رفض الناس لاملاكهم
و لفداحة الضرائب، و ثقلها فقد عمد المزارعون الضعفاء الي رفض اراضيهم و التخلي عنها، و التجأ بعضهم الي تسجيلها باسم احدي شخصيات العرب، او باسم احد رجال الدولة لأجل حمايتهم، و كانوا يدفعون عوض هذا التسجيل قسما من الحاصلات الزراعية [1] أما في ولاية الحجاج فقد سجل عدد كبير من الملاكين اراضيهم باسم مسلمة بن عبدالملك.
لقد لاقت الشعوب الاسلامية في تلك الأدوار المظلمة اشد الوان العسف و الاضطهاد فهي تكدح و تعطي ثمرة جهودها الي اولئك الطغاة
[ صفحه 303]
ليصرفونه علي المجون و الدعارة و الشهوات.
و بقي هذا الحال المرير مستمرا، حتي دور النبيل عمر بن عبدالعزيز فلمس المجتمع في عهده بعض الوان الدعة و الرفاهية، فأمر بالغاء تلك الضرائب الاضافية [2] ، و لما انتهي دوره عاد الشقاء الي الناس، فقد أمر يزيد بن عبدالملك بارجاع تلك الضرائب، و كتب الي عماله مذكرة جاء فيها:
«اما بعد: فان عمر كان مغرورا، فدعوا ما كنتم تعرفون من عهده و أعيدوا الناس الي طبقتهم الأولي اخصبوا أم أجدبوا، أحبوا أم كرهوا حيوا أم ماتوا» [3] .
و لما انتهي هذا المرسوم الملكي الي العمال أخذوا بخناق الناس و شددوا عليهم فأعادوا الضرائب الي حالتها الأولي [4] .
لقد انحرف الأمويون عن القصد، و جانبوا العدل، وابتعدوا عن الطريق القويم، و هذا هو السر في اجماع المسلمين علي بغضهم في جميع أدوار الحياة الاسلامية.
پاورقي
[1] الوزراء و الكتاب (ص 118).
[2] الطبري 8 / 129.
[3] الادارة الاسلامية (ص 114).
[4] تأريخ اليعقوبي 2 / 55.