بازگشت

دعاؤه عليه


و أقبل الامام موسي (ع) نحو القبلة، و أخذ يتضرع الي الله، و يتوسل اليه لينجيه من شر هذا الطاغية، و قد دعا بهذا الدعاء الجليل:

«الهي: كم من عدو انتضي علي سيف عداوته، و شحذ لي ظبة مديته و أرهف لي شبا حده، و داف لي قواتل سمومه، و سدد نحوي صوائب سهامه، و لم تنم عني عين حراسته، و أضمر أن يسومني المكروه، و يجرعني ذعاف مرارته، فنظرت الي ضعفي عن احتمال الفوادح، و عجزي عن الانتصار ممن قصدني بمحاربته، و وحدتي في كثير من ناواني، و ارصادهم



[ صفحه 475]



لي فيما لم أعمل فيه فكري في الارصاد لهم بمثله، فأيدتني بقوتك، و شددت أزري بنصرك، و فللت لي شبا حده، و خذلته بعد جمع عديده وحشده، و أعليت كعبي عليه، و وجهت ما سدد الي من مكائده اليه، ورددته، و لم يشف غليله، و لم تبرد حرارات غيظه، و قد عض علي أنامله، و أدبر موليا قد أخفقت سراياه فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، و ذي أناة لا يعجل صلي علي محمد و آل محمد، واجعلني لأنعمك من الشاكرين، و لآلائك من الذاكرين.

الهي: و كم من باغ بغاني بمكائده، و نصب لي أشراك مصائده، و وكل بي تفقد رعايته، و أضبأ الي اضباء السبع لطريدته انتظارا لانتهاز فرصته، و هو يظهر لي بشاشة الملق، و يبسط لي وجها غير طلق فلما رأيت دغل سريرته، و قبح ما انطوي عليه بشريكه في صلبه، واصبح مجلبا الي في بغيه اركسته لأم رأسه و أثنيت بنيانه من أساسه فصرعته في زبيته و أرديته في مهوي حفرته، و رميته بحجره و خنقته بوتره و ذكيته بمشاقصته و كبيته بخنجره ورددت كيده في نحره، و ربقته بندامته، و فتنته بحسرته فاستخدم و استخذأ و تضاءل بعد نخوته، وانقمع بعد استطالته ذليلا مأسورا في ربق حبائله التي كان يؤمل أن يراني فيها يوم سطوته و قد كدت لولا رحمتك تحل بي ما حل بساحته فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب و ذي أناة لا يعجل صل محمد و آل محمد واجعلني لأنعمك من الشاكرين و لآلائك من الذاكرين.

الهي: و كم من حاسد شرق بحسده وشجا بغيظه، و سلقني بحد لسانه و وخزني بمؤق عينه، و جعل عرضي غرضا لمراميه، و قلدني خلالا لم يزل فيه، فناديتك يا رب مستجيرا بك، واثقا بسرعة اجابتك متوكلا علي ما لم ازل اعرفه من حسن دفاعك عالما أنه لم يضطهد من آوي الي ظل كنفك و أن لا تفزع الفوادح من لجأ الي معقل الانتصار بك، و حصنتني من باسه



[ صفحه 476]



بقدرتك فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، و ذي أناة لا يعجل، صل علي محمد و آل محمد، واجعلني لانعمك من الشاكرين، و لآلائك من الذاكرين.

الهي و كم من سحائب مكروه قد جليتها، و سماء نعمة أمطرتها و جداول كرامة أجريتها، و أعين أحداث طمستها، و ناشئة رحمة نشرتها و جنة عافية ألبستها، و غوامر كربات كشفتها، و أمور جارية قدرتها اذ لم يعجزك اذ طلبتها، و لم تمتنع عليك اذ أردتها فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، و ذي أناة لا يعجل، صل علي محمد و آل محمد، واجعلني لأنعمك من الشاكرين و لآلائك من الذاكرين.

