بازگشت

خلق السماوات


ان من أعظم آيات الله الباهرات خلقه للسماوات التي زينها بالكواكب التي تسبح في الفضاء، و تسير في مداراتها، و نتباعد بعضها عن بعض حسب قواعد الجاذبية، و هي مسخرة في حركاتها، وانجذابها و جذبها بأمر الله تعالي، يبلغ حجم الواحدة من بعض الكواكب اضعاف حجم الارض عشرات الآلاف، و بعضها اكبر من الارض عدة ملايين، و هي تسير في افلاكها و منحنياتها لا يصطدم بعضها ببعض، و هي تنادي بوجود الله جلت



[ صفحه 185]



قدرته، قال سماحة الامام المغفور له الشيخ محمد عبده:

«تتألف هذه الأجرام السماوية من طوائف لكل طائفة منها نظام كامل محكم، و لا يبطل نظام بعضها نظام الآخر لأن للمجموع نظاما عاما واحدا يدل علي أنه صادر عن اله واحد لا شريك له في خلقه و تقديره و حكمته و تدبيره، و أقرب تلك الطوائف الينا ما يسمونه النظام الشمسي نسبة الي شمسنا هذه التي تفيض أنوارها علي أرضنا فتكون سببا للحياة النباتية و الحيوانية، و الكواكب التابعة لهذه الشمس مختلفة في المقادير و الأبعاد، و قد استقر كل منها في مداره، و حفظت النسبة بينه و بين الأخر بنسبة الهية، و لولا هذا النظام لا نفلتت هذه الكواكب السابحة في أفلاكها فصدم بعضها بعضا، و هلكت العوالم بذلك فهذا النظام آية علي الرحمة الالهية كما انه آية علي الوحدانية..» [1] .

ان ما اكتشفه العلم الحديث من النجوم هو بمقدار من الكثرة بحيث لو كنا نعد النجوم كلها بسرعة 1500 نجم في الدقيقة لاستغرق عدنا 700 سنة، أما نسبة الأرض اليها فهي أقل كثيرا من نقطة علي حرف في مكتبة تضم نصف مليون من الكتب من الحجم المتوسط [2] .

و مما لا شبهة فيه أنها لم تكن ناشئة عن الصدفة، و هل انها المدبرة و الخالقة لهذه العوالم اذ كيف يمكن أن تفسر هذه العلميات المعقدة المنضمة بتفسير يقوم علي المصادفة و التخبط العشوائي «و كيف نستطيع أن نفسر هذا الانتظام في ظواهر الكون و العلاقات السببية و التكامل و الفرضية و التوافق و التوازن التي تنتظم بسائر الظواهر، و تمتد آثارها من عصر الي عصر، كيف يعمل هذا الكون من دون أن يكون له خالق مدبر هو الذي خلقه و أبدعه



[ صفحه 186]



و دبر سائر أموره».

يقول جون و ليام كوتس:

«ان هذا العالم الذي نعيش فيه قد بلغ من الاتقان و التعقيد درجة تجعل من المحال أن يكون قد نشأ بمحض المصادفة. انه ملي ء بالروائع و الأمور المعقدة التي تحتاج الي مدبر، والتي لا يمكن نسبتها الي قدر أعمي.

و لا شك ان العلوم قد ساعدتنا علي زيادة و فهم و تقدير ظواهر هذا الكون و هي بذلك تزيد من معرفتنا بالله و من ايماننا بوجوده» [3] .


پاورقي

[1] تفسير المنار 2 / 60.

[2] الله يتجلي في عصر العلم ص 48.

[3] الله يتجلي في عصر العلم ص 48.