بازگشت

الشعور بالمسؤولية


والعلويون بحكم نسبهم الوضاح يرون أنهم مسؤولون عن صيانة المجتمع و دفع الويلات و الخطوب عنه، و قد كشف الامام اميرالمؤمنين (ع) في بعض كلماته عن السر في احجامه عن مبايعة أبي بكر بقوله:

«اللهم: انك تعلم أنه لم يكن الذي كان منا منافسة في سلطان، و لا التماس شي ء من فضول الحطام، ولكن لنرد المعالم من دينك، و نظهر الاصلاح في بلادك فيأمن المظلومون من عبادك، و تقام المعطلة من حدودك» [1] .

لقد امتنع الامام من بيعة أبي بكر من أجل هذه الاهداف النبيلة، فكان يري نفسه مسؤولا عن رعاية الأمة و اقامة الاصلاح الشامل في رحابها فلذا انطلق يعلن سخطه علي من سبقة من الخلفاء.

و قد رأي العلويون ان الشعوب الاسلامية في تلك العهود المظلمة ترزح تحت كابوس ثقيل من الظلم و الجور و الفقر فانطلقوا الي ساحات الجهاد و الكفاح في سبيل تحريرها، و قد وافي محمد بن ابراهيم العلوي الكوفة يسأل عن أخبار الناس، و يتحسسها، و يتأهب لأمره، و بينما هو يسير في بعض



[ صفحه 381]



شوارع الكوفة اذ وقع بصره علي عجوز تتبع أحمال الرطب فتلقط ما يسقط منها، و تجمعه في كساء رث كان عليها، فلم يستطع أن يسير، و بادر يسألها عن صنعها فقالت له:

«اني امرأة لارجل لي يقوم بمؤنتي، ولي بنات لا يعدن علي أنفسهن بشي ء، فأنا أتبع هذا الطريق، و أتقوته أنا و ولدي».

فجمد دمه، وانفجر بالبكاء، و قال لها: «أنت والله و أشباهك تخرجوني غدا حتي يسفك دمي» [2] .

لقد دفعهم هذا الشعور الفياض بالرحمة والعطف علي الفقير و المحروم الي مناجزة الظالمين، و مناهضة الطغاة الحاكمين الذين استأثروا بأموال الامة وقوتها فانبروا الي ميادين الجهاد لمكافحة ذلك الطغيان و الاستبداد.


پاورقي

[1] نهج البلاغة محمد عبده: 2 / 18.

[2] مقاتل الطالبيين: (ص 521).