بازگشت

كتابه إلي فتح بن عبد الله: النهي عن التشبيه والتحديد


رواه محمّد بن الحسين، عن صالح بن حمزة، عن فتح بن عبد الله مولي بني هاشم [1] قال: كتبت إلي أبي إبراهيم عليه السلام أسأله عن شي ء من التّوحيد، فكتب إليّ بخطّه:

الحَمدُللهِِ المُلهِمِ عِبادَهُ حَمدَهُ - وذكره مثل ما رواه سهل بن زياد إلي قوله -: وَقَمَعَ وجودُهُ جَوائِلَ الأوهامِ - ثمّ زاد فيه -: أوَّلُ الدِّيانَةِ بِهِ مَعرِفَتُهُ، وَكَمالُ مَعرِفَتِهِ تَوحيدُهُ وَكَمالُ تَوحيدِهِ نَفيُ الصِّفاتِ عَنهُ، بِشَهادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أنَّها غَيرُ المَوصوفِ، وَشَهادَةِ المَوصوفِ أنَّهُ غَيرُ الصِّفَةِ، وَشَهادَتُهُما جَميعاً بِالتَّثنِيَةِ المُمتَنِعِ مِنهُ الأزَلُ [2] ، فمَن وَصَفَ اللهَ فَقَد حَدَّهُ وَمَن حَدَّهُ فَقَد عَدَّهُ، وَمَن عَدَّه فَقَد أبطَلَ أزَلَهُ، وَمَن قالَ: كَيفَ؟ فَقَدِ استَوصَفَهُ، وَمَن قالَ: فيمَ؟ فَقَد ضَمَّنَهُ، وَمَن قالَ عَلامَ؟ فَقَد جَهِلَهُ، وَمَن قالَ: أينَ؟ فَقَد أخلَي مِنهُ، وَمَن قالَ ما هُوَ؟ فَقَد نَعَتَهُ، وَمَن قالَ: إلامَ؟ فَقَد غاياهُ، عالِمٌ إذ لا مَعلومَ، وَخالِقٌ إذ لا مَخلوقَ، وَرَبٌّ إذ لا مَربوبَ، وَكَذلِكَ يُوصَفُ رَبُّنا، وَفَوقَ ما يَصِفُهُ الواصِفونَ. [3] .

وفي التّوحيد نقلاً عن الإمام الرّضاعليه السلام: حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد بن عمران الدّقاق رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفيّ، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكيّ، قال: حدّثني عليّ بن العبّاس، قال: حدّثني جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن فتح بن يزيد الجرجانيّ [4] ، قال: كتبت إلي أبي الحسن الرّضاعليه السلام أسأله عن شي ء من التّوحيد. فكتب إليّ بخطّه - قال جعفر: وإنّ فتحاً أخرج إليّ الكتاب فقرأته بخطّ أبي الحسن عليه السلام -:

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحَمدُ للَّهِِ المُلهِمِ عِبادَهُ الحَمدَ، وفاطِرِهِم عَلي مَعرِفَةِ رُبوبِيَّتِهِ، الدّالِ عَلي وجودِهِ بِخَلقِهِ، وَبِحُدوثِ خَلقِهِ علي أزَلِهِ، وَبِأشباهِهِم علي أن لا شِبهَ لَهُ، المُستَشهِدِ آياتِهِ علي قُدرَتِهِ، المُمتَنِعِ مِنَ الصِّفاتِ ذاتُهُ، وَمِنَ الأبصارِ رُؤيَتُهُ، وَمِنَ الأوهامِ الإحاطَةُ بِهِ، لا أمَدَ لِكَونِهِ، وَلاغايَةَ لِبَقائِهِ، لا يَشمُلُهُ المَشاعِرُ، وَلا يَحجُبُهُ الحِجابُ فالحِجابُ بَينَهُ وَبَينَ خَلقِهِ؛ لامتِناعِهِ مِمّا يُمكِنُ في ذَواتِهِم، وَالإمكانِ ذَواتِهِم مِمّا يَمتَنِعُ مِنهُ ذاتُهُ، ولافتِراقِ الصّانِعِ وَالمَصنوعِ، وَالرّبِّ وَالمَربوبِ، وَالحادِّ وَالمَحدودِ، أحَدٌ لا بِتأويلِ عَدَدٍ، الخالِقُ لا بِمَعني حَرَكَةٍ، السَّميعُ لا بِأداةٍ، البَصيرُ لا بِتَفريقِ آلَةٍ، الشّاهِدُ لابِمُماسَّةٍ، البائِنُ لا بِبَراحِ مَسافَةٍ، الباطِنُ لا باجتِنانٍ، الظّاهِرُ لا بِمُحاذٍ، الّذي قَد حُسِرَت دونَ كُنهِهِ نَواقِدُ الأبصارِ، وَامتَنَعَ وُجودُهُ جَوائل [5] الأوهامِ.

