بازگشت

مع محمد المهدي


... ثم نطوي الصفحة الأولي - السوداء - من صفحات تاريخ العباسيين مع امامنا الكاظم عليه السلام، لنفتح صفحة عهد آخر كان له مساس حقيقي به، لأن الخليفة الجديد - المهدي - قد بدأ عهده بأسوأ مما انتهي به عهد سلفه.

و لنعطيك صورة عن تأسيس ذلك السلطان الغاشم علي أسس الحقد و خبث السريرة، نورد لك نموذجا حيا مما أجراه ذلك الخليفة الذي لم يعرف الهدي منذ مطلع عهده، فنضع بين يديك وقائع الجلسة الليلية التالية:

«انه لما بويع محمد المهدي، دعا حميد بن قحطبة نصف الليل و قال:

ان اخلاص أبيك و أخيك فينا أظهر من الشمس، و حالك عندي موقوف.

فقال: أفديك بالمال و النفس.

فقال: هذا لسائر الناس.

قال: أفديك بالروح، و الأهل، و المال، و الولد.

فلم يجب المهدي.

فقال: أفديك بالمال، و النفس، و الأهل و الولد، و الدين!.



[ صفحه 157]



فقال: لله درك.

فعاهده علي ذلك. و أمره بقتل الكاظم عليه السلام في السحر بغتة.

فنام - أي المهدي - فرأي عليا عليه السلام يشير اليه و يقرأ: (فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم (22)) [1] .

فانبته مذعورا، و نهي حميدا عما أمره، و أكرم الكاظم و وصله» [2] .

... و لم هذه العجلة يا أمير المفسدين بقتل الامام في أول أيام عهدك؟.

أفأنت تقدمه قربانا لله اذ تمت لك البيعة؟!.

و لم استحوذ عليك الشيطان من أول يوم؟...و لم لم تصبر الي الغد فطلبت هذا المارق السافل في الليل؟!.

فتصور كيف فاجأ هذا المتعدي علي حرمات الله عميله بقوله: و حالك عندي موقوف، ليري مدي استحواذ الشيطان عليه، و مقدار تضحياته بسبيل هذا العرش الظالم؛ فلم يرض منه أن يفديه بالمال و النفس و الولد، و سكت عند ذلك ليري حقيقة اخلاص هذا العتل الزنيم، ففداه ابن قحطبة بالدين!!! نعم، و للشيطان در هذا الجلف، ابن القحطبة!.

خليفة لرسول الله، يريد من الناس أن يبيعوا آخرتهم بدنياهم لينالوا رضاه... و يطلب من هذا الأرعن أن يستفتح له عهده بقتل امام الزمان!.

ثم تبايت هذا الخليفة الضال، و ذاك المرائي الجبان علي ارتكاب هذه الجريمة النكراء، فألقي الله تعالي كيدهما في نحرهما، حين يحبط علي



[ صفحه 158]



أميرالمؤمنين مكيدتهما و يصفع الخليفة الوقح بآي من القرآن الكريم قام من نومه عند سماعها ذعرا خائفا.

فيا قارئي الكريم، اسأل معي هذا القطحبة الذي هو كحمار المصطبة: لم يفدي هذا الخليفة بدينه؟!.

لقد فداه بالدين... و هو بلا دين.

واسمه حميد، ولكنه ذميم، و قراره الذي اتخذه أمام الخليفة لا ترتضيه الحمير.

أجل، هذه صفحة واحدة من الصفحات السود في تاريخ خلفاء للمسلمين، لم يرفضهم أحد من المسلمين، اذا استثنينا أئمتنا عليهم السلام و أتباعهم.

ثم ورد خبر احضار الامام عليه السلام، و محاولة قتله، في هذا العهد، هكذا:

«و لقد نقل عن الفضل بن الربيع، أنه أخبر عن أبيه - الوزير - أن محمد المهدي ابن المنصور، طلب موسي بن جعفر من المدينة الي بغداد، فحبسه. ففي بعض الليالي رأي المهدي في منامه علي بن أبي طالب عليه السلام، و هو يقول: (فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم (22)« [3] .

قال الربيع - الوزير -: فأرسل الي ليلا فراعني و خفت من ذلك. و جئت اليه و اذا هو يقرأ هذه الآية و كان أحسن الناس صوتا -، فقال: علي الآن بموسي بن جعفر.



