي كتابه بيمينه، فقال: مكذوب علينا يا نُعمان، ولكنّي بلغني عنكم معشر المُرجئة أنّ الميّت منكم إذا مات قمعتم في دبره قمعاً فصببتم فيه جرّة من ماء لكي لا يعطش يوم القيامة، فقال أبو حنيفة: مكذوب علينا وعليكم. (راجع: رجال الكشّي: ج2 ص423 ح326 وح332).

[3] المناقب لابن شهر آشوب: ج4 ص304، بحار الأنوار: ج48 ص79.

[4] أي ثيابي (لسان العرب: بزز - ج5 ص311).

[5] هو ما تصان فيه الكتب (لسان العرب - قمطر - ج5 ص117).

[6] دلائل الإمامة: ص341 ح300.