الهي و كم من ظن حسن حققت و من عدم املاق جبرت، و من مسكنة فادحة حولت، و من صرعة مهلكة انعشت، و من مشقة ازحت لا تسأل يا سيدي عما تفعل، و هم يسألون، و لا ينقصك ما انفقت و لقد سألت فأعطيت و لم تسأل فابتدأت واستميح باب فضلك فما أكديت، أبيت الا انعاما و امتنانا و الا تطولا يا رب و احسانا و أبيت يا رب الا انتها كالحرماتك واجتراءا علي معاصيك و تعديا لحدودك و غفلة عن وعيدك و طاعة لعدوي و عدوك لم يمنعك يا الهي و ناصري اخلالي بالشكر عن اتمام احسانك، و لا حجزني ذلك عن ارتكاب مساخطك، اللهم: فهذا مقام عبد ذليل اعترف لك بالتوحيد وأقر علي نفسه بالتقصير في اداء حقك و شهد لك بسبوغ نعمتك عليه، و جميل عاداتك عنده و احسانك اليه، فهب لي يا الهي و سيدي من فضلك ما أريده سببا الي رحمتك واتخذه سلما اعرج فيه الي مرضاتك و آمن به من سخطك بعزتك و طولك و بحق محمد نبيك و الأئمة صلوات الله عليه و عليهم أجمعين، فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، و ذي أناة لا يعجل صل علي محمد و آل محمد، واجعلني لأنعمك من الشاكرين و لآلائك



[ صفحه 477]



من الذاكرين.

الهي و كم من عبد أمسي و أصبح في كرب الموت و حشرجة الصدر والنظر الي ما تقشعر منه الجلود و تفزع اليه القلوب و انا في عافية من ذلك كله فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب و ذي اناة لا يعجل صل علي محمد و آل محمد واجعلني لانعمك من الشاكرين و لآلائك من الذاكرين.

الهي و كم من عبد أمسي سقيما موجعا مدنفا من انين و عويل يتقلب في غمه و لا يجد محيصا و لا يسيغ طعاما و لا يستعذب شرابا و لا يستطيع ضرا و لا نفعا و هو في حسرة و ندامة و أنا في صحة من البدن و سلامة من العيش كل ذلك منك، صل علي محمد و آل محمد واجعلني لأنعمك من الشاكرين، و لآلائك من الذاكرين.

الهي و كم من عبد امسي و اصبح خائفا مرعوبا مسهدا مشققا وحيدا و جاهلا هاربا طريدا او منحجزا في مضيق او مخبأة من المخابي ء قد ضاقت عليه الأرض برحبها فلا يجد حيلة و لا منجا و لا مأوي و لا مهربا و أنا في أمن و امان و طمأنينة و عافية من ذلك كله فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب و ذي اناة لا يعجل صل علي محمد و آل محمد واجعلني لأنعمك من الشاكرين و لآلائك من الذاكرين.

آلهي و سيدي كم من عبد امسي و أصبح مغلولا مكبلا بالحديد بأيدي العداة لا يرحمونه فقيدا من بلده و ولده و اهله منقطعا عن اخوانه يتوقع كل ساعه بأية قتلة يقتل او بأي مثلة يمثل و أنا في عافية من ذلك كله فلك الحمد من مقتدر لا يغلب و ذي أناة لا يعجل صل علي محمد و آل محمد واجعلني لأنعمك من الشاكرين و لآلائك من الذاكرين.

الهي و سيدي و كم من عبد امسي و اصبح يقاسي الحرب و مباشرة القتال بنفسه قد غشيته الاعداء من كل جانب و السيوف و الرماح و آلة الحرب



[ صفحه 478]



يتقعقع في الحديد مبلغ مجهوده و لا يعرف حيلة و لا يهتدي سبيلا و لا يجد مهربا و قد ادنف بالجراحات او متشحطا بدمه تحت السنابك و الأرجل يتمني شربة من ماء او نظرة الي أهله و ولده لا يقدر عليها و أنا في عافية من ذلك كله فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب و ذي اناة لا يعجل صل علي محمد و آل محمد واجعلني لانعمك من الشاكرين و لآلائك من الذاكرين.

الهي و كم من عبد امسي واصبح في ظلمات البحر و عواصف الرياح و الأهوال و الأمواج يتوقع الغرق و الهلاك لا يقدر علي حيلة او مبتلي بصاعقة أو هدم او حرق او شرق او خسف او مسخ او قذف و انا في عافية من ذلك كله فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب و ذي أناة لا يعجل صل علي محمد و آل محمد واجعلني لأنعمك من الشاكرين و لآلائك من الذاكرين

الهي و كم من عبد امسي واصبح مسافرا شاحطا عن اهله و وطنه و ولده متحيرا في المفاوز تائها مع الوحوش و البهائم و الهوام وحيدا فريدا لا يعرف حيلة و لا يهتدي سبيلا أو متأذيا ببرد أو حر او جوع او عري أو غيره من الشدائد مما أنا منه خلو و انا في عافية من ذلك كله فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب و ذي اناة لا يعجل صل علي محمد و آل محمد واجعلني لأنعمك من الشاكرين و لآلائك من الذاكرين.