[ صفحه 159]



فجئته به، فعانقه و أجلسه الي جانبه و قال: يا أباالحسن، رأيت أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في النوم، فقرأ علي كذا. فتؤمنني أن تخرج علي أو علي أحد من ولدي؟.

فقال: لا والله لا فعلت ذلك، و لا هو من شأني.

فقال: صدقت.. يا ربيع أعطه ثلاثة آلاف دينار، ورده الي أهله الي المدينة.

قال الربيع: فأحكمت أمره ليلا، فما أصبح الا و هو في الطريق خوف العوائق» [4] .

و روي الجنابذي هذا الخبر، و ذكر أنه وصله بعشرة آلاف دينار، ورده الي أهله» [5] .

فهل من لائم لي اذا قلت بسفاهة هؤلاء الخلفاء؟. و أنهم كانوا عمي البصائر، لا يميزون بين ما يجوز، و ما لا يجوز، من أجل ملك زائل لم يتنعموا به عشر معشار ما قاسوا من آلامه و ويلاته، و من عذاب الضمائر، لو كانت لهم ضمائر، لكن... قد حملوا آثامه و موبقاته... فبئس ما أوردوا أنفسهم من المهالك في الدنيا و في الآخرة، لما قنعوا بحمل أسماء جوفاء خلعوها و السيوف في رقابهم، مشهورة بأيديهم لا بأيدي من كانوا يعذبونهم ظلما و عدوانا.

لقد قتلوا كثيرين من بني علي... و مات أكثرهم قتلا بنفس السيوف.

و قتلوا بني عمومتهم... و قتلهم أبناؤهم، أو اخوانهم، أو قادتهم!.



[ صفحه 160]



و قتلوا غيرهم قتل شهادة... ثم ماتوا - هم - ميتة سوء!.

فتعسا لهم، و ضلت أعمالهم... و خسرت صفقتهم.

و هكذا، فقد «أقدم المهدي امامنا الي بغداد، ثم رده الي المدينة بعد سماع تلك الآية التي ردته عن عزمه علي قتله لا تورعا منه و لا خوفا من الله، بل لأن الامام كان مؤخرا في علم الله تعالي، اذ أقام أبوالحسن عليه السلام في المدينة الي أيام الرشيد الذي قدم المدينة فحمله معه، و حبسه ببغداد الي أن توفي فيها [6] كما رأيت سابقا - و لم يستقدمه المهدي الي بغداد الا ليقتله كما سمعت في قصة ابن قحطبة (الذي زيد في اسمه حرف الطاء) ولكن وسوسة ابليس، و مكر الخليفة التعيس، و مكر عميله الخسيس، داسها كلها أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، بنعله المخصوفة حين تراءي للمهدي في المنام و أطار لبه هلعا، و أفقده صوابه فزعا.

و من جميل صنع الله تعالي أن ورود أئمتنا عليهم السلام علي جبابرة تلك القصور، كان يوقع أولئك الجبابرة في مآزق لا مخارج لهم منها، اذ كان الأئمة عليهم السلام يقولون كلمة الحق في مجلس الظلم و الباطل، و يحتجون علي الحاكمين و عملائهم من القضاة و غيرهم بما لا جواب عندهم فيه، فيفضحون باطلهم و لا يجد الحاكمون حيلة للبطش بهم بسهولة، فتخرج فضائح الحكم و القضاء في الدين علي ألسنتهم الصادقة التي لا تعرف المراءاة و لا المداراة.

روي أحمد بن محمد،، ان أبي قتادة القمي، عن أبي خالد الزبالي قال:



[ صفحه 161]



قدم أبوالحسن، موسي، زبالة - مكان بطريق مكة من الكوفة - و معه جماعة من أصحاب المهدي - العباسي - بعثهم في اشخاصه القدمة الأولي.

قال: و أمرني بشراء حوائج له. فنظر الي و أنا مغموم فقال لي:

يا أباخالد، مالي أراك مغموما.

قلت: هوذا تصير الي هذا الطاغية، و لا آمنه عليك.

قال: يا أباخالد، ليس علي منه بأس. اذا كان شهر كذا و كذا، فانتظرني في أول الليل، فاني أوافيك ان شاءالله.

