بازگشت

القابه


أما القابه فتدل علي مظاهر شخصيته و نواحي عظمته، و هي كما يلي: الصابر

لأنه صبر علي الآلام و الخطوب التي تلقاها من حكام الجور، و الفراعنة الطغاة فقد جرعوه نغب التهمام، و قابلوه بجميع الوان الاسائة و المكروه.

الزاهر

لأنه زهر بأخلاقه الشريفة و كرمه المضي ء الذي مثل به خلق جده الرسول (ص).

العبد الصالح

و لقب بالعبد الصالح لعبادته، واجتهاده في الطاعة، حتي صار مضرب المثل في عبادته علي ممر العصور والاجيال و قد عرف بهذا اللقب عند رواة الحديث فكان الراوي عنه يقول حدثني العبد الصالح.

السيد

لانه من سادات المسلمين، و امام من أئمتهم، و قد مدحه بهذا اللقب الشاعر الشهير أبوالفتح بقوله:



أنا للسيد الشريف غلام

حيثما كنت فليبلغ سلامي



و اذا كنت للشريف غلاما

فأنا الحر و الزمان غلامي [1] .





[ صفحه 50]



الوفي

لأنه أوفي انسان خلق في عصره، فقد كان وفيا بارا باخوانه و شيعته و بارا حتي باعدائه و الحاقدين عليه.

الأمين

و كل ما للفظ الامانة من معني قد مثل في شخصيته العظيمة فقد كان أمينا علي شؤون الدين و احكامه، و أمينا علي أمور المسلمين و قد حاز هذا اللقب كما حازه جده الرسول الاعظم من قبل، ونال به ثقة الناس جميعا.

قائد العسكر

و من ألقابه (ع) قائد الجيش و العسكر [2] ، واستقرب ثقة الاسلام المحقق الشهير الشيخ عباس القمي نضر الله مثواه، أن السبب في ذلك أنه عليه السلام مثل المنصور في يوم النيروز فدخل عليه الجيش و الامراء يهنونه و يحملون له الهدايا و الألطاف الامر الذي لم يتفق لاحد من آبائه و أبنائه و بهذه المناسبة لقب بذلك [3] .

الكاظم

و انما لقب بذلك لما كظمه من الغيظ عما فعل به الظالمون من التنكيل و الارهاق حتي قضي شهيدا مسموما في ظلمات السجون لم يبد لاحد آلامه و أشجانه بل قابل ذلك بالشكر لله و الثناء عليه، و يقول ابن الاثير: «انه عرف بهذا اللقب لصبره، و دماثة خلقه، و مقابلته الشر بالاحسان» [4] .



[ صفحه 51]



ذو النفس الزكية.

و ذلك لصفاء ذاته التي لم تتلوث بمآثم الحياة و لا بأقذار المادة حتي سمت، وانبتلت عن النظير.

باب الحوائج

و هذا أكثر ألقابه ذكرا، و أشهرها ذيوعا و انتشارا، فقد اشتهر بين العام و الخاص أنه ما قصده مكروب أو حزين الا فرج الله آلامه و أحزانه و ما استجار أحد بضريحه المقدس الا قضيت حوائجه، و رجع الي أهله مثاوج القلب مستريح الفكر مما ألم به من طوارق الزمن و فجائع الايام، و قد آمن بذلك جمهور شيعته بل عموم المسلمين علي اختلاف طبقاتهم و نزعاتهم، فهذا شيخ الحنابلة و عميدهم الروحي أبوعلي الخلال يقول:

«ما همني أمر فقصدت قبر موسي بن جعفر الا سهل الله تعالي لي ما أحب...» [5] .

و قال الامام الشافعي:

«قبر موسي الكاظم الترياق المجرب» [6] .

و قد أثقلت كوارث الدهر و مصائب الايام كوكبة من الشعراء و الأدباء ففزعوا اليه و لاذوا بضريحه متوسلين به الي الله في رفع محنهم و كشف ما ألم بهم من البلاء و المكروه ففرج الله عنهم ذلك، و قد قرأنا لهم الشي ء الكثير من بليغ النظم، ولو اردنا أن نذكر ما أثر عنهم في ذلك لبلغ مجلدا ضخما، ولكنا نذكر بعضهم، فمنهم الحاج محمد جواد البغدادي فقد سعي الي مثوي الامام في حاجة يطلب قضاءها و هو يقول:



يا سمي الكليم جئتك أسعي

نحو مغناك قاصدا من بلادي



[ صفحه 52]



ليس تقضي لنا الحوائج الا

عند باب الرجاء جد الجواد



و قد شطرهما آية الله العظمي السيد مهدي آل بحر العلوم نور الله مثواه بقوله:



يا سمي الكليم جئتك أسعي

والهوي مركبي و حبك زادي



مسني الضر وانتحي بي فقري

نحو مغناك قاصدا من بلادي



ليس تقضي لنا الحوائج الا

عند باب الحوائج المعتاد



عند بحر الندي ابن جعفر موسي

عند باب الرجاء جدالجواد [7] .