الهي و كم من عبد امسي واصبح فقيرا عائلا عاريا مملقا مخفقا مهجورا جائعا خائفا ضمآنا ينتظر من يعود عليه بفضل، او عبد وجيه هو أوجه مني عندك او اشد عبادة لك مغلولا مقهورا قد حمل ثقلا من تعب العناء و شدة العبودية و كلفة الرق و ثقل الضريبة او مبتلي ببلاء شديد لا قبل له به الا بمنك عليه و انا المخدوم المنعم المعافي المكرم في عافية مما هو فيه فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب و ذي اناة لا يعجل صل علي محمد و آل محمد واجعلني لأنعمك من الشاكرين و لآلائك من الذاكرين.



[ صفحه 479]



الهي و سيدي و مولاي و كم من عبد امسي واصبح شريدا طريدا متحيرا جائعا خائفا حاسرا في الصحاري و البراري احرقه الحر و البرد و هو في ضر من العيش و ظنك من الحياة و ذل من المقام ينظر الي نفسه حسرة لا يقدر علي ضر و لا نفع و انا خلو من ذلك كله بجودك و كرمك فلا اله الا انت سبحانك من مقتدر لا يغلب و ذي اناة لا يعجل صل علي محمد و آل محمد واجعلني لأنعمك من الشاكرين و لآلائك من الذاكرين وارحمني برحمتك يا ارحم الراحمين يا مالك الراحمين مولاي و سيدي و كم من عبد امسي و اصبح عليلا مريضا سقيما مدنفا علي فرش العلة و في لباسها يتقلب يمينا و شمالا لا يعرف شيئا من لذة الطعام و لا من لذة الشراب ينظر الي نفسه حسرة لا يستطيع لها ضرا و لا نفعا و انا خلو من ذلك كله بجودك و كرمك فلا اله الا انت سبحانك من مقتدر لا يغلب و ذي اناة لا يعجل صل علي محمد و آل محمد واجعلني لك من العابدين و لانعمك من الشاكرين و لآلائك من الذاكرين وارحمني برحمتك يا مالك الراحمين.

مولاي و سيدي و كم من عبد امسي واصبح قد دنا من حتفه و قد احدق به ملك الموت في اعوانه يعالج سكرات الموت و حياضه، تدور عيناه يمينا و شمالا لا ينظر الي احبائه و اودائه و اخلائه قد منع عن الكلام و حجب عن الخطاب ينظر الي نفسه حسرة فلا يستطيع لها نفعا و لا ضرا و انا خلو من ذلك كله بجودك و كرمك فلا اله الا انت سبحانك من مقتدر لا يغلب و ذي اناة لا يعجل صل علي محمد و آل محمد واجعلني لك من العابدين و لنعمائك من الشاكرين و لآلائك من الذاكرين وارحمني برحمتك يا مالك الراحمين

مولاي و سيدي و كم من عبد امسي واصبح في مضايق الحبوس و السجون و كربها و ذلها و حديدها يتداوله اعوانها و زبانيتها فلا يدري اي حال يفعل به واي مثلة يمثل به فهو في ضر من العيش و ضنك من الحياة ينظر الي



[ صفحه 480]



نفسه حسرة لا يستطيع لها ضرا و لا نفعا و أنا خلو من ذلك كله بجودك و كرمك فلا اله الا أنت سبحانك من مقتدر لا يغلب و ذي اناة لا يعجل صل علي محمد و آل محمد واجعلني لك من العابدين و لنعمائك من الشاكرين و لآلائك من الذاكرين وارحمني برحمتك يا ارحم الراحمين.

مولاي و سيدي و كم من عبد امسي و اصبح قد استمر عليه القضاء و احدق به البلاء و فارق أوداءه و احباءه و اخلاءه و امسي حقيرا اسيرا ذليلا في ايدي الكفار و الأعداء يتداولونه يمينا و شمالا قد حصر في المطامير و ثقل بالحديد لا يري شيئا من ضياء الدنيا و لا من روحها ينظر الي نفسه حسرة لا يستطيع لها ضرا و لا نفعا و انا خلو من ذلك كله بجودك و كرمك فلا اله الا انت سبحانك من مقتدر لا يغلب و ذي اناة لا يعجل صل علي محمد و آل محمد واجعلني لك من العابدين و لنعمائك من الشاكرين و لآلائك من الذاكرين وارحمني برحمتك يا مالك الراحمين.

مولاي و سيدي و كم من عبد امسي و اصبح قد اشتاق الي الدنيا للرغبة فيها الي ان خاطر بنفسه و ماله حرصا منه عليها قد ركب الفلك و كسرت به و هو في آفاق البحار و ظلمها ينظر الي نفسه حسرة لا يقدر لها علي ضر و لا نفع و أنا خلو من ذلك كله بجودك و كرمك فلا اله الا انت سبحانك من مقتدر لا يغلب و ذي اناة لا يعجل صل علي محمد و آل محمد واجعلني لك من العابدين و لنعمائك من الشاكرين و لآلائك من الذاكرين وارحمني برحمتك يا مالك الراحمين.