فما كانت لي همة الا احصاء الشهور و الأيام، حتي كان ذلك اليوم، فغدوت أول الليل الي المصر الذي وعدني. فلم أزل أنتظره حتي كادت الشمس أن تغيب. و وسوس الشيطان في صدري فلم أر أحدا، و خفت أن أشك، و وقع في نفسي أثر عظيم. فبينا أنا كذلك و اذا سواد قد أقبل من ناحية العراق. فانتظرته، فوافاني أبوالحسن أمام القطار - أي القافلة - علي بغلة له، فقال: ايه أباخالد!.

قلت: لبيك يابن رسول الله.

قال: لا تشكن؛ ود الشيطان أنك شككت.

قلت: قد كان ذلك.

فسررت بتخليصه فقلت: الحمدالله الذي خلصك من الطاغية.

فقال: يا أباخالد، ان لهم الي عودة لا أتخلص منها» [7] .

أولي لنا فأولي، ثم أولي لنا فأولي أن نقر بشأن هؤلاء الأئمة العظام



[ صفحه 162]



الذين يوقتون للشي ء قبل حدوثه. بالسنين، و بالشهور، و الأيام!. بل بالساعات من الليل أو النهار... ثم لا يخطئون في التوقيت مطلقا. و جدير بنا أن لا نمر بمثل هذه الحوادث الغريبة مرورا عابرا دون وقفة تأمل بحال مخلوقين من البشر يفجأون الناس في كل حين بما يميزهم عن البشر، و يرفعهم الي مراتب عالية لم ينلها الا الرسل و الأنبياء و الأصفياء؛ ثم نغض الطرف و لا ننظر اليهم بعمق لنقف علي شي ء من حقيقة أمرهم الرباني من حيث كرامة الله تعالي لهم و اكرامه.

فامامنا الكاظم عليه السلام، الذي أشخص مكرها من الحجاز الي العراق، وجي ء به تحت الحراسة العسكرية الشديدة، بأمر سلطان الزمان الغاشم الذي يخشي أن يغدر به و يقتله، أقول امامنا هذا - و في هذه الحال - يلتقي بأحد شيعته في زبالة، و يريح باله من الخوف عليه من بطش السلطان الجبار، ثم يضرب معه موعدا يحدده بالشهور، و بالأيام، ثم بالساعات من الليل، ليلتقي معه أثناء عودته سالما، في ذلك المكان، و كأنه هو عليه السلام يصرف الأمور، و كأن الأقدار تتصرف عن أمره!. ثم يدهش أكثر ما يدهش عودته في الموعد المضروب تماما، و يلاحظ علي صاحبه بأن الشيطان كاد يستزله دون أن يصرح بشي ء، ثم بقول بجزم: ان لهم الي عودة لا أتخلص منها.

عميت بصيرة من لا يراك اماما ملهما يا أباابراهيم!.

و عميت القلوب التي في صدور منكري امامتك، و جاحدي حقك الذي اختصك به ربك عزوجل!.

و هل كان معاصروك عميان أبصار. و قلوب... و بصائر... و مرضي نفوس؟!.

لا، ولكن (الشيطان سول لهم و أملي لهم (25)) [8] .



[ صفحه 163]



لقد خسروا لما زعموا أنهم يتمكنون من معرفة الله سبحانه عن طريق غيركم، و ضلوا لما عبدوه و لم يجعلوكم وسيلة بينهم و بينه لتقبل عبادتهم.

و أيم الحق ان قلوب بني العباس لمتحجرة انسانيا، و خالية من الايمان دينيا، و لقد أضلوا أشياعهم و أتباعهم؛ و الا فما معني أن يروا مثل هذه العجائب و الآيات ثم لا يعيرونها انتباها، بل يكذبون بها و يصرفون الناس عنها، و يرصدون كل اهتمامهم لاطفاء نور الله بأفواههم حين يحاربون أولياءه و نجباءه من علي منبر الاسلام و باسم جدهم الذي جاء بالاسلام من عند ربه عزوعلا.

ليت هؤلاء الأئمة الدين طهرهم الله من الرجس و اختصهم بما اختصهم به - ليتهم كانوا أئمة لغير المسلمين، و لغير العرب، و اذا لرأيت لهم تقديسا و تمجيدا و تحميدا...

فيوم قال النبي صلي الله عليه و اله و سلم:«ويل لولدي من ولد العباس» كان يعني ما يقول، و كان يلفت نظر المسلمين الي فراعنة حكم ينكلون بولده و لا يراعون فيهم قرابة و لا رحما... ولكن قوله ذاك، لم يردع بني العباس عما مارسوه من القسوة، و لم يردع أكثر المسلمين عن مشايعتهم علي محاربة أهل البيت عليهم السلام مع ما رأوا في ذلك من باطل و ظلم.

