بازگشت

زواج الامام الصادق بالسيدة حميدة، بسبها، الثناء عليها، مكانتها العلمية


أما كيفية زواج أبي عبدالله الصادق بها فقد حدث عنها ابن عكاشة الاسدي، و نعرض حديثه بايجاز يقول: دخلت علي الامام أبي جعفر الباقر عليه السلام، و كان ولده أبوعبدالله ماثلا بين يديه، فقدم له عنب، فالتفت الينا يرشدنا الي آداب الأكل قائلا:

«حبة، حبة يأكله الشيخ، والصبي الصغير، و ثلاثة و اربعة يأكله من يظن أنه لا يشبع، و كله حبتين فانه يستحب..».

يقول ابن عكاشة: نظرت الي أبي عبدالله الصادق فرأيته قد بلغ مبالغ الرجال، فعرضت علي أبيه زواجه فقلت له:

«سيدي: لأي شي ء لا تزوج أباعبدالله، فقد أدرك التزويج؟!..» فأخبرني الامام عن عزمه علي ذلك، و كانت بين يديه صرة فقال لي:

«أما انه سيجي ء نخاس من أهل بربر، فينزل دار ميمون فنشتري له بهذه الصرة جارية..».

و خرج القوم من ثوي الامام و مضت علي ذلك حفنة من الزمن فدخل عليه ابن عكاشة مع زمرة من اخوانه فلما استقر بهم الجلوس أخبرهم الامام بمجي ء النخاس و وصول الجارية معه. و أمرهم أن يبادروا لشرائها بتلك الصرة التي رأوها من قبل، فقاموا جميعا و قلوبهم مليئة بالغبطة و السرور و لما انتهوا الي النخاس طلبوا منه عرض ما عنده من الجواري عليهم فأخبرهم أنه لم يبق عنده سوي جاريتين مريضتين احداهما أمثل من الاخري فطلبوا منه احضارهما فقام و أخرجهما اليهم فوقع نظرهم علي الماثلة للشفاء، و سامها عليهم بسبعين دينارا، فراموا منه تخفيض ثمنها فأبي، ففتحوا الصرة فاذا بها سبعون دينارا فدفعوها له و أخذوا الجارية و جاؤا بها الي الامام، فحمد الله و أثني عليه و قد شمله الفرح فقال لها:



[ صفحه 42]



«ما اسمك؟»

فأجابته بصوت خافت يقطر حياءا:

«حميدة» [1] .

وانبري الامام فمنحها و ساما من الشرف و التكريم قائلا:

«حميدة في الدنيا محمودة في الآخرة».

والتفت الي ولده و السرور باد عليه، فوهبه اياها [2] و تزوج بها أبوعبدالله فكانت من أعز نسائه، و أحبهن اليه، و آثرهن عنده.

و اختلف المؤرخون اختلافا كثيرا في نسبها فقيل انها اندلسية، و تكني لؤلؤة [3] و قيل انها بربرية [4] و هي بنت صالح البربري [5] و قيل انها شقيقة صالح [6] و ذهب بعضهم الي انها رومية [7] و قيل انها من أجل بيوت العجم [8] و أهمل الكثيرون من المؤرخين نسبها و لم يتعرضوا له.



[ صفحه 43]



و كانت السيدة حميدة تعامل في بيتها معاملة كريمة، فكانت موضع عناية و تقدير عند جميع العاويات، كما ان الامام الصادق كان يغدق عليها بمعروفه، و قد رأي فيها وفور العقل و الكمال، و حسن الايمان، و أثني عليها ثناءا عاطرا فقال فيها:

«حميدة مصفاة من الأدناس كسبيكة الذهب، ما زالت الأملاك تحرسها حتي أديت الي كرامة من الله و للحجة من بعدي..» [9] .

لقد كانت هذه السيدة طاهرة الذيل، نقية الثوب، بريئة من النقص قد أترعت نفسها بالايمان و الصلاح، و قد غذاها الامام الصادق بعلومه، حتي اصبحت في طليعة نساء عصرها علما و ورعا و ايمانا، و قد عهد اليها الامام الصادق بتفقيه نساء المسلمين و تعليمهن الاحكام الشرعية [10] و اجدر بها أن تحتل هذه المكانة، و ان تكون من المع نساء عصرها في العفة و الفقه و الكمال.


پاورقي

[1] حميدة: يضم الحاء، و فتح الميم، و سكون الياء المثناة، و فتح الدال جاء ذلك في النفحة العنبرية (ص 15) مخطوط بمكتبة الامام كاشف الغطاء العامة، و جاء فيه أنه قيل ان اسمها نباتة.

[2] أصول الكافي 1 / 476 بحارالانوار 11 / 232.

[3] مرآة العقول 1 / 451، معالم العترة.

[4] كشف الغمة 3 / 2.

[5] اعلام الوري، بحارالانوار، و في المناقب 4 / 323، حميدة المصفاة ابنة صاعد البربري.

[6] مختصر اخبار الخلفاء: ص 39.

[7] تحفة الازهار و زلال الانهار للسيد ضامن بن شدقم مخطوط يوجد في قسم المخظوطات من مكتبة الامام كاشف الغطاء.

[8] الانوار البهية: ص 87.

[9] بحارالانوار 11 / 232، أصول الكافي 1 / 477، اعيان الشيعة القسم الثاني من 4 / 5.

[10] الأنوار البهية: ص 78.