بازگشت

دعاؤه علي ظالم له


دعا (ع) بهذا الدعاء الشريف في قنوته علي بعض ظالميه و اكبر الظن انه احد خلفاء العباسيين المعاصرين له الذين جرعوه انواع الغصص و الآلام و نحن نقدم نصه الكامل ليتضح منه ما قاساه الامام من طواغيت زمانه، «اللهم، اني و فلان ابن فلان، عبدان من عبيدك، نواصينا بيدك تعلم مستقرنا و مستودعنا و منقلبنا، و مثوانا، و سرنا، و علانيتنا تطلع علي نياتنا و تحيط بضمائرنا، علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه، و معرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نعلنه، و لا ينطوي عندك شي ء من أمورنا، و لا ينستر دونك حال من أحوالنا، و لا لنا منك معقل يحصننا، و لا حرز يحرزنا، و لا مهرب



[ صفحه 251]



لنا نفوتك به، و لا تمنع الظالم منك حصونه، و لا يجاهدك عنه جنوده، و لا يغالبك مغالب بمنعه، انت مدركه اينما سلك و قادر عليه اينما لجأ، فمعاذ المظلوم منابك، و توكل المقهور منا عليك، و رجوعه اليك، يستغيث بك اذا خذله المغيث، و يستصرخك اذا قعد عنه النصير، و يلوذ بك اذا نفته الافنية، و يطرق بابك اذا اغلقت عنه الابواب المرتجة، و يصل اليك اذا احتجبت عنه الملوك الغفلة، تعلم ما حل به من قبل أن يشكوه اليك، و تعرف ما يصلحه قبل أن يدعوك له، فلك الحمد بصيرا عليما لطيفا، اللهم، و انه قد كان في سابق علمك و محكم قضائك، و جاري قدرك، و نافذ امرك، و ماضي مشيئتك في خلقك أجمعين شقيهم و سعيدهم و برهم و فاجرهم ان جعلت «لفلان ابن فلان» علي قدرة فظلمني بها و بغي علي بمكانها و استطال و تعزز بسلطانه الذي خولته اياه، و تجبر و افتخر بعلو حاله الذي نولته، و غره املاؤك، و أطغاه حلمك عنه فقصدني بمكروه عجزت عن الصبر عليه، و تعمدني بشر ضعفت عن احتماله، و لم اقدر علي الاستنصاف منه لضعفي، و لا علي الانتصار لقلتي فوكلت أمره اليك، و توكلت في شأنه عليك، و توعدته بعقوبتك، و حذرته ببطشك، و خوفته بنقمتك، فظن ان حلمك عنه من ضعف، و حسب أن املاءك له من عجز، و لم تنهه واحدة عن اخري، و لا انزجر عن ثانية بأولي لكنه تمادي في غيه، و تتابع في ظلمه، ولج في عدوانه و استشري في طغيانه جرأة عليك يا سيدي و مولاي و تعرضا لسخطك الذي لا تحبسه عن الباغين، فها أنا يا سيدي مستضام تحت سلطانه مستذل بفنائه مبغي علي، وجل خائف، مروع مقهور قد قل صبري و ضاقت حيلتي، و تغلقت علي المذاهب الا اليك، وانسدت عني الجهات الا جهتك، والتبست علي اموري في دفع مكروهه واشتبهت علي الآراء في ازالة ظلمه، و خذلني من استنصرته من خلقك، واسلمني من تعلقت به



[ صفحه 252]



