بازگشت

التنكيل بأهل البيت


و كان الشي ء البارز في السياسة الأموية انها وجهت جميع أجهزتها الادارية و الاقتصادية و السياسية الي اضطهاد أهل البيت (ع) و التنكيل بهم و كان من مظاهر ذلك:

1- انها فرضت سبهم، و انتقاصهم علي جميع المسلمين، و جعلته فرضا دينيا يسألون عنه و يحاسبون عليه، فكان الخطيب يبدأ خطابه و يختمه بسب العترة الطاهرة التي هي عديلة القرآن الكريم، و بلغ الانحطاط الفكر و الاجتماعي أقصاه عند تلك السلطات الحاكمة، فكان الانتهازيون و باعة الضمير يتوصلون اليها بانتقاص عترة النبي (ص) و سبها، فقد روي المؤرخون ان شخصا ذميم المنظر جاء يشتد الي الحجاج و هو رافع عقيرته:

«أيها الامير ان أهلي عقوني فسموني عليا، و اني فقير بائس، و انا الي صلة الامير محتاج..».

فتضاحك الحجاج، و قال له:



[ صفحه 287]



(للطف ما توصلت به فقد وليتك موضح كذا..» [1] .

ان مناصب الدولة، و أموالها تمنح بغير حساب للادعياء و الاغبياء لأنهم ينتقصون أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.

و قد أثار ذلك كوامن الحقد و الغيظ في نفوس المؤمنين و المتحرجين في دينهم فاندفعوا الي اعلان سخطهم علي الأمويين، و كان من بينهم الشاعر الملهم كثير بن كثير فقد قال:



لعن الله من يسب عليا

و حسينا من سوقة و امام



أيسب المطهرون جدودا

و الكرام الأخوال و الأجداد



يأمن الطير و الحمام و لا

يأمن آل الرسول عند المقام



طبت بيتا و طاب اهلك أهلا

أهل بيت النبي و الاسلام



رحمة الله و السلام عليهم

كلما قام قائم بسلام [2] .



و صورت هذه الأبيات مدي الاستياء الشامل و الحزن العميق لانتقاص أهل البيت كما حكت أصدق الود و خالصه لهم.

2- واستخدمت السلطة التربية لمحاربة أهل البيت، و هي أخطر وسيلة اعتمدت عليها لدعم غرضها قد عهدت الي معلمي الكتاتيب أن يغذوا الاطفال بروح الكراهية و العداء لآل النبي (ص) و أن يمعنوا في غرس هذه النزعة الشريرة في نفوسهم من أجل أن ينشأ جيل حاقد علي آل البيت (ع) و كان ذلك من أفتك الوسائل و أكثرها خطرا علي الاسلام، فقد باعدت بين بعض المسلمين و بين عترة النبي (ص) التي فرض الله مودتها في محكم



[ صفحه 288]



كتابه، و لا تزال آثار هذه الظاهرة السيئة باقية حتي يوم الناس هذا.

3- انها أقامت لجان الوضع لتضع الحديث و تنمقه في مثالب أهل البيت، و تضع أحاديث المدح و الثناء للصحابة و بني أمية، و مما وضعوه، أن النبي (ص) قال «ان آل أبي طالب ليسوا لي بأولياء انما ولي الله» و روي أبوهريرة عميد هذه اللجنة أن الرسول (ص) قال: «ان اباطالب في ضحضاح من نار» و هو الذي اكثر من الرواية في كفر أبي طالب مؤمن قريش و حامي الاسلام و المنلفح عن رسول الله (ص) في احرج المواقف و اكثرها صعوبة، و سبب ذلك التقليل من أهميته و الحط من مآثره و مناقبه.

و علي أي حال فان السلطات الأموية قد عنت بلجان الوضع، و جهدت باذاعة أخبارها المفتعلة ضد أهل البيت (ع) و ذلك لتظليل الرأي العام و صرفه عن عترة رسول الله (ص) و ذريته.

4- و أمعن الأمويون في قتل العترة الطاهرة فقد امتدت ايديهم الأثيمة الي تلك النفوس الزكية التي أوجب الله ودها علي جميع المسلمين، فقد كان لهم ضلع كبير في اغتيال الامام اميرالمؤمنين (ع) حسب ما حققناه [3] و اغتال معاوية سبط النبي (ص) الأول و ريحانته الامام الحسن (ع) فدس له السم علي يد زوجته جعيدة بنت الأشعث [4] و قام بعده يزيد بارتكاب أفضع جريمة هزت الضمير الانساني و ذلك بابادته للعترة الطاهرة علي صعيد كربلاء فقد أوجبت هذه المأساة الكبري التي مني بها العالم الاسلامي شعورا



[ صفحه 289]



عاما بالاستياء و الكراهية لبني أمية، و سببت الهاب نار الثورات العارمة ضد ذلك الحكم الجاهلي.

و قام طاغية بني مروان هشام بن عبدالملك بقتل زيد بن علي بن الحسين (ع) و أمر الرجس الخبيث بوضع رأس زيد في مجلسه و أمر جميع من يدخل عليه بأن يطأ بحذائه وجه زيد الذي هو قطعة من كبد رسول الله (ص).

و كتب هشام الي والي الكوفة أن يبقي زيدا مصلوبا، و لا ينزله عن خشبته قاصدا اذلال العلويين. والتشفي منهم، و بقي جسده الطاهر مرفوعا علي أعواد المشانق تصهره الشمس، و تذروه الرياح، قد وضعوا عليه الحرس خوفا من أن يختلس و يواري في التراب، و عمدت السلطة بعد ذلك الي احراق الجثمان العظيم و ذره في الهواء [5] .

و عمد الامويون الي قتل يحيي بن زيد الثائر العظيم، ففي ذمة الله ما لاقته عترة رسول الله (ص) من القتل و التنكيل و الظلم و الهوان من بني أمية التي انتهكت بذلك حرمة النبي (ص) في عترته التي هي أولي بالرعاية و العطف من كل شي ء.

و علي أي حال فان ما واجهته العترة الطاهرة من صنوف الكوارث و الخطوب طيلة الحكم الأموي قد أوجب سخط الاخيار و المتحرجين في دينهم، كما أوجب التحام القوي، و انتفاضة الشعوب الاسلامية الي الثورة الكبري التي اطاحت بحكم الامويين.



[ صفحه 290]




پاورقي

[1] حياة الامام الحسن بن علي 2 / 336.

[2] شرح ابن أبي الحديد 3 / 475، عرضنا كلمات الاحرار الذين نقدوا الامويين علي ذلك في كتابنا حياة الامام الحسن بن علي 2 / 338 - 346.

[3] حققنا ذلك في تقديمنا لكتاب «معاوية أمام محكمة الجزاء» تأليف العلامة الكبير الشيخ مهدي القرشي.

[4] حياة الامام الحسن.

[5] عقائد الزيدية.