بازگشت

فعل المعروف / قضاء حاجة المؤمن


من كتاب قضاء حقوق المؤمنين لأبي عليّ بن طاهر الصّوري، بإسناده عن رجل من أهل الرّي، قال: وُلّي علينا بعض كتّاب يحيي بن خالد [1] ، وكان عليّ بقايا يطالبني بها، وخفت من إلزامي إيّاها خروجاً عن نعمتي، وقيل لي: إنّه ينتحل هذا المذهب، فخفت أن أمضي إليه فلا يكون كذلك فأقع فيما لا اُحبّ، فاجتمع رأيي علي أنّي هربت إلي الله تعالي، وحججت ولقيت مولاي الصّابر - يعني موسي بن جعفرعليه السلام - فشكوت حالي إليه فأصحبني مكتوباً نسخته:

بسم الله الرّحمن الرّحيم

اعلَم أنَّ اللهَ تَحتَ عَرشِهِ ظِلّاً لا يَسكُنُهُ إلّا مَن أسدي إلي أخيهِ مَعروفاً، أو نَفَّسَ عَنهُ كُربَةً، أو أدخَلَ علي قَلبِهِ سُروراً، وَهذا أخوكَ وَالسَّلامُ.

قال: فعدت من الحجّ إلي بلدي، ومضيت إلي الرّجل ليلاً، واستأذنت عليه وقلت: رسول الصّابرعليه السلام فخرج إليّ حافياً ماشياً، ففتح لي بابه، وقبّلني وضمّني إليه، وجعل يقبّل بين عينيَّ، ويكرّر ذلك كلّما سألني عن رؤيته عليه السلام، وكلّما أخبرته بسلامته وصلاح أحواله استبشر وشكر الله، ثمّ أدخلني داره وصدّرني في مجلسه وجلس بين يدي، فأخرجت إليه كتابه عليه السلام، فقبَّله قائماً وقرأه ثمّ استدعي بماله وثيابه، فقاسمني ديناراً ديناراً، ودرهماً درهماً، وثوباً ثوباً، وأعطاني قيمة ما لم يمكن قسمته، وفي كلّ شي ء من ذلك يقول: يا أخي هل سررتك فأقول: إي والله، وزدت علي السّرور، ثمّ استدعي العمل فأسقط ما كان باسمي، وأعطاني براءة ممّا يتوجّه عليّ منه، وودّعته، وانصرفت عنه.

فقلت: لا أقدر علي مكافاة هذا الرّجل إلّا بأن أحجّ في قابل وأدعو له، وألقي الصّابرعليه السلام واُعرّفه فعله، ففعلت ولقيت مولاي الصّابرعليه السلام، وجعلت اُحدِّثه ووجهه يتهلّل فرحاً، فقلت: يا مولاي هل سرّك ذلك؟ فقال: إي وَاللهِ، لَقَد سَرَّني وَسَرَّ أميرَ المُؤمِنينَ، وَاللهِ لَقَد سَرَّ جَدّي رَسولَ اللهِ صلي الله عليه وآله، وَلَقَد سَرَّ اللهَ تَعالي. [2] .


پاورقي

[1] روي المفيد (قدّس سرّه) في الإرشاد: أنّ يحيي بن خالد خرج علي البريد حتّي وافي بغداد، فماج النّاس وأرجفوا بكلّ شي ء، وأظهر أنّه ورد لتعديل السّواد والنّظر في اُمور العمّال، وتشاغل ببعض ذلك أيّاماً، ثمّ دعا السّنديّ بن شاهك فأمره فيه بأمره فامتثله، وكان الّذي تولّي به السّنديّ قتله عليه السلام سمّاً جعله في طعام قدّمه إليه، ويقال إنّه جعله في رطب - الحديث - (الإرشاد: ج2 ص242).

و روي الصّدوق (قدّس سرّه) بسنده الصّحيح، عن صفوان بن يحيي، قال: لمّا مضي أبو الحسن موسي بن جعفرعليه السلام، وتكلّم الرّضاعليه السلام خفنا عليه من ذلك، فقلت له: إنّك قد أظهرت أمراً عظيماً، وإنّا نخاف من هذا الطّاغي، فقال: ليجهد جهده فلا سبيل له عليّ، قال صفوان: فأخبرنا الثّقة أنّ يحيي بن خالد قال للطّاغي: هذا عليّ ابنه قد قعد وادّعي الأمر لنفسه، فقال: ما يكفينا ما صنعنا بأبيه تريد أن نقتلهم جميعاً، ولقد كانت البرامكة مبغضين علي بيت رسول الله صلي الله عليه وآله مظهرين لهم العداوة.

وعن محمّد بن الفضيل، قال: لمّا كان في السّنة الّتي بطش هارون بآل برمك، بدا بجعفر بن يحيي، وحبس يحيي بن خالد، ونزل بالبرامكة ما نزل كان أبو الحسن عليه السلام، واقفاً بعرفة يدعو. ثمّ طأطأ رأسه فسئل عن ذلك، فقال: إنّي كنت أدعو الله تعالي علي البرامكة بما فعلوا بأبي عليه السلام، فاستجاب الله لي اليوم فيهم، فلمّا انصرف لم يلبث إلّا يسيراً حتّي بطش بجعفر ويحيي وتغيّرت أحوالهم.(راجع: عيون أخبار الرضا: ج1 ص246).

[2] بحار الأنوار: ج48 ص174 ح16 وج74 ص312 ح69، مستدرك الوسائل: ج13 ص132 ح14997 نقلاً عنه.