من عبادك، فاستشرت نصحي فأشار علي بالرغبة اليك، واسترشدت دليلي فلم يدلني الا اليك، فرجعت اليك يا مولاي صاغرا راغما مستكينا عالما انه لا فرج لي الا عندك، و لا خلاص لي الا بك انتجز وعدك في نصرتي و اجابة دعائي لأن قولك الحق الذي لا يرد و لا يبدل، و قد قلت تباركت و تعاليت «و من بغي عليه لينصرنه الله» و قلت جل ثناؤك، و تقدست أسماؤك: «ادعوني استجب لكم» فأنا فاعل ما امرتني به لا منا عليك، و كيف أمن به و انت دللتني عليه، فاستجب لي كما وعدتني يا من لا يخلف الميعاد و اني لأعلم يا سيدي ان لك يوما تنتقم فيه من الظالم للمظلوم، و أتيقن ان لك وقتا تأخذ فيه من الغاصب للمغصوب لأنه لا يسبقك معاند، و لا يخرج من قبضتك منابذ، و لا تخاف فوت فائت ولكن جزعي وهلعي لا يبلغان الصبر علي اناتك، و انتظار حلمك فقدرتك يا سيدي فوق كل قدرة، و سلطانك غالب كل سلطان، و معاد كل احد اليك و ان أمهلته، و رجوع كل ظالم اليك و ان انظرته، و قد أضرني - يا سيدي - حلمك عن (فلان) و طول اناتك له، و امهالك اياه، و يكاد القنوط ان يستولي علي، لولا الثقة بك، و اليقين بوعدك، فان كان في قضائك النافذ و قدرتك الماضية انه ينيب، او يتوب، او يرجع عن ظلمي و يكف عن مكروهي، و ينتقل عن عظيم ما ركب مني، فصل علي محمد و آله، و أوقع ذلك في قلبه قبل ازالة نعمتك التي أنعمت بها عليه، و تكدير معروفك الذي صنعته اليه، و ان كان علمك به غير ذلك من مقامه علي ظلمي، فاني أسألك يا ناصر المظلومين المبغي عليهم اجابة دعوتي فصل علي محمد و آله و خذه من مأمنه أخذ عزيز مقتدر وافجأه في غفلته مفاجاة مليك منتصر و اسلبه نعمته و سلطانه و افضض عنه جموعه و أعوانه و مزق ملكه كل ممزق، و فرق انصاره كل مفرق، و اعزله من نعمتك التي لم يقابلها بالشكر و الاحسان، و انزع عنه سربال عزك الذي لم يجازه بالاحسان، و اقصمه



[ صفحه 253]



يا قاصم الجبابرة، و اهلكه يا مهلك القرون الخالية، و ابره يا مبير الأمم الظالمة، واخذله يا خاذل الفرق الباغية، وابتر عمره، وابتز ملكه، وعف أثره، واقطع خبره، واطف ناره، واظلم ناره، و كور شمسه، و ازهق نفسه، و اهشم سوقه، وجب سنامه، و ارغم أنفه، و عجل حتفه و لا تدع له جنة الا هلكتها، و لا دعامة الا قصمتها، و لا كلمة مجتمعة الا فرقتها و لا قائمة علو الا وضعتها، و لا ركنا الا وهنته، و لا سببا الا قطعته، و أرنا انصاره و جنوده عبيدا بعد العزة، واجعلهم متفرقين بعد اجتماع الكلمة و مقنعي الرؤوس بعد الظهور علي الامة، واشف بزوال امره القلوب الوجلة و الأفئدة اللهيفة، و الأمة المتحيرة، والبرية الضايعة، واظهر بزواله الحدود المعطلة، و السنن الداثرة، و الأحكام المهملة، و المعالم المتغيرة، و الآيات المحرفة، و المدارس المهجورة، و المحاريب المجفوة، و المشاهد المهدومة، واشبع به الخماص السابغة، وارو به اللهوات اللاغبة و الأكباد الضامية، و أرح به الأقدام المتعبة، و اطرقه ببلية لا اخت لها، و بساعة لا مثوي فيها، و بنكبة لا انتعاش معها، و بعثرة لا اقالة منها، وابح حريمه، و نغص نعيمه، و أره بطشتك الكبري، و نقمتك المثلي، و قدرتك التي هي فوق قدرته، و سلطانك الذي هو أعز من سلطانه، و أغلبه لي بقوتك القوية، و محالك الشديد، وامنعني منه بمنعك، وابتله بفقر لا يجبره، و بسوء لا يستره، و كله الي نفسه فيما تريد انك فعال لما تريد، و ابره من حولك و قوتك، و كله الي حوله و قوته و ازل مكره بمكرك، وادفع مشيئته بمشيئتك، واسقم جسده، وايتم ولده و نقص اجله، و خيب امله، و ازل دولته، و اطل عولته، واجعل شغله في بدنه، و لا تفكه من حزنه، و صير كيده في ضلال و امره الي زوال و نعمته الي انتقال وجده في سفال و سلطانه في اضمحلال، و عاقبته الي شر مآل وامته بغيظه ان أمته، و ابقه بحسرته ان أبقيته، و قني شره و همزه و لمزه



[ صفحه 254]



و سطوته و عداوته، والمحه لمحة تدمر بها عليه، فانك اشد بأسا و أشد تنكيلا..» [1] .

و يلمس في هذا الدعاء الشريف مدي الخطوب الفادحة و الآلام المرهقة التي تلقاها الامام من خصمه، فانه لم يدع عليه بهذا الدعاء الا بعد أن ملأ قلبه بالحزن الشديد و الألم المرير.


پاورقي

[1] مهج الدعوات: (ص 67 - 72.).