بازگشت

حكمه علي أبي الخطاب


كان محمد بن مقلاص الأسدي الكوفي الشهير بأبي الخطاب من أئمة الملحدين في العالم العربي و الاسلامي، و قد أفسد علي الناشئة الاسلامية دينها فقد ابتدع مبدءا حارب فيه جميع النظم الاسلامية، و قد ذكر اصول دعوته



[ صفحه 66]



القاضي أبوحنيفة المغربي فقال:

«و زعم أن جعفر بن محمد اله - تعالي الله عن قوله - واستحل المحارم كلها و رخص فيها، و كان أصحابه كلما ثقل عليهم أداء فريضة أتوه و قالوا يا أباالخطاب خفف علينا فيأمرهم بتركها حتي تركوا جميع الفرائض واستحلوا جميع المحارم، و ارتكبوا المحظورات و أباح لهم أن يشهد بعضهم لبعض بالزور، و قال من عرف الامام فقد حل له كل شي ء كان حرم عليه» [1] .

و قد ظهرت مبادؤه الهدامة علي مسرح الكوفة، كما ظهر في وقت كان الاضطراب السياسي في أوجه و الدعوة العباسية تشق طريقها في ثبات و نجاح فساعدته الظروف أن يجمع حوله من أبناء الكوفة تلاميذ يلقنهم تعاليمه، و يرسم لهم خطط الدعوة و التجمع و الظهور [2] و لما بلغت بدعه و الحاده الامام الصادق (ع) تبرأ منه، و لعنه علي رؤوس الاشهاد لانه كان من أصحابه و أتباعه ثم ارتد بعد ذلك، و قد هرع عيسي الشلقاني الي الامام الصادق عليه السلام يسأله عن رأيه في هذا الملحد الخطير، فقال (ع):

«يا عيسي، ما منعك أن تلقي ابني - يعني الامام موسي - فتسأله عن جميع ما تريد؟».

فانعطف عيسي نحو الامام و كان آنذاك صبيا في المكتب فلما رآه عليه السلام انبري اليه مجيبا قبل أن يسأله قائلا له:

«يا عيسي، ان الله تبارك و تعالي أخذ ميثاق النبيين علي النبوة فلم يتحولوا عنها أبدا، و أخذ ميثاق الوصيين علي الوصية فلم يتحولوا عنها أبدا، و أعار قوما الايمان زمانا ثم سلبهم اياه، و ان أباالخطاب ممن أعير الايمان



[ صفحه 67]



ثم سلبه اياه..».

و أكبر عيسي جواب الامام فقام اليه و ضمه و قبل ما بين عينيه وانطلق يقول:

«بأبي أنت و أمي، ذرية بعضها من بعض، و الله سميع عليم!!».

ثم قفل راجعا الي الامام أبي عبدالله فاخبره بالعجب الذي رآه، من مواهب الامام موسي (ع) فقال له أبوعبدالله:

«يا عيسي: ان ابني هذا لو سألته عما بين دفتي المصحف لأجابك فيه بعلم..».

ثم انه أمر باخراج ولده من المكتب، و في ذلك الوقت أيقن عيسي بامامة موسي (ع) و انه ولي عهد أبيه و خليفته علي الناس أجمعين [3] ، و من بوادر ذكائه المفرط أنه جاء الي أبيه فأجلسه في حجره و كان معه لوح فقال له: يا بني اكتب «تنح عن القبيح و لا ترده» فلما رسم ذلك قال له يا بني اجزه، فاندفع فورا يقول: «و من أوليته حسنا فزده» ثم القي له الامام شطرا آخر يطلب منه اجازته و هو «ستلقي من عدوك كل كيد» فأجازه «اذا كاد العدو فلا تكده» و فرح الامام بمواهب ولده و عبقريته فضمه اليه و هو يبدي اعجابه به قائلا: (ذرية بعضها من بعض) [4] و من آيات نبوغه في طفولته ما حدث به صفوان الجمال، قال: سألت أباعبدالله (ع) عن صاحب هذا الامر؟ - أي عن الحجة من بعده - فقال لي:

(صاحب هذا الامر لا يلهو و لا يلعب)

يقول صفوان: بينما يحدثني عن ذلك، اذ أقبل أبوالحسن موسي



[ صفحه 68]



و هو صبي يافع و معه بهمة عناق [5] و هو يخاطبها قائلا: اسجدي لربك فأخذه أبوعبدالله (ع) و ضمه اليه و هو يقول له:

(بأبي أنت و أمي من لا يلهو و لا يلعب!!) [6] .

نسوق هذه البوادر و هي تكشف جانبا كبيرا من نبوغه و ذكائه و كأنه بهذا الذكاء العجيب لم يمر في مرحلة من مراحل الطفولة.



[ صفحه 71]




پاورقي

[1] دعائم الاسلام: ص 64.

[2] حركات الشيعة: ص 73.

[3] البحار: 11 / 237.

[4] المناقب: 2 / 380.

[5] البهمة: الواحدة من أولاد الضان.

[6] البحار: 11 / 236.