مولاي و سيدي و كم من عبد امسي و اصبح قد استمر عليه القضاء و احدق به البلاء و الكفار و الأعداء و اخذته الرماح و السيوف و السهام و جندل صريعا قد شربت الأرض من دمه و اكلت السباع و الطيور من لحمه و انا خلو من ذلك كله بجودك و كرمك لا باستحقاق مني يا لا اله الا انت



[ صفحه 481]



سبحانك من مقتدر لا يغلب و ذي اناة لا يعجل صل علي محمد و آل محمد واجعلني لنعمائك من الشاكرين و لآلائك من الذاكرين وارحمني برحمتك يا مالك الراحمين.

و عزتك يا كريم لاطلبن مما لديك و لألحن عليك و لألجأن اليك و لأمدن يدي نحوك مع جرمها اليك فبمن اعوذ يا رب و بمن ألوذ، لا احد لي الا انت أفتردني و انت معولي و عليك معتمدي و أسألك باسمك الذي وضعته علي السماء فاستقلت و علي الجبال فرست و علي الأرض فاستقرت و علي الليل فاظلم و علي النهار فاستنار ان تصلي علي محمد و آل محمد و ان تقضي لي جميع حوائجي و تغفر لي ذنوبي كلها صغيرها و كبيرها و توسع علي من الرزق ما تبلغني به شرف الدنيا و الآخرة يا ارحم الراحمين.

مولاي بك استغثت فصل علي محمد و آل محمد واغثني و بك استجرت و اغنني بطاعتك عن طاعة ءبادك و بمسألتك عن مسألة خلقك وانقلني من ذل الفقر الي عز الغني و من ذل المعاصي الي عز الطاعة فقد فضلتني علي كثير من خلقك جودا و كرما لا باستحقاق مني.

الهي فلك الحمد علي ذلك كله صل علي محمد و آل محمد واجعلني لنعمائك من الشاكرين و لآلائك من الذاكرين وارحمني برحمتك يا ارحم الراحمين» [1] .

و بعد فراغ الامام (ع) من دعائه الشريف التفت الي اصحابه يهدأ



[ صفحه 482]



روعهم، و يفيض عليهم قبسا من علمه المستمد من علم جده الرسول (ص) قائلا:

«ليفرج روعكم فانه لا يأتي أول كتاب من العراق الا بموت موسي الهادي».

فانبروا يطلبون منه ان يكشف لهم الحجاب قائلين:

«و ما ذاك اصلحك الله؟»

«و حرمة صاحب هذا القبر - و أشار الي قبر النبي (ص) - قد مات موسي الهادي من يومه هذا، والله انه لحق مثل ما انكم تنطقون..»

فتفرق القوم و هم ينتظرون بفارغ الصبر ورود البريد من العراق فما كان باسرع من أن وافاهم و هو يحمل لهم البشري بهلاك الطاغية، و قد نظم بعض اهل البيت هذه الكرامة التي جرت علي يد الامام بقوله:



و سارية لم تسر في الأرض تبتغي

محلا و لم يقطع بها البعد قاطع [2] .



سرت حيث لم تحد الركاب و لم تنخ

محلا و لم يقصر لها البعد مانع



تمر وراء الليل و الليل ضارب

بجثمانه فيه سمير و هاجع



تفتح أبواب السماء و دونها

اذا قرع الأبواب منهن قارع



اذا وردت لم يردد الله وفدها

علي أهلها والله راء و سامع



و اني لأرجو الله حتي كأنما

أري بجميل الظن ما هو صانع [3] .



[ صفحه 483]




پاورقي

[1] يعرف هذا الدعاء بدعاء الجوشن الصغير، و قد ذكره السيد ابن طاووس في مهج الدعوات (ص 420 - 227) و الشيخ عباس القمي في مفاتيح الجنان نقلا عن الكفعمي في هامش كتاب البلد الأمين، و ذكره ابن شهر اشوب في المناقب، و قد اختلفت نسخ الدعاء في هذه المصادر.

[2] و سارية: اي رب سارية اخذت من السري و هو السير بالليل و المراد رب دعوة لم تجر في الأرض بل صعدت الي السماء فلم يقطعها قاطع لبعد المسافة فصعدت الي الله فاستجاب الدعاء وانتقم من الظالمين.

[3] المناقب: (ج 2 ص 378).