بازگشت

الامام موسي مع المنصور


و شاهد الامام موسي (ع) جميع الرزايا و النكبات التي حلت باهل بيته و أسرته فانطوت نفسه علي الحزن العميق، و الأسي المرير، و قد صبر محتسبا كاظما للغيظ:

و لم يشترك الامام في الميادين السياسية، و لم ينضم الي الثوار من العلويين لعلمه بفشل حركتهم، و عدم نجاحها، فلذا كف عنه المنصور الاذي و المكروه، و قد طلب منه أن يمثله في يوم النوروز و ينوب عنه في قبض الهدايا و التحف التي اعتاد الوجوه و الاشراف و زعماء الجيش تقديمها الي الخليفة فقد سن ذلك معاوية بن أبي سفيان في الاسلام و سار علي منواله و خطته الملوك من بعده، و قد امتنع (ع) من اجابته قائلا:

«اني قد فتشت الاخبار عن جدي رسول الله (ص) فلم أجد لهذا العيد خبرا، و انه سنة للفرس قد محاها الاسلام، و معاذ الله ان نحي ما محاه الاسلام..».

فلم يعتن المنصور بعدم مشروعيته، و أصر علي الامام أن ينوب عنه لان في ذلك مجاراة لجنوده الفرس الذين اعتادوا علي الاحتفال بهذا اليوم، و لم يجد الامام بدا من اجابته فجلس في مكانه و دخل عليه الوجوه و الزعماء



[ صفحه 430]



يهنؤنه و يحملون له الهدايا و التحف، و علي رأسه شخص من قبل المنصور يسجل ما يصل اليه، و في الوقت دخل علي الامام شيخ طاعن في السن رث الهيئة و هو يحمل له هدية أثمن من الجوهر و أغلي من جميع ما قدم له فوقف قبال الامام و هو يقول:

«يا سيدي اني رجل صعلوك لا مال لي لا تحفك به، ولكني اتحفك بأبيات ثلاث قالها جدي في جدك الحسين..».

- مرحبا بك و بهديتك، اتل ما قال.

فانطلق يقول:



عجبت لمصقول علاك فرنده

يوم الهياج و قد علاك غبار



و لاسهم نفذتك دون حرائر

يدعون جدك و الدموع غزار



ألا تضعضعت السهام و عاقها

عن جسمك الاجلال و الاكبار



فانقلبت مسرات ذلك اليوم الي مأتم حافل بالاسي و الحزن علي سيدالشهداء (ع) و التفت اليه الامام و قد استولي عليه الشجي و الحزن قائلا له:

«قبلت هديتك، اجلس بارك الله فيك..»

ثم انه رفع رأسه الي الخادم فقال له: امض الي المنصور و عرفه بهذا المال و ما يصنع به، فمضي الي المنصور و أخبره بمقالة الامام، فقال له جميع ما وصل فهو هدية له، فقفل راجعا الي الامام و اخبره بالامر، فوهب (ع) جميع تلك الاموال الضخمة الي الشيخ كرامة لجده الذي رثي سيدالشهداء بهذه الابيات الرقيقة [1] .

و لم تصرح هذه الرواية انه (ع) في أي بلد أقام ممثلا عن المنصور، هل في يثرب أم في بغداد؟ فقد أهملت هذه الجهة مضافا الي ما عرف به المنصور من البخل و الشح، و هذا مما يوجب الريبة في الرواية.



[ صفحه 431]




پاورقي

[1] المناقب: (ج 2 ص 380)، البحار (ج 11 ص 264).