أوَلُّ الدِّيانَةِ مَعرِفَتُهُ، وَكَمالُ المَعرِفَةِ تَوحيدُهُ، وَكَمالُ التَّوحيدِ نَفيُ الصِّفاتِ عَنهُ، لِشهادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أنَّها غَيرُ المَوصوفِ، وَشَهادَةُ المَوصوفِ أنَّهُ غَيرُ الصِّفَةِ، وشَهادَتُهُما جَميعاً علي أنفُسِهِما بِالبَيِّنَةِ المُمتَنِعِ مِنها الأَزلُ، فَمَن وَصَفَ اللهَ فَقَد حَدَّهُ، وَمَن حَدَّهُ فَقَد عَدَّهُ، وَمَن عَدَّهُ فَقَد أبطَلَ أزَلَهُ، وَمَن قال: كَيفَ؟ فَقَدِ استَوصَفَهُ، وَمَن قالَ: عَلامَ؟ فَقَد حَمَلَهُ، وَمَن قالَ: أينَ؟ فَقَد أخلي مِنهُ، وَمَن قالَ: إلامَ؟ فَقَد وَقَّتَهُ، عالِمٌ إذ لا مَعلومَ، وَخالِقٌ إذ لا مَخلوقَ، وَرَبٌّ إذ لا مَربوبَ، وَإلهٌ إذ لا مألوهَ، وَكذلِكَ يُوصَفُ رَبُّنا، وَهُوَ فَوقَ ما يَصِفُهُ الواصِفونَ. [6] .

أقول: وذكر ما رواه سهل إشارة إلي الرّواية الّتي نقلها الكليني قبل هذه، هي:

عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن شباب الصّيرفيّ واسمه محمّد بن الوليد، عن عليّ بن سيف بن عميرة، قال: حدّثني إسماعيل بن قتيبة [7] ، قال: دخلت أنا وعيسي شلقان علي أبي عبد الله عليه السلام، فابتدأنا فقال:

عَجَباً لِأقوامٍ يَدَّعونَ علي أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ما لَم يَتَكَلَّم بِهِ قَطُّ، خَطَبَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام النّاسَ بِالكوفَةِ فَقالَ:

الحَمدُللهِ المُلهِمِ عِبادَهُ حَمدَهُ، وَفاطِرِهِم علي مَعرِفَةِ رُبوبِيَّتِهِ، الدَّالِّ علي وُجودِهِ بِخَلقِهِ، وَبِحُدوثِ خَلقِهِ علي أزلِهِ وَباشتِباهِهِم علي أن لا شِبهَ لَهُ، المُستَشهِدِ بِآياتِهِ علي قُدرَتِهِ المُمتَنِعَةِ مِنَ الصِّفاتِ ذاتُهُ، وَمِنَ الأبصارِ رُؤيَتُهُ، وَمِنَ الأوهامِ الإحاطَةُ بِهِ، لا أمَدَ لِكَونِهِ، وَلا غايَةَ لِبَقائِهِ، لا تَشمُلُهُ المَشاعِرُ، ولا تَحجُبُهُ الحُجُبُ، وَالحِجابُ بَينَهُ وَبَينَ خَلقِهِ خَلقُهُ إيّاهُم، لامتِناعِهِ مِمّا يُمكِنُ في ذَواتِهِم، وَلإمكانِ مِمّا [8] يَمتَنِعُ مِنهُ، وَلافتِراقِ الصَّانِعِ مِنَ المَصنوعِ، وَالحادِّ مِنَ المَحدودِ، وَالرَّبِّ مِنَ المَربوبِ، الواحِدُ بِلا تأويلِ عَدَدٍ وَالخالِقُ لا بِمَعني حَرَكَةٍ، وَالبَصيرُ لا بِأداةٍ، وَالسّميعُ لا بِتَفريقِ آلَةٍ، وَالشّاهِدُ لا بِمُماسَّةٍ، وَالباطِنُ لا بِاجتِنانٍ، وَالظّاهِرُ البائِنُ لا بِتراخي مَسافَةٍ أزلُهُ نَهيُهُ لِمَجاوِلِ الأفكارِ، وَدَوامُهُ رَدعٌ لِطامِحاتِ العُقولِ، قَد حَسَرَ كُنهُهُ نَوافِذَ الأبصارِ، وَقَمَعَ وُجودُهُ جَوائِلَ الأوهامِ. الحديث. [9] .


پاورقي

[1] لم نجد له ترجمة في المصادر التي بأيدينا.

[2] في هامش المصدر: «الممتنعة من الأزل» وهو الأنسب إلي المتن.

[3] الكافي: ج1 ص140 ح6، بحار الأنوار: ج57 ص166.

[4] الفتح بن يزيد أبو عبد الله الجرجانيّ، صاحب المسائل لأبي الحسن عليه السلام، عدّه الشيخ من أصحاب الهادي عليه السلام، وذكره ابن داوود في القسم الثاني وقال الرجل مجهول. (راجع رجال الطوسي: ص 390 الرقم 5741، رجال ابن داوود: ص 492 الرقم 377).

[5] كذا في المصدر، والصحيح: «عن جَوائِلِ الأوهام».

[6] التوحيد: ص56 ح14، بحار الأنوار: ج4 ص284 ح17 نقلاً عنه.

[7] إسماعيل بن قُتَيبة البصريّ، مجهول، عدّه من أصحاب الكاظم والرضا عليهما السلام، وروي عن أبي عبدالله عليه السلام. (راجع: رجال الطوسي: ص 353 الرقم 5230، خلاصة الأقوال: ص 316، رجال ابن داوود: القسم الثاني ص 427 الرقم 58).

[8] هكذا في المصدر، وفي الروايات الاُخري: «ولإمكان ذواتهم مما يمتنع منه ذاته» وهو الصحيح.

[9] الكافي: ج1 ص140 ح5.