قال علي بن أسباط: «لما ورد أبوالحسن، موسي عليه السلام علي المهدي، - العباسي - رآه يرد المظالم.

فقال: يا أميرالمؤمنين، ما بال مظلمتنا لا ترد؟!.

فقال له: و ما ذاك يا أباالحسن؟.

قال: ان الله تبارك و تعالي، لما فتح علي نبيه صلي الله عليه و اله و سلم فدك و ما والاها،



[ صفحه 164]



لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب، فأنزل الله علي نبيه صلي الله عليه و اله و سلم: (وءات ذا القربي حقه) [9] فلم يدر رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم من هم. فراجع في ذلك جبرائيل، و راجع جبرئيل عليه السلام ربه، فأوحي الله اليه أن ادفع فدك الي فاطمة عليهم السلام.فدعاها رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم فقال لها: يا فاطمة ان الله أرمني أن أدفع اليك فدكا.

فقالت: قد قبلت يا رسول الله من الله و منك.

فلم يزل و كلاؤها فيها حياة رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم.

فلما ولي أبوبكر أخرج منها وكلاءها.

فأتته فسألته أن يردها عليها. فقال لها: ائتيني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك.

فجاءت بأميرالمؤمنين عليه السلام، و أم أيمن، فشهدا لها.

فكتب بترك التعرض.

فخرجت والكتاب معها. فلقيها عمر فقال: ما هذا معك يا بنت محمد؟.

قالت: كتاب كتبه لي ابن أبي قحافة.

قال: أرينيه.

فأبت. فانتزعه من يدها و نظر فيه. ثم تفل فيه و محاه، و خرقه. فقال لها: هذا لم يوجف عليه أبوك بخيل و لا ركاب، فضعي الحبال في رقابنا. - أي جرينا بالحبال الي أي حاكم أو علقي مشانقنا اذا قدرت -.

فقال المهدي: يا أباالحسن، حدها لي. - يعني بين حدودها -.



[ صفحه 165]



فقال: حد منها جبل أحد، وحد منها عريش مصر، وحد منها سيف البحر، وحد منها دومة الجندل.

فقال له: كل هذا؟.

قال: نعم، يا أميرالمؤمنين، هذا كله. ان هذا كله مما لم يوجف علي أهله رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم بخيل و لا ركاب.

فقال: كثير!. و أنظر فيه». [10] .

كثير، و تنظر فيه؟!. و لا تنفذه و أنت ترد المظالم الي أهلها؟.

لقد نظر فيه من هو أكبر منك، و أعطي صكا بثبوته. ثم انتزع الصك من الزهراء عليهاالسلام بدوافع سياسية ترمي الي اضعاف بني علي و فاطمة ماديا، و بسبيل محاربتهم معنويا، و ترمي - أيضا - الي ضرب كل ما أوصي به محمد صلي الله عليه و اله و سلم!. و قد كان المأمول منك يابن عباس أن تثأر لأبناء عمك لو كنت تعقل... ولكنك علي نفس الخط الهادف الي افقارهم و حربهم، و تبا للملك الذي يردي صاحبه في نار جهنم.

و بالنسبة لفدك ذكر الزمخشري في (ربيع الأبرار) ثم ذكر في كتاب (تاريخ الخلفاء) أن هارون الرشيد كان يقول لموسي بن جعفر: خذ فدكا حتي أردها اليك، فيأبي، حتي ألح عليه، فقال عليه السلام:

لا آخذها الا بحدودها.

قال: و ما حدودها؟.

قال: ان حددتها لم تردها.



[ صفحه 166]



قال: بحق جدك الا فعلت.

قال: أما الحد الأول فعدن.

فتغير وجه الرشيد و قال: ايها. - أي أنه يستزيد الحديث عن حدودها -.

قال: والحد الثاني سمرقند.

فاربد وجهه - أي صار أغبر -.

والحد الثالث أفريقية.

فاسود وجهه و قال: هيه!.

قال: و الرابع سيف البحر مما يلي الخزر و أرمينية.

قال الرشيد: فلم يبق لنا شي ء!. فتحول الي مجلسي. - أي تربع علي عرش الملك -.

