بازگشت

القبض علي العلويين


وانتظر المنصور موسم الحج فلما حل سافر هو و حاشيته الي بيت الله الحرام، و بعد انتهائه من مراسيمه قفل راجعا الي يثرب، و قد صحب معه عقبة بن سلم الذي كان عينا له علي العلويين، و قد اوصاه قبل سفره بقوله:



[ صفحه 388]



اذا لقيني بنوالحسن و فيهم عبدالله فأنا مكرمه و رافع محلته [1] وداع بالغداء فاذا فرغنا من طعامنا فلحظتك فامثل بين يديه قائما فانه سيصرف عنك بصره فاستدر حتي ترمز ظهره بابهام رجلك حتي يملأ عينه منك، ثم حسبك و اياك أن يراك مادام يأكل و لما انتهي المنصور الي يثرب استقبله الحسنيون و فيهم عبدالله بن الحسن فقابله بالعناية و التكريم، واجلسه الي جانبه، و دعا بالغداء فأصابوا منه ثم رفع بصره فقام عقبة، و قام بما عهد اليه المنصور، ثم وثب و جلس أمام المنصور ففزع عبدالله و ارتاع منه، و قال للمنصور:

«أقلني يا أميرالمؤمنين أقالك الله»

فصاح به الخبيث الدنس

«لا اقالني الله ان أقلتك» [2] .

و أمر بأن يكبل بالحديد، و يزج في السجن، فكبل مع جماعة من العلويين و حبس في بيت مروان، و القيت تحته ثلاث من حقائب الأبل محشوة بالتبن، و دخل عليه جماعة بعثهم والي المدينة اليه فأخذوا يحذرونه من بطش المنصور، و نقمته، و طلبوا منه أن يخبرهم بمكان ولديه لينجو من السجن فالتفت عبدالله الي الحسن بن زيد [3] قائلا له:



[ صفحه 389]



يا ابن أخي، والله لبليتي أعظم من بلية ابراهيم (ع) ان الله عزوجل أمر ابراهيم أن يذبح ابنه و هو لله طاعة، فقال ابراهيم: «ان هذا لهو البلاء المبين» [4] و انكم جئتموني في أن آتي بابني هذا الرجل فيقتلهما، و هو لله جل و عز معصية، فوالله يا ابن أخي لقد كنت علي فراشي فما يأتيني النوم و اني علي ما تري أطيب نوما..» [5] .

لقد كانت محنة عبدالله في ولديه من اشق المحن و أقساها فقد وقع بين مصيبتين لا منجاة له من احدهما اما ان يبقي في ظلما السجون يعاني الآلام، و اما أن يخبر بولديه فيعرضهما للموت، ولكنه اختار أن يضحي بنفسه ليقوما باداء رسالتهما فينقذا الأمة من حكم المنصور و طغيانه.


پاورقي

[1] في الطبري «و رافع مجلسه».

[2] الكامل 4 / 371.

[3] الحسن بن زيد بن الحسن بن أميرالمؤمنين (ع) روي عن أبيه و ابن عمه عبدالله بن الحسن و روي عنه جماعة، و ذكره ابن حبان في الثقات ولاه المنصور المدينة خمس سنين ثم غضب عليه و حبسه الي أن أخرجه المهدي و لم يزل معه، و قال الزبير: كان الحسن فاضلا شريفا و قد مدحه علي بن هرمة بعدة قصائد، و هو والد السيدة الجليلة نفيسة توفي سنة 168 ه بطريق مكة بالحاجز - كما ذكره الخطيب - و هو ابن خمس و ثمانين سنة و صلي عليه علي بن المهدي جاء ذلك في تهذيب التهذيب (ج 2 ص 279).

[4] سورة الصافات: آية 106.

[5] مقاتل الطالبيين: (ص 216).