بازگشت

كتابه إلي علي بن يقطين


روي محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضل [1] قال: إختلفت الرّواية من بين أصحابنا في مسح الرّجلين في الوضوء، أهو من الأصابع إلي الكعبين، أم من الكعبين إلي الأصابع؟

فكتب عليّ بن يقطين إلي أبي الحسن موسي عليه السلام: جعلت فداك، إنّ أصحابنا قد اختلفوا في مسح الرّجلين، فإن رأيت أن تكتب إليّ بخطّك ما يكون عملي بحسبه، فعلت إن شاء الله. فكتب إليه أبو الحسن عليه السلام:

فَهِمتُ ما ذَكَرتَ مِن الاختِلافِ في الوضوءِ، وَالّذي آمُرُكَ بِهِ في ذلِكَ أن تَتَمَضمَضَ ثَلاثاً، وَتَستَنشِقَ ثَلاثاً، وَتَغسِلَ وَجهَكَ ثَلاثاً، وَتُخلِّلَ شَعرَ لِحيَتِكَ وَتَغسِلَ يَدَكَ إلي المِرفَقَينِ ثَلاثاً وَتَمسَحَ رَأسَكَ كُلَّهُ، وَتَمسَحَ ظاهِرَ اُذُنَيكَ وَباطِنَهُما، وَتَغسِلَ رِجلَيكَ إلي الكَعبَينِ ثَلاثاً، وَلا تُخالِف ذلِكَ إلي غَيرِهِ.

فلمّا وصل الكتاب إلي عليّ بن يقطين، تعجّب ممّا رسم له فيه ممّا جميع العصابة علي خلافه، ثمّ قال: مولاي أعلم بما قال، وأنا ممتثل أمره، فكان يعمل في وضوئه علي هذا الحدّ، ويخالف ما عليه جميع الشيعة، امتثالاً لأمر أبي الحسن عليه السلام.

وسُعي بعليّ بن يقطين إلي الرّشيد وقيل له: إنّه رافضيّ مخالف لك، فقال الرّشيد لبعض خاصّته: قد كثر عندي القول في عليّ بن يقطين، والقرف [2] له بخلافنا، وميله إلي الرّفض، ولست أري في خدمته لي تقصيراً، وقد امتحنته مراراً، فما ظهرت منه علي ما يقرف به، واُحبّ أن أستبرئ أمره من حيث لا يشعر بذلك فيتحرّز منّي. فقيل له: إنّ الرّافضة - يا أمير المؤمنين - تخالف الجماعة في الوضوء فتُخفّفه، ولا تري غسل الرّجلين، فامتحنه من حيث لا يعلم بالوقوف علي وضوئه. فقال: أجل، إنّ هذا الوجه يظهر به أمره.

ثمّ تركه مدّة وناطه بشي ء من الشُّغل في الدّار حتّي دخل وقت الصّلاة، وكان عليّ بن يقطين يخلو في حجرة في الدّار لوضوئه وصلاته، فلمّا دخل وقت الصّلاة وقف الرّشيد من وراء حائط الحجرة بحيث يري عليّ بن يقطين ولايراه هو، فدعا بالماء للوضوء، فتمضمض ثلاثاً، واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه، وخلل شعر لحيته، وغسل يديه إلي المرفقين ثلاثاً، ومسح رأسه واُذنيه، وغسل رجليه، والرّشيد ينظر إليه، فلمّا رآه قد فعل ذلك لم يملك نفسه حتّي أشرف عليه بحيث يراه، ثمّ ناداه: كذب - يا عليّ بن يقطين - من زعم أنّك من الرّافضة. وصلحت حاله عنده. وورد عليه كتاب أبي الحسن عليه السلام:

ابتَدِئ مِنَ الآنَ يا عَلِيُّ بنُ يَقطينٍ، تَوَضَّأ كَما أمَرَ اللهُ، اغسِل وَجهَكَ مَرَّةً فَريضَةً واُخري إسباغاً، وَاغسِل يَدَيكَ مِنَ المِرفَقينِ كَذلِكَ، وَامسَح بِمُقدَّمِ رَأسِكَ وَظاهِرِ قَدَمَيكَ مِن فَضلِ نَداوَةِ وضوئِكَ، فَقَد زالَ ما كانَ يُخافُ عَلَيكَ، والسَّلامُ. [3] .

وفي رجال الكشي: محمّد بن مسعود، قال: حدّثني أبو عبد الله الحسين بن أشكيب، قال: أخبرنا بكر بن صالح الرّازيّ، عن إسماعيل بن عبّاد القصريّ قصر بن هبيرة، عن إسماعيل بن سلام [4] ، وفلان بن حميد [5] ، قالا، بعث إلينا عليّ بن يقطين، فقال: اشتريا راحلتين وتجنّبا الطّريق، ودفع إلينا مالاً وكتباً حتّي توصلا ما معكما من المال والكتب إلي أبي الحسن موسي عليه السلام ولا يعلم بكما أحد.

