بازگشت

كلمة الامام ابن الساعي


و تحدث الامام الفقيه ابن الساعي عن اسباب ثورات العلويين، و قد حفل حديثه بالاستدلال الوثيق علي ما ذهب اليه و هذا نصه:

«ان من يمعن النظر كل الامعان بتأريخ الاسلام يعلم علما يقينا أن كل من خرج من آل بيت النبي (ص) ما كان ذلك منه الا عن مصيبة نابته، وضنك مسه، وفاقة لحقته، و ذل أهانه، فان الأمويين كانوا يمنون علي الموالي و صعاليك العرب بمئات ألوف من الدنانير، و يعطونهم الاقطاع و الضيعات، و يستعملونهم علي الممالك، و يستوزرونهم، و يقترون علي الفاطميين حتي يصير الفاطمي في ضيق و محنة شديدة بحيث لا يجد ثمن جارية زنجية يصون بها عفته، و لا ثمن كسوة يستر بها بدنه، و يري أن المخازي الذين يفرطون لبني أمية، و يتمسخرون لهم في مجالسهم، و يشاركونهم في شرابهم و فسقهم و فجورهم في النعم و العز، يتقلبون في انواع الرفاهة، فهنالك يهز الجماعة الفاطمية شرفهم و نخوتهم فيخرجون لا خروجا عن الطاعة، و لا نقضا للبيعة، ولكن يقولون ان أرض الله واسعة فيهاجر احدهم الي ناحية من الارض فيها قوم من أمة جده (ص) فاذا وصلهم حركتهم نخوة الدين فاحترموه و أكرموه و آلفته قلوبهم واجتمعوا عليه فمتي بلغ خبره، الأمويين قالوا خرج و رب الكعبة، و ساقوا عليه القواد و الجنود، و لا يزالون حتي يتركوه شهيدا، و كذلك بنوالعباس، و ما ذاك الا لأن الله تعالي اختار لآل نبيه المحنة في هذه الدارالفانية، و النعيم في الآخرة الباقية، و قد جعلهم الله في كل زمان مرآة حال أهل ذلك الزمان مع الله تعالي، فالزمان الذي



[ صفحه 385]



يكرم به أهل البيت (ع) و يحمي به لائذهم، و يؤمن خائفهم و يعطي سائلهم و يقضي به حوائجهم فحال أهله مع الله تعالي حسن و العكس بالعكس، و لهم رضي الله عنهم عند الله تعالي المكانة الرفيعة، و المنزلة العظيمة و بهم هدي الله الامة، و أزال عنها الظلمة وجدهم (ص) للناس كافة هو الرحمة.



محبتهم دين وودهم هدي

و بغضهم كفر و نصرهم تقوي [1] .



و رأي الامام ابن الساعي رأي وثيق للغاية، فان حرمان العلويين من حقوقهم الطبيعية، و المبالغة في التضييق عليهم ماديا بحيث لا يجد الفرد منهم سد رمقه، وستر بدنه كان مما حفزهم الي الثورة، و الموت تحت ظلال الأسنة أحرارا كراما.

و نعود بعد هذا العرض الموجز لاسباب ثورة العلويين الي ما عانوه من جور المنصور و ارهاقه.


پاورقي

[1] مختصر اخبار الخلفاء: (ص 26).