بازگشت

الدعوة للعلويين


وانعقدت في يثرب و الكوفة أحزاب سرية، و قد عملت بكل اجهزتها علي الدعوة للرضا من آل محمد (ص) و ارجاع الخلافة الاسلامية لأهل البيت (ع) و قد حفل منطق الدعوة بما يلي:

اولا - انها كانت تذيع بين المسلمين ما ورد في فضل العترة الطاهرة من الآيات و الاخبار التي تلزم المسلمين برعايتهم و مودتهم، و الرجوع اليهم و كان من اساليب الدعوة انهم يقولون للناس:

- هل فيكم احد يشك ان الله عزوجل بعث محمدا واصطفاه؟

- لا

- أفتشكون ان الله أنزل عليه كتابه فيه حلاله و حرامه و شرائعه؟

- لا

- أفتظنونه خلفه عند غير عترته و اهل بيته؟

- لا

- أفتشكون ان اهل البيت معدن العلم، و أصحاب ميراث رسول الله (ص) الذي علمه الله؟

- لا [1] .

و قد سبب هذا الاسلوب الرائع التفاف المسلمين حول أهل البيت، و تعطشهم الي ايام حكمهم.

و كان المنصور الدوانيقي يجوب في الارياف و ينشد مديح اهل البيت



[ صفحه 318]



و اكبر الظن انه قد عهد اليه القيام بهذه المهمة.

ثانيا - انها كانت تذيع ما جري علي آل النبي (ص) من النكبات و الخطوب مما يذيب لفائف القلوب، و يثير روح الحقد و الكراهية للامويين و يدفع الجماهير الي الثورة علي النظام القائم.

ثالثا - انها كانت تبشر بالأهداف الاصيلة، و المثل العليا التي تنشدها العترة الطاهرة في ظلال حكمها العادل من نشر الأمن و الدعة و الرفاهية بين الناس، و القضاء علي جميع الوان الغبن الاجتماعي، و الظلم الاجتماعي، و ان لا حكم يضمن للمسلمين كراماتهم، و يصون حقوقهم، و يحقق آمالهم الا في ظل حكم اهل البيت (ع) الذي هو امتداد لحكم الاسلام، و تطبيق لعدله و مساواته.

رابعا - انها كانت تقوم بافهام المسلمين بأن ما حل فيهم من المحن والنكبات في ظل الحكم الاموي انما هو من النتائج المباشرة لعملية فصل الخلافة عن أهل البيت الذين هم سدنة الوحي و عدلاء الذكر الحكيم، و ان الصدر الاول هم الذين فسحوا المجال بسقيفتهم الي القوي المعادية للاسلام ان تنزو علي منابر الحكم، و تستولي علي زمام السلطة فتمعن في اذلال المسلمين و ارغامهم علي ما يكرهون.

ان الصدر الاول لو تابعوا النبي (ص) فيما احتاط به لامته من جعل الخلافة في اعلام عترته، وقاية للامة من الانحراف، و صيانة لها من الزيغ والضلال، و انطلاقا لها في ميادين التقدم الاجتماعي، لو انهم واكبوا النبي (ص) و تابعوه لما حدثت تلك الخطوب و الرزايا في العالم الاسلامي، و ما مني بالحكم الاموي الذي اتخذ عباد الله خولا، و مال الله دولا.

لقد كانت هذه الدعوة الخلاقة تشق طريقها في أجواء العالم الاسلامي و تغزو العواطف و المشاعر، فقد آمن بها المسلمون كقاعدة اساسية لتطورهم



[ صفحه 319]



الاجتماعي، و انقاذهم من جور الامويين و ظلمهم و استبدادهم.

لقد قامت الدعوة الي العلويين علي هذا الاساس من الوعي الديني و الوعي الاجتماعي، و مما يؤكد ذلك ان القاسم بن مجاشع احد قادة الدولة العباسية بعث بوصيته الي المهدي ليشهد فيها، و قد جاء في بنودها:

«شهد الله ان لا اله الا هو و الملائكة و أولوا العلم قائما بالقسط، لا اله الا هو العزيز الحكيم، ان الدين عند الله الاسلام، يشهد بذلك، و يشهد ان محمدا عبده و رسوله، و ان علي بن أبي طالب (ع) وصي رسول الله (ص) و وارث الامامة من بعده».

فلما قرأ المهدي الفقرات الأخيرة من الوصية رماها من يده، و نظر اليه نظرة غضب فقال له القاسم: اليس علي هذا كان خروجنا علي بني أمية؟ فأجابه المهدي بأنهم قد عدلوا عن ذلك بعد أن استتب لهم الأمر و صفا لهم الملك.

و هذه البادرة تدل بوضوح علي ان الدعوة كان من صميمها التبشير بأن الامام اميرالمؤمنين (ع) وصي رسول الله (ص) و خليفته من بعده علي أمته، و انه مع اعلام ذريته ورثة علم النبي (ص) و سفن نجاة هذه الأمة، فلابد ان تكون قيادة الامة لهم، و ان ترجع لهم السلطة العليا في الاسلام.


پاورقي

[1] الكامل لابن الأثير (5 / 17).