قال موسي - عليه السلام -: قد أعلمتك أنني ان حددتها لم تردها.

فعند ذلك عزم علي قتله، واستكفي أمره» [11] .

و في رواية ابن أسباط أنه قال: أما الحد الأول فعرش مصر، و الثاني دومة الجندل، و الثالث أحد، و الرابع سيف البحر. - و هذا هو الصحيح -.

فقال: هذا كله؟!. هذه الدنيا.(و أدرك أن رد فدك يعني رد الأمر الي أصحابه...)

فقال: هذا كان في أيدي اليهود بعد موت أبي هالة، فأفاءه الله علي رسوله بلا خيل و لا ركاب، فأمره الله أن يدفعه الي فاطمة عليهاالسلام» [12] .



[ صفحه 167]



والتحديد الذي ورد في أول هذه الرواية لم أره في غيرها، و فدك معروفة الحدود في ذلك العصر، و في كل عصر، ولكنها تسلية أمراء المسلمين أثناء محاوراتهم التافهة... ولكن الذي كان غير معروف عند سائر الناس هو أن ينزو بنوأمية و بنوعباس علي منبر الاسلام، و هم من أشد الناس بعدا عن الاسلام و مروقا من الدين!.

«و قد جري لأبي يوسف - القاضي الفقيه في القصر - مع أبي الحسن، موسي صلوات الله عليه بمحضر المهدي، أن موسي عليه السلام سأل أبايوسف عن مسألة ليس فيها عنده شي ء.

فقال لأبي الحسن، موسي عليه السلام: اني أريد أن أسألك عن شي ء.

قال: هات.

قال: ما تقول في التظليل للمحرم؟.

قال: لا يصلح.

قال: فيضرب الخباء في الأرض فيدخل فيه؟.

قال: نعم.

قال: فما فرق بين هذا و ذلك؟!.

قال أبوالحسن، موسي عليه السلام: ما تقول في الطامث تقضي الصلاة؟

قال: لا.

قال: تقضي الصوم؟

قال: نعم.

قال: ولم؟!.



[ صفحه 168]



قال: ان هذا، كذا جاء.

قال أبوالحسن عليه السلام: و كذلك هذا.

فقال المهدي لأبي يوسف: ما أراك صنعت شيئا.

قال: يا أميرالمؤمنين، رماني بحجة». [13] .

و في مورد آخر ذكر في آخر الحديث أن الامام عليه السلام قال: «أتعجب من سنة النبي و تستهزي ء بها؟. ان رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم، كشف ظلاله في احرامه، و مشي تحت الظلال و هو محرم. ان أحكام الله تعالي لا تقاس، فمن قاس بعضها علي بعض فقد ضل سواء السبيل.

فسكت السائل لا يرجع جوابا». [14] .

و هكذا كان ديدن أئمتنا عليهم السلام مع قضاة العصر، و عملاء القصر، فكثيرا ما تعرض لهم الأئمة و ساءلوهم، فوقفوا حياري عن الجواب، و ضاعوا وضاع علفهم في تلك القصور، وذاب ورمهم و شحمهم حين الفشل الذريع الذي كانوا يقعون فيه.



[ صفحه 169]




پاورقي

[1] سورة محمد: 22.

[2] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 300.

[3] سورة محمد: 22.

[4] كشف الغمة ج 3 ص 3 و ينابيع المودة ج 3 ص 11 و ص 32 مكرر الي آخره، و هو في تذكرة الخواص ص 314-313.

[5] المصدر السابق.

[6] كشف الغمة ج 3 ص 9 و انظر تذكرة الخواص ص 314.

[7] كشف الغمة ج 3 ص 28 و المحجة البيضاء ج 4 ص 276- 275 و الكافي م 1 ص 477 و هو في مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 287 باختلاف يسير في بعض ألفاظه.

[8] سورة محمد: 25.

[9] سورة الاسراء: 26.

[10] الكافي م 1 ص 543.

[11] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 321-320 و تذكرة الخواص ص 314.

[12] المصدر السابق.

[13] الاحتجاج ج 2 ص 394 و مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 314-313.

[14] الاحتجاج ج 2 ص 394 ورد أن ذلك بمحضر الرشيد، و كذلك في كشف الغمة ج 3 ص 20 و الارشاد ص 279 و مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 314 و اعلام الوري ص 299.