بازگشت

واقعة الحرة


و من أهم المآسي التي رزء بها العالم الاسلامي واقعة الحرة فقد انتهكت فيها كرامة الاسلام و حرمة الرسول (ص) فقد اعلنت القيادة العسكرية بعد احتلالها ليثرب اباحة الدماء و الاعراض و الاموال، و قد أسرف الجيش الأموي في ذلك بصورة لم يعهد لها نظير في القسوة و الغلظة، فقد استباح قتل النساء و الاطفال و الابرياء، و انتهاك الأعراض، و قد لجأ المدنيون الي قبر النبي (ص) واعتصموا به لاعتقادهم ان قداسته سوف تحميهم و تعصمهم من الاعتداء الا ان تلك الوحوش الكاسرة لم تقم وزنا لحرمة



[ صفحه 292]



القبر و لم ترجو له وقارا، فقد عمدوا الي قتلهم و انتهاك أعراضهم في الجامع النبوي، و قد علق مؤرخ أوربي علي هذا الحادث المؤسف بقوله:

«ان تأثير هذا الحادث علي العالم الاسلامي كان هائلا مروعا، فكأن الأمويين قد أرادوا أن يوفوا ما عليهم من دين حينما عاملهم الرسول و جيشه بالرحمة و العطف فشردوا و قتلوا خيرة شباب المدينة، و رجالها الميامين كما أجبروا من تبقي منهم علي مبايعة يزيد علي أنهم خول يحكم في دمائهم و أموالهم و أهليهم فمن امتنع عن ذلك و سمه بالكي علي رقبته.

و قد اصبحت مدينة الرسول في كم بني أمية كالواحة في الصحراء التي تحيط من جهاتها الأربع الكآبة الموحشة، و الظلام الدامس، و لم تسترد المدينة قط عهودها الغابرة حتي أصبحت في عصر بني أمية بلدة الماضي السحيق» [1] .

و قد ذعر المسلمون من هذه الحادثة النكراء التي لم ترع فيها حرمة النبي (ص) في مجاوريه الذين آووه و نصروه و قاموا بحمايته أيام محنة الاسلام و غربته، و اذا بهم تستباح دماؤهم و تنتهك أعراضهم، و تنهب أموالهم، و يرغمون علي البيعة بأنهم خول و عبيد ليزيد... و ما انتهت هذه الكارثة الاليمة الا بموجات من السخط و التذمر، فقد اصبحت حديث الناس في أنديتهم، و كانت من أوثق الاسباب التي أدت الي التحام القوي، و تعبئة الرأي العام الي الثورة الكبري التي اطاحت بالحكم الأموي.


پاورقي

[1] مختصر تأريخ العرب ص 75.