و خمسها الخطيب عباس البغدادي بقوله:



لم تزل للانام تحسن صنعا

و تجير الذي أتاك و ترعي



و اذا ضاقت الفضا بي ذرعا

يا سمي الكليم جئتك أسعي



و الهوي مركبي و حبك زادي



أنت غيث للمجدبين و لولا

فيض جدواكم الوجود اضمحلا



قسما بالذي تعالي وجلا

ليس تقضي لنا الحوائج الا



عند باب الرجاء جد الجواد



و ممن نظم في ذلك شاعر النبوغ و العبقرية المرحوم السيد عبد الباقي العمري بقوله:



لذ واستجر متوسلا

ان ضاق أمرك أو تعسر



بأبي الرضا جد الجواد

د محمد موسي بن جعفر [8] .



لقد كان الامام موسي في حياته مفزعا و ملجأ لعموم المسلمين و كذلك كان بعد وفاته حصنا منيعا لمن استجار به لأن الله عز اسمه قد منحه بقضاء



[ صفحه 53]



حوائج المستجيرين بضريحه و الي ذلك أشار ثابت الواعظ في قصيدته التي مدح بها يحيي بن جعفر أباالفضل بقوله:



و في الجانب الشرقي يحيي بن جعفر

و في الجانب الغربي موسي بن جعفر



فذاك الي الله الكريم شفيعنا

و هذا الي المولي الامام المطهر [9] .



لقد اعتقد أغلب المسلمين أن الله يكشف البلاء، و يدفع الضر بالالتجاء الي ضريح الامام (ع) و روي الخطيب البغدادي قصة كان فيها شاهد عيان فقد رأي امرأة مذهولة قد فقدت رشدها، و هامت في تيار من الهواجس و الهموم لأنها أخبرت أن ولدها قد ارتكب جريمة، و ألقت عليه السلطة المحلية القبض و أودعته في السجن، فأخذت تهرول نحو ضريح الامام مستجيرة به فرآها بعض الأوغاد ممن لا يؤمن بالامام فقال لها:

- الي أين؟

- الي موسي بن جعفر، فانه قد حبس ابني.

فقال لها بسخرية و استهزاء:

«انه قد مات في الحبس».

فاندفعت تقول بحرارة و قد لذعها قوله:

«اللهم بحق المقتول في الحبس ان تريني القدرة».

فاستجاب الله دعاءها، فأطلق سراح ولدها، و أودع ابن المستهزي ء في ظلمات السجون بجرم ذلك الشخص [10] و هكذا أراد الله أن يريها القدرة و يري ذلك الشخص كرامة الامام عنده، و أنا شخصيا قد ألمت بي محنة من محن الدنيا كادت أن تطوي حياتي ففزعت اليه، و هرعت الي ضريحه بنية صادقة ففرج الله عني، و كشف عني ما ألم بي، و لا شك في هذه



[ صفحه 54]



الظاهرة التي اختص بها الامام الا من هو مرتاب في دينه و اسلامه.

لقد آمن المسلمون بذلك مند فجر تأريخهم، واعتقدوا اعتقادا لا يخامره أدني شك في أن أهل البيت (ع) لهم المقام الكريم عند الله، و انه يستدفع بهم البلاء، و تستمطر السماء - كما قال جابر بن عبدالله في حديثه مع الامام علي بن الحسين (ع) - و قال الفرزدق في قصيدته العصماء التي مدح بها الامام زين العابدين:



من معشر حبهم دين و بغضهم

كفر و قربهم منجي و معتصم



يستدفع السوء و البلوي بحبهم

و يسترب به الاحسان و النعم



ان قبورهم ملاذ و ملجأ للسائلين يقول الجواهري:



والناصبين بيوتهم و قبورهم

للسائلين عن الكرام دليلا



و الطامسين من الجهالة غيهبا

والمطلعين من النهي قنديلا [11] .

لقد منحهم الله بألطافه، و خصهم بالمزيد من كرماته احياءا و أمواتا.



[ صفحه 57]




پاورقي

[1] أخبار الدول: ص 113.

[2] تحفة الازهار، و زلال الانهار.

[3] الكني و القاب (ج 1 ص 176).

[4] مختصر تأريخ العرب: ص 209.

[5] تأريخ بغداد: (ج 1 ص 120) الشيعة و التأريخ.

[6] تحفة العالم: (ج 2 ص 20).

[7] ديوان السيد مهدي آل بحرالعلوم مخطوط بمكتبة العلامة السيد صادق آل بحرالعلوم.

[8] ديوان عبد الباقي: ص 133.

[9] النجوم الزاهرة.

[10] تأريخ بغداد.

[11] ديوان الجواهري 3 / 177 - 178.