واجبات الامام
و أناط الاسلام بالامام جميع المسؤوليات الضخمة، فأوجب عليه السهر علي مصالح المسلمين، و رعاية شؤونهم، و العمل علي تطوير حياتهم، و ابعادهم عن جميع عوامل الانحطاط و التأخر، و قد ذكر المعنيون بهذه البحوث بعض الواجبات المهمة التي يجب عليه القيام بها، و هي:
1- حفظ الدين، و حراسة الاسلام، و صيانته من المستهترين بالقيم و الأخلاق.
2- حماية بيضة الاسلام، والذب عن الحرم ليتصرف الناس في معايشهم و ينتشروا في اسفارهم، آمنين علي انفسهم و أموالهم.
3- تحصين الثغور بالعدد و وفور العدد حتي لا يظفر العدو بغرة فينتهك فيها محرم، أو يسفك فيها دم مسلم أو معاهد.
4- جهاد الكفرة المعاندين للاسلام حتي يسلموا أو يدخلوا في ذمة المسلمين قياما بحق الله بظهور دينه علي الدين كله.
5- تنفيذ الاحكام، و قطع الخصومات حتي لا يتعدي ظالم، و لا يضعف مظلوم.
6- اقامة الحدود لتتوقي المحارم، و تصان الأنفس و الأموال.
7- اختيار الامناء و الأكفاء، و تقليد الولايات للثقات النصحاء لتضبط الاعمال بالكفاءة، و تحفظ الأموال بالامناء.
8- جباية أموال الفي ء، و الصدقات و الخراج علي ما أوجبه الشرع نصا أو اجتهادا من غير حيف و لا عسف
9- تقدير العطاء و ما يستحقه كل واحد في بيت المال من غير سرف
[ صفحه 109]
و لا تقتير، و دفعه اليهم في وقت معلوم لا تأخير فيه و لا تقديم.
10- مشارفة الامور العامة بنفسه غير معتمد علي ولاته و عماله، فقد يخون الأمين، و يغش الناصح، و قد قال تعالي: «يا داود انا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق و لا تتبع الهوي فيضلك عن سبيل الله [1] .
و في الصحيحين [2] من رواية ابن عمر قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: «كلكم راع، و كلكم مسؤول عن رعيته، و المرأة في بيت زوجها راعية و مسؤولة عن رعيتها، و الخادم في مال سيده، و هو مسؤول عن رعيته، قال: فسمعت هذا من رسول الله (ص) و أحسبه قال: و الرجل في مال أبيه راع و مسؤول عن رعيته، فكلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته».
و أخرج الترمذي [3] من حديث عمرو بن مرة الجهني قال لمعاوية: سمعت النبي (ص) يقول: «ما من امام يغلق بابه دون ذوي الحاجات و المسكنة الا أغلق الله أبواب السماء دون خلته [4] و حاجته و مسكنته» و يقول محمد بن يزداد وزير المأمون مخاطبا له:
من كان حارس دنيا انه قمن
أن لا ينام و كل الناس نوام
و كيف ترقد عينا من تضيقه
همان من أمره نقض و ابرام [5] .
و وصفت هذه الامور بانها دستور شامل لو نقلناه الي لغة العصر،
[ صفحه 110]
و مصطلحاته لسامق بل لتفوق في احاطته و شموله علي ما احتوته الدساتير العالمية من واجبات الحاكمين و التزاماتهم [6] .
و من يمعن النظر فيما أثر عن الامام اميرالمؤمنين (ع) يري أن واجبات الامام (ع) أشمل من ذلك فانها تمتد الي اقامة صروح الأخلاق و الفضيلة و بناء مجتمع يعيش في ظلال العدل و الحق و تستأصل - فيه صور الانتهازية و الوصولية، و بذور البغي و الفساد و قد تحدثنا عن ذلك بصورة مفصلة في كتابنا «نظام الحكم و الادارة في الاسلام».
پاورقي
[1] سورة ص: آية 26.
[2] البخاري 9 / 62 و مسلم 12 / 213.
[3] صحيح الترمذي 6 / 73.
[4] الخلة: الحاجة و الفقر.
[5] مآثر الانافة في معالم الخلافة 1 / 59.
[6] دولة القرآن ص 82.