بازگشت

الأسرة


ان الأسرة احدي العوامل الاساسية في بناء الكيان التربوي، و ايجاد عملية التطبع الاجتماعي، فلها الأثر التام في تكوين شخصية الطفل، و اكسابه العادات التي تبقي ملازمة له طوال حياته، فان الطفل مقلد للغير في عاداته و سلوكه، يقول ما ندر:

«ان الطفل في أصغر ما يلزمه من العادات، و في أهم الخصائص العقلية، و في الموقف العام الذي يقفه من الناس، وفي وجهة النظر العامة التي ينظر بها الي الحياة أو العمل في كل هذه الاشياء مقلد الي حد كبير، و قد يكون التقليد أحيانا شعوريا مقصودا، ولكنه في أغلب الحالات يكون لا شعوريا، فاذا منح الطفل بتقليده الاشخاص المهذبين ظل متأثرا باخلاقهم و عواطفهم، و ان هذا التأثير في اول الامر يعتبر تقليدا، ولكنه سرعان ما يصبح عادة و العادة طبيعة ثانية، و التقليد هو أحد الطريقين اللذين تكتسب بهما الخصائص الفردية، و تتكون بهما الاخلاق الشخصية» [1] .

و علي هذا الرأي فالامام كان وحيدا في خصائصه و مقوماته لأنه نشأ في أسرة هي معدن التقوي، و خزنة الحكمة و العلم، و مختلف الملائكة، و مهبط الوحي و التنزيل، و اليها تنتهي كل مكرمة و فضيلة في الاسلام.

لقد نشأ الامام موسي في احضان أبيه الامام الصادق الذي ما عرف التأريخ الانساني نظيرا له في ايمانه و تقواه و سائر نزعاته عدا آبائه الأئمة



[ صفحه 60]



الطاهرين، و قد قال فيه تلميذه مالك بن أنس: «مارأت عين، و لا سمعت أذن، و لا خطر علي قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد الصادق، علما و عبادة و ورعا» و قال عمرو بن المقدام: «كنت اذا نظرت الي جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين» [2] و قال الشهيد زيد بن علي (ع):

«في كل زمان رجل منا أهل البيت يحتج الله به علي خلقه، و حجة زماننا ابن أخي جعفر لا يضل من تبعه و لا يهتدي من خالفه» [3] و قد سكب هذا الامام العظيم في نفس ولده موسي جميع مثله و نزعاته حتي صار بحكم نشأته و تربيته من أفذاذ الفكر الاسلامي و من ابرز أئمة المسلمين.


پاورقي

[1] علم النفس في الحياة.

[2] تهذيب التهذيب 2 / 104.

[3] المناقب 2 / 147.