بازگشت

مؤسسوا الثورة


والشي ء المحقق هو ان أول من صمم الثورة، و وضع مناهجها و أساليبها هم العلويون، و ذلك لما عانوه من ظلم الأمويين و جورهم، فانطلقوا يعملون جميع الوسائل لقلب الحكم الأموي، و ليس للعباسيين في بداية الأمر أي ضلع في ذلك، فقد كانوا بمعزل عن الاشتراك في أي عمل سياسي، و انما كانوا مسالمين للدولة، و مساندين لسياستها، و كان الأمويون يمنحونهم الهبات، و يوفرون لهم المزيد من العطاء لكسب ودهم، و اضعاف كيان العلويين، و كان المسلمون ينظرون اليهم نظرة عادية، و ذلك لعدم قيامهم بأي عمل ايجابي كان في صالح المجتمع الاسلامي.

و أما تبني العباسيين للثورة فانما كان بعد ما بدا الضعف والانهيار في الحكم الأموي، واطمئنوا بنجاح الثورة فانضموا الي العلويين، و قد اختلف



[ صفحه 322]



المؤرخون في كيفية انضمامهم الي الثورة فذهب فريق منهم الي أن أباهاشم ابن محمد بن الحنفية الزعيم البارز في العلويين لما خشي سليمان بن عبدالملك أمره أخذ يستميله بالدعوة اليه فأجابه الي ذلك، و لما قدم عليه أظهر له الود، و قابله بمزيد من التبجيل و التكريم، ولكنه دبر قتله فدس له السم و هو في طريقه الي الحميمة التي يقطن بها العباسيون، و لما شعر بدنو أجله عهد بأمره الي محمد بن علي، و أفضي باسراره اليه، و عرفه بأسماء الدعاة في الاقطار، و ذهب بعض المؤرخون الي أن أباهاشم لم يعهد بأمره الي محمد بن علي، ولكنه لما حل عنده و رأي ما فيه من ثقل حاله أخذ يستدرجه حتي أخبره بما عنده، و لما توفي عثر علي الملفات التي كانت فيها أسرار الدعوة و أسماء الدعاة [1] .

و علي أي حال فقد تبني العباسيون منذ تلك اللحظة الأمر، و أخذوا يعملون علي تنسيق الثورة و تنظيمها.


پاورقي

[1] الامامة و السياسة 2 / 140 - 141.