بازگشت

في الحيرة


و لما استتب الأمر الي أبي العباس أخذ يتتبع الأمويين فلم يظفر بأحد منهم حتي نفذ فيه حكم الاعدام لأجل تدعيم ملكه و سلطانه، و ارضاء لأبناء عمومته العلويين، و رعاية لعواطف اكثر المواطنين الذين نكبتهم السلطة



[ صفحه 341]



الأموية، و قد استأمنه سليمان بن هشام بن عبدالملك فآمنه فدخل عليه في الحيرة و معه جماعة من الأمويين، و بينما هم جلوس اذ دخل عليه حاجبه فقال له:

«يا أميرالمؤمنين: رجل حجازي أسود، راكب علي نجيب متلثم يستأذن و لا يخبر باسمه، و يحلف أن لا يحسر اللثام عن وجهه حتي يراك!!»

- هذا مولاي سديف فليدخل.

فدخل سديف، فلما رأي السفاح و حوله بنوأمية قد جلسوا علي النمارق و الكراسي تحرق قلبه من الغيظ وانبري مستأذنا منه ليتلو عليه أبياته الحماسية فأذن له فاندفع قائلا و هو مغيظ محنق:



أصبح الملك ثابت الآساس

بالبهاليل من بني العباس



بالصدور المقدمين قديما

و الرؤوس القماقم الرواس



يا أمير المطهرين من الذم ويا

رأس منتهي كل رأس



أنت مهدي هاشم و هداها

كم أناس رجوك بعد اياس



لا تقيلن عبد شمس عثارا

واقطعن كل رقلة و غراس



انزلوها بحيث أنزلها الله

بدار الهوان و الاتعاس



خوفهم أظهر التودد منهم

و بهم منك كحر المواسي



واذكروا مصرع الحسين و زيدا

وقتيلا بجانب المهراس



والامام الذي بحران أمسي

رهن قبر ذي غربة و تناسي



و ألهبت هذه الأبيات قلب السفاح فأخذ الغيظ منه مأخذا عظيما حتي بان علي سحنات وجهه فشعر بذلك بعض الأمويين فانطلق يقول:

«قلنا والله العبد»

و أخذ السفاح يتحرق قلبه غيظا و موجدة، وصاح بالخراسانيين: خذوهم، فانبري اليهم الخراسانيون بالدبابيس فضربوهم ضربا بالغا حتي



[ صفحه 342]



سقطوا علي وجوههم، و أمر السفاح ان يمد عليهم خوان الطعام، ففرش عليهم الخوان، و وضع عليهم الطعام، و جلس السفاح مع حاشيته يتناولون الغذاء و هم يسمعون أنينهم حتي هلكوا عن آخرهم و بدي الفرح علي وجه السفاح فقال:

- ما أكلت في عمري أكلة أهنأ من هذه الأكلة..».

ثم رفع الطعام عنهم، و سحبت جثثهم فرميت بالطرق فأكلت الكلاب أكثرها [1] و أطل عليهم سديف و هو مثلوج القلب ناعم الفكر فانبري قائلا:



طمعت أمية أن سيرضي هاشم

عنها و يذهب زيدها و حسينها



كلا و رب محمد و الهه

حتي يبيد كفورها و خؤونها [2] .



و لما فرغ السفاح من قتل الأمويين، و محاهم من دنيا الوجود اندفع و هو جذلان مبتهج يقول:



بني أمية قد أفنيت جمعكم

فكيف لي منكم بالأول الماضي



يطيب النفس ان النار تجمعكم

عوضتم من لظاها شر معتاض



منيتم لا أقال الله عثرتكم

بليث غاب الي الأعداء نهاض



ان كان غيظي لفوت منكم فلقد

منيت منكم بما ربي به راضي



و هكذا كانت نهاية الظالمين و اعداء الشعوب القتل و الدمار و الخزي و العار


پاورقي

[1] مختصر أخبار الخلفاء: (ص 10).

[2] العقد الفريد: (ج 3 ص 207).