البخل
و مما لا شبهة فيه ان البخل هو المنبع الوحيد لجميع الرذائل النفسية فصاحبه قد انمحت عن اعماق نفسه جميع الوان الاريحية و النبل، و قد تحمل هذه الصفة علي التمادي في الاثم، و تلقيه في شر عظيم.
و كانت هذه النزعة الشريرة من ابرز صفات المنصور، فقد كان مضرب المثل في بخله، و قد عرض الدولة الاسلامية للمجاعة الشاملة و البؤس و الحرمان و نظرا لبخله الشديد فقد لقب بالدوانيقي.
قال ابن الأثير: انما سمي المنصور بالدوانيقي لبخله و ذلك لما حفر الخندق بالكوفة قسط علي كل منهم دانقا و صرفه علي الحفر، و الدانق سدس الدرهم، ثم قال و في سنة 155 ه عمل المنصور للكوفة و البصرة سورا و خندقا و أمر لمن عمل بالسور و الخندق لكل واحد خمسة دراهم، فلما
[ صفحه 360]
فرغوا أمر بجمعهم و أخذ من كل واحد اربعين درهما و في ذلك يقول الشاعر
يا لقومي ما لقينا
من أميرالمؤمنينا
قسم الخمسة فينا
وجبانا الأربعينا [1] .
و لما فرغ من بناء بغداد حاسب امراء جيشه والزمهم بما بقي عندهم حتي استوفي من بعضهم ما اقتضاه الحساب خمسة عشر درهما [2] و كان يحاسب العمال و لو كان بقدر الدانق و الحبة [3] ، و اما مظاهر بخله فهي كما يلي:
پاورقي
[1] الكامل.
[2] الفخري: (ص 118).
[3] عنوان المجد: (ص 161).