بازگشت

رواية بكار القمي


المُعلّي بن محمّد عن بعض أصحابنا، عن بكّار القميّ [1] قال: حججت أربعين حجّة، فلمّا كان في آخرها اُصبت بنفقتي بجمع، فقدمت مكّة فأقمت حتّي يصدر النّاس، ثمّ قلت: أصير إلي المدينة، فأزور رسول الله صلي الله عليه وآله، وأنظر إلي سيّدي أبي الحسن موسي عليه السلام، وعسي أن أعمل عملاً بيدي فأجمع شيئاً فأستعين به علي طريقي إلي الكوفة.

فخرجت حتّي صرت إلي المدينة، فأتيت رسول الله صلي الله عليه وآله فسلّمت عليه، ثمّ جئت إلي المصلّي إلي الموضع الّذي يقوم فيه الفعلة، فقمت فيه رجاء أن يسبّب الله لي عملاً أعمله، فبينا أنا كذلك إذ أنا برجل قد أقبل فاجتمع حوله الفعلة فجئت فوقفت، معهم فذهب بجماعة فاتبعته، فقلت: يا عبد الله إنّي رجل غريب، فإن رأيت أن تذهب بي معهم فتستعملني.

فقال: أنت من أهل الكوفة؟ قلت: نعم. قال: إذهب. فانطلقت معه إلي دار كبيرة تبني جديدة، فعملت فيها أيّاماً، وكنّا لا نعطي من اُسبوع إلي اُسبوع إلّا يوماً واحداً، وكان العمّال لا يعملون، فقلت للوكيل: استعملني عليهم حتّي أستعملهم وأعمل معهم.

فقال: قد استعملتك. فكنت أعمل، وأستعملهم.

قال: فإنّي لو أقف ذات يوم علي السّلّم إذ نظرت إلي أبي الحسن موسي عليه السلام قد أقبل وأنا في السّلّم في الدّار، فدار في الدّار ثمّ رفع رأسه إليّ فقال: يا بَكَّارُ جِئتَنا. انزِل. فَنَزَلتُ. قال: فتنحّي ناحية، فقال لي: ما تَصنَعُ ها هُنا؟ فَقُلتُ: جُعِلتُ فِداكَ اُصِبتُ بِنَفَقَتي بِجَمعٍ، فَأَقَمتُ بِمَكَّةَ إلي أن صَدَرَ النّاسُ، ثُمَّ إنّي صِرتُ إلي المَدينَةِ فَأَتَيتُ المُصَلّي، فَقُلتُ: أطلُبُ عَمَلاً، فَبَينا أنا قائِمٌ إذ جاءَ وَكيلُكَ فَذهَبَ بِرِجالٍ فَسَألتُهُ أن يَستَعمِلَني كَما يَستَعمِلُهُم، فقال لي: قُم يَومَكَ هذا.

فَلَمّا كانَ مِن الغَدِ وَكانَ اليَومُ الّذي يُعطونَ فيهِ جاءَ [2] فَقَعَدَ عَلي البابِ، فَجَعَلَ يَدعو الوَكيلُ بِرَجُلٍ رَجُلٍ يُعطيهِ، فَكُلَّما ذَهَبتُ إلَيهِ أومَأ بِيَدِهِ إلَيَّ أنِ اقعُد. [3] حَتّي إذا كانَ في آخِرِهِم، قالَ لي: اُدنُ. فَدَنَوتُ فَدَفَعَ إلَيَّ صُرَّةً فيها خَمسَةَ عَشَرَ ديناراً، فَقالَ: خُذ، هذهِ نَفَقَتُكَ إلَي الكُوفَةِ.

ثمّ قال: اُخرج غداً. قلت: نعم جعلت فداك، ولم أستطع أن أردّه، ثُمّ ذهب وعاد إليّ الرّسول، فقال: قال أبو الحسن عليه السلام [4] : إئتِني غَداً قَبلَ أن تَذهَبَ. (فقلت: سمعاً وطاعةً).

فلمّا كان من الغد أتيته، فقال: اُخرج السّاعة حتّي تصير إلي فيد [5] فإنّك توافق قوماً يخرجون إلي الكوفة، وهاك هذا الكتاب فادفعه إلي عليّ بن أبي حمزة.

قال: فانطلقت، فلا والله ما تلقّاني خلق حتّي صرت إلي فيد، فإذا قوم قد تهيّأوا للخروج إلي الكوفة من الغد، فاشتريت بعيراً وصحبتهم إلي الكوفة فدخلتها ليلاً، فقلت: أصير إلي منزلي فأرقد ليلتي هذه ثمّ أغدو بكتاب مولاي إلي عليّ بن أبي حمزة، فأتيت منزلي فأخبرت أنّ اللّصوص دخلوا إلي حانوتي قبل قدومي بأيّام. فلمّا أن أصبحت صلّيت الفجر فبينا أنا جالس متفكّر فيما ذهب لي من حانوتي إذا أنا بقارع يقرع (عليّ) الباب، فخرجت فإذا (هو) عليّ بن أبي حمزة فعانقته وسلّم عليّ، ثمّ قال لي: يابكّار هات كتاب سيّدي. قلت: نعم، (وإنّني) قد كنت علي (عزم) المجي ء إليك السّاعة. قال: هات قد علمت أنّك قدمت ممسياً، فأخرجت الكتاب فدفعته إليه فأخذه وقبّله ووضعه علي عينيه وبكي، فقلت: مايبكيك؟

قال: شوقاً إلي سيّديّ. ففكّه وقرأه، ثمّ رفع رأسه (إليّ) وقال: يا بكّار دخل عليك اللّصوص؟ قلت: نعم. قال: فأخذوا ما كان في حانوتك؟ قلت: نعم.

قال: إنّ الله أخلفه عليك، قد أمرني مولاك ومولاي أن أخلف عليك ما ذهب منك. أعطاني أربعين ديناراً. قال: فقوّمت ما ذهب (منّي) فإذا قيمته أربعون ديناراً ففتح عليّ الكتاب فإذا فيه:

ادفَع إلي بَكّارٍ قيمَةَ ما ذَهَبَ مِن حانوتِهِ أربَعينَ ديناراً. [6] .

وراجع كتابه عليه السلام إلي جماعة من الشّيعة في قصّة أهل نيسابور وشطيطة، الكتاب105.


پاورقي

[1] ما وجدنا له ترجمة في كتب الرّجال التي بأيدينا.

[2] في نسخة: «ثمّ توجّه بالخروج، فعملت حتّي كان اليوم الّذي يعطون فيه الفعلة فجاء الوكيل»، وفي نسخة اُخري: «فعملت، فقال لي: «أقم يومك هذا حتّي كان اليوم الّذي يعطون فيه العملة فجاء الوكيل» بدل «فلمّا كان من الغد وكان اليوم الّذي يعطون فيه جاء».

[3] في البحار: «فكلّما ذهبت لأدنو قال لي بيده: كذا».

[4] وفي نسخة المصدر: «ثمّ ذهب وأتاني رسوله قال: إنّ أبا الحسن عليه السلام قال:...».

[5] فيد بالفتح، ثمّ السّكون، ودال مهملة: بليدة في نصف طريق مكّة من الكوفة. (مراصد الاطلاع: ج3 ص1049).

[6] الخرائج والجرائح: ج1 ص319 ح13، الثّاقب في المناقب: ص211 ح186، بحار الأنوار: ج48 ص62 ح82.