قالا: فأتينا الكوفة فاشترينا راحلتين وتزوّدنا زاداً وخرجنا نتجنَّبُ الطّريق حتّي إذا صرنا ببطن الرّمة شددنا راحلتنا، ووضعنا لهما العلف وقعدنا نأكل، فبينا نحن كذلك إذا راكب قد أقبل ومعه شاكريٌّ. فلمّا قرب منّا فإذا هو أبو الحسن موسي عليه السلام، فقمنا إليه وسلّمنا عليه ودفعنا إليه الكتب وما كان معنا فأخرج من كمّه كتباً فناولنا إيّاها، فقال: هَذِهِ جَواباتُ كُتُبِكُم.

قال، قلنا: إنّ زادنا قد فني، فلو أذنت لنا فدخلنا المدينة، فزرنا رسول الله صلي الله عليه وآله وتزودنا زاداً فقال: هاتا ما مَعَكُما مِنَ الزّادِ فأخرجنا الزّاد إليه فقلّبه بيده، فقال: هذا يُبَلِّغُكُما إلَي الكوفَةِ، وَأمَّا رَسولُ اللهِ صلي الله عليه وآله فَقَد رَأيتُماهُ، إنّي صَلَّيتُ مَعَهُم الفَجرَ، وَأنا اُريدُ أن اُصَلِّيَ مَعَهُم الظُّهرَ، انصَرِفا في حِفظِ اللهِ. [6] .

وفي كشف الغمّة: إنّ إسماعيل بن سالم [7] قال: بعث إليَّ عليّ بن يقطين، وإسماعيل بن أحمد [8] فقالا لي: خذ هذه الدّنانير فائت الكوفة فألق فلاناً فاستصحبه، واشتريا راحلتين وامضيا بالكتب وما معكما من مال، فادفعاه إلي موسي بن جعفر عليهما السلام، فسرنا حتّي إذا كنّا ببطن الرّملة وقد اشترينا علفاً ووضعناه بين الرّاحلتين وجلسنا نأكل فبينما نحن كذلك إذ طلع علينا موسي بن جعفر علي بغلة له، أو بغل، وخلفه شاكري فلمّا رأيناه وثبنا له وسلّمنا عليه.

فقال: هاتا ما مَعَكُما فأخرجناه ودفعناه إليه، وأخرجنا الكتب ودفعناها إليه، فأخرج كتباً من كُمِّهِ، فقالَ: هذهِ جَواباتُ كُتُبِكُم فَانصَرِفوا في حِفظِ اللهِ تَعالي. [9] .


پاورقي

[1] محمّد بن الفضل

محمّد بن الفضل من أصحاب أبي الحسن الثّالث عليه السلام (راجع: رجال الطّوسي: الرّقم 5767، رجال البرقي: ص60)، وروي الكليني بسنده، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الفضل، عن الرّضاعليه السلام (ج3 ص389 ح3)، محمّد بن الفضل مشترك بين جماعة، والتّمييز إنّما بالرّاوي والمروي عنه.

و محمّد بن الفضيل: فقد روي عن أبي عبد الله، وأبي الحسن، (أبي الحسن الأوّل، أبي الحسن الماضي، أبي الحسن موسي، والعبد الصّالح)، وأبي الحسن الرّضا، وأبي جعفر(أبي جعفر الثّاني، ومحمّد بن عليّ الرّضا) عليهم السلام، وعن أبي حمزة وأبي الصّباح الكنانيّ، وكثير من رواة اخر، وروي عنه: محمّد بن إسماعيل بن بزيع ومحمّد بن الحسين وعدّة اخري. (راجع: معجم رجال الحديث: ج17 ص134 الرّقم 11543 و11561).

[2] القرف: الاتهام. (الصحاح: ج4 ص1415).

[3] الإرشاد: ج2 ص227، المناقب لابن شهر آشوب: ج4 ص288، كشف الغمّة: ج2 ص225، بحار الأنوار: ج48 ص38 وص136 وص203 وج80 ص270، وسائل الشيعة: ج1 ص444 ح1173.

[4] إسماعيل بن سلام (سالم): روي معجزة عن أبي الحسن موسي عليه السلام، وروي عنه إسماعيل بن عبّاد القصريّ، ذكره الكشّي، في ترجمة عليّ بن يقطين وإخوته. (راجع: معجم رجال الحديث: ج3 ص138 الرّقم 1344 والرّقم 1338).

[5] فلان بن حميد: روي عن أبي عبد الله عليه السلام. وروي عنه ابن مياح. (الكافي: ج6 ص18 ح5 وراجع: معجم رجال الحديث: ج13 ص343 الرّقم 9447).

[6] رجال الكشّي: ج2 ص735 ح821، بحار الأنوار: ج48 ص34 ح5 نقلاً عنه.

[7] عدّه البرقي من أصحاب الصّادق عليه السلام، روي عنه ابن أبي عمير. (رجال البرقي: ص 28، معجم رجال الحديث: ج 3 ص 142 الرقم 1347).

[8] لم نجد له ترجمة في المصادر التي بأيدينا.

[9] كشف الغمّة: ج3 ص39، بحار الأنوار: ج48 ص32 و43.