بازگشت

مع العلويين


واستشف الامام الصادق (ع) من وراء الغيب أن الخلافة بعد سقوط الدولة الاموية لابد أن تؤول الي العباسيين، و ليس للعلويين فيها أي نصيب و كان يمعن في نصحهم، و تحذيرهم من التصدي لطلب الحكم، و قد روي المؤرخون بوادر كثيرة مما أثر عنه في هذا المجال، فقد رووا أن العلويين و العباسيين أيام الحكم الاموي اجتمعوا واتفقوا علي أن يبايعوا محمدا ذا النفس الزكية، فأرسلوا خلف الامام الصادق (ع) و عرضوا عليه ذلك فنهاهم عنه، و قال لهم:

«لا تفعلوا فان الأمر لم يأت بعد».

فغضب عبدالله بن الحسن و حسب ان ذلك حسد لابنه، فنظر اليه الامام نظرة رحمة و اشفاق و قال له:

«لا والله، ما ذاك يحملني، ولكن هذا - و أشار الي أبي العباس السفاح - و اخوته و ابناؤهم دونكم».



[ صفحه 347]



و نهض الامام متأثرا، فتبعه عبدالصمد، و أبوجعفر المنصور فقالا له:

«يا أباعبدالله أتقول ذلك»؟

«نعم والله أقوله و أعلمه» [1] .

و بالغ (ع) في نصحه لعبدالله في ان يعزب عن هذا الأمر، و لا يورط نفسه و ابنيه فيه، و قد قال (ع) له:

«انها - اي الخلافة - والله ما هي اليك، و لا الي ابنيك، ولكنها لهؤلاء - و أشار الي بني العباس - و ان ابنيك لمقتولان» [2] .

ان هذا العلم، و هذا الايحاء مستمد من علم رسول الله (ص) فهم اوصياؤه و ورثة علمه، و سدنة حكمته، و موطن أسراره.

لقد منح (ع) ابناء عمه بالنصيحة، و أشار عليهم بما فيه نجاتهم، و أعلمهم بأنهم لن ينالوا هذا الأمر، و لو تابعوه لجنبوا نفوسهم المهالك و المصاعب، و ما فجعوا الأمة برزاياهم، ولكنهم - رضي الله عنهم، لهم عذرهم - في ذلك - فقد لاقوا المزيد من الذل و الهوان من تلك السلطات المستهترة التي لم تأل جهدا في قهرهم و ارغامهم علي ما يكرهون فانطلقوا الي ساحات الجهاد أحرارا و ماتوا كراما تحت ظلال الاسنة، و سوف نعرض ذلك بمزيد من التفصيل عند البحث عن عهد الطاغية أبي جعفر المنصور.


پاورقي

[1] مقاتل الطالبيين: (ص 555).

[2] نفس المصدر.