بازگشت

اضطهاد الشيعة


ولاقت الشيعة في عهد الامويين المزيد من الجور و الاضطهاد، فقد صبت السلطات عليهم جام غضبها، و قابلتهم بجميع الوان العنف، لأنهم القوة الواعية التي تدفع الشعوب الاسلامية الي مناهضة الجور، و مناجزة الظلم، فكانت معظم الثورات الدامية التي أذعرت السلطات الأموية تستند الي الشيعة فهم قادة النضال و دعاة العدالة الاجتماعية، و ملهمي الشعوب روح التضحية في سبيل المبدأ و العقيدة.

لقد قاموا بأحرج الظروف، و أشدها أزمة و تعقيدا بمناهضة الظلم و مكافحة الجور، و تحرير المجتمع من الذل و العبودية، و قد قاسوا في سبيل ذلك أعنف المشاكل و أشدها لوعة و مرارة، و قد تحدث عنها الامام الباقر (ع) بقوله:

«و قتلت شيعتنا بكل بلدة، و قطعت الايدي و الأرجل علي الظنة، و كان من يذكر بحبنا و الانقطاع الينا سجن أو نهب ماله أو هدمت داره» [1] .

و قد كتب معاوية الي جميع عماله و ولاته بعد عام الصلح مذكرة جاء فيها:

«.. انظروا الي من قامت عليه البينة انه يحب عليا و اهل بيته فامحوه من الديوان واستقطوا عطاءه و رزقه. و شفع ذلك بنسخة اخري: من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكلوا به و اهدموا داره» [2] .



[ صفحه 291]



لقد واجهت الشيعة من العناء و الارهاق ما لا سبيل الي تصويره، و كان من اشدهم محنة شيعة أهل الكوفة أيام معاوية فقد استعمل عليهم زياد ابن أبيه، و كان بهم عالما فاشاع فيهم القتل و الاعدام فقتلهم تحت كل حجر و مدر و قطع أيديهم و أرجلهم، و سمل عيونهم، و صلبهم علي جذوع النخل و شردهم و طردهم [3] .

و قد أوجبت هذه السياسة النكراء اشاعة السخط والتذمر بين جميع المسلمين فانهم لم يألفوا هذه السياسة، و لم يعهدوها من قبل، فانهم لم يواجهوا من الحكومات السابقة مثل هذا الاضطهاد و التنكيل بأحد من المسلمين.

و قد سعت الشيعة جاهدة بعد ما حل بها من الاضطهاد و الجور الي العمل المتواصل علي اسقاط الحكم الأموي، و فل عروشه، فنظموا صفوفهم و شكلوا المنظمات السرية التي عملت علي ايقاظ الرأي العام، و بعثه الي ساحات النضال و التضحية للتخلص من الحكم الأموي.


پاورقي

[1] شرح ابن ابي الحديد 3 / 15.

[2] نفس المصدر.

[3] حياة الامام الحسن بن علي 2 / 348.