بازگشت

فروعها


و قفل راجعا الي وطنه اغلب من تخرج من مدرسة الامام و ظفر بثروة علمية، و حينما استقروا في أوطانهم قاموا بدور مهم في بسط الثقافة الاسلامية و تأسيس المعاهد العلمية و الاندية الدينية التي عملت علي تهذيب النفوس و رفع مستوي الاخلاق، و اعظم تلك المعاهد التي أسست هو المعهد الديني الكبير الذي أقيم في جامع الكوفة فقد التحق به من كبار المتخرجين من مدرسة الامام تسعمائة عالم كما حدثنا بذلك الحسن بن علي الوشاء [1] قال: أدركت في



[ صفحه 82]



هذا المسجد - يعني مسجد الكوفة - تسعمائة شيخ كل يقول حدثني جعفر ابن محمد» [2] و بذلك فقد اتسعت الحركة العلمية اتساعا هائلا حتي شملت جميع المناطق الاسلامية، و قد أدلي بذلك الاستاذ السيد ميرعلي الهندي بقوله:

(و لا مشاحد ان انتشار العلم في ذلك الحين قد ساعد علي فك الفكر من عقاله، فاصبحت المناقشات الفلسفية عامة في كل حاضرة من حواضر العالم الاسلامي و لا يفوتنا أن نشير الي أن الذي تزعم تلك الحركة هو حفيد (علي بن أبي طالب) المسمي بالامام (جعفر) و الملقب (بالصادق) و هو رجل رحب أفق التفكير، بعيد أغوار العقل، ملم كل الالمام بعلوم عصره، و يعتبر في الواقع أول من أسس المدارس الفلسفية المشهورة في الاسلام، و لم يكن يحضر حلقته العلمية أولئك الذين أصبحوا مؤسسي المذاهب فحسب، بل كان يحضرها طلاب الفلسفة و المتفلسفون من الانحاء القاصية..» [3] .

و قد انتهلت من نمير علومه كثير من الاسر العلمية في الكوفة و عرفت بعد ذلك بالفقه و الحديث كبيت آل حيان التغلبي، و آل أعين، و بني عطية و بيت بني دراج و غيرهم من الأسرالعلمية [4] و قد احتفت به هذه الأسر اثناء اقامته بالكوفة أيام السفاح و قد استقر بقاؤه فيها سنتين، و كان منزله في بني عبدالقيس، و قد ازدحمت عليه الشيعة تستفتيه، و تسأله عن احكام دينها، و يحدثنا محمد بن معروف الهلالي عن كثرة زحام الناس و اقبالهم عليه قال:

«مضيت الي الحيرة الي (جعفر بن محمد) فما كان لي فيه حيلة من



[ صفحه 83]



كثرة الناس فلما كان اليوم الرابع رآني فأدناني، و تفرق الناس عنه، و مضي يريد قبر اميرالمؤمنين (ع) فتبعته، و كنت اسمع كلامه و أنا معه أمشي..»

و علي أي حال فان مدرسة الامام و سائر المنظمات العلمية التي تفرعت منها قد أقامت صروح العلم و الفضيلة في العالم الاسلامي.


پاورقي

[1] الحسن بن علي بن زياد الوشاء بجلي كوفي، كان من وجوه هذه الطائفة و من عيونها اختص بالامام الرضا عليه السلام، وعد من خلص أصحابه، ألف عدة كتب منها كتاب (ثواب الحج) و (المناسك و (النوادر) و (مسائل الرضا) و غيرها جاء ذلك في التعليقات (ص 103).

[2] المجالس السنية (ج 5 ص 28).

[3] جعفر بن محمد ص 59.

[4] تأريخ الكوفة ص 408.