بازگشت

هرب الأمويين


و لما انهارت الدولة الأموية فزع الأمويون، وامتلأت قلوبهم بالذعر والهلع فهام بعضم علي وجهه في البيداء، و من الهاربين عبدالله و عبيدالله ابنا مروان، و معهما لمة من نسائهم و اصحابهم، فوافوا بلاد «النوبة» فأكرمهم عظيمها، و أرادوا اللجوء الي بلاده فأبي خوفا من سلطة العباسيين، فخرجوا خائفين حتي انتهوا الي «بجاوة» فقاتلهم عظيمها، وانصرفوا يريدون اليمن و قد اترعت نفوسهم بالجزع و الذعر فعرض لهم طريقان بينهما جبل فسلك كل واحد منهما في طريق و هما يعتقدان انهما يلتقيان بعد ساعة.

فسارا تمام اليوم فلم يلتقيا، وراما الرجوع فلم يمكنهما ذلك، فسارا أياما فلقي عبيدالله (منسرا) من مناسر الحبشة فقاتلهم و أخيرا قتل عبيدالله واستأسر أصحابه و نهب الحبشيون جميع ما عندهم من الأمتعة و تركوهم عراة حفاة حتي هلكوا من العطش فكان الرجل منهم يبول في يده و يشربه و يبول و يعجن به الرمل و يأكله حتي لحقوا عبدالله بن مروان و قد ناله من العناء و الشدة اكثر مما نالهم و معه عدة من حرمه وهن عراة حفاة قد تقطعت أقدامهن من المشي و شربن البول حتي تقطعت شفاههن و قد وافوا (المندب) فأقاموا به شهرا و جمع الناس لهم شيئا ثم خرجوا يريدون مكة و هم في زي الحمالين [1] .

لقد صب الله عليهم هذا العذاب الشديد و الخوف المرهق فجعلهم من أعظم العظات و العبر لأعداء الشعوب.



[ صفحه 339]




پاورقي

[1] اليعقوبي: (ج 3 ص 84 - 85)، العقد الفريد: (ج 3 ص 198 - 199).